أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسةتحليلات

ما وراء أزمة السفينة الصينية بين حكومة هادي والامارات..؟

يمنات

صلاح السقلدي

كشفت أزمة السفينة الصينية التي منعتها القوات الإماراتية قبل أيام من دخول ميناء عدن، قبل أن تسمح لها بإفراغ حمولتها بعد “ضبط” مليارات الريالات اليمنية كانت على متنها وأثيرت شكوك حول شرعية دخولها والجهة المستلمة، منسوب الحالة البائسة لمستوى العلاقة التي تعيشها سلطة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وحزب “الإصلاح” المسيطر على “الشرعية” مع الطرف الإماراتي, في كل الجوانب ولاسيّما ثنائية “السيادة والكرامة”، ومدى مهانة علاقتها بدول “التحالف” ككل ومستوى الإذلال المتنام يوما أثر يوم التي تواجهه به هذا “التحالف”، وردود أفعالها “الشرعية” إزاء ما تعتبره غطرسة إماراتية خارجة عن سياق سياسات متفق عليها، أدت إلى تآكل مساحة الثقة بينهما أي بين “الشرعية” والإمارات.

الأقلام الصحافية والقنوات الإعلامية المدعومة من “الشرعية” شنّت حملات سخرية مضادرة من إدعاءات الإعلام الموالي للإمارات و أطراف جنوبية ممثلة بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، معتبرة بأن هذه “المزاعم” يأتي لتبرير عرقلة اجراءات السفينة، برغم تأكيدات مصادر غير رسمية موالية لحكومة د. أحمد عبيد بن دغر من “شرعية” إدخالها باعتبارها مرتبات موظفي الدولة.

أزمة السفينة الصينية كشف أن القادم في عدن قد يفضي إلى نهايات عاصفة للعلاقة الثنانئة بين حكومة هادي و”التحالف” وتحديداً دولة الإمارات، يؤدي إلى منعطف حاد بطريق سير عجلة الأوضاع في المدينة واليمن عموماً. فهذه الأزمة سبق أن شاهدنا نسخة مثيلة لها قبل أقل من شهرين تقريباً – وإن لم تكن مطابقة لها تماماً- حين منعت الامارات هبوط طائرة واحدة – على الأقل – بمطار عدن كانت تحمل مليارات من الريالات اليمنية، قيل أيضاً إنّها رواتب لموظفي الدولة – مع فارق أن الأولى كانت معلنة، والأخيرة كانت بالخفاء لعدة أيام – وصمتت، أي الشرعية حيال هذا الأمر “منع هبوط الطائرة”، صمتٌ مريبٌ يشي بأن ثمة سِــر يكمن خلف الستار وإن في الأمر (إنّ)، باستثناء بيان يتيم وزّع على استحياء بوسائل التواصل الاجتماعي منسوب للبنك المركزي بعدن, واجهه ردٌ من جهات تتبع الامارات يقول إن المنع كان يهدف الى التأكد من قانونية دخول هذه المبالغ خشية وقوع مزيد من التدهور بأحوال الناس المعيشية، واتساع تردي حال وتضخم قيمة العملة المحلية – الريال اليمني- تجاه العملات الأجنبية.

أهم ما لفت انتباهنا بالواقعتين هو أمران أو “تساؤلان” لا يمكن المرور عليهما مرور الكرام.

أولاً: إن كانت الشرعية – بهذه الواقعة الأخيرة على وجه الخصوص – واثقة من صحة موقفها المالي والقانوني وصحة الإجراءات المتبعة بإدخال المبالغ وما إلى ذلك من الجوانب الإجرائية ذات الصلة كما تقول، وإن كانت أيضاً قد أتبعتْ قبل ذلك الاجراءات القانونية والمالية السليمة المتعلقة بطبع هذه العملات – على ضخامتها – وأنها كانت تنوي أن توصلها للجهة الرسمية “البنك المركزي” وليس إلى غرف خلف تلك التلّــة الرئاسية، وأنه فعلاً كان من المفترض أن يتم ذلك بأوراق رسمية سليمة لا تشوبها شائبة فساد, ولا رائحة تهريب أو تلاعب بالعملة وقيمة الصرف وتحويلها الى عملات صعبة لإعادة تهريبها ثانية الى الخارج كما يقول مناؤوها، فلماذا تعمد إلى عملية إدخالها خلسة بهذه الطريقة وهي المفترض أنها السلطة الرسمية والشرعية وتسيطر على 85% من اليمن بما فيها أغلب الموانئ الجوية والبحرية والبرية كما تردد..؟

ثانياً: لنفترض بالمقابل أن “التحالف” أو الإمارات بالذات تتّــبع حيال مثل هذه الأمور الحساسة والمتعلقة بقوت الناس ناهيك عن سيادة البلد طريقة المنع المتعمد وأساليب العجرفة واستعراض القوة وتمارس أساليب الاحتلال بصوره القبيحة المتمثلة بتجويع الناس وقهرهم بقوتهم ناهيك عن سيادة بلدهم كما أشرنا، فلماذا تصمت هذه الشرعية إزاء هذا التعسّف الإماراتي ولم نسمع منها أن صارحت هذا “التحالف” ولو على استحياء أو أبدت أي نوع من التبرّم أو حتى تصنعت ذلك التبرم تصنعاً وستجد من يقف الى جانبها إن هي فعلت..؟

و بالتالي، نستنتج من الافتراضين المذكورين آنفاً ما يلي: إنه إن كانت هذه السلطة تقوم بخطواتها المختلفة ومنها خطوة طباعة ونقل مليارات الريالات الى الداخل بطريقة التخفي والخلسة فهي فعلاً سلطة فاسدة, وبالتالي يكون من المعيب الاصطفاف خلفها فضلاً عن التبرير لها والدعم لأساليبها, حيث أنها بهكذا تصرّف تسعى بقصد أو دون قصد إلى جــرِّ البلاد إلى هوة سحيقة من الفوضى المالية والاقتصادية والمعيشية من خلال إغراقها بمليارات الريالات الذي سيؤدي بالوطن إلى عملية تضخم مالي كبير لها انعكاسات اقتصادية ومالية ومعيشة مدمّرة لا حصر لها.

و إنْ كانت بريئة من هذه التُـهم, وثبت صحة ما نسبته للإمارات من تصرّفات متغطرسة، فإن خنوعها وصمتها إزاء كل هذا العبث يضعها أيضا بذات المستوى من النقيصة والعيب واللوم، ولا تعفيها براءتها المفترضة من كل هذه التهم، مع أنها تُهمٌ لابستها تماماً، على الأقل بحسب ما ينشرها خصومها، فهي أمام افتراض كهذا تبدو بصورة واضحة بأنها سلطة خانعة وألعوبة وأداة بيد الغير لتدمير الوطن المدمر أصلاً، و ذيل ذليل بائس بمؤخرة قوى إقليمية طامعة، وجب معها الطرد والتخلص منها ومن العار الذي جلبته لشعبها، وحــق عليها بالتالي قول الشاعر العربي: “فإن لم تقم بالعدل فينا حكومة … فنحن على تغيرها قدراءُ”.

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى