فضاء حر

فاتنة يتكالب عليها القطعان

يمنات

أحمد شايع

هي فاتنة بكل المقاييس..

بسيطةٌ في حياتها..

مرهقةٌ بمعيشتها..

تعشق السلام، وتحب الجميع.

كريمةٌ الطبع، جامحة في السخاء والبذل.

طيبة الأعراق.. شريفة الأصل والنسب.

تعطي الكثير ولاتبالي.. وهي محرومةٌ من كل شيء..!!

– جبينها.. شامخ بشموخ الأجداد والأبناء والأحفاد منذ (آدم).

– عيونها.. تلمع بزرقة السماء..

– خدودها.. محْمّرَّة من الحياء نظرة ملساء..

– شفتيها.. تسيل عسل شفاء ودواء.

– نهديها.. كثبان رملية، ما إن تلمسها يد حتى ترتد لطبعها بنفحة نسيم.

– يداها.. جميلة الرسم تزدان كل موسم بأجمل نقش.

– خصرها.. ناحل شهي مشدود برباط من نخيل وقصب.

– ممتلئة الأرداف.. تتغنج بدلال حرة كريمة محتشمة.

– رحمها.. ينطبق عليه قول الشاعر (ولها هن راب مجسته وعر المسالك حشوه وقد).

– قدميها.. ثابتة راسخة لا تتزحزح إلا بتبديل أرض غير الأرض والسماء غير السماء.

– هي بكر حرة شريفة ورغم ذا هي أُم وقديسة حبلت كالعذراء مريم من دون أن يمسسها بشر وتبنت العديد من الأبناء وأرضعت أبطال وكرام الاصناف من الإناث وأكابر الرجال.

ولإجل كل ذاك..

تكالب عليها قطعان من ضباع، ظنوا أنفسهم أُسوداً وتستروا خلف أقنعة الخداع.

نزعوا الخمار عن وجهها الصبوح المشرق فتناثر شعرها الناعم الملمس..!!

تنادنوا من كل حدب وصوب ينسلون.. يشاهدون تلك الفاتنة..

كانت خجلى وخائفة هي.. ومستكينة.

تتلفت يميناً وشمالاً.. فإذا بين الضباع بعض ممن سقتهم شهدها ولبنها.

نظرت إليهم بصمت مسموع ونداء الإستغاثة.

لكن كان منهم طبع الدناسة.. فهيجوا الضباع وأرشدوهم أن منها مكسب بجدائلها وشعرها المنساب على كتفيها، وأوغروهم بقص الجدائل.

فغلب طبع الضباع آديمتهم.. فمزقوا جدائلها شر ممزق.

وزاد فيهم الشبق والعهر الفاجر.. فتمادوا.

لطخوا الخدين.. وأعملوا المخالب في الوجه الحسن.

وأنتقلت أيادي الدنائه إلى ردائها البيسط..

فمزقوه.. وشتتوه.

تكالبوا بقذارة الإنسان عندما يصير الحيوان أكرم منه وأشرف بين بني جنسه.

تألمت.. وجثت على ركبيتها ولم تركع..

عضت على شفتيها.. حتى لاتُسمعهم الأنين ولاتشمت بها المتكالبين.

تذوذ وتستر عرضها بثيابها المهُترئة.

عانت وتعاني الجروح والقروح من مخالب ذئاب البشر..

وفي عينيها حُمرة ودمعه القهر من نذالة ضباع البشر.

يُسمع من بين شفتيها نداء موهن ضعيف.. وكلمات أسف على حقارة من تخلى عنها ومن ساعد فيما حصل لها.

أتدرون من هي ؟!!

إنها تهامة.. الأرض والإنسان.

ومن جنى عليها.. هم الضباع تساعدهم أيادي الدنائة من أبناء هذه الأرض.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى