فضاء حر

بضاعة لا تُرد .. ولا تُستبدل

يمنات

محمد عبد الوهاب 

مضحك هذا الانتماء الجماهيري في اليمن ومُثير للحزن، فترتفع الأهازيج ويزداد التشجيع حسب بوصلة الرواج الإعلامي والمناخ العام وليس حسب الاختيار ايماناً بالحقوق وفقاً للمبدأ الانساني.
فحين أرى كثير من التعليقات والردود العدائية بين هذا الكم من المنشورات اليومية حول أشياء لم يختاروها أشعر بالخوف والشفقة معاً، كيف حولنا حتى هذا الفضاء لمضخات كراهية!

فعلاً هذه بقعة تدور في حلقة تاريخية مفرغة، تتطور باستخدام التقنيات والأدوات الحديثة لتطبيق ذات المبادئ وذات الفكر.

فمهما اكتسبت هذه المجتمعات -التي تُقدم المعتقد والانتماء على الانسان- كل مظاهر الحداثة، فهي لا ترتقي، بل تنحدر بتقنيات متطورة، وستظل تنحدر ومن الطبيعي أن تنتج عصبيات “مبررات” جديدة تؤدي بدورها لمزيد من القتل والدمار.

فكيف يجدي أن تستخدم وتمتلك أدوات التقدم والحداثة بينما تفكر بعقلية بدائية غير سوية!، لذلك معظم ما يحدث هنا ليس سوى ممارسة للماضي الغابر بطريقة عصرية فحسب.

وبتأمل بسيط في مواقع التواصل تجد لا فرق في مبادئ السلوكيات والأفكار، حرفياً تجده مجتمعاً يجتر نفسه منذ قرون، فقط لديه أدوات حديثة يطبق بها ماضيه.

فمثلاً: نفس النظرة الدونية للمرأة، نفس العنصرية والفوضى والكراهية، نفس الرؤية المنطلقة من مبدأ الأممية الاسلامية ثم القومية العربية ثم المذهبية، حتى وصلنا اليوم لليمنية والجنوبية …الخ؛ وهكذا نفس كل شيء بعصر حديث.

وهو ما يجعلك اليوم بامكانك القول: أن امتلاك مظاهر العصر الحديث وتقنياته ولغته، دون الايمان بعلمانية اعتبرت الإنسان معيار الوجود؛ لن يجعلنا نتقدم سوى في السِن دون أن نحدث تغير في الفكر والأخلاق.

فقط استهلاك بضاعة جديدة لا تُرد ولا تستبدل، وإنحدار آخر متطور الشكل.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى