أخبار وتقاريرإختيار المحررالعرض في الرئيسة

ترجمة .. ما هو التالي في اليمن عقب مقتل صالح ؟

يمنات – خاص

ترجمة خاصة بـ”يمنات”

يعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح نقطة تحول في الحرب الأهلية في اليمن. سيؤدي ذلك بكل تأكيد إلى تفكيك التحالف بين شبكة صالح وحركة الحوثيين التي تدعمها إيران، ومن المحتمل أن يولد ذلك شرخاً إضافياً في المسار المتحول للحرب الأهلية في اليمن بالفعل، وهذا يتطلب إعادة مراجعة عميقة للسياسات الأمريكية والسعودية والإماراتية في اليمن.

كان صالح واحداً من أقوى الشخصيات في اليمن، وكان نفوذه يتغلغل في المؤسسات اليمنية وقوات الأمن والاقتصاد، وقد سعت الولايات المتحدة وغيرها إلى فك شراكته الواقعية (البراغماتية) مع الحوثيين أملاً في أن يقود تفكيك تلك الشراكة إلى دفع المفاوضات قدماً من أجل التوصل إلى حل سياسي للحرب الأهلية بشكل جدي.

و قد تأسس هذا الأمل على افتراض أن “صالح” سيظل حياً وقادراً على قيادة شبكته، ومن الواضح أن الحوثيين تنبؤوا بهذا الخطر على أنفسهم وحاولوا الحيلولة دون حدوث ذلك عن طريق قتله، وربما يكونوا قد نجحوا في تحقيق هذا الهدف، وقد قاموا بالتأكيد بنقلة للوضع في اليمن بطريقة غير جيدة بالنسبة للولايات المتحدة وشركاءها.

و ظلت شراكة الحوثيين بـ”صالح” متوترة مذ انطلاقها عام 2014 والتي فتحت الباب على مصراعيه للحرب الأهلية في اليمن، حيث إن صالح والحوثيين قد احتربا فيما بينهم ست دورات من الحرب 2004-2010.

لعل هدف مشترك قصير الأمد لتأمين السلطة بعد ثورة الربيع العربية التي أزاحت “صالح” عن السلطة هو من خلق التزاوج الغريب فيما بينهما. إلا أن التوترات تصاعدت في أواخر صيف 2017، وبدأت حركة الحوثيين في تعزيز سلطتها وسيطرتها على وزارات الحكومة اليمنية خلال الفترة المنصرمة من 2017 وانحرفت عن اتفاقية 2016 الخاصة بتشارك السلطة مع “صالح”.

و ظل “صالح” من جانبه يغازل لمصلحته الذاتية قراراً سياسياً لتأمين مصالحه الخاصة منذ بداية الحرب وكثف جهوده في ربيع 2017، واتهمت حركة الحوثيين صالح بالخيانة لهذا الإجراء في أغسطس 2017، وعند هذه النقطة بدأ صالح بمجابهة الحوثيين بشكل علني.

فشلت الهجمات الخطابية والسياسية التي قام بها “صالح”، ومضى الحوثيون قدماً في توطيد سلطتهم في صنعاء عاصمة اليمن.

بلغت التوترات أوجها في نهاية نوفمبر 2017، نأى “صالح” بنفسه عن حملة الصواريخ الباليستية ضد السعودية في 28 نوفمبر/تشرين ثان 2017، لأنه لم يكن أحد صناع ذلك القرار.

هاجمت قوات الحوثي القوات التابعة لـ”صالح” في صنعاء في 29 نوفمبر/تشرين ثان 2017، وأصدر صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام دعوة لأتباعه للتعبئة ضد حركة الحوثيين في جميع أنحاء اليمن في وقت مبكر من صباح يوم 2 ديسمبر/كانون أول 2017.

استهدفت الغارات الجوية التي شنها التحالف السعودي على صنعاء مواقع الحوثيين دعماً لـ”صالح”. وتحركت حركة الحوثيين واستولت على الوسائل الإعلامية التابعة لـ”صالح”، وقتلت زعماء قبليين وسياسيين بارزين متحالفين مع “صالح”، وقامت بحشر قوات نخبة من الحرس الجمهوري تابعة لـ”صالح” في منطقه في صنعاء بحلول الثالث من ديسمبر الجاري وأعلنت مقتل “صالح” في الرابع من ديسمبر.

حملت قوات الحوثيين جثة “صالح” في الشوارع على بطانية وهي تهتف بأنها قد انتقمت في نهاية المطاف لمؤسس حركة الحوثيين الذي قتلته قوات صالح قبل أكثر من عقد من الزمن.

لقد خلفت وفاة “صالح” فراغاً في السلطة في هرم شبكة كبيرة من المحسوبية وفتحت مجالاً داخل الساحة السياسية اليمنية، وقد تسعى النخبة السياسية اليمنية الآن مثل “علي محسن الأحمر” وآخرين ممن عملوا كمراكز ثقل مضادة لـ”صالح” إلى السيطرة على الساحة السياسية.

و تعمل حركه الحوثيين بالفعل على تفكيك الطبقة العلوية من شبكه “صالح” التي من شأنها أن تحيد مزيداً من المقاومة لحكومة الحوثي في صنعاء.

سيتعين الآن على القبائل والقوات الموالية لـ”صالح” أن تقرر الآن إلى أين توجه ولائها وطبيعة القرارات ذات المآلات الكبيرة على نتيجة الحرب الأهلية اليمنية. كما سيتعين على دول المنطقة وأعضاء التحالف السعودي المشاركين عسكرياً في اليمن، خاصة السعودية و الإمارات العربية المتحدة، أن يقرروا كيفية التعامل مع حزب “صالح” السياسي، (المؤتمر الشعبي العام)، وبقايا شبكة “صالح”.

و يعد رحيل صالح أيضا ستجد الولايات المتحدة فرصة لإعادة الانخراط في اليمن لتحريك القوة الدافعة بطريقة ما، تبدأ في تأمين المصالح الأمريكية. و بما يقود إلى تغيير سياسي يمني يفتح باباً للمشاركة الدبلوماسية لتسهيل التوصل إلى حل سياسي تفاوضي للحرب الأهلية في اليمن. 

و قد تحاول دول الخليج إحلال “أحمد علي صالح” مكان والده، إلا أنه من المرجح جدا أن يفشل هذا النهج. يجب علي الولايات المتحدة أن تأخذ بزمام المبادرة للتوصل إلى حل للصراع اليمني بدلاً من إيكال هذه المشكلة لحلفائها في الخليج.

و يتعين علي الولايات المتحدة أن تكف عن تعريف اليمن باعتباره مجرد مهام لمكافحة الإرهاب ومواجهة لإيران، وأن تشارك بالكامل في التحرك نحو حل سياسي للصراع الأساسي.

استقراء الوضع في اليمن

من المرجح أن تبقى كتلة الحوثي – صالح متحدة في أي شكل ضد عدو أكبر في التحالف الذي تقوده السعودية والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في المستقبل القريب. ستواصل حركه الحوثيين توطيد سلطتها في صنعاء.

و سيواصل الموالون لـ”صالح”، بمن فيهم أعضاء حزبه، المؤتمر الشعبي العام، والقبائل، الاحتفاظ بالأراضي (المسيطر عليها) باسم حكومة الحوثي التي تتخذ من صنعاء مقراً لها.

و ستقيد وحدة المظهر الخارجي لشبكة المحسوبية السابقة لـ”صالح” من توسع حركة الحوثي. وتبقى القبائل التي لم تشارك مباشرة في الصدامات بين الحوثيين وقوات صالح متفرجة ومتابعة.

إلا أن كتلة الحوثيين و “صالح” قد تنشطر على الأرجح في المدى القصير إلى المتوسط جراء الاقتتال داخل شبكة المحسوبية التابعة لـ”صالح”. ستفقد بالتالي حركة الحوثيين سيطرتها علي اليمن الأوسط الذي جرى تأمينه تحت شبكة “صالح” السابقة إلا أنها قد تعزز بسرعة سيطرتها على المؤسسات الحكومية اليمنية المتبقية في صنعاء.

و قد يتفكك حزب المؤتمر الشعبي العام بشكل دائم، وقد تعود فصائل المؤتمر الشعبي العام إلى الاقتتال الداخلي بخصوص توجه وتموضع الحزب. وستلقي القبائل التي كانت موالية لـ”صالح” بدعمها لـ”فصائل” مختلفة داخل المؤتمر الشعبي العام، التي ستوسع الصراع في شمال اليمن. ومن شأن زعزعة الاستقرار في شمال اليمن أن يهيئ الفرصة لحركة الحوثيين للتوسع أكثر.

الإئتلافات اليمنية المتحالفة مع هادي

ستحاول القوات المتحالفة مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا التابعة لـ”عبد ربه منصور هادي” أن تتقدم على جبهات متعددة من جبهات الحرب الأهلية لاستغلال الارتباك في صنعاء في المستقبل القريب. سيظل التحالف موحدا إلى حد كبير ضد كتلة الحوثيين- صالح وسيواصل اتخاذ خطوات لاحتواء الخلاف الداخلي بين فصائله.

ستواصل القوات اليمنية بقياده نائب الرئيس علي محسن الأحمر تقدمها في صنعاء للسيطرة على العاصمة صنعاء. ستواصل قوات هادي القتال من أجل السيطرة علي مديرية المخا ومدينة تعز في جنوب غرب اليمن.

 و ماتزال الميليشيات الجنوبية مستمرة في الانتشار ضد كتلة الحوثيين- صالح، مع أن التوترات السياسية في جنوبي وشرقي البلاد مستمرة في التفاقم، الأمر الذي يقود إلى انعدام الأمن. ويواصل حزب الإصلاح الإسلامي اليمني، الذي يحتفظ بممثلين له في مستويات عليا في حكومة هادي، دعم الجهود التي تبذلها الائتلافات المصطفة مع هادي ضد حركة الحوثيين.

غير أن الأهداف طويلة الأجل المتفاوتة قد تؤدي إلى انشقاقات في المكونات المنضوية في تحالف هادي في الأجل المتوسط، إن لم يكن قبل ذلك. ومن الممكن أن ينشق نائب رئيس هادي الجنرال الميداني علي محسن الأحمر عن حكومة هادي (بدعم من السعودية أو بدونها) لتعزيز مواقفه في شمال اليمن.

و يتمتع علي محسن بنفوذ كبير جدا بين القبائل اليمنية الشمالية وقد يسعى إلى ضمان استمرار نفوذه في اليمن. وقد تتسع بشكل تدريجي المعركة التي دارت بين القوات الموالية لهادي في تعز حيث ضعفت حركة الحوثيين في الجنوب الوسطي لليمن.

سيؤدي التنافس البيني داخل الجنوب اليمني إلى زيادة زعزعة الاستقرار في الجنوب وربما يجر المليشيات الجنوبية إلى الصراع المسلح. وقد تثبت صحة الشائعات التي تفيد بأن حزب الإصلاح سعى للتوصل إلى تسوية سياسية مع حركه الحوثيين، وقد تنتهي بالإصلاح إلى التخلي عن دعمه لحكومة هادي والبدء بمساندة حكومة الحوثي التي تتخذ من صنعاء مقراً لها.

التحالف بقياده السعودية

سيغتنم التحالف الذي تقوده السعودية هذه الفرصة لإضعاف حركه الحوتي. سيقوم بتكثيف الغارات الجوية ضد مواقع الحوثيين في صنعاء وخارجها. وقد يؤشر وصول “أحمد صالح” ابن علي عبد الله صالح إلى الرياض إلى محاولة من طرف التحالف للتفاوض على تسوية من شأنها أن تفسخ شراكة الشبكة السابقة لـ”صالح” مع الحوثيين وتضمن لـ”أحمد صالح” دورا في الحكومة اليمنية المستقبلية. ستتواصل عملية مكافحة الإرهاب التي يقودها الإماراتيون في جنوب اليمن، إلى جانب الدعم الإماراتي لمختلف الفصائل الجنوبية.

تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وتنظيم الدولة الإسلامية، وغيرها من الجماعات السلفية الجهادية (المتشددة) في اليمن

سيستغل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ضعف كتلة الحوثي- صالح للتقدم في الخطوط الأمامية لجبهات الحرب الأهلية في اليمن، وخاصة في البيضاء في وسط اليمن وتعز، ثالث أكبر مدينة يمنية.

كما سيواصل الهجمات ضد القوات اليمنية التي تدعمها الإمارات في جنوبي وشرقي اليمن، مع أن عمليات مكافحة الإرهاب التي يقودها الإماراتيون ستستمر في إضعاف الجماعة عسكريا. ستحتفظ داعش بتواجد صغير.

و من شأن زيادة زعزعة الاستقرار في اليمن من قبيل تصاعد الاقتتال البيني داخل الفصائل أن يمكَن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من الظهور مرة أخرى في أجزاء من جنوبي وشرقي اليمن كتواجد مستتب.

المصدر:  critical threats

رابط المقالة باللغة الانجليزية انقر هنا

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى