أهلاً بكم في الموقع الإخباري الأول في اليمن ، موقع يمنات _ yemenat.net

تحليلات

أجندات خفية وراء الأزمة السياسية والاقتصادية والانفلات الأمني

يمنات – خاص – أنس القباطي

بدأت تظهر في الأفق بوادر أزمة سياسية بين طرفي التسوية بموجب المبادرة الخليجية، من خلال التسريبات التي تداولتها وسائل إعلام عن تغيير حكومي سيطيح برئيس الحكومة باسندوة، الذي لا يزال خارج الوطن.

تضاربت الأنباء في بادئ الأمر بين مؤكد ونافي لتغيير رئيس الحكومة، للتحول هذه التسريبات إلى تأكيد الإطاحة به، والانتقال إلى التكهن بالبديل القادم.

وشنت وسائل إعلام محسوبة على القوى التقليدية خلال هذا الأسبوع حملة منظمة وممنهجة على الوزير الاشتراكي واعد باذيب، الذي رجحت كثير من الأنباء أن يكون خليفة باسندوة باعتباره يملك رصيدا ناصعا وسجلا أبيض، منذ إدارته لوزارة النقل، التي حقق من خلالها نجاحات عدة.

مراقبون اعتبروا الحملة على باذيب نوع من الهستيريا باعتبار باذيب مهددا لمصالحهم ونفوذهم وسيطرتهم.

ويرى متابعون أن الهجمة على باذيب من قبل القوى التقليدية، مؤشر على وجود أزمة سياسية داخل اللقاء المشترك كطرف في التسوية، وداخل الحكومة التي تمكنت القوى التقليدية من السيطرة على القرار فيها، عن طريق التوغل في مكتب رئاسة الوزراء والوزارات السيادية، التي صارت معظم قراراتها الهامة تأتي من خارج المكاتب.

هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، ولكنها امتداد لتراكمات وأخطاء سابقة، منذ تشكيل حكومة الوفاق أواخر العام 2011م.

تقاسم الحقائب الوزارية وإسناد كثير من الحقائب، لشخصيات بعيدا عن التخصص، كان استجابة لرغبة أطراف، كانت ولا زالت تحرك البيادق من خلف الكواليس، ما أدى إلى تصادم بين مصالح هذه الأطراف، حتى وصلت الأمور إلى ما نحن عليه اليوم.

ولعل الأخطر فيما يجري اليوم وجود مؤشرات على أن أزمة أخرى وحالة من عدم الثقة، بدأت تظهر منذ افتتاح مؤتمر الحوار بين مؤسسة الرئاسة والحكومة، والتي فاقمت من تدهور الوضع الاقتصادي والأمني بالذات، والتي مردها تضارب المصالح بين القوى المتنفذة، التي تسعى لتجيير الحكومة باتجاه يخدم أجندات تسعى لتنفيذها، بهدف إسقاط مختلف مراكز القرار في أيديها، تمهيدا لديكتاتورية قادمة مرجعيتها العسكر والمشائخ والفقهاء.

 

وظهرت الأزمة السياسية مترافقة مع أزمة اقتصادية، كشفت عوارات حكومة الوفاق، وفشل المبادرة الخليجية، التي صار الكثيرين مؤمنين بأنها مجرد قنبلة مؤقتة لتفخيخ مستقبل البلد، على اعتبار أن فرقاء الأمس الذين وجهوا فوهات الدبابات والمدافع ضد بعضهم، غير عابئين بمستقبل البلد، لا يمكن أن يساهموا في بناء هذه المستقبل أو تعبيد الطرق للوصول إلى إليه، وأن الأزمة التي كانت تعتمل في نظام الحكم قبيل ثورة الشباب السلمية، بين مراكز النفوذ، عاد شخوصها لإدارتها من جديد عبر ممثلين جدد بعد تغيير اسم المسلسل.

الأزمة الاقتصادية التي باتت تهدد بفشل الحكومة، وربما انزلاق البلد إلى مستنقع الفوضوى، يراها البعض مخطط يرمى إلى تنفيذ اجندات إقليمية ودولية، تهدف إلى تهيئة الأرضية المناسبة لتدخل دولي أو إقليمي، وربما تقسيم البلد بهدف الاستفادة من موقعه الاستراتيجي.

رعاة المبادرة الذين تعهدوا ليلة الاقتراع على تزكية هادي رئيسا للبلد بمشاركة اليمنيين آمالهم وتطلعاتهم لمستقبل أفضل، يقفوا اليوم متفرجين عما يحصل في البلد، الذي تديره مراكز قوى متصارعة، ما يعني أن هناك من ينتظر سقوط الضحية ليحصل على نصيبه.

 

كان اليمنيون يعلقون آمالهم على مؤتمر الحوار الوطني، لكن كوابح كثيرة اعترضت طريقه، ذهبت بكثير من الآمال أدراج الرياح.

ولعل عدم حضور فصائل الحراك الجنوبي الأكثر شعبية وتأثيرا في الشارع الجنوبي، أفقد مؤتمر الحوار بريقه المنتظر، وخلق حالة من الإحباط لدى الكثيرين من أبناء الوطن، الذين تعاموا عن الارهاصات التي سبقت انعقاد المؤتمر، والتي كانت معطيات للاستفادة منها في الوصول إلى الحل النهائي للمسألة الرياضية المعقدة التي مر بها الوطن منذ العام 2011م.

فالقوى التقليدية التي تلقت ضربات موجعة خلال السنوات الخمس الأخيرة من حكم صالح، أصبحت اليوم أكثر قوة وشراسة، وتسعى بكل إمكانياتها لتجيير نتائج مؤتمر الحوار بما يخدم استمرار سيطرتها.

هذا الصراع الذي يبدو اليوم على أشده وتلازمه أزمة اقتصادية وانفلات أمني، يعيد الأوضاع إلى أجواء ما قبل حرب صيف 1994م، التي تركت شرخا في النسيج الاجتماعي والسياسي في البلد، والتي تعد أزمة اليوم واحدة من نتائجه الكارثية.

وبالتالي فإن اللجوء إلى خيار الاستفراد بالحكم البلد عن طريق إغراق البلاد في مستنقع الفوضى، والتجهيز لإظهار المنقذ من عبأة القوى المتحالفة لاجتياح الجنوب أو أحدها، يعد بمثابة تأجيل لأزمة قادمة، ستطيح بكل الآمال وستنسف كل الجهود التي تسعى لإنقاذ البلد من التشظي والدمار.

زر الذهاب إلى الأعلى