أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

حرب “الولاءات” داخل (الشرعية) .. إقالات واستقالات

يمنات

يتسم عهد “حكومة الشرعية” بالكثير من الاضطرابات السياسية منذ تشكيلها بقرار رئاسي مطلع أبريل العام ٢٠١٦م. فالحكومة التي تشكلت من ٣٧ وزيراً وصل بعضهم إلى عدن بعد شهرين من قرار التعيين، لم تصمد أمام متغيرات المشهد السياسي في “المحافظات المحررة”، سوى خمسة أشهر حتى طالها تعديل وزاري أطاح بقرابة النصف من أعضائها.

إطاحة جسّدت مدى التخبّط الذي يعاني منه بلاط الرئيس هادي، على مستوى اختيار شخوص المسؤولين الذين تم تعيين بعضهم في حقائب وزارية ليس لهم أي صلة بها، لا من حيث التخصّصات ولا من حيث الخبرة والمهنية والتراتبية. الأمر الذي انعكس سلباً على أداء تلك الحكومة “المترهلة”، كما يصفها مراقبون.

إقالات المحافظين

و في حين، أقيل عدد من وزراء الحكومة في ظروف غامضة بسبب تُهم فساد، و تم إبعادهم عن المشهد بتصديرهم للسفارات اليمنية بالخارج، أو بتعيينهم في مناصب شكلية، انسحبت ظاهرة الإقالات والاستقالات على مستوى رجالات الصف الثاني من المسؤولين الحكوميين، لتطال أولاً محافظ عدن عيدروس الزبيدي، ووزير الدولة المدعوم من الإمارات هاني بن بريك.

شكّلت إقالات الرجلين أول صدام مباشر بين “الشرعية” والإمارات. على ناره الهادئة، أعلن الزبيدي عن تأسيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» برئاسته، واختيار بن بريك نائباً، وبعضوية كل من محافظي حضرموت وشبوة ولحج والضالع وسقطرى.

حاولت السعودية، على ما يبدو، رأب الصدع الخطير في بنية “التحالف” بجر أقطاب حكومة هادي والإمارات إلى طاولة واحدة، وإشراكهم في لجنة ثلاثية عليا للستنيق بينهم قبل إصدار أي قرارات تغيير أو تعيين في هرم الدولة.

أقل من شهرين كانا كافيان ليوجه هادي صفعة ثانية للإمارات، ويدفن اللجنة الثلاثية للأبد، بإصداره قرارات إقالة محافظي حضرموت وشبوة وسقطرة من مناصبهم أواخر يونيو الماضي، لتمسّكهم بعضويتهم القيادية في “المجلس الانتقالي الجنوبي”.

بعدها، بقي هادي يلوّح بورقة إقالة مَن تبقى من محافظين في “الانتقالي”، كمحافظ لحج ناصر الخبجي ومحافظ الضالع فضل الجعدي، وتصاعدت التوقعات بقرب الإطاحة بهما بعد مشاركتهما الفاعلة في تدشين “الجمعية الوطنية” للمجلس، وإشهار قيادات المحافظتين الشهر الجاري، لكن ما لم يكن متوقعاً توقف مرحلة إقالات المحافظين المناوئين للحكومة، والدخول في موجة من الاستقالات شبه الجماعية لمحافظي المحافظات، بدأت إرهاصاتها من إعلان محافظ عدن عبدالعزيز المفلحي استقالته، التي ذيّلها بهجوم مباشر وشرس ضد حكومة رئيس الوزراء الحالي أحمد عبيد بن دغر، الذي اتهمه بعرقلته في أداء مهامه محافظاً للعاصمة المؤقتة، التي لم يمكث فيها المفلحي طويلاً.

لكن استقالة الأخير قوبلت بالرفض من قبل الرئاسة اليمنية، التي أكدت أن هادي الذي جمد استقالة الرجل من خارج البلاد، وسيسعى لرأب الصدع الحاصل بين المحافظ المفلحي ورئيس الحكومة ابن دغر، في حالة مشابهة للتجربة اللبنانية وموقف الرئيس ميشيل عون، من استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، من خارج البلاد، مع الفارق في ظروف ودواعي الاستقالتين.

أدخلت إقالة المفلحي حكومة هادي في نفق من التخبّط، لم تصحو منه إلا بتسريب محافظ أبين أبو بكر حسين، المقرّب من نائب الرئيس علي محسن الأحمر، خبر استقالته على خلفية خلافات مع وزير الداخلية، قبل أن يتراجع عنها استجابة لمقتضيات المناورة السياسية التي أجبرته على ركوب موجة الاستقالات، كوسيلة ضغط على الرئاسة والحكومة، واستعشاراً منه بأنه لا يريد أن يقدم خدمة مجانية لـ”الانتقالي” كما فعل المفلحي، خصوصاً وأن محافظ أبين يعد من أشد معارضي المجلس، وسبق أن رفض إقامة فعالية تدشين جمعيته الوطنية وهدد بمنعها بالقوة.

استقالات مرشّحة

تبدو مؤشرات إقالة المحافظين في المحافظات الجنوبية لن تستثني أحداً، بما فيهم محافظ حضرموت اللواء فرج سالمين البحسني، الذي حاول جاهداً تقديم “صكوك الطاعة والولاء” لهادي وابن دغر، لتمكينه من إدارة المحافظة، لكن رهاناته سقطت تباعاً، وبدأت شعبيته بالانحسار، ما دفعه مؤخراً للتهديد بتقديم استقالته في حال استمرت الحكومة في ممارسة سياسية “حرق الكروت” في حضرموت، التي يكتوي بنارها اليوم.

و يبدو حدث إقاله هادي لمحافظ المهرة محمد عبدالله كده، و تعيين راجح سعيد باكريت، خلفاً له، مرتبطاً بالتطورات الأمنية التي شهدتها المحافظة قبل أكثر من أسبوع في أعقاب دخول ضباط سعوديين وقوات تابعة لـ”التحالف” إلى العاصمة الغيظة لإدارة المنافذ البحرية والبرية، ومن غير المستبعد أن يكون “كده” قد دفع هو الآخر ثمن تساهله مع “الانتقالي” أثناء زيارته للمحافظة مؤخراً، وعدم الردّ على دعوة عيدروس الزبيدي لإنشاء قوات “نخبة” مهرية تدين بالولاء للإمارات، في تكرار لتجربة “النخبة” الحضرمية والشبوانية.

هكذا تعكس ظاهرة الإقالات والاستقالات في المشهد اليمني حالة الترهّل السياسي الذي يشوب “حكومة الشرعية”، التي لم تنجح حتى الآن في توفير الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين، علاوة على عجزها عن دفع رواتب الموظفين وتأمينها من الاختراقات الأمنية والعمليات الإرهابية، وخصوصاً في عدن ووادي حضرموت.

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى