فضاء حر

مع الثقافة ضد السياسة

يمنات 

فارس العليي

ﻻ اعرف زيد العضهي هذا، لكنني سمعت عنه منذ كنت في الثانوية وبحثنا عن مكتبه واحدة او فعالية تأخذنا مأخذ ثقافي الى فضاء الأحلام على طريقة تكريس القراءة ومصداقة الكتاب والقرب من معنى الثقافة للمتطلع الشاب، وعندما كانت السياحة مندمجة في الثقافة لم يكن هناك بروشور يذكر لنا معلم واحد وما زلنا نجهل مناطق حجة السياحية وتنوعها وثقافاتها وفنونها المتعددة للآن.

ظل المثقف في هذه المحافظة رهن انطباع شخصي واحد يحتدم فيه متسائلا :ماذا يعني لمكتب الثقافة كوني شاعرا او قاص او مسرحيا او فنانا او …؟ ولم يجد صدى إجابة مريرة .. وحتى لو لم يكن كذلك كان يجب أن يكون هناك دور لمكتب هام ضليع بالعمليات الثقافية والإبداعية والتحولات التي تصنع هؤلاء من رحم المجتمعات وتكشف عنهم غبار الفقدان وتخرجهم من احتجاب إبداعاتهم للعلن كي تلمع مواهبهم وتشع منها شعرا وفنا و نغم ، صناعة الثقافة على أقل تعبير وظيفي لتأسيس حاضرة ثقافية ملهمة لحياة مدنية عبر مختلف الفعاليات والمناسبات والمشروعات التمدينية التي تجلب للمتطلع تواشجات الكتابة وتمخضاتها، ناهيك عن تأسيس مظاهر ثقافية وشعبية وصولا الى التكريس المعرفي وإيجاد حواضن تصل الفلكلور والممارسات و العادات الثقافية والشعبية القديمة بكل اصنافها والوانها بالتحديث الذي يرتقي بتطلعات مثقف وأديب وفنان اليوم.

هذا ادهاش لم يحدث في اليمن عموما بالشكل المطلوب الا فيما ندر ومن مؤسسات خاصة بشجزر قليل من المحاولات ، لكن عندما نتكلم عن مكتب الثقافة في حجة فإننا نبتعث قدر كبير من الإهدار للحديث حينها يستدرك الجميع في أول ذكر لهذا المكتب ليتحول الحديث الى سياق آخر من باب الضرب في الميت حرام، مكتب لا يصلح حتى لمقيل المثقف لأنه لا يعرف أين هذا المقيل بالضبط وكان العضهي في ما سبق من دولة علي عبدالله صالح قادر على إحراج اي وزير ثقافة ممن تعاقبوا على الوزارة وبقي هو يحصيهم متناسيا الدور الثقافي الملقى على عاتقه من 1996 الى 2017م.

ﻻ ادري كيف يكون الشخص مديرا للثقافة وﻻ يعرفه مبدعي المحافظة من كتاب وشعراء وأدباء ومثقفين واستطعنا نحن بشكل ذاتي تأسيس حواضن ومنتديات ومقايل وصالونات ثقافية بينما لم يحضر هذا العضهي واحدة من فعالياتنا الصباحية او المسائية في حين كان يفترض ان يكون المتبني لكل تلك المحاولات التي نفذناها بمبادرات ذاتيه، نائم او صاحي إلا انه ليس بشكل ثقافي وﻻ يمت للهم المعرفي والثقافي بصلة مشروع او رؤية، وعندما جاءت وﻻدة كل تلك المخاضات نتيجة المحاولات الثقافية والأدبية والفنية التي حاولناها نحن مثقفو حجة بالدفع بواحد لتمثيلنا وتحقيق اليسير من تطلعاتنا ظهرت الاحتسابات السياسية معتورة وما اكثر عورات السياسة والسياسيين خصوصا عندما يتدخلون في الشأن الثقافي ليتحول المشهد صورة من تشوهاتهم.

و برغم أن سمير النمر المنتخب الجديد مؤتمريا الا انه تعبير ثقافي عنا ولم نزكيه ونبارك قراره الا لأنه تعبير خاص بأدباء ومثقفي وفناني حجة، وكان للمؤتمر خلال ثلاثين عاما أن يراكم ويوطد علاقته بالمثقف الا أن ذلك لم ولن يحدث في حزب لم يكن الهم الثقافي والمعرفي احد تطلعاته كدعمه لتكريس الفوضوية والدلائل كبيرة سوى انهم كيف يطعنون أحد أهم شبابهم المخلصين وينكرونه ويمكرونه بغباء في لحظات حرجة تخلط حوابلهم بنوابلهم، المؤتمر في طريقه لفقدانات قادمة لأهم شبابه في حجة كما نرى.

سمير النمر شاب يتطلع برؤى جمعية راكمناها سويا وظل محتفظا للمؤتمر بمواقف طالما قربتنا منهم وجعلتنا نهادنهم من حين ﻻخر وها هو سمير المؤتمري المخلص لتنظيمه تخاتله خناحر المنافقين والمنتفعين والمرتعشين و تقولاتهم وسيودون بحتف المؤتمر، بعض من هؤﻻء المؤتمريين عوالق جاثمة على أي تطلعات وكان يهمنا ان يكون المؤتمر حزب مؤسساتي يدعم بنى الثقافة ويضمن نجاة لو مرة في لحظة غرق ثقافي ما، والآن ادركنا الخيبة المؤتمريه وفقط لن يحدث سوى ان النمر في أولى فعالية له ليس بينها وبين تعيينه سوى اسبوع ان قدم تكريما لائقا بأدباء ومثقفي حجة الذين تنفسوا صعداء المعرفة ببهرجة وبهجة الحلم الذي انتصر أخيرا، وستنتصر إرادة المثقف ولن يكون للمثقف بعد اليوم وصاية سياسية وعلى المثقف الحقيقي مؤتمريا كان او من باقي الأحزاب والمكونات الأخرى سوى الوقوف مع قرار المثقف ونقول يكفي أنكم تقاسمتم الأخضر واليابس دعوا لنا الثقافة نختار فيها من يمثلنا بأنفسنا، والا لن تجدوا في اي فعاليات او مناسبات مثقف او شاعر او قاص ومسرحي واعلامي او اديب او فنان يقدمكم في صورة لائقة وانا ادعوا كل هؤلاء المبدعين والمثقفين… ان يتضافروا ويتكاتفوا وأن لا يخضعوا لسلطة السياسي وان يكونوا قوة وإرادة فاعلة لأنهم هم من يصوغون الصورة الحضارية للأوطان، وان لم تفعلوا ذلك فإننا سنصبح لقمة صائغة تستهدفها التيارات وتمحوها الأيديولوجيات وتشكلها سطحية المنافع وتبادلات المصالح ولن ننتج سوى خدج مسخ ومشوه للذات الإنسانية المبدعة والمتوهجة.

نعم لقرار تعيبن الأستاذ سمير النمر مديرا لمكتب الثقافة في حجة ولن نتنازل عن هذا الحق الذي ﻻ يخص النمر وإنما يخصنا جميعا ونحن لسنا أعداء للمكونات السياسية وﻻ تعنينا التكتلات المؤتمرية المتضاربة والمستعره على المناصب والتقاسمات حتى بين بعضهم البعض ، احسبوها في اصابعكم او في حواسيبكم ولن تجدوا سوى المنطق الذي طيلة تطور الحياة كان سيد الفكرة ومنتج النغم وصانع الأدب ورب الشعر، شحو بأطماعكم قليلا فهي تحبس انفاس المثقف في حجة المختنقة بكل مظاهر العدم والمكتضة بالتمظهرات المحشرجة للذوات الشعرية والسردية والفنية، دعونا نصيغ لهذه المحافظة وجه حتى لا تقفى الحياة وتواري ظواهرها وظهرها غوائب قد تفجع شجوكم من تمركزات العنف وتطورات التمسلح وعسكرة وقبيلة فضاء دنيا المحافظة، دعوا لنا ما يخصنا لنقدم ما يرتقي بحجة المحافظة المتنوعة ادهاشا في الفن والأدب والحكايات والشعر والفنون ما يجعلها محافظة متفردة تؤصل للانتماء والهوية اليمنية كباقي هوياتنا اليمنية التي تصوغ جميعها وتكون الهوية الجامعة.
محافظة حجة بحاجة لمشروعات وبرامج وانشطة ثقافية غاية في الأهمية ولن ينفذها من انطبقت عليه مقولة “تجريب المجرب خطأ والتصحيح بالملوث خطأ مرتين” او كما قال الشهيد الحمدي. والبداية الصحيحة كانت قد حدثت في أولى فعاليات مدير مكتب الثقافة مصداقا لنشاطه الفاعل والمعروف، وكان تكريما مشرفا للعمل الثقافي والإبداعي ولرموزه في محافظة حجة وجهد كبير ومدهش .

شكر خاص :

نشكر شركة سهيل للتجارة والاستثمار على مبادرتها المسؤولة والتي حملت معاني كبيرة وكثيرة لدور رأس المال الوطني الضليع بالهم بوعي ثقافي فارق بين عشرات رؤوس أموال من أبناء محافظة حجة ممن لم يتذكروها ولو لمرة بهذه الطريقة المعززة لأفق المعرفة والأدب والثقافة، مبادرة سنتذكرها شاكرين وسنقدرها ابدا.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى