فضاء حر

اليمن وأوكرانيا تدفعان ثمن موقعهما الجغرافي

يمنات

د. إبراهيم الكبسي

اليمن وأوكرانيا دولتان تدفعان ثمن موقعهما الجغرافي الهام والحساس على الخارطة الجيوسياسية لهذا العالم، والتي جعلت منهما تقعان على نقطة تصادم لمصالح قوى عالمية متصارعة وبؤرة صراع محتدمة ومشتعلة لتحقيق الأمن القومي والعالمي، وهناك دول أخرى في هذا العالم قد يتحول موقعها الجغرافي الإستراتيجي الهام من نعمة إلى نقمة بل وإلى لعنة أبدية على حياة شعوبها، ويجعل من أراضيها بؤرة توتر دائمة وساحة صراع مفتوحة بين قوى عالمية أو اقليمية تدور في فلكها خاصة إذا لم تجد هذه الدول حكاما وطنيين وساسة أذكياء وعقلاء وحكماء لا يقومون بالمغامرات السياسية الطائشة ويحرصون على أن يبحروا بشعوبهم إلى بر الأمان بعيدا عن عواصف تلك الصراعات والأطماع الخارجية.

هذه الدول لا يمكن لها أن تنجو من جحيم هذه الصراعات المدمرة إلا عندما يحكمها قادة وطنيون حكماء وعقلاء يحرصون على إلتزام الحياد التام واتباع سياسة النأي بالنفس وعدم اﻹنحياز إلى أي محور أو طرف من أطراف الصراع العالمي أو الإقليمي ويسعون إلى المحافظة على ابقاء دولهم على مسافة واحدة من جميع دول العالم، ويحرصون على عدم الزج بدولهم وشعوبهم في أي صراع اقليمي أو عالمي، ويرفضون الإنضمام إلى أي تحالفات عسكرية أو تبني أي أجندات خارجية أو مشاريع سياسية مستوردة قد تحدث شرخا وصدعا في النسيج الإجتماعي لشعوبهم مما قد يمهد لقيام حرب أهلية داخل هذه الدول.

كما يجب على حكام هذه الدول أن يعلموا جيدا بأن الجار الجغرافي القريب لهم حتى وإن كان سيئا أو مؤذيا فعليهم تقبل ضرورة التعايش معه وطمأنته من خلال ارسال رسائل سياسية واضحة تؤكد له حرص هذه الدول على اقامة علاقات حسن الجوار والمصالح المشتركة، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية أو تهديد حدوده بعدم عقد تحالفات عسكرية خارجية أو تبني مشاريع سياسية مع من يعتبرهم هذا الجار أعداء له، لأنه في النهاية يبقى هو الجار الجغرافي القريب أما الحليف البعيد فهو في الأخير سيتخلى عنها وفي أحسن الأحوال سيدعمها بالمال أو السلاح لكي تتحول هذه الدولة إلى حلبة صراع مفتوحة وينقسم أفراد شعبها بين معسكرين متصارعين وتصبح الحرب فيها أهلية وبالوكالة والتي تكون مدمرة لهذه الدول خدمة لأجندات ومصالح دول خارجية فيما لا تتأثر هذه الدول الخارجية بتلك الصراعات.

إذن وكما أشرت سابقا فإن هذه الدول ذات الموقع الجغرافي الهام والحساس ستظل تعيش في حالة عدم استقرار سياسي واقتصادي حتى يتوقف حكامها عن مغامرات الزج بها في تحالفات عسكرية أو محاور صراع خارجية بين قوى عالمية أو اقليمية ويحرصون على اتباع سياسة الحياد التام وإلتزام سياسة النأي بالنفس عن صراعات القوى العالمية والحرص على اقامة علاقات جيدة مع الجميع دون انحياز لأي طرف أيا كان.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى