أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسةتحليلات

هل ستسعى “واشنطن لـ”أمركة” الملف اليمني خوفا من التسلل الروسي..؟

يمنات

مع بداية رئاسة دونالد ترامب للبيت الأبيض مطلع العام الجاري، نفذت القوات الأمريكية عمليات عسكرية ضد عناصر تنظيم القاعدة جنوبي اليمن، وتوسعت عمليات الطائرات من دون طيار لتشمل عدة مدن، وهي مؤشرات اعتبرها المتابعون إعلان مرحلة جديدة للإدارة الأمريكية في البلد المشتعل.

و رغم أن زيادة اهتمام واشنطن بالملف اليمني جاءت بعد انطلاق عمليات التحالف العربي، الذي ينسق مع ترامب خاصة فيما يتعلق بالعمليات على الساحل الغربي، فإن ذلك الاهتمام يطرح سؤالاً عما إذا كان الملف سينتقل من البيت العربي، ليصبح ملفاً دولياً بحتاً تديره كلياً الولايات المتحدة.

و في حين ينسق التحالف العربي والولايات المتحدة بشأن الملف اليمني، فإن موقف البيت الأبيض لم يكن صريحاً تجاه الانقلابيين ورادعاً لهم، وهذا التعاطي “الرخو” يفسره الرأي العام المحلي بِنِيّة أمريكا توسيع نفوذها، وضمان استمرارية علاقتها مع الأطراف المؤثرة في اليمن، وقد حمل آخر مؤتمر صحفي للسفير الأمريكي لدى اليمن، ماثيو تولر، ملامح وطموحات إدارة بلاده في اليمن.

سباق المصالح الاستراتيجية

المحلل السياسي عدنان هاشم، يرى أن السياسة الأمريكية في اليمن تتجه إلى إعادة إحياء مبادرة جون كيري (وزير الخارجية السابق)، لكن بعد أن تنتهي من وضع سلطة ثالثة في محافظة الحديدة (غربي اليمن)، وهو الاتجاه ذاته الذي تقوده الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

و قال هاشم في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، إن الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي تخشى من تغيير الاستراتيجية الروسية في اليمن نحو تحركات دبلوماسية أوسع، بعد قبول موسكو بسفير يمني للحكومة الشرعية في يوليو الماضي، وهي المرة الأولى منذ 2011.

و كان كيري تقدَّم بمبادرة قبل أن يغادر البيت الأبيض، تمثلت في الدعوة لتشكيل حكومة وحدة من جميع الأطراف بعد فشل كل المفاوضات، لكن الرئاسة اليمنية رفضت الخوض فيها باعتبارها تناقض المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن الدولي 2216).

و حسب حديث هاشم، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تريد تحقيق اختراق للأزمة اليمنية وملف السلام، وقد يكون ذلك بضغوط جديدة على الحكومة المعترف بها دولياً. وتلك التحركات الأمريكية تسابق الدور الروسي، الذي قد يضغط من أجل وجود قاعدة عسكرية قرب باب المندب، وهذا ما تخشاه واشنطن.

مرحلة جديدة

على المستوى السياسي، لا يزاحم الدور الأمريكي في اليمن على الواجهة؛ بل ينتهج سلوكاً متوازناً حتى مع أطراف الانقلاب والجهات الداعمة لها، وإن كان وجوده سياسياً ليس بمرتبة ملفات أخرى في المنطقة، إلا أن المؤتمر الصحفي لماثيو تولر، سفير الولايات المتحدة لدى اليمن، كان بمثابة نقطة الانطلاق لجولة جديدة يخوضها إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وحمل حديثه شيئاً مما يحمله المبعوث الأممي كحل سياسي.

الصحفي والكاتب علي الفقيه، أشار إلى أن حديث تولر حمل الكثير من التلميحات لدور بلاده، الذي يمكن أن تشهده المرحلة المقبلة بعد أكثر من عامين على انطلاق عمليات التحالف العربي.

و أضاف الفقيه في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أن المؤتمر الصحفي كان بمثابة إعلانِ مرحلة جديدة للدور الأمريكي في اليمن، بعد توقفه بشكل شبه كلي منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة وقدوم ترامب إلى البيت الأبيض، وبعد أن تعثر آخر تحرك رسمي للإدارة الأمريكية باليمن، المتمثل في المبادرة التي تقدم بها كيري.

الفقيه أشار إلى أن الملف اليمني “ظل خليجياً بالدرجة الأولى خلال الفترة الماضية، وشهد ركوداً باستثناء الإنجازات العسكرية في الساحل الغربي”، وهذا وفَّر مدخلاً –بحسب المتابعين– لأطراف خارج البيت الخليجي والعربي لتقديم مقترحات، وربما فرض رؤىً على الواقع اليمني.

و رغم تأكيد تولر دعم حكومة بلاده تحركات المبعوث الأممي، بعد أن سيطر الجمود على أدائه خلال الفترة الماضية، فإن الفقيه استبعد تمكُّن الإدارة الأمريكية، على المدى المنظور، من التوصل إلى حل للملف اليمني ما لم يحدث فارق في المعادلة العسكرية على الأرض، التي تُعتبر حجر الزاوية، خاصة في ظل الأزمات التي اشتعلت في المنطقة، وجعلت الملف اليمني يتراجع في سُلّم اهتمامات اللاعبين الإقليميين.

و أكد الفقيه، الذي حضر المؤتمر الصحفي، أن السفير كان واضحاً في اتجاه إدارة بلاده نحو الضغط على جميع الأطراف لتقديم تنازلات.

و أشار إلى أن حديثه عن “إتاحة المجال للأصوات المعتدلة لتتمكن من عمل شيء ما، يعني الذهاب نحو أنصاف الحلول التي قد تؤجل الصراع ولا تنهي أسبابه، وأبرز مؤشر على ذلك هو حماساه اللافتة في الحديث عن مقترحات ولد الشيخ بشأن تجنيب ميناء ومدينة الحديدة الصراع”.

و شدد على أن هذه “التجزئة” في الحلول لا تخدم الحل الشامل للقضية، بقدر ما تُعتبر عملية “تخدير موضعي”، ومحاولة للهروب من القضية برمتها إلى جزء منها.

و منذ أواخر التسعينات، بدأت العلاقات العسكرية اليمنية-الأمريكية تشهد تحسُّناً، بعد استهداف القاعدة المدمرة “كول” بمرفأ عدن في 12 أكتوبر 2000، وتوسعت عقب أحداث 11 سبتمبر 2001.

لكن الخشية من تسلُّم الإدارة الأمريكية للملف اليمني بشكل كامل، دون التنسيق مع الحكومة الشرعية، تتزايد لدى اليمنيين من أن تتحول بلادهم إلى مسرح للعمليات العسكرية، وملف مفتوح على كل احتمالات الحلول السياسية التي قد لا تضمن إلا المصالح الدولية على حساب الأمن والاستقرار في البلاد.

المصدر: الخليج اونلاين

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى