فضاء حر

أين المفر؟

 

 

يتواجد المرح بالتأكيد،انه خارج هذا الذي أنت متورط فيه من صداقات مملة ،هذا على سبيل المثال فأنا أصاحب أناساً غير مملين باستثناء صديق جديد نصوح لا ينفك يراقب عاداتي السيئة

ولو رضخنا لمعياره في تقييم الناس لأصبحت كل حياتنا مجرد عادة سيئة،

تقوم إلى الحمام فينظر إليك وكأنك السبب في تخريب مثانتك ،ويسألك:موش عادك قمت الحمام قبل قليل؟لا يريدك أن تكتب ضد السياسيين إلا بعد أن تعد نقودهم وتعرف كم راتب أحدهم وكم تبقى ليمكنك القول إنه فاسد،يحب قائد الفرقة الأولى وقائد الحرس الجمهوري معا ويقول لك "الخير سينتصر على الشر"بودي لو اسأله بأدب جم ،أي القائدين المحبوبين لديك سينتصر؟المشكلة انه يعيش مثل أم الفيلسوف سيوران التي قال عنها الفيلسوف إنها كانت فخوره بكل ما ليست عليه،عندما كان في السعودية يتصل باقتضاب شديد متحاشيا أن تكتمل الدقيقة ليخبرني عن اكتشافه المدهش لبيت من الشعر يقول تعالى الله يا سلم بن عمرو ،أذل الحرص أعناق الرجال،وهو احرص من عرفت في حياتي،يذكرني بفكرة الندرة ونضوب المياه والأسماك النافقة، أتدرون يجدر بكم إتباع نصيحة البير قصيري الروائي المصري الذي قضى نصف قرن من حياته في باريس مستأجراً لغرفة واحدة بفندق صغير وألف كتابا في مديح الكسل وقدم لنا نصيحته الثمينة"أن تكون وحيداً أفضل من أن تكون مصحوبا برفقة سيئة"نتجول ولا نصادف الأذكياء إلا لماما والبقية صداقات تورث الضغينة داخلك وتجعلك بغيضا وحاقدا، تغادر المقيل وقد تم الاعتداء عليك بشكل ممنهج ضمن مناقشة موضوع واحد أتناوله معهم مضطراً على مدى سنة وهو موضوع الثورة والمشترك وأسماء كثيرة جدا كلها تتضمن "صالح ومحسن"،يحاول احدنا مجاراة الناس ويحقد عليهم فيما بعد ،لأنهم يجرعونك يومياً موضوعا بنكهة علاج السعال، وتعود للبيت وفي ذهنك تتردد أشياء كلها تنتهي أما بصالح أو بمحسن، تفتقر الشخصية اليمنية للمرح واقتراح مسرات ونكات ومفارقات وتواطؤ على البهجة، يجتمع عند احدهم ضيق الأفق والتهاب المسالك وموقف من احد الأطراف وأنت تريد الإصغاء للمرح أو لنفسك، لكن لا أحد يدعك وشأنك, فهو سيطرح سؤالا خطيرا قد طرحه عليك الخميس الماضي حين صادفته يشتري فحماً ويريد رأيك في معالجة أزمة انطفاء الكهرباء،لا أظننا سنبقى هكذا لسنة أو اثنتين ندور بين صالح ومحسن، ذلك سيدمرنا ويفقدنا سلامة النطق ،وبدأت من فرط تواجد هذين الاسمين اشعر بطعم الكدم في القات وفي عصير البرتقال،أشبه سيارة الفوكس واجن بالكدمة الساخنة ،واسمي جلستنا حول مائدة الغداء "حدرة" أشعر وكأنني بريه منسي تحت نافذة جنرال يقتطع المعاشات ويهددني بإيقاف التعيون، قد يتساءل أحدكم ،وما علاقة صديقك الممل بكل هذا،؟سؤال وجيه بلا إجابة وسيبقى كذلك لان السأم يقود إلى مزيد من الأسئلة فحسب, إجابة والمزيد من التورط في صداقات مملة،ذلك انك تصبح أبلهاً نوعاً ما، وتسمي جارك في المتكأ والذي تعرفت اليه للتو ،تسميه صديقك وتبادله أرقام التلفونات ليتصل بك آخر المساء ويقول لك رأيه في محسن وصالح ،أين المفر؟

عن صحيفة"الأولى"

زر الذهاب إلى الأعلى