العرض في الرئيسةفضاء حر

دلالات تسريب مبادرة محافظة الحديدة

يمنات

كهلان صوفان

في ظل عدم تحقيق السعودية وحلفائها أي نتائج عسكرية تذكر على مدى أكثر من عامين وارتفاع الكلفة المالية والبشرية والإنسانية لإستمرار ماسمي ب “عاصفة_الحزم و “إعادة_الأمل” ليس بغريب تسريب أكثر من مبادرة لحلحلة الملف اليمني لتحقيق أي مكاسب لصالح دول العدوان ومن أوعز لهم بذلك، وحفظا لماء وجههم، ومنها هذه المبادرة الأخيرة بشأن محافظة الحديدة و مينائها الذي تقول المبادرة المسربة (والمرفقة في أول تعليق) بتسليمها لنظام شبيه بالحكم الذاتي مقابل الإلتزام الدولي بتسليم المرتبات لكافة موظفي الدولة…يالها من مساومة رخيصة تتبناها الأمم المتحدة عبر مبعوثها لليمن “ولد الشيخ” (إن صحت المبادرة)..رخيصة لأن هذه المنظمة الدولية تستخدم الورقة الإنسانية كوسيلة ضغط لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية لدول الاستكبار العالمي…أما تفاصيل المبادرة فإنها توحي بأن وراءها مصادر استخباراتية ومراكز دراسات استراتيجية لتقسيم اليمن إلى دويلات بعدد محافظات الجمهورية بحيث تتمتع كل محافظة بالحكم الذاتي والوصاية الخارجية …وذلك مستشف من النقاط والتساؤلات التي سأطرحها تباعا فيما يلي :

1- لم يترتب على الموافقة على هذه المبادرة أي التزامات دولية لوقف العدوان والحصار على بقية محافظات الجمهورية سوى وعود مشروطة لتسليم المرتبات ولفترة لا تتجاوز العام.

2 – إسناد إدارة المحافظة لطرف يمني ثالث، لانعلم من يكون، من خارج طرفي النزاع مكون من مجلس إدارة، قد يشارك فيه أربعة ممثلين عن أطراف النزاع الأربعة (المؤتمر، أنصار الله، الإصلاح، الشرعية) مضاف لهم من 3 إلى 5 أعضاء من خارج هذه المكونات ولشخصيات لا نعلم معايير اختيارهم ومن يختارهم، بما فيهم رئاسة هذا المجلس. وطبعا من سيتحكم في قرارات هذا المجلس ويوجهها وفق أهدافه هم مجموعة من الخبراء الدوليين المفروضين فرضا من المجتمع الدولي والدول الراعية.

3- لماذا تم اختيار محافظة الحديدة دون غيرها لتطبيق هذا النموذج، وكان بإمكانهم تطبيقه في محافظتي عدن أو حضرموت، أو حتى في محافظات منقسمة على نفسها كتعز ومأرب.

4- المبادرة توحي بفشل المجتمع الدولي في إيجاد حلول إدارية نموذجية في المناطق التي يدعون تحررها من قبضة الحوثي وصالح سواء في عدن أو حضرموت وغيرها…، مما يعكس عمق الخلافات القائمة وتعدد مصادر القرار. في تلك المحافظات المحررة، والتي وصل الأمن فيها لدرجة الصفر والسطو المسلح على البنوك والمصارف.

5- التوجه يشير إلى تطبيق مناطق منزوعة السلاح شبيهة بتلك المطروحة في سوريا.

6- لماذا تم اختيار عام 2010 كسنة أساس في اختيار الكوادر الإدارية والفنية والعسكرية في المحافظة؟ هل لاستبعاد كوادر الإصلاح وهادي الذين تسلموا السلطة عقب ما سمي بثورات الربيع العربي في العام 2011 مقابل خروج كوادر الحوثيين ولجانهم الثورية؟ ولمن كانت السيادة العسكرية في ذلك الوقت من الأجنحة التي عملت مع صالح؟

7- هل نحن قادمون على تصعيد جديد أكثر ضراوة وقسوة لدول التحالف والمجتمع الدولي فيما إذا رفض الحوثيون وصالح هذه المبادرة؟ وما هي الخيارات الممكنة أمام الحوثيين وصالح لتغيير المعادلة في حالة الرفض، وخاصة في جبهات الحدود؟

8- هل هناك إجماع دولي على هذه المبادرة وخاصة من قبل روسيا والصين وفرنسا وألمانيا (إلى جانب أمريكا وبريطانيا والأردن ومصر المشاركة في العدوان بشكل مباشر) وهي الدول المذكورة بالإسم في المبادرة كضامنة على التنفيذ والمطالبة بفتح قنصليات لها في الحديدة؟

9- ولماذا لم يتم حتى الإشارة إلى إمكانية فتح مطار صنعاء الدولي فيما إذا وافق الحوثيون وصالح على هذه المبادرة، ولو حتى من قبيل الإغراء؟ أم أن الغرض النهائي من المبادرة تضييق الخناق أكثر عليهما حتى الاستسلام والقبول بما عجزت الحرب والخيارات العسكرية عن تحقيقه؟

10- هل يتجه المجتمع الدولي، من خلال هذه المبادرة، لوضع حل نموذجي وعملي يحتذى به، وقابل للتطبيق في بقية محافظات الجمهورية كبديل جديد أمام المواطن اليمني وكخيار ثالث بدلا عن شرعية هادي، المشكوك فيها، وسيطرة طرف صنعاء على مقاليد الحكم في شمال اليمن؟ وهل سيكون كخيار بديل للستة الأقاليم؟

11- وهل سيكون المجلس الاستشاري للمحافظة المكون من 30 عضوا بديلا لمجلس النواب، أي هل ستسندله مهام تشريعية؟

على كل حال نحن أمام سيناريو جديد للمجتمع الدولي، فيما إذا صدقت هذه المبادرة التي يسوق لها حاليا “ولد الشيخ” في أكثر من عاصمة عربية وإقليمة، وقد يترتب على فرضها بالقوة استصدار قرارات دولية جديدة ملزمة من مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع، وانتقال الملف اليمني من اليد الخليجية إلى اليد الدولية تحت إدارة مباشرة للحرب من مجلس الأمن الدولي والدول دائمة العضوية..ولكن ذلك لن يغير من الواقع كثيرا لدى طرف صنعاء وخاصة الحوثيين كونهم لم يعد لديهم ما يخسرونه بعد كل هذه التضحيات الجسيمة وبعد كل هذا الدمار الذي تسببت فيه السعودية وحلفائها، وكونهم يدركون مصيرهم المحتوم من قبل أعدائهم في الداخل والخارج فيما إذا تراجعوا في منتصف الطريق، خاصة وأنهم ما زالوا متفوقون على الصعيدين العسكري والأمني. 

وأيضا لقناعتهم الراسخة، ومعهم بقية جماهير الشعب، بأن النصر ما هو إلا من عند الله العلي العظيم.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى