أسرار ووثائقالعرض في الرئيسة

حصري – محمد المقالح يكتب لـ”صالح” من سجنه عام 2008 عن تدحرج الحرب باتجاه الحروب ذات الطابع المذهبي (4-4)

يمنات – خاص

محمد محمد المقالح

الجزء لرابع والاخير: تباين الموقف السعودي والدولي من الحرب .. وهل تعامل العالم مع حروب صعدة كحرب ضد التمدد الايراني الشيعي في المنطقة..؟ أم حرب ضد توسع قاعدة الارهاب السلفي  في المنطقة..؟

سادسا: حول فشل الوساطات

يطرح البعض أن السلطة قدمت كل ما يجب عليها أن تقدمه لإيقاف الحرب وشكلت من اجل ذلك العديد من لجان الوساطة الداخلية والخارجية من اجل حل المشكلة مع الحوثي سلميا لكن الحوثي رفض كل هذه الوساطات أو قام بإفشالها وعدم الاستجابة لأي مطلب من مطالبها أو شروط تسهيل مهمتها الأمر الذي يجعل الحرب خيارا وحيدا واضطراريا بعد أن سدت جميع منافذ الحل السلمي… الخ

ولكن السؤال هو هل فعلا أن الحوثيين هم من افشلوا كل هذه الوساطات الداخلية والخارجية..؟ وهل فشلت الوساطات أصلا أم أن المشكلة ليست في جهود لجان الوساطة بل في طبيعة هذه اللجان وفي تعقيدات المشكلة وتداخل أطرافها!؟

ومن دون أن ننفي أي مسئولية للحوثيين بهذا الخصوص إلا أن الفشل لا يعود بدرجة أساسية إليهم بقدر ما يعود إلى أسباب وعوامل عديدة يتعلق بعضها بعدم وجود سلطة حقيقية للجان الوساطة ، وبعضها الآخر يعود إلى أن تشكيلها لم يكن جادا بقدر ما كان محاولة للأعذار بينما كان القرار الحقيقي هو استمرار الحرب سواء وجدت الوساطة أو لم توجد ، وبعضها قامت الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية بإفشالها علنا واحتجاز عدد من أعضاء الوساطة كما ان بعض فشلها يعود إلى طبيعة الحرب والصعوبات التي خلقتها المواجهات السابقة على الأرض ولدى جميع الأطراف المشاركة فيها والمتدخلة في تأجيجها أيضاوبسبب بقاء ملفاتها مفتوحة يدخل منها كل من يريد العبث والتوتير وهكذا .

وفي كل الأحوال يمكن إجمال أسباب وعوام فشل الوساطات الداخلية والخارجية على النحو التالي:

– قبل نشوب حرب مران الأولى منتصف يوليو2004م لم يعرف ما إذا كان هنالك اتصالات بين الرئيس وحسين الحوثي وما هي طبيعتها وقبل انفجار الحرب لم نسمع عن وجود وساطات أسرية أو محلية بينهما، وكلما علمه الرأي العام بهذا الخصوص هو تشكيل لجنة وساطة بعد أيام من انفجار الحرب تشكلت من عدد من أعضاء مجلس النواب الممثلين لدوائر صعدة وجميعهم على علاقة صداقة أو قرابة بحسين الحوثي بينهم شقيقه يحي بدرالدين الحوثي بالإضافة إلى عبد الكريم جدبان وعبد السلام هشول وقد تابعت شخصيا مسار هذه الوساطة عبر تصريحات عدد من أعضائها ولمست أنهم كانوا في البداية يميلون إلى تحميل حسين الحوثي مسؤولية التعنت قبل وصولهم إليه ربما بسبب خلافاتهم المعروفة مع نهجه الجديد (ترديد الشعار) بما فيها التصريحات المنقولة على لسان يحي الحوثي نفسه ،ولكن وما إن وصل عدد من أعضاء اللجنة إلى صعدة حتى تعرضوا إلى إطلاق رصاص من قبل الجيش ومنعهم عن التواصل مع حسين الحوثي وإخبارهم على العودة إلى صنعاء والتوقف عن أي تصريح لا يدين الحوثي في مران.

– في الوساطة الثانية والتي جاءت على اثر رسالة وجهتها شخصيا وعدد من الشخصيات السياسية والوطنية إلى الرئيس نطالبه فيها بإيقاف الحرب استدعى الرئيس عدد من قيادات الأحزاب وأعضاء في مجلسي النواب والشورى وشخصيات سياسية ودينية واجتماعية إلى الرئاسة وبعد مداولات كلفهم الرئيس بالنزول إلى صعدة لمحاولة حل المشكلة سلميا وقد تشكلت اللجنة برئاسة عبد الوهاب الانسي ومن أعضاءها أيضا شخصيات علمائية كبيرة بينهم محمد محمد المنصور واحمد محمد الشامي وحمود عباس المؤيد وآخرين وبعد وصولهم إلى مدينة صعدة التقوا بقيادات الجيش والسلطة المحلية وكانت الحرب على أشدها ورفض القادة العسكريين توقف الحرب خلال فترة الوساطة على الأقل لتسهيل مهمة وصولهم إلى الطرف الآخر وبعد اخذ ورد والبقاء داخل مدينة صعدة لأيام سمح لهم ببعث رسالة خطية إلى حسين الحوثي وقد قبل الحوثي كل ما طلب منه فيها وبعد أن حدد موعد ومكان معين ليلتقي فيه مع عدد من ممثل اللجنة فوجئوا بشن الطيران والمدفعية هجوما واسعا على مران وتحديدا على المنطقة التي كانت محددة للقاء الحوثي بممثلي الوساطة وهكذا تعطلت الوساطة وعاد أعضائها إلى صنعاء ولم يسمح لهم حتى بإعلان من هو الطرف المسئول عن فشل مهمتها وان كانت الصحافة قد كشفت تفاصيل ما حدث من رفض قاطع لوقف الحرب من قبل الجيش.

– بعد دخول الجيش مران ومقتل حسين الحوثي وعشرات من أتباعه توقفت الحرب وتم استدعاء كل من العلامة بدر الدين الحوثي وعبد الله الرزامي إلى صنعاء وتركوا بدون حل أي قضية من القضايا التي وعدوا بها مع أنهم لم يكونوا يطلبون سوى تركهم لحالهم والسماح لهم بأداء شعائرهم وترديد شعارهم وإطلاق سراح السجناء والبحث عن المفقودين وما أن نزل الحوثي الأب إلى منطقة ال شافعة والرزامات لحضور زواج حفيدتيه اعتبر نزوله تمردا خصوصا وان البعض كان قد رتب له حوارا صحفيا مع صحيفة الوسط اعتبر ما طرحه فيه بتلقائية وعفوية دليل آخر على دعوته للملكية وشنت الحرب الثانية تحت هذا المبرر مع ان الرجل كان يتحدث عن شرط البطنيين كقضية فقهية وتاريخية وفقا للمذهب الزيدي وليس كقضية سياسية يفهم منها رفض رئاسة غير الهاشميين اليوم وعلى العكس تماما فقد شرع الرجل لهذا الموضوع بوضوح في حديثه عن ما اسماه الحسبة والتفريق بين الإمامة والرئاسة وفقا لعقيدته وقناعاته الدينية وليس السياسية .

1- بعد انتهاء الحرب الثانية بضرب وتدمير قرى الرزامات وتشريد أهلها وهروب الحوثي الأب والرزامي وآخرين إلى نقعة قامت الطائرات والمدفعية بشن غارات متواصلة إلى المناطق التي هربوا إليها ( وهي الأحداث المحدودة التي سميت بالحرب الثالثة )وما هي إلا فترة قصيرة حتى يعين العميد يحي الشامي محافظا لصعدة ويقود وساطة جديدة أسفرت عن توقف الجيش عن الجرب في فترة الانتخابات سبتمبر 2006م ( وهذا ما يؤكد بان الجيش هو الذي كان يبدأ الحرب وكان يقرر وقفها وفقا لقرار سياسي وليس كما يقول البعض أن اتفاقا سريا وقع بين الطرفين يقضي بانتخاب الرئيس مع انه لم يكن هنالك منافسا له في تلك الانتخابات بعد إقصاء المناضل مقبل من السباق الرئاسي لعام 1999م) وما إن انتهت الانتخابات بسلام ولم يحصل أثنائها أي شيء من قبل الحوثيين إلا وتنفجر الحرب من جديد ويتم نقل يحي الشامي من صعدة ويستبدل بالمصري وهكذا حتى تدخل الإخوة في قطر بوساطتهم الأولى والتي أفضت إلى اتفاقية 2007م وتم بموجبها تشكيل لجنة برلمانية للإشراف على تطبيق الاتفاق وأنجزت خطوات مهمة على طريق السلام رغم كل التعقيدات التي واجهتها فقد أنجزت خطوات مهمة على طريق تطبيق الاتفاق حيث سلم الحوثيين جميع النقاط العسكرية التي كانت بأيديهم على الطرقات وفي معظم الجبال قبل أن تتبين تعقيدات جديدة تتعلق بطبيعة الاتفاقية من ناحية ، واصرار بعض أطراف السلطة المحلية وقيادات الجيش على تسليم أسلحة الحوثيين ونزولهم من الجبال قبل تنفيذ البنود الأولى بالإضافة إلى البلاغات الكاذبة التي كانت تبلغ بها اللجنة من قبل مشايخ وقادة جيش وتدخل بعض الأطراف داخل وخارج صعدة على أثرها تم استدعاء لجنة الوساطة إلى صنعاء لتنفجر الحرب مرة أخرى وهي الأشرس انتهت باتفاق مهم في الدوحة وقطعت لجنة الوساطة المشكلة لتطبيق الاتفاق خطوات مهمة قبل أن تستدعى اللجنة إلى صنعاء ويتوقف دورها لتبدأ الحرب من جديد اقصد الحرب الجارية (الخامسة).

2- خلال كل هذه الوساطات وفي ما بينها كان رئيس الجمهورية يبعث بشخصيات هاشمية وزيدية للتواصل مع الحوثي إما بطلب من هذه الشخصيات أو بتوصية من بعض قيادات الدولة ومع احترامي لأشخاص معظم هولا إلا أنني كنت على ثقة بان كثير منهم لا صلة لهم بالحوثي وليس بينهم وبينه أي اتصالات وبعضهم لم يكن الحوثي يطمئن لهم وكان بعضهم الآخر (يطلب الله) بمثل هذه الوساطات التي يدعيها ولم تكن تسفر عن أي نتيجة.

نخلص من كل ما سبق إلى عدد من الاستخلاص والنتائج أهمها أن بعض الوساطات لم يكن لها سلطة لتفرض شروطها على المتحاربين ، وبعضها شكلت لا لتكون لجنة وساطة حقيقية بل للتغطية على قرار الحرب واستمرارها والادعاء بان الحوثي يرفض الوساطة وافشل بعضها الآخر من قبل بعض السلطة وبعض قادة الجيش كما حدث في اللجنتين الأولى والثانية كما أن الوساطات عموما قد فشلت بسبب تعقيدات بنود الاتفاق وبعضها بسبب تعقيدات الوضع على الميدان وكان يفترض توقع مثل هذه التعقيدات وتذليلها والصبر عليها ، ومع أن بعض هذه اللجان كانت قد قطعت شوطا مهما وهي على وجه التحديد تلك اللجان التي تشكلت بناء على اتفاقية الدوحة الأولى والثانية إلا أن انعدام الثقة بين طرفي الحرب وانقطاع الاتصالات نهائيا بين الحوثي ورئيس الجمهورية قد مثلت السبب الأول والرئيس للفشل.

وبهذا المعنى فان المشكلة ليست في لجان الوساطة ولا في إفشال الحوثيين لها كما يطرح اليوم بل في إرادة وقف الحرب وإذا ما توفرت هذه الإرادة فاعتقد انه لا يحتاج الرئيس لأي لجنة وساطة ويكفي أن يعلن قرار الحرب ويطلق الأسرى والمعتقلين ويوقف المطاردات والمحاكمات، ويسحب الجيش من مزارع وقرى المواطنين والبدء بتعويض المتضررين وتنمية صعدة وإشاعة السلام فيها … وحينها لن يكون أمام جماعة الحوثي  سوى خيارين لا ثالث لهما فإما أن ينزلوا من الجبال ويندمجوا بالمجتمع ويشكلون لهم كيانا حزبيا أو حركيا ضمن الشرعية الدستورية مثلهم مثل بقية الأحزاب والمنظمات المدينة أو يبقوا في الجبال ولن تمر فترة قصيرة حتى يتشرذموا وينتهي بهم الأمر إلى خلافات طاحنة لان الذي يوحدهم اليوم هي الحرب وخطاب الاستئصال وقناعتهم بأنهم مستهدفون جميعا مع العلم أن السلم بالنسبة لهم اليوم وبعد أن استمرؤا البقاء في الجبال طويلا هو أصعب بكثير من الحرب.

سابعا: الموقف الدولي والدور الإقليمي في صعدة

من حسن حظ اليمن أن حرب صعدة ليست حتى الآن مصلحة إقليمية أو دولية، بمعنى أن غالبية الأطراف الدولية والإقليمية المؤثرة في تطورات الأحداث في اليمن ، لم تجعل بعد ورقة حرب صعدة ضمن سياسة الضغوط الدولية على اليمن كما يحصل لبلدان عديدة أخرى و مع أن الموقف الأوربي والأمريكي قد تطور في الحرب الخامسة لصالح وقف الحرب وحل مشكلة صعدة حلا سلميا وفقا لاتفاقية الدوحة إلا أن هذا لا يزال من باب الخوف على امن واستقرار اليمن وليس العكس على الأقل حتى هذه اللحظة مع ملاحظة وجود موقف معزول للسعودية مخالف للمواقف الإقليمية والدولية الأخرى من الحرب ويمكن إجمال مواقف الدول والأطراف الخارجية من حرب صعدة على النحو التالي:-

– في البداية سعت بعض أطراف السلطة اليمنية حثيثا من اجل زج أحداث صعدة ضمن التجاذبات الدولية والإقليمية في المنطقة والعالم أي إدخال الحرب ضد جماعة الحوثي باعتبارها حرب ضد الحرب الدولية على الإرهاب من ناحية وضمن عملية التوتر الطائفي والمذهبي بين السنة والشيعة، والصراع بين عدد من دول معسكر الاعتدال (السعودية ومصر والأردن ) مع ما يعرف بمعسكر التطرف أو الممانعة (إيران – سوريا – حزب الله وحماس) وكان هدف بعض الاطراف اليمنية من ذلك هو الحصول على مساعدات أو دور سياسي في المنطقة، وقد كانت هذه الاستراتيجية خاطئة جدا وخطيرة أيضا، لأنه في الوقت الذي استعدت اليمن دول مثل إيران وليبيا بسبب الحملات الإعلامية التي شنتها ضدهما ،فإنها لم تكسب معسكر الطرف الآخر و لم تستطع إقناعه بصحة دعاويها حول جماعة الحوثي كجماعة إرهابية أو طائفية لها أجندات إقليمية.، وكانت مواقف الأطراف عموما محايدة تجاه هذه الحرب اللهم إلا الا السعودية التي ظهرت في الحرب الأولى إلى جانب الحكومة اليمنية ولكن على خجل بينما رفضت بريطانيا ودول الاتحاد الأوربي اعلان أي موقف يبرر الحرب وظلت مواقفها محايدة طوال الجولات الأولى في المقابل بدا موقف الولايات المتحدة منحازا إلى جانب الحكومة ولكن بدون أي موافقة على دعاوي اليمن في موضوع إرهابية الحوثيين.

– في الحروب التالية وحتى الحرب الخامسة بدت السعودية نفسها محايدة وغير منحازة إلى جانب السلطة وبدأت مؤشرات بسيطة على تغير موقف أمريكا فضلا عن موقف دول الاتحاد الأوربي لغير صالح استمرار الحرب ضد الحوثي ولكن بدون تدخل ضاغط على السلطة لوقفها وكانت معظم البلدان غير مقدرة لحجم الكارثة الإنسانية في صعدة ما عدا موقف بريطانيا الثابت ضد الحرب.

– في الحرب الخامسة وبسبب اتساع نطاق الحرب وعنف المواجهات وما خلفته من كارثة إنسانية تغيرت مواقف غالبية البلدان الدولية والإقليمية بصورة كبيرة لغير صالح موقف السلطة من الحرب وبدأت هذه البلدان تضغط باتجاه وقف الحرب وحل مشكلة صعدة على أساس اتفاقية الدوحة وهو ما بدا وضاحا في موقف الاتحاد الأوربي الذي اصدر بيانا ينص فيه على ضرورة توقف الحرب ومعالجة كوارثها الإنسانية على أساس اتفاقية الدوحة ولأول مرة بداء موقف الولايات الأمريكية واضحا ضد حرب صعدة.

في المقابل كان الموقف المغاير هو موقف السعودية التي بدت وكأنها ولأول مرة تدخل في حرب صعدة كطرف فاعل بدا من تصريح مجلس الوزراء السعودي بداية الحرب وقدوم رئيس الأركان إلى صنعاء واستعداده لتقديم مساعدات عسكرية لليمن وانتهاء بقدوم الحديثي مدير مكتب سلطان ولقائه في صنعاء بعدد من مشايخ قبائل حاشد وبكيل وحثه لهم لتشكيل جيش شعبي مستقل لمساندة الجيش في حربه ضد الحوثي وقد كان هذا خطاء كبيرا ترتكبه السعودية في حق اليمن وفي حق نفسها.

لم تكن السعودية بموقفها المنحاز في حرب صعدة تسعى إلى دعم السلطة ونصرتها ضد جماعة الحوثي كما قد يضن ولكن للأسف كان بعض مسئوليها بهذا الموقف الداعم للحرب يسعون الى إضعاف اليمن وهز أمنها واستقرارها من خلال إطالة أمد الحرب وجعلها أكثر دموية ،وتوسيع نطاقها اجتماعيا باتجاه الحرب الأهلية والصراع الطائفي والمذهبي وهي بذلك كمن يلعب بالنار ليس ضد اليمن بل وضد استقرار وامن السعودية نفسها خصوصا حين تستدعي الجماعات السلفية الأصولية والإرهابية للحرب في صعدة أي استدعاء خصومها إلى جنوب حدودها الجنوبية في صعدة التي بقيت طوال تاريخها محصنة من الجماعات الإرهابية والوهابية بسبب الخلفية الفكرية والمذهبية لسكان صعدة.

 ان مشكلة السعودية الكبرى – هي مشكلة اليمني نفسها – والمتمثلة في غياب المؤسسات الحاكمة وتحول قرارها السياسي إلى قرار شخصي وفي كثير من الأحيان انفعالي وثائرتي من ناحية وغياب دورها الإقليمي واستقالتها من مسؤولية القيام بأي دور فاعل لصالح القضايا العربية والاكتفاء وبالذات في عهد الملك عبد الله الذي يبدوا انه قد سلم كل أوراقه لصالح بقائه في السلطة على حساب كل ثوابت السياسة الخارجية السعودية وهو ما جعل السعودية تتخبط في مواقفها وحساباتها وعلاقاتها الخارجية بما في ذلك قبول دور المؤجج الطائفي والمذهبي في المنطقة وهو ما نلاحظه في سياستها الخارجية تجاه العراق وسوريا ولبنان وإيران والتي لا تكسب منها سوى مزيد من الفشل والتخبط والى درجة أن دولة قطر أصبحت تقوم بادوار إقليمية هامة يصعب على السعودية بإمكاناتها وتاريخها السياسي ان تقوم بها وهو دليل عجز وفشل كبيرين وأخشى ان تورط اليمن في فشلها وفي استدعاء مزيد من الأعداء والأخطار الى حدودها الجنوبية.

ستكون السعودية على خطا كبير إذا اعتقدت أن تدخلها في صعدة سيصب لصالحها فضلا عن صالح امن واستقرار اليمن فبالنسبة لمصلحة امن واستقرار السعودية فان دخولها في الشأن الداخلي اليمني بصعدة يعني استدعاء التنظيمات الإرهابية القاعدية والوهابية إلى حدودها الجنوبية وجعل صعدة معبرا لتصدير السلاح والمقاتلين إلى أراضيها بعد تصفية الحوثيين هذا إذا افترضنا تصفيتهم بعد حرب أهلية طويلة المدى..

إن من الأفضل لليمن أن تستجيب لنداءات الاتحاد الأوربي والمجتمع الدولي وتسارع إلى إيقاف الحرب وتطالب العالم بدعمها لان استقرار اليمن لصالح المنطقة والعالم وعليها أن تعي بان الموقف المتعاطف او المشفق على اليمن هو في طريقه إلى أن يتحول الى موقف ضاغط على السلطة اليمنية باتجاه محاسبتها على أخطائها في صعدة وعند هذه النقطة بالذات على رئيس الجمهورية ان يعي ان من يدفعونه الى مزيد من الدماء في صعدة لن يتحملون نيابة عنه تبعات هذه الدماء أمام الشعب اليمني والمجتمع الدولي بل إن هولا سيكونون أول من يتخلى عن مسؤوليتهم في هذا السبيل..

وأخيرا

الأخ الرئيس …. تساؤلات عديدة تواردت إلى ذهني وانأ اكتب الرسالة وكانت جميعها تدفعني إلى التردد حينا والإحجام حينا آخرا ومن ذلك أن البعض سيصف الرسالة “بالسذاجة” وبان صاحبها “عاطفي” أكثر من اللازم والى درجة أنه يعتقد بان قضايا كبرى ومصيرية مثل قرار الحرب والسلام في صعدة يمكن أن تؤثر فيها مثل هذا النوع من الرسائل المثالية في حين أن هذه القضايا عادة ما تدخل فيها حسابات داخلية وإقليمية ودولية معقدة وبحيث يصعب على الرئيس أو غيره اتخاذ قرار نقيض لما هو نافذ من القرارات ،حتى وان رغب في ذلك !!!

غير أنني لم أباه لمثل هذا النوع من الأوصاف والمبررات وقررت أن امضي في استكمال هذه الرسالة محاولا إقناع نفسي بان السذاجة أو السطحية والمثالية في مثل هذه الحالات هي في الحقيقة ،اقدر على ملامسة الحقيقة حتى ولو كانت مرة، واقرب إلى حب الوطن والسلام بين أبنائه من لغة التعقيد والتركيب ، وان من يحافظون على “حصافتهم” ولؤمهم لن يعملوا شيئا سوى المشاركة بالصمت والتواطؤ في حرب عبثية لا نهاية لها ولا هدف منها سوى القتل والدمار وتمزيق نسيج المجتمع اليمني الواحد ،معتقدا بأنكم لن تخذلوني وبأن قرار السلم لازال ممكنا وكلما تأخرنا أكثر كلما تدخلت أطراف جديدة وجعلتها أكثر تعقيد.

تقبلوا تحياتي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المواطن /محمد محمد المقالح

نهاية يونيو 2008

صنعاء

زر الذهاب إلى الأعلى