أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

التغيّر الدراماتيكي للمشهد في صنعاء يضع “التحالف” في حرج

يمنات

عبد الخالق الحود

تمكنت حركة «أنصار الله» الأحد، من إعادة السيطرة على أغلب المرافق والمنشآت الحكومية في العاصمة اليمنية صنعاء بعد مرور 24 ساعة فقط من سقوطها فجر أمس الأوّل بيد وحدات قتالية من «الحرس الجمهوري» الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.

التغيّر الدراماتيكي للمشهد في صنعاء – بين عشية وضحاها – وضع «التحالف العربي» بقيادة السعودية في حرج بالغ بعد إعلانه يوم أمس التأييد المطلق لصالح، بعيداً عن التخطيط والرؤى الاستراتيجية لمسارات وقائع الأرض، وسوء تقديره لحجم ومكامن قوّة «أنصار الله» الذين نشروا اليوم صوراً تظهر سيطرتهم على مقار تابعة لحزب «المؤتمر الشعبي العام»، ومكتب صالح شخصيّاً.

مصادر مؤتمرية قالت إن «مسلحين حوثيين يحتجزون طاقم قناة اليمن اليوم، الناطقة باسم المؤتمر، بعد تمكنهم أمس من حجب القناة على القمر الصناعي، نايل سات»

وسبق أن سيطرت وحدات قتالية موالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، أمس، على مرافق ومنشآت هامة في العاصمة اليمنية صنعاء بينها المطار ووزارة المالية؛ وأدخلت معها حرب اليمن مرحلة جردة حسابات جديدة.

إذ لاشك بأن الأحداث الدراماتيكية الجارية اليوم في صنعاء ستقلب الكثير من التوازنات السياسية والعسكريّة، ولا شك أيضاً من أن نتائجها النهائية ستغير مجرى العديد من الولاءات والتحالفات السابقة واللاحقة بين فرقاء الداخل وحلفاء التحالف في الخارج.

هل يمكن الحديث عن مرحلة ما بعد صالح؟

فالحديث عن فرص صمود «حلف» صنعاء يبدو أنه بات من الماضي بوقائع الأرض ومعطيات السياسة، ومن هنا فإن الباب سيظلّ مشرعاً أمام خيارات ربما لا يتوقعها أحد وتبقى الـ 24 ساعة القادمة مفصليّة بكل المقاييس في تحديد ملامح شكل مستقبل صنعاء واليمن برمتها، وما سيرشح عنها من نتائج سيشكّل على شكل تطبيق من أراد مستقبلاً التعاطي مع صنعاء فعليه تثبيته.

ويبقى من السابق لأوانه بالنظر إلى تاريخ الرجل الحافل، الإجابة عن سؤال ما إذا كانت صفحة صالح قد طويت أم أن السبّاح الماهر الذي تمكنّ من الخروج من أزمات مماثلة سيطفو مجدداً على السطح في مكان ماء؟

إدارة الرئيس هادي، وعبر تصريح لنائب الرئيس اللواء علي محسن الأحمر، كانت قد احتفلت و رحبت أمس بتطورات صنعاء، معتبرة أن الأمور في العاصمة «ذاهبة لصالحها سواء تفجّرت إلى حرب شاملة أم تم احتوائها».

فبالإضافة إلى أن تطورات الوضع في صنعاء قد رفعت عنها الحرج – وإن مؤقتاً – بسبب عدم تمكنها من تحقيق انتصارات عسكريّة على الأرض، وخففت أيضاً من الضغط الواقع عليها في هذا الاتجاه شعبيّا، و من قبل «التحالف» الإ أن مخاوفها زادت بنظير مماثل من أن يكون «التحالف» يفكر بـ «تبديل شرعيتها بشرعية صالح (المنتصر) في سيناريو مطابق للنموذج السوري».

بؤرة جديدة للصراع

لا مبالغة بالقول أن الأيام القليلة القادمة ستكون مفصلية وحاسمة ليس في الجانب العسكري على أهميته بل والسياسي أيضاً.

اعتقد كثيرون بأن صالح الذي تريّث باتجاه تفجير حرب في صنعاء مع «أنصار الله» بات الرابح الأكبر لاعتماده على مبدأ الصدمة الإعلامية الموجّهة في إغفال واضح لماهية الخصم وقدراته القتالية.

وهو الخطأ الكبير نفسه الذي وقع فيه «التحالف» و«حلفائه» أيضاً إذ تشير المعلومات الخاصة إلى أن «أحداث» يوم السبت كان مرتب لها بالفعل مسبقاً وبتنسيق كامل بين صالح و«التحالف» الذي راهن الأخير فيها على أن من شأن التحشيد الإعلامي الكبير تحقيق نصر على الأرض مرهوناً بانهيار معنويات الخصم؛ وهذه الخطّة كان يمكن أن يُكتب لها النجاح حال توفر لها عاملان إضافيان هما قدرات عسكرية أكبر لدى صالح وجنود يحركهم الولاء لا «الزلط»، بالإضافة إلى «قراءة صحيحة ودقيقة وتقدير مواطن قوّة وضعف الخصم»؛ فيأس «التحالف» من «الشرعية» دفعه مكرها إلى تجريب ورقة صالح التي سقطت «بيوم وليلة»، الأمر الذي مكّن خصومهم من شن هجمات مرتدة، وتسجيل أهداف عليهم جاءت في الوقت القاتل.

صالح غلط بالحساب

راهن كثيرون من «حلفاء» صالح، على أن انتصارهم العسكري السريع في معركة صنعاء سيمكنهم من إبرام صفقة بشروط معقولة مع «التحالف العربي»؛ سيكون ثمنها ترشيحهم إلى «مقام الحليف الأول للتحالف» بديلاً عن حلفائها السابقين من أنصار هادي.

وعلى الرغم منذ لك فقد رأى أعضاء من «المؤتمر الشعبي العام» أن انتصار القوات الموالية لصالح في معركة صنعاء لا تعني بالضرورة أن «ثمارها ستصب كاملة في وعاء التحالف العربي» لكنها بالتأكيد ستكون حققت له «هدفاً استراتيجياً مهمّا ستجني نتائجه السعودية تحديداً على المديين القريب والمتوسط إقليمياً ودوليّاً»، على اعتبار أن «هزيمة الحوثيين ستكون الضربة الأولى لإيران التي تمكنت عبر حلفائها من تحقيق انتصارات لافتة في كل من العراق وسوريا ولبنان على حساب المملكة».

وكان محللون يمنيون معتدلون قالوا: إن «أحداث» صنعاء ليل أمس «جرى تضخيمها إعلامياً لأهداف سياسية، وهي لا تؤشر البتة إلى أن المعركة في صنعاء قد حُسِمت لصالح صالح» معتبرين أن ما حدث هو «كسب جولة واحدة فقط في سفر حرب طويلة ممتدة»، فـ «أنصار الله» «جماعة عقدية قوية من الصعب اجتثاثها بسهولة».

وألمحوا إلى أن أحداث صنعاء ما هي الإ «بداية فصل جديد من فصول صراع دامي سيمتد ويتشعب إلى أكثر من مكان ومنطقة في شمال اليمن»، متوقعين أن يكون «صراعاً شبيها بالنموذج الليبي وربما أكثر دموية وعنفا.حال هّزم الحوثيون في صنعاء فقط».

«الشرعية» في اختبار عسير

ومع ذلك فإن ارتدادات وقائع معركة صنعاء ستؤثر كثيراً على تحالف «الشرعيّة» مع «التحالف العربي»، حيث ستكون مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتحقيق انتصار عسكري في أي مكان يُعيد بعض التوازن لمساري المعركة سياسياً وعسكرياً.

هذا حال تمكن «أنصار الله» من حسم معركة صنعاء لصالحهم، وتفردوا بالقرار السياسي، والذي من شأنه أن حقق لهم مكاسب سياسية كبيرة.

عسكرياً فقوات «الشرعية» المرابطة على جبهات القتال في محيط صنعاء تحديداً أدخلتها أحداث صنعاء المتسارعة في اختبار عسير»، إذ أن أي تحرّك لها ربّما سيدفع بـ «اتجاه التهدئة» في صنعاء بين «أنصار الله» وصالح وحال هي قررت البقاء مراهنة على حسم صالح للمعركة في صنعاء لصالحة، وبالتالي «إمكانية تهيئة دخولها الآمن إلى العاصمة، عبر سلق تسوية سياسية سريعة سيتم إبرامها معه».

قوى «الحراك الجنوبي» بعمومها آثرت التريّث في تحديد موقف سياسي من أحداث صنعاء، معتبرة أن «القضية الجنوبية مصيرها بات مرهون بيد أبنائها وإن تغيير معادلات الربح والخسارة وتحديد موقف من أحداث صنعاء أمر ينبغي دراسته على ضوء معطيات ومتغيرات الأرض». لذلك يرى مراقبون أن تصريحات النخب الجنوبية أمس كانت «متوازنة» إلى حد كبير.

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى