فضاء حر

اعتذروا للبشرية عن أطفال اللاأشياء الكبيرة

يمنات

محمد عبد الوهاب

لكم أشفق في بلدي على هؤلاء الأطفال الذين يعاصرون هذه البشاعة لتختزن ذاكرتهم ركام الحرب والكراهية والخرافة.

يا له من اختلاس للذاكرة.. ثلة أوغاد لا يتورعون عن سرقة حتى أعمار الأطفال ليضمنوا تسيدهم.

ويا لها من مآساة أن نشترك في هذا الجرم حتى باتت رؤوس أطفالنا إما مهشمة أو حاوية زبالة.

فمن لم تسكب دمه الطائرات والقذائف والرصاصات؛ يُـعبأ ليلاً نهاراً كيف يتلقن الكراهية وكيف يسلِّم بهذا الواقع ويكرره، وكيف يقبل رؤية ما للعالم كما هي، وباختصار شديد: «كيف يلغي أحلام الطفولة والإرادة والعقل، ويعيش حياة الحقد والاستهلاك والتقوقع» .

فيما يجب أن نعلمه كيف يُـكوّن شخصيته الانسانية ورؤيته الخاصة للحياة دون أدنى فرضية مسبقة غير قابلة للسلام والنقد والجدل والرفض، وأن نرشده كيف يفجر إرادته وعقله وملكاته دون حدود، ويبني عالماً على أنقاض يمنٍ أنهكه لصوص الأرض والسماء.

فاعتذروا للبشرية؛ ما هذا التفكير الغير سوي عند الطفل اليمني اليوم إلا نتاج تنشأة وتنمية عقليته بطرق لا انسانية أو علمية، تفسر الأحداث بشكل عدائي عنصري وغيبي يجعل من هذه العقلية قادرة -بسهولة وبتلذذ أيضاً- على تقبل كل ما يخالف الطبيعة الانسانية هنا من دمار وقتل وخوارق وخرافات، لأن الدماغ خال من أي سياج رقابي يمنع من تسلل القناعات المقلوبة إلى هوية ذاك الطفل أو غيره ممن هو مجرد باب مفتوح على مصراعيه لِملاحم «اللاأشياء الكبيرة».

وهكذا يأتي جيل ويخلفه جيل لا يمكنه تقبل أية أفكار انسانية مخالفة مهما كانت تنشد السلام والتطور والحرية، فقد تم تهيئته قبلاً بأساليب «التلقين للخضوع» لا للمعرفة، وأن يقبل كل شيء دون أدنى تمحيص أو شك!!
أن لا يقول غير لغة الخروف: «نعم»
حتى أصبحت اليوم هذه الحرب الملعونة رحم مبارك لتخصيب الجهل المقدس.

#اليوم_العالمي_للطفل

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى