العرض في الرئيسةفضاء حر

سلام لأكباد تستند للجدران وتتوجع بصمت وسلام لـ”حاشد” وقبح العابثون والفاسدون والمتمصلحون ومنتهري الفرص

يمنات

عبد الوهاب الشرفي

هناك اناس لا حول لهم ولا قوة يكدون و يعملون في اعمال اعتبرت لغيرهم نوع من العقوبة ” اشغال شاقة”، و يتعرضون لمخاطر المهن التي اذا ما وقعت جرح احدهم نفسه جرحا بليغا او بتر عضوا وقد ربما يذهب فيها واسأل الله لهم الحفظ و السلامة.

يواجهون المخاطر او ينهكون انفسهم او يغيبون شخصياتهم في سبيل الكد على انفسهم ومن يعولون بصمت و بتكبد و غصة في مجتمعات مجتمعنا احدها لا تراعي انسانية الانسان ولا ادميته و لا حقوقه و لا يعني لها وجعه ولا معاناته ولا قهره و حياته شيء على الاطلاق.

يكابدون ويجهدون و يتعرضون للمخاطر ليعيشوا و عيشهم عيش كفاف يقصر عن كثير من متطلبات حياتهم العادية التي تصل احيانا لوجبات طعامهم.

بصمت يعملون ولا يعنيهم كل هذا العبث و الاحتيال و الفساد و الافساد و التأمر و المكر الذي يتسم به عادة من يديرون بلدانهم ولا يعرفون مالذي يدور الا عند وقوع المصائب على رؤسهم هم بينما يفر اولئك المتسببون فيها تاركين هؤلا الضعفاء و المستضعفين يعانون ويلات سياساتهم واداراتهم الهوجاء و الانانية و اللانسانية و الفاشلة.

رأيته خارجا من باب الحوش ولم اكترث فزملائه لازالون يعملون و قلت ارسلوه ليجلب شيء نقص للعمل، كان قد خرج قبله رئيس العمل ليحضر بعض النواقص و عاد قبل ان يعود العامل وخرجت لاتحدث معه في العمل و انهيت الحديث و توجهت عائد لمقيلي ليخبرني ابني ان العامل اوجع يده بالجلخ، سألته ايش حصله قال مش عارف خرج وهو ماسك يده المعورة باليد الاخرى، هرعت لرئيسهم وسألته ايش حصل للعامل قال شط يده بالجلخ و قد عالجناه و الحمد لله لطف الله من ماهو اعظم.

لم أكد اكمل حديثي الا ودخل العامل وهو ممسك يده بالاخرى و يتوجع قلت له ليش ما تكلمني نسعفك وخرجت وبس لم يجبني وسألته كيف لمن عورتها قال اجيت اغير ريشة الجلخ و السلك موصل بالكهرباء و وقعت يدي على المفتاح و تحرك و عور يدي، قلت له وكيف الآن قال عملنا لها اربع غرز و عالجناها، قلت له والألم كيف الآن قال توجع. قلت له ضروري ابرة للالم السيارة ستصل بعد قليل واشلك وارسلت ابني احضر فولتارين فوار و شربه و اخذ نفسه وجلس عرض الجدار ماسكا بيده على الاخرى.

دعوته ندخل سويا المقيل و دخلنا و جلسنا نتحدث وكنت اتأمله كان خجولا ولديه قدر يسير من الصعوبة في النطق ولا زال يتألم و لحسن الحظ كانت العيادة التي اسعف نفسه اليها قريبة فقلت له مابننتظرش السيارة نسوي لك ابرة في العيادة، انتهت فترة العمل وغادر العمال و اتصلت برئيسهم فطمنني ان الالم خف بقدر كبير بعد الابرة.

أيها التافهون هذا نموذج لمئات الالاف من ابناء اليمن، من شعبكم، من مواطنيكم، ممن هم في ذمتكم كشاغالي مواقع السلطة او شاغلي المواقع الاجتماعية المختلفة، معوز، يكد، يتعرض للمخاطر، و يصاب، ويمسك بوجعه و يذهب، لا يتحدث، يجلس ليكابد اوجاعه بصمت، صمت بالنسبة لي كان قاتل فعلا صمت قطع قلبي الى اوصال.

أيها الفاسدون و المقامرون و المجازفون و المضاربون و الانانيون مااقبحكم، ما اتفهكم، ما ارخصكم، نعم مع كل هيلمان السلطة و بهرجات المسئولية و ترف المال و مظاهر القدرة و القوة و عرض المصالح، ما اقبحكم وما اتفهكم و ماارخصكم. تعرفون لماذا..؟ لسبب بسيط لأن هذا المتكبد بصمت ومثله الالاف و يرتبط بهم ما يصلون للملايين انتم تشغلون مواقع السلطة عليهم، تهيمنون على ادارة الشأن العام الذي يتاثرون به، تمسكون ازمة القرار و قدرات التنفيذ بما ينعكس على حياتهم.

هل سألتم مرة واحدة انفسكم من يعمل ومن لايجد عمل..؟ من يعمل في ظروف عمل ملائمة ولم ليس كذلك..؟ مالذي يعود على العامل من عمله ومدى كفايته..؟ مالذي يترتب على الموظف وهو من دون راتب لاشهر..؟ ما انعكاس ذلك عليه و على التزاماته وعلى من يعول..؟ ما انعكاس ذلك على الاعمال و الاسواق و الدخول للملايين المرتبطة بالمرتبات..؟ هل سألتم أنفسكم مالذي فعلنا لصالح المواطن..؟ مالذي قدمنا لتخفيف عنه ما امكن..؟ هل و هل وهل..؟

هذا النحو من الاسئلة يظل ليس لنا ان نوجهها لكم وما يجب ان نوجهه لكم هي اسئلة اخرى .. هي مالذي يفعله فسادكم بمواطنيكم..؟ ما اثر تمصلحكم و مضاربتكم بالناس الضعفاء..، ما انعكاس فشلكم و وغوغاء واندفاع سياساتكم و ادراتكم على من لاحول لهم ولاقوة..؟ وما اثر وجودكم بكل انتهاكاته و انانيته و قبحه و فشله و لا مسئوليته على من تتولون مسئوليتهم.

هذا العامل ومثله مئات الالاف و ملايين ذوي علاقة يعانون بصمت، عقود من الادارة اللانسانية لاتزال مستمرة حتى الآن اصبحت ران على نفوس و قلوب وامزجه هؤلاء الضعفاء و المستضعفين لم يعودوا حتى يظهرون اوجاعهم، يقبضون على وجعهم بوجع اخر ويلوذون بالحيطان ليستندوا اليها و يشردوا عن ماحولهم، لم يعد يهمهم ان تظهر اوجاعهم او ان يدري بها احد، و مالذي سيتغير سمعتوهم او لم تسمعوهم، لم تنصفوهم يوما ما ، لم تصغوا لشكاواهم يوما ما، لم تحسبوا حسابهم يوما ما ، لم تفكروا فيهم يوما ما ، لم تعترفوا بوجودهم و بحقهم و بحاجاتهم في اي يوم من ايام بؤس سلطاتكم منذ عقود و حتى الان.

تلك المباني التي شيدتموها هي جروحهم، تلك الاراضي و المزارع و البساتين التي تملكتموها هي اوجاعهم، تلك السيارات الفارهة التي تمتطونها هي تأوهاتهم، تلك الشركات و الانشطة التجارية التي تديرونها وتضاربون فيها هي فقد حيلتهم، تلك الاسهم و الارصدة التي كومتموها هي حيرتهم وضياعهم، ايها الصغار التافهون انتم محاطون من كل اتجاه بالاثم، كلما حولكم في كل مناحي حياتكم هو القبح، يلفكم الالام و الاوجاع و الجروح و التأوهات و التشرد و النزوح و مد اليد و العوز و الحاجات و الامراض و المعاناة و فقد الفرص و ضياع الطموح و الانزلاق للاجرام و تفكك الاسر و توتر المجتمع.

أيها اللصوص للمال العام و الوظيفة العامة و المصالح العامة ايها المرتشون و المتفيدون و المتعرطون واكل العمولات و التسهيلات و الاتاوات وكل صور السحت تبعا لوجودكم في موقع سلطة او تمتلكون قوة تمنحكم النفوذ في الدولة، ايها النخب التي تتخلى عن دورها لتعيش و تتعيش فتتحول الى ابواق او “مماسح لتلميع احذية” هي بلاء و مصيبة هذا البلد بدلا من الوقوف في وجهها، ايها التجار و رجال الاعمال المتربحون دون مراعات اوضاع الضعفاء و المحدودين و المتواطئين مع لصوص المال العام لتمرير صفقاتهم و توسيع مبيعاتهم بالاحتيال و الرشوات و العمولات و الهدايا ، ايها القادرون في اي موقع سلطة او موقع اجتماعي اي كان ، كلكم تتوزع بحقكم التفاهة و الرخص و الانانية كلا بنسبته في العبث الذي يمارس في هذا البلد و نتيجته واقعنا اليوم و ضحيته مجتمع عريض بات مفقرا عاجزا فاقد الحيلة نهبا للاوجاع و الامراض ومستند على الحيطان بصمت ، مستند على الحيطان بدلا من استناده على سلطته و مسئوليه قادريه و نخبه . الذي تحول جلهم الم يكن كلهم الى اعداء وخصوم و منتهزي فرص و كانكم محتلون لا البلد وطنكم و لا المجتمع اهلكم.

و انا افكر واتأمل في ماحدث امام عيني اليوم تذكرت القاضي حاشد المضرب عن الطعام منذ ثمانية ايام، عظيم انت ياحاشد، نعم انت عظيم لايجاريك احد بين كل هولاء الغثاء، انت من اتخذت موقف، اثمرت ام لم تثمر لقد فزت بها يكفي انك صدعت وغيرك يسرق او يتمصلح او يتملق او يصمت ، تأملت في موقفك وعرفت جوهره وعرفت لماذا قلت لي سأحتج واضرب عن الطعام ولا يهمني نزل احد لتضامن معي ام لم ينزل، كنت تعرف ان الشريحة الاوسع هي تلك التي اوصلتها سلطاتها المتعاقبة الى متألمة بصمت يأسة خائفة مذعورة مسدودة الافق لم يعد لها الا ان تجلس الى الجدران وحسب ، موقفك ياقاضي احمد ليس احتجاجا وحسب انه محاولة لبعث ادمية هولا الضعفاء ، درس في التمسك بالحقوق و المطالبة بها وعدم اليأس ، ولهذا كان اعظم الجهاد هي كلمة حق عند سلطان جائر ، وانت في اعظم جهاد و بين هولاء جميعا انت اعظم مجاهد.

سلام لتلك الاكباد الرطبة التي تستند للجدران وتتوجع بصمت فاقدة الحيلة مسدودة الافق، وسلام لحاشد ،.. وقبحتم قبحتم جميعا ايها العابثون و الفاسدون و المتمصلحون ومنتهري الفرص و الفاشلون … وكفى

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى