العرض في الرئيسةفضاء حر

“3” مشاريع سياسية تتصادم في الجنوب

يمنات

صلاح السقلدي

ما يدور في عدن وعموم الجنوب من تشاحنات وصدامات عسكرية وإعلامية وسياسية، هو نتيجة لتصادم ثلاثة مشاريع سياسية على الأقل، ثلاثة سيوف تتنافس على غمد واحد، هو الغمد الجنوبي منذ قرابة عامين… «السيف الحراكي» و«الشرعية والإمارات»، فضلاً عن مشروع القوى المتطرّفة الظلامية.

فما جرى في عدن قبل يومين من أحداث خطيرة ومقلقة مثل الصدام المسلح في ميناء الزيت بجوار مصافي عدن بالبريقة، بين قوات «الحزام الأمني» وقوات أمنية (لواء الرابع حماية منشآت)، قيل إنها تتبع رجل الأعمال وتاجر النفط المثير للجدل، أحمد العيسي.

يقول «الحزام الأمني» إن عمليات تلاعب وتهريب وقود تتم تحت معرفة هذه القوات، في ظل أزمات متكررة من انعدام هذه المادة الضرورية، اضطره إلى التدخل. راح ضحية هذه المواجهة ستة قتلى على الأقل وعدد من الجرحى.

وواقعة منع القائم بأعمال محافظ عدن أحمد سالمين، من دخول مبنى المحافظة يوم الخميس الماضي. شاهدنا مثل هذا الواقعة كثيراً وربما سنشاهد بالأيام القادمة أشياء مماثلة، إن ظل الوضع يراوح مكانه من غياب التسوية السياسية وإطالة أمد حرب لا طائل منها سوى إشباع نهم من قام بها وخدمة لقوى طفيلية تقتات عليها.

سنتوقف عند الحادثة الأخيرة (منع أحمد سالمين من دخول مبنى المحافظة)، فهذه الإشكالية تكررت أكثر من مرة مع أكثر من مسؤول محلي، آخرهم محافظ عدن الحالي الشيخ المفلحي، (المجمّد الصلاحيات بأمر حكومي)، بل ورئيس الحكومة أحمد بن دغر ذاته.

فالقوى الجنوبية، وعلى رأسها «المجلس الانتقالي الجنوبي»، تقف أمام معادلة صعبة التحقيق ومكلفة له سياسياً وشعبياً – وإن لم تكن مستحيلة التوفيق – ونقصد بها هنا صعوبة الموازنة ما بين أمرين:

أولاً: أن يرفض «الحراك» التسليم، ويستمر بالاحتفاظ بهذه المؤسسات، ومنها بالطبع مبنى المحافظ كرمزية سياسية كبيرة، ولكنه حينها سيكون – بل هو واقع فيه أصلاً – أمام موجة من الانتقادات من عدة جهات وقوى سياسية، معظمها تتربّص به، أي «الحراك الجنوبي» و«المجلس الانتقالي» وبمشروعه، وسيبدو بمظهر المعرقل لعمل السلطات المحلية وجهودها لتوفير الخدمات والضرورات الحياتية، وبالتالي معطلاً لمصالح المواطنين، خصوصاً في ظل أوضاع شديدة السوء والتعقيد بالأوضاع المعيشية والأمنية والاجتماعية والصحية، بل وسينتهز خصومه، وبالذات حكومة بن دغر، الفرصة ليتخذوا منه ومن هذا المنع، شمّاعة تعلق عليها إخفاقاتها وفشلها.

ثانياً: إن تم تسليم هذه المرافق والمؤسسات والانسحاب منها لمصلحة الرموز التابعة لسلطة هادي وحكومة بن دغر، الذين يتم تعيينهم تباعاً في عملية إحلال وظيفي وقيادي تستهدف العنصر الجنوبي الحراكي التحرري مباشرة، فسيكون «الانتقالي» وكل قوى الجنوبية ومقاومتها، أمام وضع صعب، حيث سيبدو الأمر منهم كأنه نكوصاً وعودة القهقرة، وتنازلاً عن المؤسسات التي آلت إليه غداة انتهاء الحرب، وسيظهر بالمحصّلة النهائية كمن يتخلى ببساطة عن شعار: «نحن المسيطرون على الأرض»، والذي طالما تفاخر به الجميع واعتبروه الأرضية الصلبة التي يمكن أن تؤسس عليها مداميك مشروع الجنوب القادم، وبالأخير سيكون لهذا الخيار ضريبة كبيرة ليس أقلها فقدان الثقة الجماهيرية والشعبية التي بدأت تتعاظم بالآونة الأخيرة بعض الشيء، بعد غياب دام عامين، بعد ارتماء رموز الثورة الجنوبية بحضن الشرعية بشكل مهين ومذل.

بعد منع القائم بأعمال المحافظ قبل يومين أحمد سالمين، بأقل من 24 ساعة، أصدرت الإمارات العربية المتحدة بياناً صحافياً نفت فيه الاتهامات التي وجهت إليها بأنها تقف وراء هذا المنع منذ شهور. هذا البيان يؤيد الاعتقاد القائل بأن «المجلس الانتقالي» هو من يحث الإمارات على الوقوف إلى جانبه بهذا الشأن، وليس الإمارات هي من تضغط عليه.

مع الاعتقاد أن الإمارات تتفهم موقف «المجلس الانتقالي» وتتماهي معه، ولو بشكل خفي، حيث ترى في تخلي «المجلس الانتقالي» عن المؤسسات، ومنها مبنى المحافظة كرمزية سياسية، سيكون لمصلحة «حزب الإصلاح» (إخوان اليمن)، الخصم اللدود لأبو ظبي، المتواجد في هذه المؤسسات، سواءً بعناصره «الإصلاحية» الظاهرة أو المتخفية. ولكن الإمارات، وتفادياً لأن تبدو بمظهر المعطّل لمصالح الناس، تؤثر التحكّم بالموضوع من خلف الحجب وعن بُــعد!

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى