فضاء حر

في البكاء على زمن الصداقة

يمنات

د. عبد العزيز المقالح

“إلى الصديق الشاعر الكبير محمد علي شمس الدين
السحاب الممطرة في زمن الحرب”

هؤلاء الذين ادّعوا خلسةً
أنهم أصدقائي
لم يكونوا كما زعموا أصدقائي
فقد هربوا عند أول منطعفٍ شائك
عَبَرَتْهُ إلى الصبحِ
روحي، 
ومنه إلى عالمٍ فائقِ النور
مترعةٌ كأسُ أيامهِ
بالمحبة والصفح
والأصدقاء الذين إذا أيسروا
لم يخيبوا
وإن أعسروا لم يهونوا
عليهم سلامٌ من الرب
والناس
والكائناتْ.

***

هؤلاء الذين ادعوا خلسةً
أنهم أصدقائي 
لم يكونوا كما زعموا أصدقائي
ولم يدخلوا ساحة القلب
لم يشربوا قطرةً من معين
الصداقةِ
ليس لهم ذكرياتٌ ،
ولم يتركوا شجناً
أو يضيفوا لقائمة الروح
سطرا ،
سقطوا من سجلّ زماني
كما تسقط الجملةُ
العارضة.

***

أنا يا أصدقائي
كما كنت في سالفِ العمر
أَحْـنُو ..
وأطوِي على صفحةِ القلب
أسماءكم
وكما كنتُ ، ما زال شِعري
طرياً
وروحي عامرةً بالمحبة
للناس
مازلتُ أهوى مشاكسةَ الكلمات 
أُفَـتِّشُ في قاعها
عن دم الاستعارات
شعري يفتِّشُ في ما وراء القصيدةِ
عن لغةٍ غير باليةٍ
للسؤال.

***

كتبي أصدقائي ،
أعيش بهم
وأعيش لهم
علّموني…
إذا ما مددت يدي للكتاب
تهلَّل في فرحٍ مورقٍ
حين أتركه جانباً
وأميل إلى غيره
لا يعاتبني .
لا يحاصرني الحزنُ
وهو معي
وإذا داهمتني الكآبة
واحترقت في عيوني الحدائقُ 
والكلمات
رجعت إليه
كما يرجع الطفل يوماً
إلى أمهِ المرضعة.

***

لا تكون الصداقة من جانبٍ
واحدٍ. 
تلك قاعدةُ الحب
حين يكون بلا شغفٍ
واصلٍ بين قلبين ،
الصداقة أرقى من الحب
الحب عاطفةٌ
والصداقة فكرٌ ووعيٌ
يجيدان فنَ التراسل
في القرب، 
والبعد،
ربما قد تباغتكم رؤيتي هذهِ
بعد أن خلتها سوف تفتح نافذةً
لمعاني الصداقة.

***

هل تغيَّرت الأرضُ
أم ناسُها
أم أنا ؟!
كل شيءٍ تغيَّرَ
ما عاد شيءٌ عليها كما كان
أحلامنا لا ظلال لها
شجرُ الحب ما عاد يُثْمِر ورداً
ولا ياسميناً
أقول لكم:
لست أبكي بهاءَ الصداقة
لكنني -آه- أبكي على زمنٍ
كان فيه الصديق صديقاً ،
إذا أجدب الصيف،
كان السحابةَ ،
كان المطرْ.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى