فضاء حر

أيهما أولى بالتحصين شلل الأطفال أم شلل المشائخ؟

 

قرأت تصريحاً مهماً للشيخ محمد ناجي الشايف، لجريدة "السياسة" الكويتية، في موقع "براقش نت"، ومن ضمن ما جاء فيه: "أنا أرفض رفضا قاطعا أية مبالغ تصرف لمشائخ قبليين أو ضباط أو مسؤولين، فلابد أن يأخذ الأجير أجره فقط, فإذا كان الشيخ يعتمد على الدولة فليس شيخا ما دامت الدولة تمشيخه بفلوسها، فالمفروض أن أي شيخ يجب أن يكتفي بما هو حقه وملكه سواء كان قليلا أو كثيرا، فهناك مشائخ قبائل لا يملكون شيئا لكن ثروتهم معرفتهم ورجاحة عقولهم ووجاهتهم وقبولهم لدى الناس وخدمة قضاياهم, ومن يدعي بأنه شيخ وقد سرق الدولة وأموال الشعب وشركات الشعب ثم يدعي أنه شيخ بعد ذلك فليس بشيخ".

ودعا إلى إلغاء مصلحة شؤون القبائل وقال "هناك شيخ يتقاضى من هذه المصلحة 5 ملايين ريال، وآخر يتقاضى 50 ريالا، وكل هذه زادت أم قلت هي من أموال الشعب اليمني, ولابد من تحويلها إلى هيئة الضمان الاجتماعي لصرفها للمحتاجين", كما طالب بإلغاء المبالغ التي تصرف من خزينة الدولة كمرتبات شهرية لمرافقي المشائخ والوزراء وأعضاء مجلسي النواب والشورى وجميع المسؤولين وقادة الجيش والأمن, كاشفا عن أن ما لا يقل عن 70 مليار ريال تصرف لأولئك المرافقين وهم الحرس الشخصي, عوضا عما يصرف من اعتمادات غير ضرورية ووهمية.

قد يقول البعض إن الشايف غير جدي في طرحه أو أنه يزايد, لكن ما طرحه مهم ويجب أن يشكر على هكذا طرح.

وهنا يبرز سؤال مهم وهو: هل تتجرأ حكومة الوفاق على تطبيق ما فيه؟

علينا تشجيع المشائخ على هكذا تصاريح, لنحرج الباقين ونقول لهم: هل تحتاجون إلى معونة من الدولة مثلكم مثل العاجزين؟ هل أنتم مشائخ أم معاقون ذهنياً أو حركياً؟ هل تقبل أن تكون شيخاً أبو ألف و500 ريال أو أبو 20 ألف ريال وغيرك أبو 5 ملايين؟ هل يجوز لكم أن تنافسوا العجزة والمرملات والعاطلين على المساعدات التي تصرف من الدولة؟

إذا أردنا إحداث تغيير في أي مجال يجب أن نبدأ بتغيير ثقافة المستهدفين بموضوع التغيير أولاً تمهيداً لأية خطوات, يجب علينا تهيئة الأرضية عبر حملات إعلامية مكثفة تفضح تلك السياسات وتحرج المستفيدين منها، وتكون رأياً عاماً ينظر لها بازدراء.

لماذا لا تأخذ الحكومة تصريح الشايف وتبني عليه خطوات عملية مثل عقد مؤتمر للمشائخ الذين يؤيدون وجهة نظره، وتسلط الأضواء عليهم باعتبارهم نموذجا للمشائخ الواعين الذين يرفضون أن يكونوا مرتزقة لدى أية قوة سياسية عبر المعونات الحكومية؟

لماذا لا تسلط وسائل الإعلام الرسمية الأضواء على هذا التصريح وتعمل منه حدثاً تجعل المشائخ يتسابقون إلى مثل تلك المواقف؟

لماذا لا نقوم بفرز المشائخ وتقسيمهم بين مؤيد ومعارض لتلقي المعونات الحكومية؟

لماذا نستعديهم جميعاً عبر تصريحات الهدف منها تسجيل المواقف السياسية على حساب مصلحة اليمن؟

لقد ساهم نظام صالح في تمجيد بعض السلوكيات الخاطئة مثل التسابق على معونات شؤون القبائل والبلطجة والنهب والتقطع، بل وكان يصرف لفاعليها المكافآت, حتى أصبحت تلك التصرفات مقبولة لدى المجتمع، بل ويتفاخر البعض بها.

على أجهزة الإعلام الرسمية أن تقوم بحملة ضد "شلل المشائخ" العاطلين عن العمل، مشابهة لحملة "شلل الأطفال"، تترافق مع أية خطوات من الحكومة تجاه ذلك الداء.

يجب أن يعطى كل شيخ مصاب بشلل المشائخ جرعة ضد ذلك المرض العضال, ليبحث له عن عمل. يجب أن نغير ثقافتهم وثقافة المجتمع لينفروا من تلك المعونات التي تسلم لهم, ليحسوا بالعار من استلامها, لأن من يستحقها هم بعض العاجزين والمعاقين وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وحتى بعض هؤلاء فإنهم يعملون ويرفضون أن يكونوا عالة على الدولة. وفي نفس الوقت يجب أن نقدر ونحترم كل من أعلن منهم خلوه من تلك العاهة.

عن صحيفة" الأولى"

زر الذهاب إلى الأعلى