فضاء حر

قراءة وطنية تحررية ناقضة لمبادرة الرئيس الأسبق علي ناصر

يمنات

عبد الجبار الحاج

كل نقاش او تفاوض او حوار يتجاهل وضع اليمن الواقع تحت الاحتلال هو نهج ممالئ ومتواطئ مع العدوان، وكل حديث منمق عن السلام وايقاف الحرب هو تغريد من برج عاجي بغرد خارج المشكلة او هو رقص على الدم ودفن لحقائق الصراع في اليمن سواء الصراع بين اليمن وطنا وشعبا مع القوى الاحتلالية الغاشمة او الصراع في اليمن بين الشعب وقواه الحيه في مواجهة النخب الفاسدة والخائنة التي وقعت مواقع القرار والمصير والتحكم بين يديها …

وبداية فقد تزامنت مبادرة الرئيس الأسبق علي ناصر مع تقرير الخبراء وبالتالي فما ورد في التقرير وبنوده من اجندات واهداف ترمي فيما ترمي الى السير في سياق تثبيت وقائع سياسية ترجح اهداف العدوان وبالسياسة ويتوظيف الغطاء الدولي للهيئة الدولية الاممية وفرض اهداف العدوان بالسياسة ما ستعجز وعجزت عنه الحرب وعلى اية حال فالتقرير وما جاء فيه موضوع سأتناوله في جملة حلقات نقضا او نقدا او تفنيد لمحتوياته ومضامينه وبالتالي كشفت علنا عن توائمها مع العدوان في المرامي والمضامين المخبأة في طياته .

في الكلمة التي القاها الرئيس علي ناصر محمد اثناء مشاركته في مؤتمر فالداي العالمي الذي يقام سنويا في مدينة موسكو يأتي انعقاده خلال الاسبوع الماضي للمرة الثالثة وجاء المؤتمر هذا العام بعنوان : روسيا في الشرق الاوسط : اللعب بكافة المجالات .. و أؤكد من جديد أن الحل يكمن في:

1- إيقاف الحرب وتوفير مناخ سياسي ملائم للحل.

2- الشروع بعد وقف اطلاق النار بخطوات لاستعادة الثقة بين المتصارعين بموجب الخطوات التالية:

أ‌- تشكيل مجلس رئاسي لادارة المرحلة الانتقالية.

ب‌- تشكيل حكومة توافقية من كافة المكونات السياسية.

3- تشكيل لجان عسكرية محلية واقليمية ودولية لجمع السلاح الثقيل والمتوسط من الجماعات المسلحة ومركزتها تحت سلطة وزارة الدفاع الوطنية.

4- البدء في حوار بين كافة المكونات السياسية والاجتماعية للتوافق على شكل الدولة الفيدرالية وقيام الدولة الاتحادية من اقليمين.

5- تشكيل لجنة دستورية لتنقيح المشاريع الدستورية المطروحة.

6- تشكيل لجنة انتخابية لوضع الأسس لأجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. اذ ان الاحتكام الى صناديق الاقتراع ستجنب شعوبنا المجابهات العسكرية بكافة اشكالها.

7- عقد مؤتمر دولي لتمويل وإعادة إعمار مادمرته الحرب.

8- دعم مجلس الامن الدولي لهذه الخطة بحيث تكون ملزمة وقابلة للتنفيذ تحت اشرافه.

كل تسليم بان حل المشكلة اليمنية ليس يمنيا دائما ولا يمكن ان يتم الحل الا بتوافق اطراف اقليمية ودولية . وحيث يقول بكلمته بالنص :

(بكل اسف، وهذه حقيقة، لم يعد الحل اليوم بيد اليمنيين، بل بيد اللاعبين الكبار في الأقليم، وفي المجتمع الدولي، ففي يدهم العقد والحل… لهذا ندعوهم ان يساعدوا بلدنا و شعبنا على وقف الحرب )..

ثم يردف القول في مقدمة ( المبادرة ) في كلمته :

(من تجربتنا في العديد من الحروب في اليمن والمنطقة ومنها حروب الجمهوريين والملكيين (1962-1967) والتي لم تتوقف الا بعد ان اتفق الزعيمان الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل بن عبد العزيز على وقفها لأن تجار الحروب لم يكونوا يريدون نهاية لها والذي كان يدفع الثمن الشعب اليمني ومصر والسعودية).

وعلى اساس من منطلقات ومواقف التزمتها كمحددات ومبادئ انطلق منها في اتخاذ الموقف من المبادرات او المفاوضات او السياسات او حتى تقارير وبيانات الامم المتحدة ومجلس الامن وقرارات اممية تجاه الحالة اليمنية فانني انطلق منها في التعاطي مع مبادرة الرئيس الأسبق علي ناصر محمد .

اذا ذهب الرئيس ناصر في مبادرته من منطلقات ومن فهم وسياقات ترسخت لدى نخب السياسة اليمنية المهترئة الى ان الخارج هو الحل والملجأ وهكذا وقع علي ناصر تحت تاثير هذا الفهم الذي لا يجد الحل من داخل اليمن لصالح الوطن والشعب بل الحل من الخارج لاعادة انتاج صانعي الخراب انفسهم …

وهكذا تجسدت في مبادر منطلقات ومقدمات ذهبت الى تعميق هذا الاعتقاد مستشهدا وعلى نحو قدم فيه الحرب يمنية يمنية خالصة سنوات الستينات معتبرا اياها بكونها حرب اطراف اقليمية مثل طرفيها مصر عبدالناصر والسعودية .

وهكذا كانها لم تكن بين قوى التغيير في الثورة وقوى الثورة المضادة التي تصنعت سعوديا وكان التدخل السعودي قد فرض دعما ثوريا من عبد الناصر لشعب اليمن المنخرط في اتون حركة تحرر عربية .

الحقيقة ان هذا النوع من التسليم المطلق بان اليمن خلقت لتكون ساحة حروب اقليمية ودولية . وفي المقابل يقع هذا التسليم في تناقض مطلق حين تُقدم الحرب على اليمن بصفتها حرب يمنية يمنية . وهكذا يتحول العدوان وكل عدوان واحتلال من قبل الاجنبي الاقليمي والدولي الى حمام سلام بين اليمنيين المتقاتلين بلا هدف !!!

وانا هنا اسعى الى الوقوف امام مبادرة الرئيس على ناصر لاتخامرني مطلقا اية افكار من نوع محاولة التقليل من حجم ومكانة الرئيس على ناصر . وبما فيه ويحمله من تجارب في السياسية وتاريخ معاصر عاصره في تجربة حركة التحرر الوطني بحضوره الفاعل في مجراها ومخاضاتها ومنعطفاتها ليس على الصعيد اليمني فحسب بل وحضوره القومي والعالمي في تجربة حركات التحرر الوطني التي كانت اليمن الديمقراطية واحدة من اهم قلاعه المعادية للامبريالية والرجعية والصهيونية ..

وفي ظرف تعيش فيه اليمن الان مخاطر تهدد بالقضاء على هويته الجامعه بل تهدد بفنائه وتعيش واقعا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحالة وطنية تستدعي من الرئيس علي ناصر ان يتعاطى مع المشكلة اليمنية من منطلقات تستوجب منه ومنا جميعا النهوض بمهامات وطنية كبرى لا تحل فيه المشكلات ولا تخرج اليمن مما هي وشعبها فيه الا عبر ايجاد حركة تحرر وطني شامل ..

يعي الرئيس علي ناصر ان واقع الاحتلال في كل زمان ومكان لا يواجه ويسقط ولا ينجز الاستقلال والتحرر والسيادة الا بهكذا حركة تقود نضال الشعب اليمني شمالا وجنوبا دون التنازل عن شبر واحد وقع تحت الاحتلال سواء احتلال اليوم او تلك الاحتلالات التى وقعت فيها احزاء واسعة من اليمن خلال قرن من الزمن .

يعرف الرئيس على ناصر اكثر منا وهو الرجل الذي عاصر محطات الصراع واسبابه من موقعه كاحد قادة الجبهة القومية في الكفاح المسلح ضد الاستعمار والاحتلال لجنوب اليمن وهو الرجل الذي تبوأ وظل يتقدم في سلم السلطة حتى وصل الى موقع الرجل الاول ويدرك كل تفاصيل وخفايا الصراع الاقليمي والدولي الناتج عن اطماع تشكل فيه السعودية ومشيخات الخليج ادوات وواجهات ووكلاء وممولين لقوى دولية ذات اهداف ليست خافية على احد من المهتمين فما بالنا بالرئيس علي ناصر.

كان علي ناصر منذ نهاية الستينات والسبعينات وفي خضم الاطماع الاسرائيلية في المندب وقضايا التجسس والقبض على الجواسيس وضرب سفينة محملة بالنفط الى اسرائيل واجتماعات ووفود الجامعة العربية ويدرك الكثير مما لايتسع مجالنا وما يدركه اكثر منا جميعا .

ولم يكن على ناصر بعيدا عن تفاصيل الصراع بين توجهات اليمن الديمقراطية والاطماع الاسرائيلية في البحر الاحمر وباب المندب والتي كانت منذ الستينات والسبعينات واليمن الديمقراطي كانت طرفا رئيسا في مواجهة وصد هذه الاطماع وتحملت عبئها كثيرا وفي مرحلة الرئيس الحمدي تشاركت قيادة الشطرين هذا العبئ وصولا الى مؤتمر البحر الاحمر في تعز والذي كان واحدا من الدوافع السعودية للتعجيل باغتياله في نفس العام .

خلت مبادرة الرئيس على ناصر من الاشارة والوقوف بجدية عل وضع اليمن الواقع جزء كبير منه تحت الاحتلال السعودي والاماراتي وما هو الموقف من العدوان ودوله وماهو مصير هذه القوات الاجنبية من واقع الاحتلال قبل واثناء الوقوف على اجراءات وقف اطلاق النار .

بصرف النظر عن شخصية ناصر ومكانته ومواقفه التي تنم عادة عن خلاصة تجربة سياسية تعلم منها خارج السلطة اضاف اليه من التجارب الى ما تعلمه وهو في راس النظام اليمن الديقراطي او كواحد من صناع القرار .

تربطني بالرئيس ناصر علاقة صداقة وقضايا كانت محل نقاش وتفاهم وخاصة في محطة فبراير وقضايا الحراك معا وما تلاها. ولذلك من هذه المكانة للرجل ومن موقع الصديق والحريص توخيت ان انبه الرجل الى النظر الى مشكلات اليمن بان حلها بالدرجة الاولى وطني يمني في مواجهة عدو خارجي طامع معتد ومحتل وبالتالي فالحل في توحيد حركة تحرر وطني شامل يوحد اليمنيين وانجازه يقلل من حجم المشكلات الخاصة فيما بين اليمنيين.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى