العرض في الرئيسةفضاء حر

قراءة في المسار السياسي الكابح لبناء الدولة و الجمهورية

يمنات

د. فؤاد الصلاحي

مسارات سياسية تتكرر بنفس الممارسات والتوجهات التي صنعت خطايا جسيمة بحق الوطن والشعب ، ففي الستينات كانت المواقف تتغير وفق مكاسب مالية ووعود بمواقع كبيرة في الدولة فطال امد الحرب رغم هروب قيادات كبيرة لان الانتصار صنعه صغار الضباط الوطنيين والشباب المتطوع والطلاب وكانت النتيجة تصفية لغالبية القيادات وتغير مسار الدولة ونظامها الجمهوري الذي تم الاعتراف به مع خطط ممنهجة لافراغه من مضمونه عبر تشريعات وممارسات تكرس الهيمنة للتيار التقليدي.

ثم تكررت الانقلابات وكان العام 90 رغم كل التحفظات والاحترازات الا انه شكل نافذة امل جديدة تبخرت بعد ثلاثة اعوام وتكشف للجميع المشروع الجهوي والقبلي ضدا من نظام الدولة ومعاني الجمهورية وصولا الى اصطناع ازمات اقتصادية وحروب قبلية انهكت الموازنة المالية خصما من حساب التعليم والصحة والبنية الاساسية ومن مناخ الاستقرار .

ثم جاءت حركة الشباب الشعبية التي اطلقنا عليها لبعض الوقت ثورة فانحرفت رموز النظام والمعارضة بتلك الثورة وفق تحالف جديد لم يخرج عن قواعد ومرجعيات التحالفات السابقة بل تم تغيير بعض اللاعبين والفاعلين في المشهد ..ولان هؤلاء اللاعبين وفق مسرح المبادرة وتمكينهم من نصف السلطة فلم يكن لديهم اي مشروع حقيقي لاعادة البناء السياسي وهو ماعبروا عنه جهارا نهارا في اكثر من مناسبة وحوار ، ولم يكن لهم دراية ولاوعي بنوعية المخاطر المحدقة بالبلاد ارضا وشعب ولا بماستؤول اليه الممارسة السياسية من عبث وفوضى سلمت معه العاصمة للاعب جديد ظن من سلمه مفتاح الدخول اليها انه سيجعل منه حصان طرواده ثم يلقيه خارجا فكانت النتيجة ان هؤلاء اخرجوا اللاعب الرئيسي من المشهد العام والخاص ..وفي كل هذه الممارسات كان الخارج الاقليمي والدولى حاضرا بقوة وشاهدا بل ومشاركا في صناعة القرارات السياسية واحيانا متفردا في صناعتها ..

مثلما كان الحال عام 70 حيث صنع الخارج مبادرة على مقاسه وحلفائه من اليمين الجمهوري المؤمن بالقبيلبة والعصبية ومناهضا للدولة المدنية ..هو نفسه الحال اليوم حيث يتغلغل الخارج باكثر من طريقة واسلوب وبموافقة جميع اطراف الصراع وصولا الى انفلات الازمة في تداعياتها واقعيا وسياسيا من ايد اليمنيين نحو ذلك الخارج الذي يمتلك قدرات مالية ودعم دولي يوجهها نحو مشروع سياسي يخدمه اولا ويحقق بعض من مصالح اليمن ثانيا وفق اعادة بناء نخبة سياسية متعددة الجهويات متوافقة على اجندة لا علاقة لها باليمن والثورة لكنها تؤسس لنظام سياسي ضعيف سيكون نتاج مصالحة بين اطراف لم يسمح الخارج بتحقيق نصر عسكري حاسم لاحدهما على الاخر ..

من هنا تكون نقطة جذب هذه الاطراف وارتباطها بالخارج اقتصاديا وسياسيا ، فهي لم تنتصر ميدانيا لكنه يعترف بها مشاركة في السلطة وبحضورها لدى الخارج الذي يعلن دعمه المالي لها …ولان تكلفة اعادة البناء ستكون باهضة فبعض هذه التكلفة ستكون من الخارج مقابل رهن النفط والغاز والجغرافيا (موانئ وجزر) لصالح الممول الخارجي تحت مسمى تشغيل وتسويق واستثمار مع شكره مقابل ملايين قليلة لدعم حلفائه الجدد ..

الجدير بالذكر ان صنعاء تم تسليمها للقبائل كعقاب سياسي كما جرى عام 48 وعام 67 في حصار السبعين رغم المقاومة التي صدت تلك الحشود وكسر شوكتها وتم تسليمها اخير في 2014 دون مقاومة ولاقدرة على كسرهم بل الجميع يعلن الحوار معهم واقتسام السلطة غنيمة وفق منهج المحاصصة الذي تم اقراره عام2012 وفق مسرحية حوار موفمبيك ..

السؤاااال من سلم المدينة ولماذا ؟ من هم الشركا داخليا وخارجيا ومالمشروع الحقيقي لهذا المسار السياسي الذي تحول الى فوضى وعبث مع عدوان خارجي وداخلي على الشعب .. هل يمكن القول باختطاف الدولة وتدمير المجتمع ؟ ام ان اليمنيين الطامعين للسلطة ومغانمها صنعوا كل مسارات الفوضى والعبث وارتهنوا للخارج مما يجعل من النخب اليمنية وكيلا للخارج بغية تمكينها من سلطة الداخل …ام اننا ازاء وعي مجتمعي وتشكل نخب جديدة ترفض من صنع الازمات ومولها من الخارج والداخل و تأسيسا لمسار سياسي وطني تتشكل مظاهره تدريجيا لتكتمل باعلان تأسيس الجمهورية الثانية .. التي قد تكون جمهورية ذات نظام مدني ديمقراطي او جمهورية بمرجعية مناهضة للمسار المدني الديمقراطي ونكون قد عدنا مرة اخرى الى بداية القرن العشرين ومسلكه السياسي وفق نخبة مخاصمة للواقع وللتغيير وللشعب في آن واحد..؟

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى