أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسةتحليلات

أين يذهب الدعم الخليجي لحكومة هادي..؟ ومن هي الدول التي تقاسمها النهب والفساد..؟

يمنات

صلاح السقلدي

قال وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، أمام الجمعية العام للأمم المتحدة قبل يومين، إن بلاده قدمت نحو 2.3 مليار دولار كمساعدات إنسانية في اليمن، ونحو 300 مليون دولار كمساعدة للمنظمات الداعمة للأزمة اليمنية كمنظمة الصحة العالمية، بالإضافة إلى 23 مليون من المساعدات المخصصة لمحاربة مرض الكوليرا، ومبالغ أخرى للكهرباء والأمن والبنية التحتية.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول إماراتي أو خليجي عن تقديم مساعدات لليمن بهذا الحجم الكبير، الذي لا أثر له بشكل واضح على أرض الواقع، إن صح فعلاً أنها وصلت إلى المحتاجين بهذا البلد المنكوب بعاصفة الحرب الخليجية منذ ثلاثين شهراً.

وقبل أن ندلي بدلونا بهذه التناولة العابرة عن حقيقة هذه المبالغ، وأين ستذهب كلها أو معظمها – في حال أوفى أصحابها بوعودهم – سنسرد (بعضاً) من الأرقام المعلن عنها خليجياً لليمن، وتحت كلمة «بعض» نضع عدة خطوط ملوّنة، لأن حصر الكل مستحيل، في ظل شفافية غائبة وفساد متغوّل ودعم خليجي سرابي في كثير من الحالات، أو فتات في أحسن حال.

بالإضافة إلى المبالغ المشار إليها أعلاه، فقد أعلنت المملكة العربية السعودية في مايو من هذا العام أن قيمة مساعداتها لليمن بلغت قرابة 8 مليار وربع المليار من الدولارات منذ بداية هذه الحرب في مارس عام 2015. هذا خلافاً للمبالغ التي تعلن عنها الرياض بين الحين والآخر في هذا الشأن، جنباً الى جنب لما تذيعه باسم «مركز سلمان للإغاثة» من مبالغ طائلة ودعم مادي كبير، منها على سبيل المثال مبلغ 66.7 مليون دولار قال المركز إنه قدمها لمكافحة انتشار مرض الكوليرا.

وهذا المبلغ تحديداً أضحى بنظر المواطن «كذبة العصر» بجدارة، بعد أن تبخّـر منذ يوم إعلانه، في الوقت الذي ازدادت فيه الكوليرا فتكاً بضحاياها

– في أبريل من هذا العام أيضاً، أعلنت الكويت باسم نائب وزير خارجيتها خالد سليمان الجار الل،ه من ضمن سلسلة إعلانات كويتية بالدعم لليمن، أنها خصّصت 100 مليون دولار للإسهام ضمن ما قالت إنها جهود يقوم بها المجتمع الدولي لدعم الاحتياجات الإنسانية باليمن الشقيق.

ظل الدعم الكويتي هو الأصدق بين الدعم الخليجي كله، بل هو الدعم الذي يشق طريقه للمحتاجين بعيداً عن أعين الفساد وعن أعين الإعلام وعدسات كاميرا الاستعراض وأسلوب المنّ والأذى.

– في 22 فبراير شباط 2017، أعلن الرئيس عبد ربه منصور هادي، أن السعودية قدمت 10 مليارات دولار لإعادة إعمار اليمن، منها 2 مليار دولار وديعة لدى البنك المركزي اليمني.

– في نهاية ابريل من هذا العام 2017، أعلن مؤتمر المانحين لليمن أنه جمع مبلغ 1.1 مليار دولار.

وكان قبل هذا بشهر واحد أعلن رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، أن تكاليف إعادة الإعمار في اليمن تقدر بأكثر من 100 مليار دولار.

هذا وكان مؤتمر المانحين الدوليين الذي استضافته العاصمة السعودية مطلع مايو من هذا العام قد أعلن تخصيص 15 مليار دولار للمساهمة في إعادة إعمار اليمن.

ما تم سرده ما هو إلا نتفاً بسيطاً من كُــومة ما يعلن من مبالغ خليجية افتراضية تقدم لليمن تعويضاً عمّا لحق بها من عاصفة الحزم الخليجية، في ظل وضع انساني يزداد بؤساً وتردياً يوم إثر يوم مع تصاعد وتيرة أخبار الدعم والمبالغ الضخمة التي تكاد معها السماء باليمن توشك أن تمطر دولارات وتتساقط على رؤوس أهلها ثلوج من دراهم.

فإن صحّت هذه الأخبار وهذه المبالغ، ولو جزء بسيط منها، في الوقت الذي نرى حجم المعاناة يأخذ التناسب الطردي معها (يزداد الدعم وتزداد مع المعاناة)، فهذا يعني بالضرورة أن هذه الدول، في الوقت الذي تسلم هذه المبالغ لسلطة هادي وحكومته وهي تعلم جيداً بأنها سلطة فاسدة بامتياز، فهي تعلم أنها لا تصل إلى المستهدفين من جموع الجياع والمرضى والبائسين. وبالتالي، فإن الدول الخليجية، بهذه الطريقة، تحتال عن عمد على المجتمع الدولي قبل اليمني، وهي تقدم نفسها بصورة إنسانية أمامه من خلال تسلـيمها لسلطة هادي وحكومته الفاسدة مبالغ تحت الحساب، كان من المفترض أن تذهب للمحتاجين والمتضررين من هذه الحرب كما هو معلن. بمعنى أوضح، فإن هذه الدول تمنح حكومة هادي وسلطته أموالاً من الباب الخلفي المسمّى بالدعم الإنساني، لتوفر عن نفسها صرفيات أخرى مضاعفة.

فيكفي أن ننظر إلى الرقم الذي طرحه قبل أشهر رئيس وزراء سلطة الرئيس هادي، وهو يتحدث عن تكلفة الإعمار باليمن (100مليار دولار)، لنعلم مسافة صاروخ الفساد بعيد المدى.

قال الوزير الإماراتي أنور قرقاش، إن بلاده قدمت الملايين لتحسين حال الكهرباء باليمن. وهذه الكهرباء في أسوأ حالتها، ليس فقط في عموم اليمن وصنعاء، بل في عدن، المعقل الرئيس للإمارات، وهذا واحد من الأدلة على غموض هذا الدعم، والدعم الخليجي ككل ومصيره المجهول. هذا إذا ما أخذنا خدمة الكهرباء كمعيار للوضع الخدمي في عدن وعموم الجنوب، ولا نقول بعموم اليمن، فهو وضع أصعب من أن نضع تشخيصاً له.

تعلم السعودية والإمارات جيداً أن السلطة اليمنية الشريكة معهما، لم ولن تتردد بالتهام ما يقع تحت يدها من أموال محلية، بما في ذلك مرتبات الموظفين وأدوية المرضى وتذاكر سفر الجرحى، فضلاً عن عوائد الضرائب والنفط والغاز، ومع ذلك تصر هذه الدول أن تسلم هذه السلطة مليارات الدولارات، أو هكذا تعلن للعالم. فماذا يمكن أن نفهم غير أن هذه الدول تقاسم هذه السلطة الشراكة بالحرب والنهب والفساد وتزيدها إفساد فوق ما فيها من فساد؟

فخزانة يقف على بابها ابن رئيس الدولة، حاملاً جرابه فوق ظهره، لن تكون إلا خزانة خاوية على عروشها. وشركة نفط يديرها تاجر فاسد شره، لن تكون محطات الوقود إلا تحت رحمة أسعاره، وحال محركات الكهرباء تحت مزاجه وهواه.

ولو عرّجنا على الوضع الأمني الذي قال الوزير الإماراتي إن بلاده تدعمه، فهذا الدعم لا يذهب لبناء مؤسسات أمنية رسمية، بل لبناء تكوينات تسمّى جزافاً بالأمنية، وهي خارج سيطرة وإدارة المؤسسة الرسمية الأمنية المفترضة، وتحمل أسماء وانتماءات مناطقية مريبة، تختلف من محافظة إلى أخرى. مع الإشارة هنا إلى النجاح الأمني ضد الجماعات الإرهابية في محافظة أبين وشبوة «كبيضة ديك»، ومع ذلك وجب الإشادة به على كل حال.

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى