العرض في الرئيسةتحليلات

السعودية أمام حقل ألغام اسمه اختيار وفد المعارضة السورية

يمنات – رأي اليوم

تقف المملكة العربية السعودية هذه الايام امام معضلة كبيرة، اسمها عقد اجتماع لفصائل المعارضة السورية، لاختيار اعضاء الوفد الذي من المفترض ان يتفاوض مع النظام السوري حول طبيعة المرحلة الانتقالية والحكومة التي ستقودها والصلاحيات التي ستحظى بها.

التكليف للمملكة بالقيام بهذه المهمة الصعبة، جاء من قبل اجتماع فيينا الموسع الذي انعقد يوم السبت الماضي في العاصمة النمساوية، بمشاركة اكثر من 17 وزيرا للخارجية، على رأسهم الوزير الامريكي جون كيري، ونظيره الروسي سيرغي لافروف.

المعضلة التي تواجهها السعودية من عدة جوانب ابرزها انها لم تستضيف مطلقا اي اجتماع سابق للمعارضة السورية على اراضيها، على عكس حليفيها في قطر وانقرة، رغم انها داعم رئيسي بالمال والسلاح لهذه المعارضة، وثانيها ان هذا الملف في قمة التعقيد، بسبب تعدد فصائل المعارضة السورية، وتضخم ذات قياداتها، وتفاقم الخلافات بين معظمها، والاهم من ذلك تعدد ولاءاتها السياسية والاقليمية.

التكليف حدد منتصف كانون الاول (ديسمبر) المقبل كسقف اعلى لعقد هذا المؤتمر، اي انه يجب ان يلتئم قبل هذا التاريخ، ولكن الاتصالات ما زالت مستمرة لتحديد موعد، ومكان مقبولين، ومن المرجح ان تكون مدينة جدة الساحلية هي المكان.

معلومات “راي اليوم” تؤكد ان اميرا سعوديا من احفاد الملك فيصل هو الذي يحمل هذا الملف، وليس السيد عادل الجبير وزير الخارجية، وينسق هذا الامير الشاب مباشرة مع الرجلين القويين في المملكة، وهما الاميران محمد بن نايف ولي العهد، ومحمد بن سلمان ولي ولي العهد، وانه اي الامير المكلف، التقى فصيلا سوريا معارضا على هامش اجتماعات فيينا الموسعة.

المعلومات نفسها اكدت ان المملكة العربية السعودية اصدرت قائمة اولية موسعة، ثم اعادت اصدار قائمة جديدة معدلة تركزت حول الفصائل الاكثر اهمية وتمثيلا، وبعد التنسيق مع حليفيها في انقرة والدوحة.

هناك مشاكل عديدة في طريق اجتماع جدة المقترح، ابرزها كيفية تمثيل معظم اطياف القوى السورية المعارضة في الوفد المقترح، ناهيك عن اجتماع جدة، لان كل فصيل يتم استبعاده بطريقة او باخرى، وهناك جهات عديدة جاهزة للدعم، مضافا الى ذلك انحياز السعودية الى فصائل ضد اخرى في المعارضة السورية.

العقبة الرئيسية في طريق الاجتماع المقترح ايضا هو كيفية تمثيل المعارضة السورية الداخلية، وعما اذا كانت السلطات السورية ستسمح لها بالمغادرة الى جدة، وهناك عقبة تمثيل الاخوان المسلمين، وجماعة مؤتمر القاهرة، والقوى الاسلامية على الارض.

المهمة السعودية ثقيلة جدا، والتصدي لحملها تحد كبير للدبلوماسية السعودية، خاصة اذا علمنا ان ايران عارضت بقوة هذا الاختيار، وما زالت، ولا يمكن تجاهل الدور السوري الرسمي الداعم للموقف الايراني ويرى في السعودية عدوا، بسبب هيمنتها على المعارضة، ومطالبة وزير خارجيتها السيد الجبير بضرورة تنحي الرئيس بشار الاسد قبل بدء اي عملية سياسية.

انه حقل الغام بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وجربت كل من قطر وتركيا المرور عبره، وتجنب اي انفجارات، ولكنهما لم تحققا اي نجاحات ملموسة، وحتى الائتلاف الوطني الذي تمخضت عنه هذه الجهود القطرية التركية بدعم السعودية بات يلفظ انفاسه الاخيرة، حتى ان رئيس وزرائه احمد طعمة لم تسمح له احد فصائل المعارضة السورية (الجبهة الشامية) بالمرور عبر الحدود الى الاماكن “المحررة”.

النجاح السعودي في هذه المهمة يتطلب مرونة وحيادية وتنازلات وصبر طويل، وهذه المواصفات غير متوفرة حتى الآن، اما الفشل فيعني اعادة الملف الى الامم المتحدة ومبعوثها ستيفان دي ميستورا لاختيار الوفد كحل اخير.

فهل تنجح السعودية في هذه المهمة الصعبة المعقدة، وفي غضون اقل من ثلاثة اسابيع؟

انه اختيار صعب بكل المقاييس، ونترك الاجابة للمستقبل القريب.

افتتاحية رأي اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى