العرض في الرئيسةفضاء حر

نظام عالمي جديد لإعادة هندسة الجغرافيا سياسيا في الشرق الاوسط

يمنات

د. فؤاد الصلاحي

بعد الحرب العالمية الثانية تشكل نظام اقتصادي وسياسي عالمي سيطر فيه المنتصر وصك اجندته السياسية وتزايد الصراع في ظل استقطاب بين المعسكرين السوفييتي والامريكي.

في العام 70 تخلت امريكا عن دعم الدولار بالذهب و ظهرت مؤسسات مالية دولية وفق اتفاقية بريتون وودز .. اليوم انهارت الثنائية القطبية في العام 90 واعلنت امريكا انتصارها في جولات سباق لم تكتمل لكنها سارعت الى فرض استحقاها من خلال اعادة العمل بأجندة سابقة اهم ملامحها الفوضى الخلاقة وهدم الدولة الوطنية/القومية في منطقة الشرق الاوسط، مع العلم ان هذه الدولة لم يكتمل نموها التنظيمي والمؤسسي ولم تترسخ بعد في سياق نضج اساسها السوسولوجي من خلال تبلور مفهوم الامة التي تعبر عن ذاتها بهوية سياسية وطنية من حلال الدولة الحديثة.

لكن تسارع الاحداث بصورة درامية تارة وتراجيدية تارة اخرى من خلال احداث سبتمبر واحتلال افغانستان ثم العراق ثم الانحراف بمسار الربيع العربي نحو احياء النعرات الجهوية لتعميق الفوضى والعبث السياسي.

و مع اعادة فاعلية الدور الروسي بصورة اقل مما كان عليه السوفييت الا ان تقاطع المصالح الدولية والاقليمية في منطقتنا اظهر ملامح توجه عالمي لنظام سياسي واقتصادي سيأخذ تشكلاته الواضحة مع مطلع العام الجديد خاصة مع تزايد فاعلية اليمين السياسي امريكيا واوربيا وظهور قيادة جديد لأمريكا لا تقر بالكثير من معطيات النظام الدولي السابق وخروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي والتسابق على قواعد لعبة سياسية وفق اعادة هندسة الجغرافيا سياسيا في الشرق الاوسط وفي اسيا الوسطى والبلقان.

كلها مؤشرات لمتغيرات قادمة تأخذ صيغة براجماتية تقل فيها النزعات السياسية وفق معطيات الدبلوماسية لتنحو باتجاه تعظيم الارباح والغنائم من بؤر النزاع واعادة البناء ومن دمج شركات رأسمالية في التسابق على السوق العالمية وتعميم نماذج الاستهلاك والثقافة الرأسمالية لتشكل توجهات عالمية تشرعن تقبلها لمعطيات النظام القادم الذي قد تظهر فيه مفاجأت كبرى من خلال فرض توسيع مجلس الامن لدول اقليمية تريد ان تلعب دورا دوليا وانهاء الحظر على الدول المهزومة في الحرب العالمية الثانية من اجل تمكينها من التصنيع العسكري وارسال جنود خارج اراضيها ونقصد بذلك المانيا وايطاليا واليابان وهو امر بالغ الاهمية لما يترتب عليه من اعادة النظر في المحاور العسكرية دوليا واقليميا اضافة الى ذلك احتمال تبلور تكتل سياسي اقتصادي بقيادة روسيا والصين.

لكن الاخطر في هذا المسار الاتجاه الغربي والامريكي لزرع بؤر النزاع في الشرق الاوسط من خلال تمكين الجهويات المذهبية من الامساك بدوائر السلطة في اكثر من بلد لتكون اداة لعدم الاستقرار وهو امر يعمق من الفوضى الخلاقة والعبث السياسي..؟

من حائط الكاتب على الفيسبوك

 للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى