أسرار ووثائق

فصل جديد من حرب التعيينات: «مقاومة تعز» تتنازع المناصب

يمنات

منذ ما يقارب العام وفصائل «المقاومة الشعبية» في تعز تخوض حرباً ربما أكثر ضراوة مما هو قائم على الجبهات. إنها حرب التعيينات القائمة على المحسوبية والعنصرية والمناطقية والمصالح الخاصة والشخصية، بعيداً من منطق القانون والكفاءة. تعيينات دائماً ما يتم تمريرها عبر حكومة عبد ربه منصور هادي، التي يتهمها كثيرون بـ«إفساد مقاومة تعز»، إن لم تكن هذه الأخيرة فاسدة بالأصل.

ونشر موقع «العربي»، عدد من الوثائق التي تثبت قيام فصائل «المقاومة الشعبية» بتعيينات بالجملة في كافة المؤسسات والمرافق الحكومية. ففي القطاع العسكري، أصدر الرئيس هادي قرارات ترقية بالجملة، كان لحزب «الإصلاح» نصيب الأسد منها. وعلى الرغم من أن قرارات الترقية تلك فخرية، ولا يحق لأصحابها تولي أي مهام قيادية، إلا أنها كانت لأشخاص ليس لهم أي علاقة بالسلك العسكري، وتولى أصحابها مناصب قيادية رفيعة في هذا السلك، أبرزها، منح مدرّس مادة الرياضيات، عبده حمود الصغير، أحد قيادات حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، رتبة عقيد من رئيس الجمهورية، وتعيينه من قبل نائب رئيس هيئة الأركان، محمد علي المقدشي، قائد عمليات اللواء 17 مشاة.

كما مُنح المدرّس، توفيق عبد الملك، أحد قيادات حزب «الإصلاح»، رتبة عقيد، وتم تعيينه قائد قطاع جبهة ثعبات، في إطار مربع اللواء 22 ميكا، بالجبهة الشرقية، فيما مُنح المدرّس، يحيى الريمي، أحد قيادات «الإصلاح»، رتبة عقيد أيضاً، وتم تعيينه قائد قطاع جبهة القصر، في إطار اللواء 22 ميكا.

أما عدنان رزيق، القيادي الموالي لحزب «الإصلاح»، فقد مُنح رتبة عقيد، وتم تعيينه قائد عمليات محور تعز، في حين نال عادل عبده فارع، المعروف بـ«أبو العباس»، وهو خريج ثانوية وقيادي سلفي، رتبة عقيد، وتم تسليمه قيادة جبهة الكدحة والجبهة الشرقية.

وفي القطاع المدني، صدرت عدة قرارات كان أبرزها من نصيب وكيل أول محافظة تعز، عارف جامل، العضو في «المؤتمر الشعبي العام» المؤيد لـ«الشرعية»، حيث تم إصدار قرار بتعيين نبيل جامل مديراً لمؤسسة الجرحى، ومستشاراً المحافظ، وقرار آخر بتعيين أحمد جامل مديراً لمديرية القاهرة، وثالث بتعيين عبد الحكيم جامل مديراً لصندوق التنمية، ورابع بتعيين عرفات جامل مديراً مالياً لصندوق النظافة والتحسين، وخامس بتعيين عزيز جامل مديراً لصندوق النظافة والتحسين في مديرية القاهرة. 

كل تلك التعيينات المخالفة للقانون كانت، بحسب مراقبين ناراً تحت الرماد، أماط اللثام عنها، مؤخراً، قرار لمدير مكتب وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل، ينذر بتفجر الوضع بين وكيل محافظة تعز، عارف جامل، وقائد اللواء 22 ميكا، صادق سرحان. كانت البداية بصدور قرار من قبل وزيرة الشؤون الإجتماعية والعمل في «الحكومة الشرعية»، إبتهال الكمال، الجمعة الماضية، بتكليف عبده علي محمد علي مديراً عاماً لمكتب وزارة الشؤون الإجتماعية في محافظة تعز، في ما يُعدّ إبطالاً لتكليف كان قد أصدره المحافظ علي المعمري، قبل نحو شهرين، بالمنصب، للقيادية في حزب «الإصلاح»، رفيقة الكهالي، وهو ما اعترضت عليه الوزيرة في وقته لكونه «مخالفاً للقانون». 

 

قرار الوزيرة لاقى تأييداً لافتاً من قبل الوكيل جامل هذه المرة، حيث خاطب الوزيرة بوثيقة يؤكد فيها مباشرة المعيّن من قبلها مهام منصبه. كما أصدر جامل تعميماً إلى مدراء عموم المكاتب التنفيذية في المحافظة، ورؤساء المجالس المحلية في المديريات والمنظمات وكذا البنوك، بالتعامل مع المعين من قبل الوزيرة، وإلغاء الأختام التي تم استخراجها من قبل رفيقة الكهالي المكلفة من قبل المحافظ. 

تعميمات جامل أغضبت قائد اللواء 22 ميكا، صادق سرحان، الذي أصدر قبل أيام بياناً هاجم فيه بشكل غير مباشر الوكيل جامل، بالحديث عن «قيام البعض بممارسات تتجاوز الصلاحيات القانونية الممنوحة»، داعياً وكلاء المحافظة الثلاثة إلى اجتماع طارئ للوقوف أمام هذه التجاوزات، معلناً «تأييده الكامل لشرعية المحافظ المعمري وقراراته».

وبلهجة تهديد واضحة، قال سرحان إنه «على استعداد للوقوف إلى جانب المحافظ، والدفاع عن شرعية قراراته وتثبيتها على أرض الواقع»، وهو ما يُعدّ تلويحاً خطيراً باستخدام القوة ضد قرار الوزيرة الذي يؤيده الوكيل جامل.

وعلى الرغم من أن قرارات التعيينات المثيرة للجدل تجاوزت الحد المعقول، إلا أن ما ظهر منها إلى السطح يُعدّ، بحسب مراقبين، نزراً يسيراً من حجم القرارات الصادرة، والتي لا يتم نشرها خشية من رد فعل الناس؛ ذلك أنها لا تعتمد على أي معايير لشغل الوظيفة العامة، بل تنحصر المعايير فيها بالمحسوبية وصلة القرابة ومراكز النفوذ والقوى والمصلحة المتبادلة وغيرها من المعايير القاتلة لفكرة الوظيفة، بل إنها تعني، في بعض الأحيان، اغتصاباً صريحاً للوظيفة، كما حصل في قضية منصب مدير عام مصلحة الجوازات في تعز، حيث تكشف وثيقة حصل عليها «العربي» عن تكليف العقيد محمد المحمودي، نائب مدير أمن تعز، لأحد الضباط، ويدعى صادق أحمد قاسم، بشغل منصب مدير فرع الجوازات في المحافظة، بعد أربعة أيام من اقتحامه المبنى وطرد المقدم، منصور طه، المدير المكلف من قبل المحافظ ورئيس المصلحة.

 

وكان المحمودي قد اقتحم مبنى المصلحة بعد يوم واحد فقط من افتتاحه من قبل الوكيل، رشاد الأكحلي، بحجة عدم وجود أي تكليف أو ترشيح لمنصور طه في المنصب، على الرغم من أن وثيقة ترشيح المقدم، منصور طه، من قبل المحافظ، علي المعمري، والموجهة إلى رئيس مصلحة الجوازات لإصدار قرار بتكليفه بشغل المنصب، يعود تاريخها إلى شهر مايو الماضي.

وتبين وثيقة أخرى قيام رئيس المصلحة بإرسال ترشيح المحافظة لمنصور طه إلى وزير الداخلية، لإصدار القرار الذي يُعدّ من صلاحيات الوزير، في حين يصدر المحمودي تكليفاً لضابط آخر بهذا المنصب في تعدّ على القانون، بل وتجاوز له بمنح الضابط المكلف رتبة عسكرية أعلى، إذ يشير تكليف المحمودي إلى أن الضابط المكلف، صادق أحمد قاسم، يحمل رتبة عقيد، في حين يثبت كشف راتب شهر نوفمبر 2014 لضباط الأمن بالمحافظة أن المذكور لا يزال في رتبة رائد، ولم تصدر له أي ترقيات منذ ذلك الوقت.


وكيل محافظة تعز، رشاد سيف الأكحلي، حذر القائم بأعمال نائب مدير الأمن في محافظة تعز، العقيد محمد المحمودي، من الممارسات التي تؤدي إلى اغتصاب الوظيفة العامة بقوة السلاح. ولفت الأكحلي، في بلاغ صحافي حصل «العربي» على نسخة منه، إلى «الخطوة غير المحسوبة التي قام بها القائم بأعمال نائب مدير شرطة الأمن العام في تعز، المحمودي، وقيامه بخلق حالة من الفوضى في مكتب إدارة الجوازات خلال الأيام القليلة الماضية، تمثلت بالتهجم على مدير عام الجوازات المكلف من رئيس مصلحة الهجرة والجوازات بالجمهورية، بناءً على عرض من محافظ محافظة تعز علي المعمري».
وأضاف الأكحلي أن «الفوضى التى أحدثها رجل الأمن المحمودي، والمنوط به السهر على راحة المواطن، قد عرقلت تفعيل مكتب الجوازات»، محذراً من «المخاطر التي تتعدد ونكاد نلمسها مع كل يوم، من خلال أعمال ممارسة اغتصاب الوظيفة العامة من قبل البعض، كل بطرق وأساليب مختلفة»، معتبراً أن «الغرور الكاذب قد أصاب البعض، ودفعهم للشعور بانتفاخ وهمي». وتابع الأكحلي: «لقد تماهت المسؤوليات، وذابت في خليط عجيب، وساحت الأعمال على بعضها، ووصلت تعز لدرجة من المشاعية في الوظيفة العامة لا تعرف معها من هو المسؤول».
المصدر: العربي
زر الذهاب إلى الأعلى