العرض في الرئيسةفضاء حر

ثنائية الداخلية والدفاع والكرامة والقمع في بلد تحت الغزو والاحتلال الاجنبي

يمنات

محمد محمد المقالح

اذا كانت بلدك في حالة حرب وعدوان اجنبي وفي نفس الوقت تجد اعلام بلدك يتحدث عن انجازات وزاراة الداخلية اكثر من انجازات وزارة الدفاع فأعلم ان بلدك في خطر عظيم، و أن ثمة من يتعمد اشاغلك بالقمع عن تفريطه في الكرامة و عجزه في تحمل المسؤلية.

فيما العدو السعودي يتقدم في مديريات الحديدة لأول مرة منذ بدء العدوان البربري على اليمن قبل عامين ونيف و يقصف أبناء الشعب بالمدفعية على طول الشريط الحدودي لمحافظة صعدة، نجد الاعلام يغرق بأحداث صنعاء و يعمل على جعلها جبهة دائمة و متواصلة بدون توقف ناسيا ان اليمن في حالة حرب دفاعية أمام غزو اجنبي.

كان المؤمل ان يكن رحيل صالح بغض النظر عن معطيات و نتائج صراع دامي معه أودى بحياته و كان امرا محتوما و متوقعا منذ استعادتهم لدور صالح و الشراكة معه في مجلس سياسي و حكومة انقاذ قامت بلا شرعية دستورية بعد ان تخلى اصحابها عن شرعيتهم الثورية و لم تقدم للناس شيئا سوى الفساد و الفشل و هو ما يسعون و بوقاحة لادامة الوضع نفسه و بصورة هزلية هذه المرة.

على خلاف ما توقعه الثوار و المخلصون من الانصار من تغير ايجابي في المشهد اليمني بعد رحيل صالح حدث و يحدث العكس تماما و بدا المشهد متبلدا كمن عمل عملة لم يكن يدري ماذا يعمل بعدها و بدلا من تحمل المسؤلية من قبل الانصار و الاعلان عن مجلس قيادة أو مجلس عسكري لقيادة البلاد حتى الاستقلال و التحرير وفقا للاعلان الدستوري و تحمل مسؤليتهم الاخلاقية قبل الوطنية تجاه قضايا الناس المعيشية بعيدا عن الفساد و المحاصصة و تحميل كل طرف للآخر مسؤلية الفساد و الفشل و و.

بدلا من ذلك كله ذهبوا للبحث عن استمرار الشراكة ذاتها مع حزب صالح الذي لم يعد له وجود بعد صالح و لا يمكن لعاقل ان يفهم أو يتفهم ان من سيسمونه مؤتمر شعبي عام لن يكون مؤتمرا و لا شعبيا و لا عاما و انهم لو جلبوا ما تبقى من قياداته العليا ليتشاركوا معهم السلطة لن ينظر الناس اليهم الا باعتبارهم مستقلين في احسن الاحوال أوموظفين و مجموعة من المنتفعين في اسوأها و هدفهم الاول و الاخير هو الضحك على الناس بأن هنالك شراكة و أن انصار الله ليسوا مسؤلين عن الفساد أو الارتهان لحالهم بل يشاركهم المؤتمر الجديد او عشرين حزبا اخرا يديرهم حزام الأسد و حمزة الحوثي و لا تكاد العين المجردة ان ترى لهم اثرا أو وجودا على الواقع.

انها مهزلة المشهد اليمني الذي يبحث فيه “الطيب” جدا عن الشراكة مع الشرير جدا حتى تصبح المسالة مخضرية بلا قضية و بلا برنامج و لا قيمة له او هدف سوى حاجة واحدة فقط وهي ان لا تظهر طيبة الطيب اكثر من اللازم فتصيبه العين و العياذ بالله خصوصا و الطيب جدا من أولياء الله الصالحين عليهم سلام ربي وتسليمه.

قالوا بأن صالح عرقل عملية التصعيد ضد العدو السعودي الاماراتي وقد يكون ذلك صحيحا ولكن ماذا حدث بعده من تصعيد وقالوا انه مد يده الى الاعداء بالخيانة و الطعن للشريك في الظهر و قد يكون ذلك صحيحا ايضا لكننا لم نر في ذلك جديدا على صالح طوال تاريخه والجديد فقط هو اننا رأينا الامر ذاته عليهم مع صالح وقبل صالح خصوصا بعد ان طعنوا ثورتهم عمدا في ضميرها بقرار التعويم و السوق السوداء ثم ذهبوا للشراكة والارتهان للسفراء في الخارج والفساد في الداخل بل كانت الشراكة مع صالح ومع حزبه متعمدة بالامس وهي كذلك اليوم ولهذا الغرض بالذات، أي توزيع مسؤلية الفساد والخيانة بين القبائل المتفاوضة مع العدو سرا وعلنا وبلا حدود او قيود.

رحل صالح ولايزال الحدث في صنعاء هو صالح وهذا دور وزارة الداخلية تحديدا لا وزارة الدفاع، أي دورها في ابقاء صالح غطاء ومشجبا لكل جريرة بما فيها جريرة التفريط وتساقط الجبهات حتى بعد موته، و لذلك لا تستغربوا للداخلية كل يوم انجازا وكلما قلت انجازات وزارة الدفاع زادت انجازات وانتصارات وزارة الداخلية واجهزتها العديدة.

انصار الله لن يخرجوا من مأزقهم الذي وضعوا انفسهم فيه الا اذا تحملوا المسولية الكاملة تجاه المواطن ومعيشته في الداخل وتجاه الوطن وسيادته ووحدة ترابه وكرامة ابنائه.

تحرير ثلثي اراض اليمن المحتلة سعوديا وكل مياهها واجوائها هذه هي مسؤلية الانصار اليوم الاولى و لا يشاركهم فيها احد سوى شعبهم الصامد والمضحي بعشرات الالاف من الشهداء وضعفهم من الجرحى واي تفريط بهذا المسؤلية لن يتحملها غيرهم احد ولن يكون لهم مكانا في سلطة او دولة بدون ذلك لانه لا دولة ولا وطن بدون ذلك اصلا.

تحمل المسؤلية في الداخل والدفاع عن الوطن امام الغزو الخارجي هي مسؤلية انصار الله اولا وثانيا وثالثا وعاشرا بعيدا عن الاعذار والبحث عن الاغطية والمناديل غير ان مشكلة انصار الله ان من تخلوا عن ثورة الفقراء والمستضعفين بالشراكة مع صالح هم من اقتتل مع صالح وهم من انتصر عليه ولم يكن للانصار الحركة والثورة والفقراء والمستضعفين دورا في ذلك لا قبلا ولا بعدا وبالتالي فليس غريبا ان لا يعود المنتصرين على صالح الى ثورة الانصار وشعبيتهم بل الى الشراكة مع حزب صالح بلا حزب صالح ومع الخصوم بلا خصوم وطالما والداخلية لا الدفاع هي من يتصدر المشهد فلن تجدوا سوى القمع وبعد ان يقمعوا خصومهم ويوغلوا في قمعهم سيتوجهون الى انفسهم والى مخلصيهم وسيكون قمعهم اكثر وحشية وكلما فشلوا بحثوا عن خصم جديد وهكذا.

مرة اخرى اذا كانت انجازات وزارة الداخلية اكثر من انجازات وزارة الدفاع في بلد يخوض حربا دفاعية عن الوطن لا حربا من اجل سلطة بلا وطن فان اليمن في خطر وانصار الله انفسهم في خطر والمخلصين منهم تحديدا ومن هم في الجبهات خصوصا.

* الحل واللاحل

اذا لم يتحمل السيد عبد الملك الحوثي بنفسه قيادة الدولة والثورة في صنعاء ويشكل مجلس قيادة سريعا وبدون تأخير ويغير المشهد السياسي كليا باتجاه فتح امال جديدة واحداث تغييرات جذرية في مشهدي المعيشة وحرب الدفاع عن الكرامة الوطنية وحكم اليمن باليمنيين بعيدا عن حكم اليمن بالجماعات والمكونات والتشاركيات الفئوية والانقسامية التي ثبت انها عبئا خطيرا عليهم وعلى اليمن فان المشهد القادم هو الفشل والقمع وكلما اوغل الفشل اوغل القمع حتى يتغير المشهد كليا ومن قبل العدو نفسه للاسف.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى