أخبار وتقاريرإختيار المحررالعرض في الرئيسة

“ترجمة” دهاليز الديبلوماسية الأمريكية في الحرب على اليمنيين وتجويعهم .. النهج المتشدد للسفير الأمريكي لدى اليمن يشوش على جهود السلام

يمنات – خاص

وفقاً لصحيفة الانترسبت الاستقصائية الأمريكية: استغرقت إدارة أوباما طوال 2016 بفكرة محاولة عزل الحوثيين عن طريق قلب صالح ضدهم. والتقى بيلوفسكي وهو مدير رفيع لليمن في مجلس الأمن القومي في إدارة أوباما بأقارب صالح سرياً لمناقشة شروط انقلاب صالح على الحوثيين. وما أن طالب صالح بالمقابل بإعادة تنصيبه رئيسا توترت الإدارة بشأن هذه الفكرة واعتبر السفير الأمريكي تويلر الرئيس صالح فاسداً وانتهازياً واحتقر فكرته باستعادة الرئاسة. ولاحقاً مع تزايد التوترات بين صالح والحوثيين بحلول سبتمبر من 2017 أعاد تويلر النظر في فكرة استغلال الشرخ وأبلغ وزارة الخارجية الأمريكية عن احتمالية حدوث انشقاق بين صالح والحوثي وعن الفرصة الكامنة التي يمكن للولايات المتحدة الاستفادة منها، فاقترح أن تعد الخارجية الأمريكية استراتيجية حول كيفية استغلال التوترات، بيد أن الاستراتيجية الجديدة لم تتضمن خطة انسحاب لـ صالح وقُتل أثناء محاولته الفرار من المدينة بسيارة.

كيف انتهج تحالف السعودية أساليب عمدية لتجويع اليمنيين وصناعة الكارثة الإنسانية وكيف تورطت الولايات المتحدة بالتشارك العملي في نهج حرب التدمير والتجويع مع سبق التهديد؟ من القصف التدميري إلى خطة سلام أحادية الجانب والتهديد بالحرب الاقتصادية عبر الحصار وقصف البنية التحتية التي من أهمها تدمير الرافعات في ميناء الحديدة ونقل البنك المركزي ومنع دخول الإغاثة

ترجمة خاصة بـ”يمنات”

أليكس ايمونز – صحيفة الانترسبت

أغار سرب من الطائرات الحربية حائماً فوق مدينة الحديدة الساحلية اليمنية في ليلة من ليالي منتصف أغسطس 2015. شن التحالف الذي تقوده السعودية حملة قصف مدمرة مذ ربيع ذلك العام. وظلت الولايات المتحدة تساعد التحالف في الاستهداف متحججة بأن إشرافها الدقيق على الضربات الجوية من شأنه أن يخفف من الخسائر المدنية.

وفي تلك الليلة قامت الغارة التي شنها التحالف بهدم مرفأ السفن، فدمرت خمس رافعات ضخمة كانت أساسية وضرورية لتفريغ سفن الشحن. وتعتبر مدينة الحديدة اللصيقة بشاطئ البحر الأحمر نقطة دخول لما يقرب من 80 في المئة من المواد الغذائية المستوردة في اليمن.

ومع دمار الرافعات تباطأ تدفق السلع إلى البلد إلى مستو ضئيل، فسارع المجتمع الدولي إلى درء المجاعة. تبرعت الحكومة الأمريكية بـ3,9 مليون دولار لبرنامج الغذاء العالمي لشراء رافعات جديدة والتي استغرقت شهورا عديدة للوصول. وما أن شارفت على بلوغ المقصد قام التحالف بقيادة السعودية بمنع دخول السفينة التي كانت تحملها. وفي ظل تسارع المجاعة أبحرت الرافعات عائدة إلى دبي. واتهمت منظمات المعونة التحالف بانتهاج استراتيجية متعمدة لتجويع اليمنيين أدت إلى أسوأ أزمة إنسانية في القرن الواحد والعشرين.

وبالرغم من أن الولايات المتحدة دفعت ثمن الرافعات، فإن أحد كبار الدبلوماسيين الأمريكيين عارض تسليمها. وحاجج ماثيو تويلر، السفير الأمريكي لدى اليمن إنه لم يكن هناك من طائل لتسليم المعدات لأنها قد تُدمر إما بقنابل التحالف أو المعارضة الحوثية أو هجوم عسكري مستقبلي من جانب الإمارات العربية المتحدة.

ولم يجري تسليم الرافعات حتى الآن. ووفقا لما ذكره عديد من المسؤولين الحاليين والسابقين في وزارة الخارجية، فإن النكوص كان مزية ملازمة لـ تويلر السفير الأمريكي الأول المعني بالارتباط الديبلوماسي مع التحالف السعودي والذي طالما اتخذ مواقف متعاطفة مع السعوديين ومعادية للمتمردين الحوثيين.

وكان تويلر ولا يزال شخصية مركزية في مفاوضات السلام، التي لم تؤد إلى اتفاق سلام أو وقف دائم للأعمال العدائية. وفي الوقت الذي تعثرت فيه المحادثات انتشر وباء الكوليرا ليصبح خارج السيطرة، وضعفت البنية التحتية للدولة لتستحيل خراباً، ومن المتوقع أن يموت نحو 50 ألف طفل من المرض والمجاعة مع حلول نهاية هذا العام.

وتستند هذه الصورة التي نقدمها هنا عن تويلر ودوره في مفاوضات السلام الفاشلة إلى مقابلات مع ستة من كبار المسؤولين الحاليين والسابقين في وزارة الخارجية والأمن القومي الذين عملوا بشكل وثيق مع تويلر. وطلب جميعهم إخفاء هوياتهم كيما يقومون بتشارك التفاصيل الحساسة دبلوماسيا.

تويلر هو موظف مسئول في الخدمة الخارجية وشغل وظائف في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وعمل في مصر والعراق والكويت. خريج جامعه بريغنهام يونغ ومدرسه كينيدي الحكومية في هارفارد وأب لخمسة، وتدرج تصاعدياً في صفوف وزارة الخارجية، واكتسب سمعته كدبلوماسي يحظى باحترام كبير ومعرفة عميقة. وأصبح سفيرا لدى الكويت في عام 2011 ، ولفت قليل من الانتباه العام بصرف النظر عن المصادفة التي تجري مع كيم كارداشيان.

وفي الوقت نفسه، هددت احتجاجات الربيع العربي عرش الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي حكم منذ فترة طويلة. وتولى عبد ربه منصور هادي، نائب صالح، قيادة الحكومة كجزء من اتفاقية تم التوصل إليها بوساطة دولية. وجرى تعزيز سلطته لاحقاً بانتخابات بمرشح وحيد لم يظهر فيها إلا اسمه في صناديق الاقتراع.

ولكن في محاولة منه للعودة إلى السلطة، شكل صالح تحالفاً مع أعدائه السابقين، الحوثيين. وفي 2014 اقتحموا العاصمة ووضعوا هادي تحت الإقامة الجبرية. وقد فر هادي من البلاد في مارس 2015؛ وبعد ذلك بوقت قصير، بدأت المملكة العربية السعودية حربها الجوية لإعادته إلى السلطة.

وينحدر الحوثيون أساساً من الطائفة الزيدية وهي جماعة شيعية حكمت مملكة لمدة ألف سنة في شمال اليمن حتى 1962. ووفقا لما ذكره زعيمهم عبد الملك الحوثي، فإنهم يقودون ثورة وطنية ضد المسؤولين الفاسدين والمتطرفين الإسلاميين وحلفاءهم الأجانب. ومع ذلك، فان الجماعة نفسها تدعمها إيران مع أن مدى دعم إيران ونفوذها كثيرا ما يكون مبالغاً فيه. وحذرت إيران الحوثيين بألاَ يقتحموا العاصمة، على سبيل المثال، ولم يستجب الحوثيون لتحذيراتها، وهو قرار يمكن القول انه قد حرك الأزمة التي تعصف بالبلد اليوم.

وقد جرى اتهام الحوثيين أيضاً بارتكاب العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، من سجن الصحفيين والنشطاء، إلى تقييد تدفق الأغذية إلى تعز، ثالث أكبر مدن اليمن.

وقد جرى تعيين تويلر سفيرا لدى اليمن في مارس 2014، وبعد ذلك بعام قامت الولايات المتحدة بإجلاء سفارتها في صنعاء. كانت السعودية ومؤيدوها في الغرب، بما في ذلك إدارة أوباما، يتوقعون أن تنتهي الحرب بسرعة. وكان قرار مجلس الأمن 2216 التابع للأمم المتحدة طالب الحوثيين بالانسحاب ورفع يده عن الجيش وأكد أن هادي هو الرئيس الشرعي.

كانت هذه بمثابة شروط منتصر يعرضها لعدو (يفترض أنه) مهزوم. ومع ذلك، كان من الواضح أن الحرب لن تنتهي بسرعة بحلول نهاية 2015. ومع انشغال وزير الخارجية جون كيري بأزمات أكثر إلحاحاً، مثل الوضع في سوريا، تركت الديبلوماسية لـ تويلر الحبل على الغارب ليتولى إدارة الأمور بسياساته الخاصة.

ووفقاً لمسؤولين حاليين وسابقين وفي وزارة الخارجية، ألقى تويلر بثقله مسانداً خطة سلام أحادية الجانب خاصة بهادي والمملكة السعودية استندت إلى قرار الأمم المتحدة رقم 2216. ويقضي هيكلها بأن يسلم الحوثيون مباشرة أسلحتهم ويغادرون العاصمة، مع الإبقاء على مستقبلهم السياسي غير محدداً. على أن تقرر المحادثات اللاحقة ماهية الدور الذي يمكن أن يسند للحوثيون في الحكومة اليمنية المستقبلية.

كما تقضي الخطة أن يثق الحوثيون أن الأطراف التي كانت حينها تقوم بقصفهم سوف تمنحهم حصة. لقد بدا من غير الواقعي أن بعض النقاد يشتبهون في أنه كان عرضاً ماكراً ومعيقاً عن قصد من قبل هادي يهدف إلى تقويض المحادثات. وقال أحد الديبلوماسيين لـ رويترز: “بوضع مصالح المحادثات مرتفعة جداً عن علم، بحيث لا يقبلها الجانب الآخر”.

وقال مسؤولون حاليون وسابقون في وزارة الخارجية إن تويلر الذي مثَل الولايات المتحدة في محادثات السلام التي بدأت في 2015 لم يضغط علي السعوديين أو هادي لعرض شروط أفضل على الحوثيين. وعلى سبيل السياسة، عارض السيد تويلر أن يكون للحوثيين أي دور في حكومة اليمن المستقبلية. وبدلا من ذلك أخبر الحوثيين بأنه ينبغي عليهم الموافقة علي الخطة قبل أن تتفاقم الحالة الإنسانية.

وقال محمد عبد السلام المتحدث باسم الحوثي والمفاوض عنه في وقت لاحق ان تويلر ذهب إلى ابعد من هادي أو السعوديين في الضغط عليه لقبول الصفقة. وحد قول عبد السلام هدد تويلر بأن التحالف سوف يشن حرباً اقتصادية على اليمن إذا لم يقبل الحوثيون الاستسلام الفوري.

وقال عبد السلام في خطاب ألقاه في 2017 “إن الاجتماع الأخير كان مع السفير الأمريكي والسفراء الـ 18″. وقال:” عليك قبل الاتفاق إما أن توقع عليه أو ستواجه حصار اقتصادي. سوف ننقل البنك ونصد الواردات ونغلق مطار صنعاء”. هذا هو بالضبط ما قاله بحضور الجميع”.

وكانت مصادر متعددة في واشنطن اطلعت على المفاوضات أفادت إن رواية عبد السلام تتفق بالفعل مع موقف تويلر بأن الحوثيين كان عليهم قبول الاتفاق كما هو، والا فإن الشعب اليمني سيواجه تدهورا في الأوضاع الإنسانية حتى وان لم تكن المصادر في الغرفة للمحادثة.”

ما إذا كان تويلر هو صاحب هذا التهديد المحدد من عدمه، يبقى من الجدير بالذكر إن المفاوض الحوثي سوف يخرج مثل هذه التهمة إلى العلن. وعند أقل تقدير فإن تصريح عبد السلام يوحي بعدم الثقة العميقة بين تويلر وطرف رئيسي في الصراع.
ومع حلول ربيع 2016، أي بعد مضي أكثر من عام من الحرب، بدأ البيت الأبيض في عهد أوباما ووزارة الخارجية بالتساؤل عن السبب الذي دفع تويلر بمثل هذه الخطة من جانب واحد.

وفي في مايو 2016، أرسل جون فينر وهو رئيس طاقم جون كيري بريداً إليكترونياً إلى تويلر يسأله كيف لم يدعم تشكيل حكومة وحدة وطنية. بحيث ستضم مثل هكذا حكومة أعضاء من مختلف الفصائل بما يعطي الحوثيين حصة على هيئة مناصب وزارية أو أدوار أخرى.

وكان البريد الإليكتروني واحداً من عديد مداولات مع تويلر والذي تم توزيعه على نطاق واسع في جميع أنحاء وزارة الخارجية. وقد تحصلت صحيفة الـ إنترسبت على وصفاً لمحتوياتها ومضامين اتصالات أخرى مع تويلر بشأن الموضوع كما أكدها للصحيفة عديد من المسؤولين السابقين.

وقد أعقبت مخاوف فينر مخاوف جديدة لدى إريك بيلوفسكي وهو مدير رفيع لليمن في مجلس الأمن القومي لإدارة أوباما، والذي كتب بدوره أيضا إلى تويلر مباشرة. وحث فينر وبلوفسكي في رسائلهم الإليكترونية إلى تويلر بالعودة إلى الإطار الذي اشترطه قرار الأمم المتحدة رقم 2216 وبعرض شيء على الحوثيين يمكن أن يقبلونه بالفعل.

ورد السيد تويلر بالقول إن الحوثيين كانوا يتفاوضون بسوء نية. وقال إن صالح سبق أن انتهك الاتفاق الذي جرى التوسط بشأنه دولياً والذي نصب هادي في سدة الحكم، وقال كيف لن يجرى انتهاك الاتفاق المستقبلي الذي حدد لهم دورا محدودا في الحكومة؟

وجرى تعميم المداولة الكاملة للأخذ بالآراء المختلفة على نطاق واسع في نطاق وزارة الخارجية، ووصف عديد من المسؤولين السابقين محتوياته وأكدوها. ورفض فينر وبلوفسكي على حد سواء التعليق عليها.

ومع تمديد زمن المفاوضات بدأ مسؤولو وزارة الخارجية في العاصمة يشعرون بأنهم كما لو كانوا مغيبين عما كان يفعله تويلر بالتحديد. وقد دفع ذلك موظفي كيري إلى تلقي مزيد من التحديثات المتكررة. وعندما ظهرت تقارير صحفية عن وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، ضغط فينر على تويلر مرة أخرى: كيف لم يدفع بالمفاوضات نحو فكرة حكومة وحدة وطنية.

إلا أن تويلر قدم في هذه المرة ردا مختلفا، مفاده أنه سبق وأن نقل إلى العاصمة (واشنطن دي سي) انه يعتقد أن حكومة وحدة وطنية ستكون أقل حرصاً على خدمة مصالح الولايات المتحدة في اليمن. ستكون أقل تقبلا لـ وانفتاحاً على جهود الولايات المتحدة في مكافحة القاعدة في اليمن، كما إنها لن تؤمن الحدود الجنوبية للمملكة السعودية. (ومن المفارقات أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يقاتل في الواقع إلى جانب التحالف وضد الحوثيين).

وأرسل كيري إلى تويلر مجموعة جديدة من التعليمات يوجهه فيها تغيير نهجه. وأخبر كيري تويلر إنه بحاجة لأن يعد الحوثيين بدور في الحكومة المستقبلية وأن الخطط الخاصة بنزع سلاح الحوثيين وانسحابهم يجب أن تتحقق تدريجيا لنؤكد لهم إن المجتمع الدولي سيحترم اتفاقهم. وأخيرا وجد كيري أيضا أن هادي زعيم غير فعال ويعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن تكف عن طلب عودته رئيس للدولة.

إلا أن وزير الخارجية لم يثق بأن تويلر سينفذ تعليماته، وارتأ كيري انه يتعين عليه المشاركة في المحادثات للدفع بمقاربة جديدة، وقضى الجزء المتبقي من 2016 في المشاركة في مفاوضات السلام اليمنية. بل إن كيري التقى شخصيا بممثلي الحوثيين الذين كانوا يشعرون بالإحباط من تويلر. وفي الوقت نفسه قال تويلر إن تدخل كيري شخصيا في المحادثات كان سابقا لأوانه ولن يحصل على النتيجة التي يطلبها كيري.
وفي تصريح لها لـ الإنترسبت وصفت المتحدثة باسم وزاره الخارجية هيذر نورت تويلر بأنه “دبلوماسي متفرغ”، وقالت انه يتمتع “بالثقة الكاملة” في الإدارة الجديدة.

وقالت نورت “إن سياسة الولايات المتحدة في اليمن لا تزال دون تغيير: وهي أن نعمل مع شركائنا الدوليين لإحلال السلام والرخاء والأمن في اليمن”. وقد أيدنا باستمرار عمل المبعوث الخاص للأمم الخاصة ومفاوضات السلام الشاملة تحت رعاية الأمم الخاصة”.

وقد مددت إدارة ترامب وظيفة تويلر وهو حالياً يواصل العمل كسفير. وفي ذات الوقت تعثرت المحاولات الرامية إلى استئناف محادثات السلام. وشكك الحوثيون في نزاهة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ احمد ورفضوا مقابلته. بيد أن تويلر وقف بجانب أحمد محاججاً بأنه يجب أن يضطلع بدور في المحادثات المستقبلية.

لقد شهدت وزاره الخارجية في ظل الإدارة الجديدة أيضاً ضعفاً في دورها الدبلوماسي. وقد جرى تدوير سفراء الشرق الأوسط ومدراء الخارجية في وظائف دبلوماسية في نطاق وزاره الخارجية، بمن فيهم وزير الخارجية، وبدأوا بالتشكل كجماعة ضغط حول صهر ترامب جاريد كوشنر مباشرة. ويقال ان كوشنر كان على اتصال منتظم مع السفير الإماراتي يوسف العتيبه، وانه قام برحلة غير معلنة في وقت سابق من هذا العام للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مهندس الحرب اليمنية، قبيل أيام قلائل فقط من إطلاقه إجراءات أمنية مشددة في الداخل السعودي.

وطوال محادثات السلام اعتقد تويلر إن الحوثيين لن يتفاوضوا بحسن نية ما لم يجبروا على طاولة المفاوضات. وبعد انتهاء المحادثات الكويتية في أغسطس 2016 ناصر تويلر إلى نقل البنك المركزي اليمني من الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون. وبدت المسألة في نهاية المطاف نقطة شائكة في مراسلاته مع فينر الذي أعرب عن قلقه إزاء الآثار الإنسانية.

وحاجج تويلر بأن الحوثيين كانوا على الأرجح يستخدمون الأموال لدفع تكاليف مؤيديهم في المقام الأول وانه بنقل البنك إلى عدن فإن ذلك سيخدم الجمهور اليمني على نطاق أوسع. إلا أن المسؤولين في وزارة الخارجية كانوا متخوفين، وقبل أن تدعم إدارة أوباما هذه الخطوة، فإنهم يريدون تطمينات بأن البنك الجديد سيوزع الأموال بالفعل في سبيل مصلحة العامة.

بيد أنهم لم يحصلوا على هذه تطمينات أبداً، وحين قام هادي بنقل البنك في سبتمبر 2016 جرى ذلك بدون دعم رسمي من الولايات المتحدة، بما يعكس العلاقات المتدهورة بين تويلر والمسئولين في واشنطن، غير أن بعض المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية شكوا بأن تويلر كان قد دعم الفكرة في الرياض بشكل ناعم.

وأدت هذه الخطوة إلى تفاقم ألازمه الإنسانية ما صعبَ استيراد القمح إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون وترك حكومة الأمر الواقع في صنعاء عاجزة عن دفع أجور موظفي الخدمة المدنية والعاملين في المستشفيات.
وفي الشهر الماضي طالبت نورت المتحدثة باسم وزاره الخارجية السعودية المملكة السعودية إلى فتح موانئها أمام المنظمات الإنسانية. أنكرت نورت أن تويلر أيد أي تدابير اقتصادية قمعية في تصريح أدلت به لـ الإنترسبت.

وقالت إن “السفير تويلر لم يؤيد أبدا الإجراءات التي أدت إلى تفاقم المعاناة الاقتصادية والإنسانية في اليمن”. “أعرب السفير تويلر مرارا وتكرارا عن قلقه البالغ ودعا بقوة وبنجاح في كثير من الأحيان حكومة الجمهورية اليمنية والتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية لإزالة الإجراءات التي تسهم في الأزمة الإنسانية الجارية أو التخفيف من حدة مثل هذه الإجراءات التي سببتها الحرب في اليمن.

استغرقت إدارة أوباما طوال 2016 بفكرة محاولة عزل الحوثيين عن طريق قلب صالح ضدهم. واعتقد البعض أنه إذا أمكن إقناع صالح بقلب تحالفه معهم إلى تحالف مع المملكة العربية السعودية، فإن ذلك من شأنه أن يضرب إسفين ويشق تحالف العدو وربما ينهي الحرب. وقد اجتمع بيلوفسكي (وهو مدير رفيع لليمن في مجلس الأمن القومي في إدارة أوباما) مع أقارب صالح سرياً لمناقشة الشروط، ولكن عندما طالب صالح بإعادة تنصيبه رئيسا في المقابل توترت الإدارة بشأن هذه الفكرة.

واعتبر تويلر الرئيس صالح فاسداً وانتهازياً، واحتقر فكرته باستعادة الرئاسة. بيد أنه مع تزايد التوترات بين صالح والحوثيين بحلول سبتمبر من 2017 أعاد تويلر النظر في فكرة استغلال الشرخ. وأخبر تويلر وزارة الخارجية انه يعتقد انه من المحتمل أن يحدث انشقاق بين صالح والحوثي وأن ثمة فرصة يمكن للولايات المتحدة الاستفادة منها. واقترح أن تعد وزارة الخارجية كتاباً أبيضاً (استراتيجية) حول كيفية استغلال التوترات.

وقد شك البعض في وزارة الخارجية بأن تويلر كان على علم بالانشقاق القادم من واقع نقاشاته مع السعوديين والإماراتيين، وأنه أعطى مباركته للخطة بالمضي قدما بصمت.

ورفضت وزاره الخارجية التعليق على أي خطة لتغيير موقف صالح بالقول إن الوزارة لا تعلق على المداولات الداخلية.

وكان صالح قد عرض في وقت سابق من هذا الشهر “فتح صفحة جديدة” مع التحالف ودعا أنصاره إلى محاربة الحوثيين. وتحولت صنعاء لمدة 72 ساعة إلى ساحة حرب حيث قاتل أنصار صالح الحوثيين مدعومين بالضربات الجوية التي شنها التحالف. بيد أن الاستراتيجية الجديدة لم تتضمن خطة انسحاب لـ صالح، وقد قُتل أثناء محاولته الفرار من المدينة بسيارة.

وبعد سنوات من انسداد الأفق رحيل صالح ألقى بظلاله على مستقبل الحرب في اليمن ودخولها في حالة ضبابية عميقة. وأفادت تقارير صحفية في الأيام التي تلت مقتله عن حجب الإنترنت في جميع أنحاء البلاد.

وفي غضون ذلك هناك ما يقرب من 17 شخص على شفا المجاعة. وحذر مارك لوكوك كبير مسئولي الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة إن الوضع سيزداد سوءاً إن استمر الحصار الذي فرضه التحالف. وأضاف “قد تقع أكبر مجاعة شهدها العالم منذ بضع عقود” كما أضاف “قد تنجم عن ملايين من الضحايا”.

المصدر:

رابط المقالة باللغة الانجليزية انقر هنا

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى