إختيار المحررالعرض في الرئيسةقضية اسمها اليمن

انفجار وشيك .. جرحى مقاومة الضالع يغلقون المجمع الحكومي

يمنات

عبد الخالق الحود

ما يزال مقرّ السلطة المحلّية في محافظة الضالع بمنطقة سناح متعطّلاً عن العمل، بعدما أغلقه، قبل أيّام، عدد من جرحى “المقاومة الجنوبية”، ومنعوا دخول الموظّفين إليه.

و طالب جرحى “المقاومة”، البالغ عددهم أكثر من 200 جريح، السلطات “الشرعية”، ممثّلة بالرئيس اليمني، عبد ربه هادي، بـ”علاجهم أسوة بجرحى الجبهات الأخرى”.

وقال رئيس “جمعية جرحى الضالع”، العميد عبد الباسط عبد الله، إن “السلطات الشرعية عجزت عن علاج جرحى المقاومة الجنوبية، الذين دافعوا ببسالة ورجولة، وقدّموا أجسادهم لأجل الجنوب أوّلاً وليس سواه”، مشيراً إلى أن “إغلاق الطرقات والمباني الحكومية سلوكيّات مرفوضة ومقيتة، نُدفع إليها دفعاً تحت ضغط جراحنا التي فاحت منها الروائح الكريهة، نتيجة الإهمال المتعمّد من قبل الشرعية”. ولفت إلى أنّهم قد “خاطبوا الجميع منذ أكثر من عام ونصف العام، ابتداءً من السلطات المحلّية في المحافظة ورئاسة الوزراء ولجان الجرحى المتعدّدة، وهم منذ ذلك الحين يتلقّون الوعود”.

وهدّد جرحى “مقاومة” الضالع بأنّهم “تحت طائلة الحاجة والإهمال، مضافاً إليها قطع رواتبهم منذ 4 أشهر، سيلجأون إلى قطع الطريق الرئيس الرابط بين عدن وصنعاء، وبقوّة السلاح، وسيمنعون مرور البضائع والحاويات، دون الإضرار بمصالح المواطنين العاديّين”، مضيفين أنّهم “لن يقبلوا ساعتها أيّ وساطات أو اتّصالات من رفقاء النضال، تطالبهم بفتح الطريق”.

ويعاني جرحى الحرب، من أبناء محافظة الضالع، إهمالاً من قبل حكومة الرئيس هادي، ما أدّى إلى تفاقم جروح بعضهم، وتسبّبها لهم بعاهات مستديمة.

حقّ لا منّة

يعاني غالب جرحى الضالع من ظروف معيشية صعبة، كونهم بلا وظائف، ولا يملكون مصادر دخل إضافية

يقول العقيد عبد الله علي إن “جراحنا الغائرة تنبع من إحساسنا بالخذلان، ممّن توسّمنا منهم المساندة والوقوف إلى جانبنا”، لافتاً إلى “أنّني لا أتمكّن من ثني ركبتي، وبالإمكان علاجي في الخارج، أتعرّض للإهمال والنكران، وأشعر بالمرارة حين أفكّر مجرّد التفكير بأن قائداً عسكريّاً مثلي، جُبل على احترام النظام والقانون وتطبيقه، وحثّ الناس طوال حياته على فعل الخير ومساعدة الآخرين، (يصل إلى وصلت إليه)”. ويضيف “تخيّلوا حجم الغبن والتناقض الذي ينتابني حين ألجأ مع بقية الجرحى، ممّن تقطّعت بهم السبل، إلى قطع الطريق أمام الناس، هذا السلوك المنافي لكلّ ما أؤمن به من قيم وسلوكيّات، أُجبر أنا وبقية الجرحى نتيجة تخلّي الجميع عنّا على القيام به وتنفيذه، ونحن نأسف أن نوضع في هذا الموقف الغريب عنا”، متابعاً “أشعر حقّاً بالمرارة أن يتحوّل مناضل ومقاوم إلى قاطع طريق”.

ويؤكّد العقيد عبد الله “أنّنا كرام – وأقسم بالله مغلّظاً – لسنا مبتّزين، ولن نكون كذلك في يوم من الأيّام، وما نطالب به المساواة مع بقية الجرحى الذين تقلّ إصابات بعضهم عن إصاباتنا”، مخاطباً بالقول “هل تعلمون أن جرحى موالين لقيادات نافذة تُعطى لهم ألوف الريالات السعودية؟ وحتّى الشهداء منهم ميّزوهم عن شهدائنا، فقط لأنّهم قاتلوا تحت إمرة القائد الفلاني. نحن قاتلنا للوطن والدين”، زائداً “يقول كثيرون: إنّنا قد جرى تسفيرنا ولا أمل في شفائنا، وهذا أمر الله، لكن ذلك ليس صحيحاً، أنا من حقّي أن أبحث عن علاج في أيّ دولة في العالم، وليست منّة من أحد أن يتمّ تقدير تضحيات الجرحى والإهتمام بهم، خاصّة وأن التحالف يستطيع أن يعالج جرحى الضالع وغيرهم في أرقى المشافي بالعالم”.

وينبّه إلى أن “إهمال الجرحى سيصيب المقاتلين في الجبهات بالإحباط، وهم يرون من سبقوهم بالتضحية يستنجدون القريب والبعيد لعلاجهم”.

وخضع أكثر من 180 من جرحى “مقاومة” الضالع لفحوصات طبّية عبر لجان عديدة، جرى تشكيلها من قبل جهات حكومية، وأخرى شُكّلت من فصائل “المقاومة” بطلب من “التحالف العربي”.

ويعاني غالب جرحى الضالع من ظروف معيشية صعبة، كونهم بلا وظائف، ولا يملكون مصادر دخل إضافية، فيما صار بعضهم عالة وعبئاً على أهله.

رئيس الجمعية التي تعاني كمنتسبيها، العميد عبد الباسط عبد الله، وهو خبير في نزع الألغام وخرّيج أكاديمية روسية، يستنكر “سوء المعاملة التي يُقابل بها الجرحى من مقاومة الضالع”، لافتاً إلى أن “الجريح بطبيعة الحال يكون شديد الحساسية، ولا يتحمّل تصرّفات الآخرين، نظراً لسوء حالته النفسية”، معتبراً أن “المحاباة والكيل بأكثر من مكيال في التعاطي مع الجرحى بات أمراً واضحاً ومُشاهداً”، متسائلاً عن “الجهة التي قامت بإرسال جرحى من عدن، وتمّت إعادتهم من جيبوتي، وكيف يمكنهم الوصول إليها؟”.

يا خسارة القصب!

يبرز من بين الجرحى بجسده النحيل وسيقانه الرفيعة المحمولة على عكّازين، يتهادى بصعوبة بينهم، الجريح صالح أحمد يحكي مرارة حاله، الذي يقول إنّه يرويه “فقط ليعلم أبناء الجنوب كم الإهمال ونكران الجميل الذي قوبلوا به”. يسرد صالح أن “أمّي يا سادة باعت القصب المجموع من حقلنا الوحيد لتعطيني 10 آلاف ريال، هي كلّ ما أملك كي أتمكّن من دفع إيجار السيّارة إلى عدن والعودة”، مضيفاً “أنّنا كالنمر لا يأكل الجيفة، بل يأكل ممّا يصطاد، فاتّقوا هبّة النمر الجريح”.

ويحذّر من “الإستهتار بمعاناة الناس، ومن ردّة فعلهم نتيجة ذلك”، مؤكّداً “أنّهم لم يعد لديهم ما يخسرونه، وهم معذورون بعد أن طرقوا كلّ الأبواب إن سلكوا مسالك أخرى”.

ويُشار إلى أن عدداً من جرحى “مقاومة” الضالع هم من المتقاعدين العسكريّين، الذين تفاقمت معاناتهم بقطع رواتبهم لأكثر من أربعة أشهر”.

المصدر: العربي

زر الذهاب إلى الأعلى