فضاء حر

جبهة إنقاذ الثورة تهزم جبهة إنقاذ المبادرة!

 

التوصيف الأكثر بروزاً وانكشافاً ووضوحاً للمشهد اليمني الراهن يتمثل بتشكّل اصطفافين أو جبهتين أساسيتين : الأولى / جبهة إنقاذ الثورة ، وهذه الجبهة لمن لا يعرفها هي قطاع الممانعة الثورية الذي رفض كل محاولات تشويه الثورة اليمنية السلمية ، ومختلف المؤامرات عليها سواءًا بصورة مباشرة وفجة عندما حاول الثورجيون ممّن ركبوا موجتها الحفاظ على مصالحهم بادعاء الانضمام إليها فتطويقها وتحويلها إلى مزرعة أثوار تحرسهم الفرقة المدرعة أو تحرس نفسها وتحتمي بهم كسياج بشري ،

 

وكذلك باختلاق صراع مسلح في صنعاء على هامشها ، ثم محاولة اغتيال علي عبد الله صالح الأحمر ، أو بصورة سياسية من خلال تسويق المبادرة الخليجية / السعودية / الأحمرية وتصويرها على أنها طوق النجاة وإنشاء مجلس وطني مزور يتحدث باسم الثورة ويوقع عليها برغم أنف الساحات الثورية التي كانت ولاتزال ترفض المبادرة من حيث المبدأ والنتيجة فضلا عن رفض المبادرة المطلق والمبدئي من قبل قوى التغيير الأساسية في اليمن بحراكها الجنوبي السلمي والحوثيين ومعارضة الخارج والأحزاب السياسية التي لم تنخرط في التسوية السياسية التي تعاني اليوم من تكدس القاذورات لدرجة جعلت الأستاذ باسندوة يرمي بموبايله القديم ويحمل المكنس الجديد ، فـ "المكنس" شعار المرحلة ونظافة الشوارع قبل نظافة المؤسسات..

 

إذاً ، جبهة إنقاذ الثورة في إطارها العام تضم كل القوى الممانعة والرافضة للمبادرة والتدخل الخارجي السافر الذي يكرس الوصاية السعودية ، وهذه الجبهة هي الوحيدة المتمسكة بشعار إسقاط النظام بكافة رموزه ومحاكمة القتلة وتحقيق الدولة المدنية الحديثة المنشودة ، هذا هو الإطار العام لهذه الجبهة وإن كانت قد وجدت لها إطاراً تنظيمياً خاصاً يحمل الإسم ذاته ويعبر عن تطلعات كل هذه القوى من حيث الأهداف والمباديء كما من حيث السلوك الثوري فبالأمس نظمت قيادة جبهة إنقاذ الثورة السلمية مظاهرات طافت شوارع صنعاء معيدة لشعار ( الشعب يريد إسقاط النظام ) اعتباره وزخمه ، والأمر ذاته حدث في تعز عاصمة الثورة والثقافة مما دفع بالجبهة المضادة أعني جبهة إنقاذ المبادرة السعودية للدخول في حالة طواريء غير معلنة وكان من نتائجها الهجوم الشرس على قيادة جبهة إنقاذ الثورة وكل من يسير في فلكها ، وصولاً إلى اقتحام مقر الحزب الديمقراطي اليمني وصحيفته ونهبه وإرهاب منتسبيه وهو أحد مكونات الجبهة ذاتها ، وقبل ذلك كان لافتاً أن تقوم مجاميع جبهة إنقاذ المبادرة الخليجية بتمزيق شعارات رفعتها جبهة إنقاذ الثورة ترفض الوصاية الخارجية والتدخل السعودي الأمريكي في اليمن ..

 

الجبهة الثانية : وتتمثل في جبهة إنقاذ المبادرة الخليجية / السعودية ، ولم يعد أحد يجهل المنتمين لهذه الجبهة قيادة وقواعد .. أحزاباً ومشائخ ومنظمات وصحف وقنوات فضائية وصحفيين وأشباه معارضين هنا وهناك ممن باعوا أنفسهم للشيطان والدولار والريال السعودي والقطري .. فهم لم يعودوا يتلاعبوا بالمصطلحات كما كان ديدنهم من قبل بل يقولون لك بكل صفاقة وعبر وسائل الإعلام بأن المبادرة الخليجية تحقق كل أهداف الثورة والتغيير المنشود ، فإذا كانت كذلك فلماذا وُجدت المبادرة أصلاً ، مادامت الثورة ذاتها تحقق أهدافها بذاتها ، وهل من بين الأهداف الثورية التي تحققها المبادرة استعادة الكرامة الوطنية والأراضي اليمنية المنهوبة والانسلاخ من عباءة الرياض وتحويل المزرعة الخلفية إلى دولة وطنية ذات سيادة ؟! .

 

هذا الفرز الواضح الذي أحدثته تطورات ثورتنا السلمية بكل مآسيها يجعل الصورة متخففة من عبء خلط الأوراق الذي كان جارياً العام المنصرم وأدى إلى تعثر ثوري واضح وصعوبة في تحديد الأولويات في ظل آلة تزييف الوعي ومكنتها السياسية والإعلامية والاقتصادية الرهيبة ..

 

ونتيجة لقوة الحق ووهن الباطل فإن كل هذه الإمكانات المهولة والدعم الإقليمي والدولي لم يؤد إلى نتيجة من النتائج التي يرتجونها ، مما وضعهم اليوم في موضع إنقاذ المبادرة وليس موضع تنفيذها أو السير في برنامجها المزمن ..

 

سيظل جمال بن عمر في حالة ذهاب وإياب ، مادامت هاتان الجبهتان تتنازعان على أن هذا النزاع في معطياته الراهنة يقدم إشارات واضحة إلى أن جبهة إنقاذ الثورة تهزم جبهة إنقاذ المبادرة ، فممارسة العنف من قبل الجبهة الأخيرة هي تعبير عن الفشل والإخفاق ، وتمكن جبهة إنقاذ الثورة من دعم صمود الساحات ورفض الثوار المعلن لحوار مع سلطة النظام المشترك بغرض إخلاء الساحات أكبر تعبير عن نجاحها وتقدمها ، فكنس الثوار بات محالاً بالرغم من استعانتهم بطابور خامس مندس بين الشباب لتسويق الحوار فالحوار في حالة كهذه " كلمة حق يُراد بها باطل" ، الأمر الذي جعلهم يستعيضون ذلك بكنس الشوارع من القاذورات ليس فقط بديلاً عن إخفاقهم في كنس الساحات من الثوار وفق التزاماتهم التي وقعوا عليها بل أيضاً هي تعبير عن الفشل في كنس "حمران العيون" من مواقعهم ، وهؤلاء بالمناسبة ليسوا عائلة صالح فقط كما يُراد تصوير الأمر ، بل هم جيش كامل من الفاسدين في مختلف المؤسسات أضيف إليهم فاسدون من اللقاء المشترك يؤكدون لنا كل يوم بأن : (عز الدين أضرط من أخيه) ..

 

ايماءة

الزعيم الحراكي الجنوبي حسن باعوم خضع للعلاج في السعودية منذ فترة وقبل أيام وصل إلى القاهرة وأكتب هذا المقال قبل أن ألتقي به ، على أن أنباءًا بدأت تتوارد بشأن مبادرة سعودية خاصة بالجنوب لحل قضيته .. وكأن المبادرة السعودية لإنقاذ نظام صالح والالتفاف على الثورة الشبابية الشعبية التي تعيش في مأزق قد آتت أكلها ، وهنا يحق التذكير بمقولة للرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي وهي كافية الدلالة واضحة المعنى : ( تجريب المجرّب خطأ والتصحيح بالملوثين خطأ مرتين ) ..

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى