كتاب جديد لعلوان الجيلاني يوثق سيرة أحد أعلام التصوف في اليمن

يمنات
محمد المخلافي
بعد غد، السبت السابع والعشرين من ديسمبر، يقدم الكاتب والباحث والناقد والشاعر علوان الجيلاني كتابه الثالث والثلاثين، المعنون (شمس الشموس – أبو الغيث بن جميل: السيرة والتحقيق)، في عمل جديد يضاف إلى مسيرته الإبداعية الممتدة، والتي تميزت بالتراكم الهادئ والاشتغال العميق على المعرفة والنص معا.
لم يأت هذا الكتاب على عجل، بل تطلب وقتا طويلا وجهدا شاقا، قضاه المؤلف متنقلا بين المصادر والمراجع، مدفوعا بشغف خاص بموضوعه، الذي يعده من أقرب مشاريعه إلى نفسه.
يتناول الكتاب سيرة الشيخ أبي الغيث بن جميل، أحد أبرز أعلام التصوف في اليمن، وأكثرهم حضورا في تاريخها الروحي والثقافي.
وهي سيرة حافلة بالمجاهدة والتجربة القاسية والبحث الدائم عن المعنى، ما جعل صاحبها اسمًا حاضرا في المدونات الصوفية والتاريخية، وحلقة وصل بين التصوف اليمني وكبار رموزه في العالم الإسلامي، حيث تضعه بعض الروايات في سياق واحد مع أعلام كبار مثل البسطامي والحلاج والجنيد والجيلاني وأبي مدين وابن عربي.
أما علوان الجيلاني، فقد بدأت علاقته بالكتاب في وقت مبكر من طفولته، في المعلامة بقرية الجيلانية، حيث تفتح وعيه الأول على اللغة والمعنى. ومع مرور الوقت، تحوّل الكتاب من نافذة معرفة إلى رفيق دائم، ومجال إقامة لا يغادره.
يخصص الجيلاني، جزءًا كبيرا من يومه للكتابة، قد يمتد إلى سبع ساعات في عزلة تامة، يقرأ ويكتب ويتأمل، في حالة من التركيز الكامل. وفي تلك اللحظات، تتجسد الشخصيات والموضوعات أمامه كأنها حاضرة، تتحرك داخل فضاء النص وتفرض إيقاعها عليه.
ولا يشرع في الكتابة إلا بعد الاطمئنان إلى أساسها المعرفي، وهو ما يعده التزاما أخلاقيا لا يمكن التفريط فيه. وقد يقضي أشهرا في تتبع معلومة واحدة، ولا يسمح للنص بأن يُنشر قبل التحقق الدقيق من مصادره، إيمانا منه بأن الكتابة مسؤولية، وأن المعرفة لا تحتمل الاختزال أو التزييف.
وصدر لعلوان الجيلاني، حتى اليوم أكثر من اثنين وثلاثين كتابا، توزعت بين الشعر والرواية والدراسات النقدية والأدبية والقراءات الثقافية، إلى جانب تحقيق التراث والكتابة التوثيقية، والعمل في السيناريو والفيلم الوثائقي.
كما قدم دراسات ومقاربات سردية وقراءات معمقة في تجارب إبداعية يمنية وعربية، مؤكدا حضوره ككاتب متعدد الاهتمامات، ينظر إلى الثقافة بوصفها نسيجا واحدا مترابطا، لا عوالم متباعدة.