قضية اسمها اليمن

نجاح الشرعبي.. يمنية خاضت عباب البحر وكشفت مآسي التهريب

المستقلة خاص ليمنات

التقاها أنور نعمان

أبناء مديرية باب المندب سواء في ذباب أو السويدا أو غيرهما يجدون أنفسهم أمام مفردة مرعبة هي التهريب.. حيث كل شيء قابل لأن يكون مهرباً (البشر، الحيوانات، الأغذية، الأدوية، الأسلحة، المخذرات.. وكل ما يخطر وما لا يخطر على بال أحد.. هذه الجهة الشاطئية من المضيق تحط فيها رحال مختلف الشحنات المهربة، وعلى الجهة الأخرى ثلاثي القرن الأفريقي “الصومال، أرتيريا، جيبوتي” وما بينهما منطقة الممر المائي حيث تزدهر تجارة التهريب ابتداء بالبشر وانتهاء بكل ما سواه..

نجاح عايش علي الشرعبي ولدت في باب المندب لأبٍ من أصول شرعبية وأم من منطقة باب المندب حيث تقيم الأسرة حتى الآن- نقلت نجاح صورة ما يحدث وأوردت معاناة سكان تلك المناطق وقد اجتمعت عليهم أوجاع كثيرة بفعل اهمال السلطات لتلك المناطق وكأنها ليست جزءاً من اليمن، وفوق ذلك يتعرضون لأذى الدول المجاورة على الجانب الآخر من المضيق، وتقول نجاح الصوت النسوي القادم من باب المندب:

ولدت في باب المندب، ودرست دبلوم تمريض في المعهد الصحي بتعز، ولم يعطوني شهادتي بسبب نشاطي وانتمائي للحزب الاشتراكي اليمني

عايشت نجاح قضية تعرض لها أقربائها وحول ذلك تقول: “كان اثنان من أخواني يعملان في البحر على زورقين للصيد في المياه الاقليمية اليمنية، وأحيانا مع صياد من جيبوتي في المياه الإقليمية الجيبوتية باستخدام قارب مملوك لذلك الشخص وبتصريح من الجهات الرسمية في جيبوتي..، وفي إحدى المرات اعترض أفراد إحدى عصابات التهريب أخوتي في المياه الإقليمية اليمنية بالتنسيق مع مشايخ باب المندب، وقيادة اللواء 117 (سابقاً) واقتادوهم إلى جيبوتي واحتجزوهم في منطقة تجرة، وحققوا معهم بطريقة مهينة، واتهموهم بتهريب سلاح، وهي تهمة ظالمة جرى إلصاقها بهما بناء على تنسيق المشائخ والضباط من باب المندب، فصادروا السفينتين (إحداهما عليها محرك 45 حصان، الثانية عليها محرك 75 حصان، وبعدها أطلقوا سراح أخوتي، ولكن بعد أن صادروا مصدر رزقنا (السفينتين) وأحرقوهما بعد أخذ المحركين منهما..

لم تقف نجاح صامتة بل خاضت البحر دفاعاً عن حقهم المسلوب تقول: “ذهبت إلى جيبوتي في 27/11/2012 وراجعت المسؤولين، وتعاونت معي حقوقية جيبوتية اسمها “حسنا محمد يوسف” وشخص آخر عرض تعاونه معي لإطلاق المحركات المحتجزة واسمه “مرتم” وطلب مني ألف دولار، حيث أن ثمن المحرك الصغير مليون ومائتين والكبير بنحو مليوني ريال، بعد ذلك صادر “مرتم” المحركات وهددني بالسجن، فتدخل شيخ مشايخ “دلي” واسمه محمد جازة وأعاد لي المحرك الكبير وباعوا المحرك الصغير لهم”..

وتكشف نجاح عن دور التمثيل الديبلوماسي لليمن في جيبوتي بقولها: “السفارة اليمنية هناك بدون سفير، والقنصل العديني تعاون معي بالإضافة إلى شخصٍ آخر في شؤون الجالية، وساعدوني بالمصاريف، وبلغت خسارتي سبعمائة ألف ريال إلى جانب ما خسرناه بإحراق السفينة ومصادرة المحرك الصغير، وبعدها عدت إلى اليمن في تاريخ 17/5/2013 على متن سفينة شحن تحمل أبقار.

وتضيف: “أخي علي عايش أصيب في 2006 عندما كان عمره 14 سنة برصاصة في ساقه اليسرى، أطلقها أحد جنود اللواء الذي كان مرابط هناك، وتركوه ينزف والشظايا ما زالت في ساقه حتى اليوم دون أن يعالجوه أو يقوموا بتعويضه، كان العسكري يمازح زميله فأطلق رصاصة بشكل عشوائي فأصابت أخي وهو في الحارة، ورغم حضور عضو مجلس النواب في المنطقة “البيضي”، وعضو المجلس المحلي “غبرة” والشيخ محمد علي يحيى وشخصية مؤتمرية، واتفقوا معنا ووقعوا على أن الحادث خطأ ووعدوا بتعويضنا لكننا لم نستلم شيئاً حتى اليوم، والشظايا ما زالت في ساق أخي وأطالب عبر صحيفتكم بتعويضه والالتفات إلى مديرية باب المندب..

تؤكد “نجاح” أن منطقتها أصبحت طريقاً لتهريب كل شيء، حتى البشر، كل مهرب يبيع للآخر البشر المهربين لإدخالهم إلى السعودية، ويأخذون عن الواحد 2000 ريال سعودي مقابل إدخاله إلى اليمن و 5000 ريال سعودي مقابل إيصاله إلى السعودية، ومن يعجز عن الدفع يواجه الإهانات والضرب، والجوع بصورة غير إنسانية، وتبدأ شبكة المهربين من أفريقيا وتمر بالبحر وصولاً إلى الأراضي اليمنية ومنها إلى الحدود السعودية، وبعضهم يشترون الصوماليين ويقودونهم إلى مخيم “خرز” للاجئين.. وكل شخص له قيمة فمثلاً إذا كان من الصومال فقيمته نصف قيمة الأثيوبي.

وعن مستوى الخدمات في المديرية تقول: “مديرية باب المندب لا ماء فيها ولا كهرباء ولا خدمات، حتى الخدمات الصحية حكراً على العسكر الذين فتحوا لهم دكاكين لاستغلال الناس تحت مسمى معالجة وخدمات، ومحطة كهرباء المخاء لا تصل الطاقة الناتجة عنها إلى باب المندب، ومؤخراً صرفوا مولداً كهربائياً ووضعوه تحت تصرف شيخ ويديره مدرس لا يداوم في المدرسة، وفرضوا على كل مواطن ألف ريال أسبوعياً والذي لا يدفع يكون جزاءه الشتم والحرمان من الكهرباء، أما ما يتعلق بالمدارس فهي في أسوأ حال والاختبارات والشهائد بيع وشراء، تصور أن الطالب في الامتحانات الأساسية يدفع 4 آلاف ريال لكل مادة من أجل أن ينجح وفي الثانوية 8 آلاف ريال لكل مادة، ومن يدفع ينجح بتفوق ومن لا يدفع يحصل على أقل من حقه..

وتختتم نجاح حديثها بالقول: “نطالب بحقوق الناس في باب المندب وتريد الجمارك من المشايخ وتوفير الخدمات للناس لنضع حداً لكل الظواهر السلبية ومنها التهريب”.

زر الذهاب إلى الأعلى