إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات

بعد أحداث منفذ شحن الحدودي .. هل توجهت الامارات نحو سلطنة عمان بعد قطر..؟ و ما سر تواجدها في محافظة المهرة اليمنية..؟

يمنات

عبد الوهاب الشرفي

لم يكد يمضي يوم واحد على تفجير الأزمة مع قطر حتى لوح محمد بن زايد بإتجاه سلطنة عمان و دولة الكويت و أن الدولتين تتبعان سياسات لا تنسجم مع سياسة مجلس التعاون الخليجي.

الأزمة الخليجية مع قطر لازالت في ذات حدتها وما تغير فيها هو فقط تمكن قطر من محاصرة لخصومها سياسيا لكن التفاعلات لازالت قائمة و ما تحت الطاولة أكثر مما هو على سطحها، ولازالت هي الأزمة الخليجية مع قطر هي التي تطغى على التغطية الإعلامية و الحراك السياسي الظاهر.

محافظة المهرة اليمنية المحادة لسلطنة عمان و التي يقع فيها منفذ شحن الرابط بين الجمهورية اليمنية و سلطنة عُمان هي محافظة لم تدخل في الصراع الحاصل في اليمن وكانت أكثر المحافظات اليمنية سلامة من الصراع ومن تبعاته، وبالتالي لا محل فيها موضوعيا لتواجد للتحالف العربي من أي نوع ، فالمحافظة مستقرة وهي بيد ما يسمى “الشرعية” ولا تهديد لمن يسمون “الإنقلابيين” فيها مطلقا.

رغم وضع محافظة المهرة المستقر بدأت الإمارات بالسعي للتواجد وفرض الهيمنة في هذه المحافظة بإستمالة عدد من مشائخها و جذب عدد من قيادات السلطة المحلية و كذلك تجنيد الآلاف من أبناء المحافظة و إقامة معسكر في الغيضة عاصمة المحافظة تديره الإمارات.

تمثل محافظة المهرة عمقا إستراتيجيا لسلطنة عُمان ومتعلق مباشرة بأمن عمان القومي و لدى السلطنة إهتمام كبير وتاريخي بالوضع في المحافظة لعل أهم ركائزه التداخل القبلي بين المحافظة و المحافظات العمانية المتاخمة.

تتهم السلطنة الامارات بالتجسس عليها و سبق أن أثيرت مسألة القبض على خلية التجسس التي تعمل لصالح الإمارات داخل السلطنة، وكان لابد للسلطنة من النظر بريبة للتحركات الإماراتية غير المبررة في المهرة و السعي الحثيث للتواجد فيها و ما يستتبع ذلك من تهديد لأمن السلطنة في ظل عدم انسجام السياسات للدولتين خصوصا تجاه العلاقة مع إيران من جهة و التسبب في سحب الصراع الى المحافظة كترتيب على حالة الصراع بين الإمارات و “سلطة الشرعية” في محافظات اليمن الجنوبية، فالمحافظة تعتبر تحت سلطة “الشرعية” وحضور الإمارات سيستتبع المنافسة على السلطة فيها، وبالتالي التسبب في ضرب الإستقرار وتحويلها إلى ساحة صراع سلطات تتأثر به السلطنة بشكل مباشر.

تفجير الأزمة مع قطر نقل الأداء الإماراتي إلى مرحلة العمل داخل البيت الخليجي و التلويح بإتجاه السلطنة و الكويت رفع حدة التوجس العماني تجاه التحركات الإماراتية على حدودها، خصوصا في ظل عدم إنسجام السياسات و كذلك الدور الإماراتي البارز موخرا الساعي لفرض هيمنة على الممرات المائية في الخليج و بحر العرب و البحر الاحمر.

دون مقدمات و دون منطق فجرت الإمارات خبرا بان الأسلحة تهرب لـ”الحوثيين” من سلطنة عمان، وكان هذا الزعم الإماراتي رسالة مباشرة و واضحة بأن السلطنة دخلت دائرة الإستهداف الإماراتي بشكل مباشر –  و الامر لا يبتعد كثيرا عن القول بأن قطر كانت تزود الحوثيين باحداثيات قوات التحالف – و إختلاق مثل هكذا خبر يعني التمهيد لإنتزاع المحافظة من حالتها الراهنة تحت سيطرة “سلطة هادي” لصالح سلطة موالية للإمارات وما يستتبع ذلك من التموضع العسكري الأوسع ومن العبث الديمغرافي في المحافظة، وكل ذلك على حساب امن واستقرار الحدود العمانية بل والدولة العمانية ككل في ظل التوجهات الاماراتية المريبة.

سلطنة عمان تتوجس الشر من التحركات الإماراتية أو لنقل أنها تشاهد توارد الشر إلى حدودها مع اليمن وتدرك أن هذه النقطة يمكنها أن تمثل مدخلا لإستهدافها كما أستهدفت قطر من قبل و ظهرت الخارجية العمانية نشطة بشكل ملحوظ من خلال زيارات وزير الدولة للشئون الخارجية العماني إلى إيران ثم إلى الكويت، كما بدأت بخطوات تهدف للإحتياط في المحافظة من خلال عملية تجنيس مختارة سياسية وقبلية تسهم في تعزيز الحضور العماني في المحافظة و في الملف اليمني.

آخر التطورات هي سيطرة قبيلة أمهرية على المنفذ بين السلطنة واليمن بعد أن تركته القوات الحكومية المسيطرة عليه بطلب من هذه القبيلة، وظاهر الأمر أن هذا التطور جاء على خلفية صراع قبلي بين هذه القبيلة و قبيلة أمهرية أخرى بدأت على طرق إستقدام البضائع من السلطنة، لكن طلب هذه القبيلة بأن تسلم المنفذ لقوة من “التحالف العربي” تثير التوجس أن الإمارات هي من يقف وراء هذه الخطوة لإنتزاع المنفذ من “سلطة هادي” لصالح “سلطة موالية لها” ما يمثل تهديدا كبيرا للسلطنة سيستتبع ردود أفعال عالية تجاهه.

في ذات الوقت لا يمكن الجزم بأن الإمارات قد وصلت إلى هذا التهديد المباشر للسلطنة كون هذه القبيلة التي سيطرت على المنفذ كثير من رجالاتها يحملون الجنسية العمانية ومالم تكن الإمارات قد تمكنت من إختراقها وتحريكها لصالح أجندتها، فإن الأمر سيذهب في إتجاه تفسير آخر هو أن الإمارات قد تمكنت من إستمالة القوة الحكومية التي كانت مسيطرة على المنفذ و السلطنة تتحوط بالعمل على إخراجه من تحت إدارة هذه القوة التي أصبحت غير صديقة و تسليمه لقوة من التحالف العربي من التوجه المضاد للإمارات كون مذكرة القبيلة بأنها ستسلم المنفذ لقوة من التحالف قد وجهتها لـ”هادي”.

ما يمكن القطع به هو أن المهرة أصبحت ساحة صراع إماراتي عماني أن الإمارات بدأت باللعب مع السلطنة عبرها، وأن ما تشهده دول الخليج من أزمة لم يعد مقتصرا على قطر، وإنما أصبحت عمان في وسط الأزمة ولو لم تحظى بالتغطية التي حظيت بها الأزمة مع قطر.

ما طبيعة سيطرة القبيلة الأمهرية على المنفذ و ما تبعات ذلك و أين سيتجه الصراع العماني الإماراتي الذي يقترب حثيثا من السخونة، هذا ما ستجيب عليه الأيام و الفترة القريبة القادمة، و تكون الازمة الخليجية قد وضعت قطر والسلطنة على النار الاماراتية و لم يعد يفرق بينهما غير كون النيران الاماراتية مع السلطنة لازالت هادئة حتى الآن.

المصدر: الغاية نيوز

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى