فضاء حر

بفضل سياسات التدمير السعودية صار حزب الله رقماً يكسر أرقاماً..

يمنات

محمد عايش

بات حزب الله “نظاماً عربياً” مخيفاً وموازياً للنظام العربي الرسمي، الفاسد والمهترئ، وعلى رأسه، وخصوصاً منه، النظام السعودي.

كان يفترض بالمنطقة أن تظل ساحةً مفتوحةً وخاليةً أمام الإرادتين: السعودية والإسرائيلية، ولم يكن مفترضا، ولا مقبولاً بأي حال، صعود قوةٍ ثالثة تناهض هذا الاستفراد وتعبر عن إرادة الناس مقابل إرادة الطغيان.

افتتحت السعودية معركة العبث والتدمير في سوريا، عبر جماعات الإرهاب المسلحة، فأنهى حزب الله المعركة أو هو على وشك إنهائها الآن..

دشنت السعودية معارك إسقاط العراق، دولة ومجتمعاً، تحت أقدام إرهاب متوحشٍ اقشعر له بدن العالم، لا العراق فحسب، فأنهى حزب الله، كأمثولة ونموذج، وكأداء مباشر في معظم الأحيان، هذه المعارك أو هو على وشك إنهائها..

كان على بشار الأسد أن يسقط إنفاذاً للإرادة السعودية كما سقط قبله معمر القذافي وصدام حسين، غير أن الإرادة السعودية هي التي سقطت..

وكان على العراق أن يتحول إلى ثلاثة عراقات تضمن بقاء الكلمة العليا، في ثلاثتها، للسعودية، غير أن كلمة السعودية هي ما تطاير أشلاءً داخل العراق، بتطاير “داعش” وانهزامها..

وهذا، إضافة لمصارع أخرى عديدة للإرادة السعودية؛ هو مربط فرس هستيريا المملكة تجاه الحزب وحليفته إيران.. فآل سعود، والحال هذه، صاروا أبعد، أكثر من أي وقت مضى، من أن يكونوا أسياد المنطقة وملاك أمرها والمتصرفين الحصريين بشؤونها. 

————

ليس هذا زمن جمال عبد الناصر والناصرية، ولازمن الخصوم البعثيين والماركسيين؛ الخصوم الذين تعتقد المملكة أن زمناً كزمنهم، أرّق هدوءها و هدد وجودها، لن تشرق له شمس من جديد..

وإذا بحزب الله يطل من تحت الأنقاض.. صانعاً زمناً شبيهاً بزمن الخطر الوجودي، بل وأصلب منه عوداً، وأقوى عموداً.. ثم إذا به أيضاً يشبُ عن كل طوقٍ: بدءاً بطوق إسرائيل وأمريكا وكل قوى التدخل والنفوذ العالميَيْن.

——–

ولم تكن السعودية يوماً ما هدفاً لحزب الله لا عند ولادته ولا حين اشتد عوده، غير أن المملكة هي من جعلت من نفسها هدفاً، وهي الآن، باستهدافها لحزب الله وبمجمل سياساتها التدميرية في المنطقة؛ تحفر، عميقاً، متراسها جوار المتراس الإسرائيلي، مجندة بذلك، لا حزب الله فحسب، بل و ستين عاماً على الأقل من الوعي العربي والإنساني المناهض لإسرائيل؛ ضداً عليها..

وإذ ولد حزب الله أساساً من رحم الغطرسة الإسرائيلية، فإن من لوازم الأمور، وضروراتها، أن يشكل تهديدا لكل غطرسة مماثلة أو متظافرة مع الغطرسة الصهيونية.. 

وأين هي الغطرسة الشبيهة والرديفة لغطرسة إسرائيل غير هذه التي عليها الحال السعودي، خصوصا وبشكل أوضح، خلال العشرين سنة الأخيرة؟؟!.

———

ولأن الغباء لا يقود إلى نتائج ذكية، فإنه وبفضل السياسات العدائية للسعودية، لا بفضل الاحتلال الاسرائيلي، صار حزب الله رقماً يكسر أرقاماً، لا رقماً عصياً على الكسر فحسب:

كان حزب الله قوة محدودة، على أرضٍ محددة (جنوب لبنان) ضد عدوٍ محدد (إسرائيل)..

وبفضل سياسات التدمير السعودية صار حزب الله (بشكل مباشر أو كتحالفاتٍ أو كمجرد أنموذج)؛ جيشاً في سوريا، و”حشداً” شعبياً في العراق و”أنصار الله” في اليمن وثورة شعبية في البحرين.. إضافة لكونه قوة تحريرية في لبنان وفلسطين..

وإذا استمر الحال على ما هو عليه فقريباً جداً قد يصبح حركة تحرر وطنية داخل السعودية نفسها..

وسيذهب إلى أبعد من ذلك أيضاً..

لذلك لا خوف على حزب الله، ومن يشب عن طوق إسرائيل، تحت بصر إسرائيل وفي مرماها، فإنه أقدر على أوهن طوقٍ في عالم القوى المعاصرة: طوق السعودية وجامعة الدول..السعودية.

ولا ينبئك مثل القادم القريب..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى