حين تصبح المناصرة قيدًا.. تكون المعركة تحت عباءة التنظيم لا راية الوطن

يمنات
عبد الوهاب قطران
يا همدان العليي..
أكاد أراك وأنت تكتب منشورك الأخير على وقع أنغام “رثاء النفس” وتغريد بلابل المنفى، وكأنك مانديلا خرج من زنزانة النقد إلى منصة العظمة.
تتحدث عن “المفارقة”؟
المفارقة الحقيقية أنك خرجت لتدافع عني في لحظة كنت فيها تحت بطش السجان،
ثم عدت الآن لتقول: “لقد دافعت عنه رغم ماضيه!”
يا للكرم الطارئ،
تذكّرني بمن يعطي رغيفًا لسجين جائع، ثم يقف في ميدان عام يصيح:
“أطعمتُه!”
تقول إنني “وقفت مع المجرم”؟
أتحداك أن تأتي ببيان واحد دافعت فيه عن سلطة الحوثي.
لكنني كنت أقول:
لا تزايدوا علينا، وأنتم تبيعون قضايا الناس في أسواق الخارج.
أما وصفك بـ”الإخواني”، فقد قلته لك في برنامج مباشر، لا لأنك تدافع عن الجمهورية،
بل لأنك كنت تستبدل كهنوتًا بكهنوت،
وتخوض معاركك تحت عباءة التنظيم لا راية الوطن.
ثم تسرد حكاية “الأطقم التي زارت منزلك”،
فهل تعلم كم مرة زارتني أطقمهم أنا؟
كم مرة اقتحموا بيتي وأختطفوني، ورموني بزنازنهم الانفرادية؟
كم مرة شلّت يدي وأنا أكتب بيان استغاثة لأطفالي لا للعالم؟
أنا لم أهاجر، بل تجرعت السجون والصمت والجوع هنا، هنا تحت القصف والخوف، وليس تحت دفء التدفئة المركزية.
تقول إنك “دافعت عني”، حسنًا،
لك الفضل، سجلها حسنة،
لكن هل الدفاع عن مظلوم “منّة” أم واجب؟
هل كنت تدافع عن وطن، أم تراكم أرصدة أخلاقية للصرف لاحقًا؟
إن كانت نصرتك لي مشروطة بعدم نقدك،
فاحتفظ بها،
فأنا لست ممن يبتلع ألسنتهم مقابل ابتسامة دبلوماسية.
تقول إنني “نزعت الوطنية عن غيري”
وهل تركتم لنا شيئًا؟
أنتم استوليتم على صكوك الوطنية، توزعونها على رفاقكم بالمراسلة،
ومن يعارضكم يصبح حوثيًا،
حتى لو كان قد قضى في سجون الحوثي ما يكفي لدفن وطن بأكمله.
ثم تختم منشورك بـ”رعاك الله يا أسامة المحويتي!”
وأسامة هذا من يكون.
بلدياتك او صديقك أو مرشدك أو ملهمك،
لكنني لا أستمد بوصلتي من الأشخاص،
بل من الجراح التي حفرت في لحمي كي أظل واقفًا، أقول الحقيقة…
حتى لو لم توثقها ميتا بعلامة زرقاء.
ملاحظة شخصية لك يا همدان:
أنا لم أهاجمك لأنك خصم للحوثي، بل لأني لا أؤمن بتقديس الأشخاص،
لا في صعدة، ولا في إسطنبول.
وإذا كان نقدك لـ”أحمد سيف حاشد’ ذات يوم شجاعة،
فلماذا يصبح نقد “غالب حواس” اليوم خيانة؟