أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

من يملك الحس الانساني والشجاعة الكافية لمنح الناس ما يمنحهم “احمد سيف حاشد”

يمنات

محمود ياسين

يبدو أحمد سيف وكأنه الغلطة التي عليها ان تموت وحيدة لتكفر عن كل خطايانا، حملناه وزر مرحلة بأسرها ونسينا كل الذي فعله لأجل الناس ثم اختزلنا تاريخه الانساني والنضالي برمته في اكتشاف لقب وموقف منسجم مع المليشيا..

المليشيا التي يتحداها القاضي احمد الآن بضعفه وبطنه الخاوية ولم يعد لديه غير موته دفاعا عن حقوق شعب في الحياة.

لا اتعرف للحظات التي يفقد فيها الانسان يقظته ويتصرف على نحو تلقائي، انني اسقطها من المعيار الاخلاقي بما في ذلك السذاجة السياسية فلو كان احمد سيف حاذقا وماكرا لما بقي الى الآن يقتفي الصواب مدفوعا بعاطفته فحسب..

يقال مؤخرا ان الذكاء عاطفة صادقة وان اقترفت خطأ وأن الخطيئة هي تجريد الانسان من تاريخه وفقا للفرز والاستقطاب..

شيء قاسي جدا ان يتعالى النخبويون على اضراب رجل عن الطعام حتى الموت الا ان تدفع السلطات رواتب الناس. وبدلا من منحه كلماتنا المتبقية لقليلي الحيلة، رحنا نجلد فيه الرجل الذي ارتدى الميري يوما اثناء هجوم على بلادنا، وفي اللحظة حرمنا فيها من جيشنا ومن الخدع لا يمكننا اخلاقيا تحريم الميري او التهكم منه واعتباره سوء خاتمة، بينما تتمثل سوء الخاتمة حقا في احتقار الميري اليمني على الحدود أيا يكن ما حدث في صنعاء.

تستدعي انماط النهايات بعضها في حالة من الفوضى والصخب الاخلاقيين ويمسي التخلي عن مضرب عن الطعام ليواجه نهايته بمزاج تشفي، يمسي ذلك عند البعض مدعاة للرضى عن الذات الانسانية والوطنية ضد رجل يترك للانسان داخله الوقوع في اخطاء من ذلك النوع الذي يعلق بالرجال التلقائيين، وهو ذاته الانسان داخله الذي يدفعه للموت جوعا في سبيل الناس.

احمد طيب وسخي وكان بيته ملاذا للناشطين والمتدربين على السياسة والصحافة ولقد حول جهده للعب دور المنشق الشريد المتعالي المناضل الذي لا يكترث لبرتوكول شخصيته البرلمانية..

و مؤخرا وبدون مهارة اكتشف لنفسه لقبا ربما لم يعول عليه كثيرا لكنه دفع ثمنه بالمقابل تاريخا من الثقة والمواقف عند من يحاكمون الانسان وفقا للقبه المكتشف وليس لما فعله او لم يفعله، هو حتى كان يخرج احيانا بجزمة فردة بني والاخرى سوداء ويتحمس ويتراجع ويترك احيانا حتى للسذاجة الطارئة ان توقفه لالتقاط صورة برفقة كلما يناقض تاريخه، لكنه يجد القوة والشجاعة الكافيين على الدوام لاستعادة انسانيته والانحياز للناس المظلومين..

لو انه توخى الحذر لبقي بعيدا المجال الريبي لمزاج المليشيا واحتفظ ببرتوكول معيار النخبة الصارم، المعيار المفتقر لفضيلة العدل، شيء مخيف وباعث على استجرار شرور اللؤم المتربص وكل مرارات الخذلان، ولو توخى الحذر لنجى من شراككم التي لم تعد تميز بين الطرائد والاصدقاء.

و لكان ايضا قد تجنب بذلك الحذر وضع جسده ونفسه وعائلته ومصيره في مواجهة مع مليشيا لن تدفع فلسا واحدا ولو مات الاف المعتصمين، وهذا هو تاريخه الآن والنهاية التي اختارها على الاقل..

لكنه قد اختار هذا ومهما تكن نتائجه فلن يكون فعله عبثيا، هذا رجل قرر الموت جوعا احتجاجا على تجويع شعب، يملك البعض الجرأة الكافية لتجاهل فعل كهذا وتجريمه ايضا، لكن من يملك الحس الانساني والشجاعة الكافية لمنح الناس ما يمنحهم احمد سيف الآن، حياته..

توقفوا عن جلد رجل يحتضر ليحصل الناس على سبب للحياة.

المصدر: حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى