أهلاً بكم في الموقع الإخباري الأول في اليمن ، موقع يمنات _ yemenat.net

العرض في الرئيسةفضاء حر

اليمن جزر وجغرافيا وتاريخ (1)

يمنات

عبد الجبار الحاج

نتناول في هذه الحلقات ليس بحثا تاريخيا فذاك مجاله اوسع من هذا الحيز، وانما اردنا ان نلفت الى مفاصل تاريخية وادوار نتعلم منها عبرا ودروسا هي في مجمل القول وبيت القصيد اجابة على تساؤلات كيف تتعرض الاوطان للانكماش والتلاشي..؟ او كيف تسجل جغرافيتها الدائمة والحضور والتماسك والاتساع في ذات الاطار التاريخي والمجال الجغرافي التاريخي وسياقه العام..؟

قبل ان اقف على زيارة الاستاذ الصماد; قبل ايام لجزيرة قمران (كمران) اليمنية و سأمر على احداث تسجل تماما كيف تحتفظ الجغرافيا اليمنية او تنتقص من مجالها وفقا للسياسات الوطنية ومفاهيم السيادة في كل نظام او ظرف وفي عصور عدة مرت بها اليمن.

المضيق والمياه والجزر اليمنية والساحل هي العمق الاستراتيجي وهي المساحة والاتساع الاهم، بل هي المجال الحيوي للامن القومي اليمني و(العربي)..

ولا اهمية استراتيجية لليمن بدون هذا الفهم..

ماعدا العصر الرسولي في اليمن وعلى مدى قرنين ونصف، وماعدا محطات تاريخية متناثرة جرى اهمال واضح ونسيان لحال الجزر بين الاحتلال والغزو الاجنبي مع وفي مقابل استعادة ويمننة الجزر ببسط النفوذ والسيادة لفترات وعصور، وفيما طالعتنا مصادر التاريخ يتضح لي للاسف اهمال واهمال اكثر من دول الائمة وبالذات القرن السابع والثامن والتاسع عشر الميلادي مع تقاطعات وتداخلات المد والجزر المتوازي مع الغزو والاحتلال العثماني خلال اربع قرون من الغزو والاحتلال العثماني تارة والانسحاب والتحرير تارات اخرى وفي زمنيه الاول والثاني احتلالا وانسحابا..

و ماعدى مراسلات الامامين يحيى واحمد منذ الثلاثينات حول الجزر اجمالا والمطالبة بها من بريطانيا دون ذكر او جرد لها بالاسم. و ماعدا الدور الحيوي واللافت لحكومة الثورة في اليمن الديمقراطي في وضع اليد وبسط النفوذ والسيادة بالقوة .. ومن ثم ما لاقته انذاك الجزر والمضيق والمياه من اهتمام سياسي وعسكري ومفهوم قانوني وطني يمني المفهوم والجغرافيا وفهم وطني للقانون الدولي يخضع لما هو مفهوم الحق والسيادة فقد كانت الجزر اليمنية موضوعا تربويا وطنيا وتعليميا منذ الصف الثالث الابتدائي نلقن به ونحفظ خرائطها المرسومة على حوائط المدرسة عن ظهر قلب .. رسما واسماء انحفرت في ذاكرتنا عن ظهر قلب، وفي تلك الجزر والمياه والمضيق.

و كان الاهتمام وبناء المرافق الهامة في الجزر على اعلى مستويات بوعي وادراك ومسئولية تجشمتها دولة الثورة الفتية آنذاك.

بل كان مورد الصيد يوفر جل ميزانية الدولة الكافلة للتعليم والصحة والسكن المجانية وحق العمل ومرتبات جيوش من الدارسين والعاملين والجيش والامن والموضوع الذي كان تعدادهم قرابة اربعمائة الف موظف.

ففي لمحة تاريخية عن يمنية الجزر ودور السيادة عليها اشير سريعا الى:

كانت جزيرتا “دهلك” و “فاطمة” لمرات وفي محطات عديدة ملاذا لامراء الدولتنين النجاحية والزيادية في صراعها مع الدولة الصليحة على وجه الدقة انذاك في القرن الثالث الهجري، وبما انها كانت ملاذا ومحطة استئناف لنفوذهما الرئيسي وميدان تحضير لاستعادة دويلاتهم او دولهم الاخذة بين المد والجزر ولنفوذ دائم لفترات تطول حينا وتقصر احيانا اخرى. اذ ان نفوذهم كان ممتدا اساسا وعاصمة ومركزا على الساحل و التهامي منه تحديدا .. وفي صراعهما مع مع مركز الدولة الاسلامية في منحى صراع الاستقلال اليمني عن عواصم الخلافة ومع تجليات عصر الانحطاط ايام الخليفة العباسي المتوكل او في خضم صراع الدولتين اليمنيتين اخرها مع الدولة الصليحية مرات كثيرة و بحيث شكلت الحزيرتان بؤرتا اعادة ترتيب وانطلاق هؤلاء الامراء والملوك لاستعادة دويلاتهم او دولهم .. وكانت لمرات اقرب الى السجن على نحو يماثل سجون سيبيريا في العهد القيصري، وذلك ايام الرسولين تحديدا.

و بسطت حكومة الثورة يدها على جزر سقطرى وميون وكمران ايضا بعد ان كانت تخطط بريطانيا سرا لمحاولة تسليم سقطرى للصومال ولسالم ربيع علي موقف شهير وكلمة قاطعة حينما قال “سقطرى يمنية”.

و هكذا وضعت حكومة الثورة يدها وبسطت نفوذها على سقطرى وميون وكمران وكوريا موريا..

اما الارخبيل الاعظم وذو الجغرافية الواسعة من جزر فرسان المقابلة لشواطئ عسير وجيزان فقد جرى قضمها شيئا فشيئا دونما نزاعات او حروب بل بسبب النسيان والاهمال الحاكم للانظمة المتعاقبة في صنعاء .. مابعد الثلاثينات وتباعا..

و فقدنا جزر صغيرة تتجاوز الخمسة عشر لتؤول الى اريتيريا في موضوع سقوط ارخبيل حنيش والتحكيم في تواطؤ مكشوف من نظام صنعاء آنذاك وبصفقات متصلة بصفقات حرب 94 وماتلاها من اتفاقات ترسيم كغطاءات للتنازلات والمكافأت مقابل دور او اقرار حال النظام المشكل من نتائج تلك الحرب.

و وضعت حكومة الثورة في الجنوب يدها وبسطت بالقوة نفوذها عنوة ورغما عن المحاولة البريطانية ابان الرحيل وضعت حكومة اليمن الديمقراطي يدها فورا وبلا نقاش وتفاوض على جزر كوريا موريا عندما ارادت بريطانيا تسليمها او اجراء استفتاء لسكانها الذين لا يتعدون العشرات وفرضت وبسطت سيادتها بالقوة قبل ان تسلم في التسعينات الى عُمان ولا نعلم اي مسوغ حتى اللحظة غير ان ضعفا ما وبدى الحديث يومها عن اتفاق جنوبي عماني في ٨٢ في فترة على ناصر كما لو ان النظام الضعيف يبحث عن قوة له من الخارج..

و سيظل السؤال كيف آلت جزر كوريا موريا الى سلطنة عُمان بتسليم هو الى التواطؤ والتنازل اقرب منه الى تسوية عادلة تاخذ هنا مقابل التخلي عن هناك.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى