العرض في الرئيسةفضاء حر

تغاريد غير مشفرة (101) .. رحلة حقوقية .. تعريجات ومواقف

يمنات

أحمد سيف حاشد

(1)

صمتُّ ثمان أيام معتقدا إن الصمت حكمة، ولكن في اليمن اكتشفتُ أن الصمت تواطؤ وسلبية تصل حد خيانة الضمير.

(2)

عندما قَبلتُ أن أكون عضو لجنة فرعية لتطبيق قرار العفو العام، كنت أريد أن أبلغ الجميع وأولهم أنصار الله أنني لا أتهرب من مسؤولية بإمكانها أن ترفع الظلم وإن كان عن شخص واحد أو تعيد إليه السوية.. فوجدت السؤال الأهم.. ومن يعيد السوية للمظلومين الذين صاروا اليوم سجانين وجلادين باسم الوطنية؟!!

(3)

كتبنا طيلة عشر سنوات عن مظلومية أنصار الله وتضامنا معهم خلالها دون أن نكل أو نمل، ولا نمن عليهم اليوم بهذا فهو واجب حقوقي وإنساني وإخلافي في المقام الأول وفي كل مقام، ولا ندَّعي فيه فضلا ولا منَّة، ولكننا اليوم ومن باب الواجب نفسه ـ وهم في عز قوتهم وسلطتهم وسطوتهم ـ أن نكتب عن ضحاياهم ومظلومية غيرهم وكل ما نراه مهما إجمالا وتفاصيل.

(4)

توجهت من صنعاء مع الزملاء في لجنة العفو العام الخاصة بأبناء محافظة لحج، وكانت وجهتنا إلى سجون مدينة الصالح في تعز؛ وذلك لتطبيق القرار بحدود الاختصاص، وكانت هي المرة الأولى التي اتجه فيها إلي تعز منذ أكثر من عامين طويلين.. كنت أتفحص الوجوه والأمكنة والنقاط العسكرية المنتشرة على طول الطريق والتي يزيد عددها على المائة نقطة عسكرية..

أكثر من مائة نقطة عسكرية على طول طريق صنعاء تعز لم أشاهد علم الجمهورية اليمنية باستثناء في نقطة واحدة بعد نقيل يسلح، بل هو بقايا علم ممزق ومهترئ ومتآكل يجسد الحال كما هو في الواقع دون زيف أو رتوش، فيما علم جماعة أنصار الله مغروسا في كل نقطة يرفرف بفرح ويستنشق الهواء الطلق.

(5)

عند مرورنا في مدينة “إب” ومدينة “القاعدة” رأينا الفرق بين اليوم وقبل عامين.. النازحون كانوا هم الفرق الذي لا يخفى على عين.. أكثر من نصف مليون نازح، وكل نازح تهرس عظمه الحاجة، ويحمل على كتفيه من الهم أثقال الجبال، وفي التفاصيل لكل نازح ألف حكاية ومأساة..

لبت “إب” نداء المستغيث من تعز، وفتحت في حناياها ملاذاً للهاربين من الجحيم..

محافظة إب التي كان يصفها بعض المهوسين بالحرب والمستبشرين بها قبل نشوبها والمحرضين لها في أول عهدها، بأنها خلعت سروالها، صارت “إب” هي الحكمة والدار الذي يحتضن الهاربين من جحيم بلا وجه ولا سروال..

وفي قول الشاعر وصف بالغ المرام والعبرة:

لْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فُتَيَّةً
تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ
حَتَّى إِذَا اسْتَعَرَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا
عَادَتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ خَلِيلِ
شَمْطَاءَ جَزَّتْ رَأْسَهَا وَتَنَكَّرَتْ
مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ

(6)

وعندما تنحدر من مدينة القاعدة نحو تعز تأخذك في بوابة تعز لوحة كتب عليها ” تعز ترحب بكم” وعليها صور وأسماء السيد بدر الدين الحوثي، والسيد حسين الحوثي، والسيد عبد الملك الحوثي، عوضا عن صورة مدينة تعز الغائبة..
لوحة تبدو في مجملها مناطقية، تستحث العصبية المناطقية في الطرف المقابل، في بلد صار مسكوناً بالكراهية والحرب والجهل وعصبيات ما قبل الدولة، وإجمالا كل ما هو أكثر انحدارا وانحطاطا.

(7)

في تعز مدينة الصالح الحلم الذي لم يكتمل، صار بعض شققها سجون للمعتقلين والموقوفين والمشتبه بهم دون تهمة..
وصلنا إلى مدينة الصالح.. استقبلتنا القيادة هناك.. جلهم ينتمون إلى محافظة واحدة، بل وربما بعضهم أقرباء بعض.
لم أجد مسؤولا واحدا من تعز في الطاقم القيادي الذي استقبلنا وتعاطينا معه في تنفيذ قرار العفو العام الذي نزلنا لتنفيذه في حدود اختصاصنا.
شعرت أن حجة تستقبلنا في تعز بحفاوة وود غامر، ولابأس بدافع الفضول العارض أن تبحث عن تعز في تعز، لتتفهم لماذا كل هذه المناطقية التي تعبث في تعز!!

(8)

وفي إطار الفضول العارض يمكن الإشارة إلى أن ممارسة المناطقية والجهوية تنتج مناطقية وجهوية مقابلة ـ أصحاب منزَل مقابل أصحاب مطلع ـ وما حدث في تعز طيلة عقود طوال لا زال يحدث إلى اليوم.. وما يحدث اليوم هو بعض من هذا النتاج الذي كرسته تراكمات كثيرة لمدد طوال فنتج عنه هذا الوعي العصبوي المشوّه..

الإقصاء والاستحواذ والاستعلاء والشعور بالدونية وتراكم عقد الاضطهاد لا تنتج شخصية سوية لا هنا ولا هناك..

(9)

وفي مدينة الصالح طلبنا من “اللكومي” مشرف تعز ملفات الموقفين لديه من أبناء محافظة لحج لإعمال قانون العفو العام؛ فتعاون معنا وقدّم خمسة ملفات لخمسة موقوفين حالات اشتباه.. بعضهم موقوف في السجن من أشهر.. أقرت اللجنة تحريرهم من السجن.. فتم التنفيذ، وأستراح الضمير، وتبين أن شخصين قد صارت لديهم حالات نفسية..
شعرت بالسعادة وهم يتحررون، غير أنني أحسست أيضا أن المعني بإطلاق العفو هم المطلقين وليس سلطات الأمر الواقع، وأحسست أكثر أن من يحتاج إلى العفو هو السجان لا هم..

(10)

أحد المفرج عنهم الخمسة هو باسم سيف نعمان القباطي .. تم خطفه من قبل سلطات الأمر الواقع التابعة لأنصار الله في تعز.. ظلت أسرته طيلة أربعين يوم تبحث عنه ولم تجده ولا تعلم عنه شيئاً.. الفعل الذي تم ضد باسم القباطي هو إخفاء قسري وهو فعل مجرم بموجب القانون الدولي والتكييف الحقوقي..

خرج باسم يبحث عن دواء لأبنه بسام البالغ من العمر تسع سنوات والذي كان مريضا بالكبد.. قطع مسافة طويله سيرا على الأقدام يبحث عن الدواء فيما كان جيبه مملوء بالطفر والخواء.. وجده أنصار الله بخط النار فاعتقلوه بتهمة يسمونها “حالة اشتباه”

مات الابن بعد نصف شهر من اعتقال والده.. وظل الأب في المعتقل حتى أتينا إليه، وكان سيظل باقيا في المعتقل إلى أن يأذن الله وأنصاره..

خرج باسم من معتقله وهو يعاني من حالة نفسية.. لم نستطع إعلامه بأن ابنه مات حتى لا تتحول الحالة النفسية التي يعيشها إلى صدمة جنون وفجيعة في حضرتنا.. أخبرناه فقط أن ابنه تعبان جدا ومنحناه نقود الطريق ليعود إلى بيته ونترك مهمة اعلامه بالفجيعة لأهله..
باسم حالة من ألف حالة لم يصلها الإعلام..

باسم هو من يملك حق العفو على سجانيه، وسجانيه هم أحوج إلى عفوه أو هذا هو المنطقي والمفترض..

(11)

يفترض أن يكون المسؤول الأول في تعز وفق التراتبية التي يتعاطى معها أنصار الله هو مشرف تعز “منصور اللكومي” ولكن في الواقع وجدنا أن المسؤول الأول هو “الهميل” وأما اللكومي فهو دونه أهمية وصلاحيات وقرار ومسؤولية..

ألتقينا بالهميل وهو المسؤول الأول للأمن القومي هناك وفي مدينة الصالح خاصة.. بدا لنا منذ اللحظات الأولى لمقابلته أنه متواضع ومؤدب، وخجول أيضا.. بادر باطلاعنا على كشف معد وجاهز للسجناء لديه المنتميين لمحافظة لحج ..

بدا لنا هذا الفعل بادرة طيبة تستحق الشكر.. وكان الهميل جاهزا أيضا بسجل لتسجل انطباعنا وشكرنا.. فشكرناه على تعاونه وتسهيل مهمتنا الخاصة بالعفو العام ووقّعنا حتى وقعنا.. لقد تعامل معنا كما تتعامل بعض مطاعم المندي الحضرمي التي توجب الدفع مقدما.. فوثقنا أن دفعنا مقدما سيأتي بما طلبنا.. ولكن خاننا حسن الظن كما يخون بائع القات زبونه.. دفعنا الشكر نقدا، ولكن هذا “الهميل” لم يأتِ بما طلبناه.

ألقيت نظرة سريعة على الكشف، ووجدنا التهم المسنودة للموقفين والمعتقلين ضخمة وثقيلة، ورأينا أن الأمر يحتاج إلى وقوف اللجنة مليا أمام ما أسند لهم من تهم.. ورئينا أن الأمر يحتاج إلى اللقاء بالمعتقلين والموقوفين وكذا الاطلاع على ملفاتهم.. واتفقنا مع الهميل أن نطّلع على الكشف ونناقشه في اللجنة ونلتقي بالمعتقلين والموقوفين فيما هو اعطاء توجيهاته لمساعديه بالتعاون معنا عند عودتنا لإكمال المهمة في عصر ذلك اليوم.. ومع ذلك ظننا إن الأمر يسير على ما يرام ولكنه في الواقع وجدناه لم يَسِر ولم يَسُر..

(12)

ألتقت اللجنة وأعادت قراءة قرار العفو العام، والبنود الخاصة باستثناءات العفو، ثم طلبنا اللقاء بالموقوفين والمعتقلين في اطار ونطاق مهمتنا.. فقالوا أن أخ وكيل المحافظة والمسؤول الاجتماعي أبراهيم عامر أستشهد بميدي، وأن أبراهيم غادر مدينة الصالح إلى حجة، وأن الهميل الذي تربطه علاقة قرابة بإبراهيم عامر أيضا غادر معهم، وأن أبو شهاب الشهاري وهو أيضا من محافظة حجة غادر هو الآخر معهم ، وأن منصور اللكومي غير مختص بالمعتقلين التابعين للهميل..

وبعد أكثر من تواصل تم السماح لنا بلقاء المعتقلين والموقوفين والسماح لهم بتعبئة استمارات طلب العفو دون السماح لنا بالاطلاع على ملفاتهم، وكذا عدم السماح لهم بتحرير التعهدات؛ وفهمنا من ذلك أن لا نية للقائمين على الأمر تطبيق قرار اللجنة الذي سيتخذ أو تنفيذ قرار العفو العام.

(13)

كشف السجناء الذي أكرمنا به “الهميل” مسؤول الأمن القومي عن السجناء في مدينة الصالح والذي بدا لنا لأول وهله أن هذا الكشف دليل على أداء حسن اكتشفنا أنه كان في جل جوهره مغلوطا ومضللا إلى حد بعيد.. ولكن يستحق الشكر لأنه منحنا إياه.

نجيب الكميت مثلا .. مرفوع بالكشف أنه معتقل من 10/11/2016 فيما الحقيقة أنه معتقل من 2016/5/12 يعني الفارق بحدود الخمسة أشهر قيد حرية..

بعض الجرائم المدونة في الكشف قرينة الأسماء تبدو من الضخامة بحجم كوكب زحل وعند الخوض في التفاصيل تجد عظيمها بحجم حبة الخردل..

التهم رصد تحركات عسكرية وإرسال معلومات وتحديد احداثيات دون أن يشير الكشف لمعلومة واحدة عن نتيجة واحدة ترتبت عن هذه المعلومة أو تلك، ولا تجد مؤدّى أو نتيجة لهذا الرصد، بل ربما تجد رسالة تلفون ليس فيها نية أضرار أو بلاغ أو تحقيق نتيجة.

أحسست أن رافعي التقارير للهميل وكل الذين يتعاطون بمعايير التهم الجزاف لا يريدون رصد الحقيقة ولا معرفة ما هو في الواقع أو حتى المبالغة في التهم، بل يقصدون نيل الحظوة والتزلف والوصولية ونيل الترقيات.. وربما أشياء أخرى أيضا.

هذا لا يحدث فقط في مدينة الصالح أو تعز بل ويحدث أيضا في صنعاء والحديدة وغيرها..

عندما تتابع قضية شخص يفاجئك المجيب أن تهمته بالغة وتفوق التصور والوصف وتصاب بالهلع وتحجم عن متابعة قضيته لجلل وفداحة هذه التهمة، ولكن بعد شهر أو شهرين أو حتى ستة وثمانية أشهر تتفاجأ أن البعض من أسندت له تلك التهم قد أطلق سراحه.. تسأل نفسك بعجب: ماذا حدث؟!! لا تعرف.. وما يجب أن تعرفه لا تعرفه.. ولكن اللبيب يعرف ويفهم.

(14)

جلال الصبيحي مشرف أنصار الله لمحافظة لحج عضو لجنة معنا كان مستوعبا لمضمون وفحوى قرار العفو العام، ومنحاز إليه، ومصطفا إلى جانب المستفيدين منه، على غير كل المشرفين الذين قابلناهم ابتداء من صنعاء وانتهاء بتعز..

لقد فاجأنا موقفه حد الدهشة وزل سؤالي له: أنت معنا أو معهم ـ وكنت أقصد بـ”معهم” أنصار الله.. كان جلال مع جلالة الحق، فيما بقية المشرفين كان لهم موقف المعطل في صنعاء وتعز مع الإشارة إلى بعض التعاون الذي أبداه مشرف تعز “اللكومي” الذي نفذ قرار الإفراج فيما يخصه عمّن قررت اللجنة الإفراج عنهم؛ ولم ينفذه الآخرون من المشرفين حتى اليوم..

(15)

عندما يمتنع أو يمنع عليك بعض المشرفين أن تطّلع على ملفات مسجونيهم فيما تكون أنت مكلَّفا بقرار سلطتهم عضوا في لجنة تطبيق القرار ـ قرار العفو العام مثال ـ معناه أن في الملفات ما يخزيهم، ويعرِّي حقيقة الاتهامات التي يكيلونها بعبث وبذخ للموقوفين والمعتقلين..

معناه حجب الحقيقة أو بعضها عن مسؤوليهم والأخرين، ومداراة الانتهاكات والتجاوزات التي اُرتكبت بحق الموقفين والمعتقلين..

معناة فقدان ثقة أولئك المشرفين بأنفسهم، ومداراة ما ينال من سمعتهم، وربما إخفاء بشاعة ما يفعلوه بحق الآخرين وحرياتهم..

(16)

كما أن هناك مشرفين في أنصار الله أغبياء، يصنعون ما صنع الدب بصاحبه، الذي أراد أن يستريح غفوة من رحلة السفر بعد أن طلب من الدب أن يحرسه، فهشم الدب رأس صاحبة بصخرة لمجرد بعوضة حطت على أنفه.. وما فاق الصاحب من غفوته إلى اليوم ولن يفيق بعدها أبدا.. الدب الذي يظن نفسه أنه حامي الحمى فيما هو فعل أكثر مما فعل بصحابه كل الداء والأعداء..

(17)

كان يفترض أن تنجز لجنة العفو العام مهمتها في تعز خلال يوم أو يومين على أبعد تقدير، ولكن بسبب سفر طاقم سجون مدينة الصالح إلى محافظة حجة، وعدم اعطاء صلاحياتهم لنوابهم أو لغيرهم، بل وبعض النواب أيضا سافروا معهم لانتمائهم لنفس المحافظة، بالإضافة إلى رفضهم التوجيه باطلاعنا على ملفات السجناء من قبل الهميل ومن إليه، وعدم التعاطي الإيجابي مع رسائلنا واتصالاتنا خلال ثمان أيام، وكذلك لعدم إثمار اتصالاتنا مع بعض القادة السياسيين في جماعة أنصار الله والذي أتضح أن صوتهم هو دون صوت المشرفين ؛ كل ذلك أفشل مهمة لجنة العفو العام في نطاق اختصاصنا، بل وبدا لي قرار العفو العام غير جاد وغير صادق، بل مجرد كذبة كبيرة على الرأي العام والعالم.

اتصلت بسياسي يشغل منصب رفيع أخبره إن جل القائمين على سجون وأمر مدينة الصالح من محافظة واحدة؛ فرد عليّ بقوله: “عادك دريت”.

(18)

عندما كنت أفتش عن تعز في تعز وفي مدينة الصالح تحديدا؛ وجدت مدير أمن تعز العميد منصور المياسي والمنتمي إلى محافظة تعز يستقبلنا بحفاوة وترحاب بالغين ويلوذ بنا من هم أرّقه وأثقل كاهله..

كان يظن أننا لجنة من مجلس النواب وأننا سوف نساعده بحل المشكلة التي يعاني منها وهي عدم وجود نيابة تنظر وتتصرف في قضايا المساجين لديه على ذمة قضايا جنائية.. وابدا لنا استعداده على اطلاعنا على كل شيء نطلبه أو لم نطلبه.. وعندما وجد مهمتنا تختلف شعر بالحزن والانحسار.

طلب مني العميد منصور إبلاغ النائب العام عبد الغزيز البغدادي من أجل إيجاد نيابة تمارس مهامها في تعز، وفي مدينة الصالح متسع لتقوم النيابة بممارسة مهامها، وحتى لا تتراكم القضايا ويطول الظلم المضاعف حقوق المتهمين.

مدير أمن تعز يبحث عن نيابة وقضاء وعدالة، فيما مشرفو أنصار الله في مدينة الصالح ينصبون أنفسهم أمن ونيابة وقضاء وقدر..

(19)

عدد من تم اعتقالهم خلال ثمان أيام من وجودنا في تعز أكثر من الذين نطالب بالإفراج عنهم تنفيذا لقرار العفو العام..

ومع ذلك لم ننجح حتى اليوم بالإفراج عمّن اتخذت اللجنة قرار بالإفراج عنهم رغم مرور أسبوع من اتخاذ اللجنة قرار الافراج..

مع ملاحظة أن عدد أعضاء لجنة العفو أكثر من العدد الذي تم الإفراج عنهم.. قرار العفو العام كذبة كبيرة على الرأي العام وعلى العالم.. قرار العفو العام أكبر من كذبة الأول من إبريل.

(20)

سألني مواطن بالقول:

مايكنش قرار العفو العام قد أتخذ من أجل الإفراج عن قبائلهم وابقاء قبائلنا في الحبس!!

(21)

عندما تواصل صديقي في لجنة العفو العام مع بعض من يقاتل في الجبهة الأخرى وذلك لحثه على العودة وضمان الكف عن ملاحقته، واعطاءه كف خطاب هو ورفاقه بالجبهة بموجب قرار العفو العام أجابه بعد أن غرق بالقهقهة : “ما قدرتم تفرجوا على عشرة نفر مالهمش ذنب.. ما نحناش خجفان نرجع تحبسونا.. خلونا نقاتل مغرر بنا إلى يوم القيامة.”

الخلاصة أن قرار العفو العام لم يحقق مقاصده الذي شُرَّع من أجله، ووجدناه نحن المعنيين بتطبيقه في نطاق اختصاصنا مجرد كذبة كبيرة، وفي أفضل حال مجرد “جبل تمخّض فاراً”، بل تمخّض خنفسة.

(22)

عطّل المعنيون من مشرفي أنصار الله قرار العفو العام في نطاق اختصاصنا، وفشلت لجنتنا حتى اليوم من تحرير أي معتقل ممن ينطبق عليهما قرار العفو سوءا في صنعاء أو ذمار أو إب أو تعز باستثناء خمس حالات اشتباه اثنين منهما خرجا معتلين نفسيا.

وفي الواقع حتى هذه الحالات الخمس الأحوج إلى العفو هم المشرفون لا العكس.

(23)

عندما التقيت ببعض السجناء في مدينة الصالح بتعز وكنت أسألهم عن التهم المسنودة إليهم في الكشف المقدم من “الهميل” واسمع إجابتهم؛ كانت تداهمني مسرحية عادل إمام “شاهد ما شفش حاجة” وفلم “الإرهاب والكباب” وتستحضرهما مخيلتي بقوة جارفة.

(24)

رغم كل هذا السوء الذي نتناوله في معتقلات “أنصار الله” فأن هذا لا يعني بحال أن سجون “المقاومة” أفضل حالا من هذا السوء.. الحال من بعضه إن لم يكن هناك الحال أشد وطأة ومرارة..
لقد تمكّنا من العبور إلى جزء صغير من معتقلات وسجون “أنصار الله”، ولم ولن نتمكن من العبور إلى معتقلات وسجون “المقاومة”..

وإن كان “أنصار الله” قد أصدروا عفو عاما هو صوريا إلى حد بعيد؛ فإن حتى هذا الصوري غير وارد وغير متاح في سجون ومعتقلات “المقاومة” التي تبلغ فيها الانتهاكات حد الإعدام. أو “التصفية”..

وارتكاب الجرائم هنا لا يبرر الجرائم هناك، والعكس صحيح أيضا ، وإلا صرنا بالتبرير للجرائم كلنا مجرمون.

(25)

لن نيأس.. سيقطع الحبل الحجر مع المدى.. ومن لا يسمع اليوم سيأتي من يسمعه غدا في وقت “لات ساعة مندم” ولنا في السابقين عضة وعبرة..

 (26)

“المتهم بريء حتى تثبت إدانته” مبدأ جنائي معروف ومتعارف عليه وتتضمنه جل الدساتير والتشريعات الجنائية في العالم.. وفي سجون ومعتقلات مدينة الصالح “البريء متهم حتى يثبت براءته”.

ثم أن امتناع القائمين على تلك السجون والمعتقلات من اطلاع لجنة العفو العام على ملفات المعتقلين قرينة قوية أن الأسوأ أكبر، وأن الانتهاكات المرتكبة بحق المتهمين أشد وأفظع.. إنهم يدارون عورتهم وبشاعاتهم..

لستم وحدكم الحريصون على الوطن، ولستم الوطنيون وحدكم إن كان هذا دافعكم كما يدّعي بعضكم.. بل من يدري ربما يكتب التأريخ عنكم شيئاً آخر.
الأعذار الأقبح من الذنوب لا تحمي الأوطان، بل هي من تلحق بالأوطان والإنسان فادح الضرر..
الوطن إنسان قبل كل شيء يا هؤلاء.

(27)

لماذا لا تتولّى النيابة العامة شؤون المعتقلين بدلا من المشرفين، أو تحال قضايا المتهمين والمشتبه بهم بعد جمع الاستدلالات من قبل مشرفيكم إلى النيابة العامة؟!! أليس النائب العام أنتم من عينتموه؟! أتثقون بمشرفيكم أكثر من النائب العام وجميعهم أنتم من عينتموهم؟! اعتبروا النائب العام مشرفاً أو اعطوه صلاحية الإشراف، أو حتى كلوا الثوم بفمه، أو عينوا بدلا عنه مشرفا ليقوم بالواجب ولو بحده الصوري..

آه كم تراجعت أهدافنا ومطالبنا وأحلامنا، وأحلام الوطن المنكوب بالمشرفين..

(28)

سمير محمد مرشد تم احتجازه وهو يعمل في بوفيه بإب ومضى على حبسه ستة أشهر في مدينة الصالح، وأسندت له تهمة منفذ كمائن ضد الجيش واللجان الشعبية، وورد أنه اعتراف أنه منفذ أربعة كمائن ضد الجيش واللجان، ولأن القائمين على سجن مدينة الصالح امتنعوا عن اعطاءنا الملفات للاطلاع على حقيقة تلك التهم وأدلتها؛ اضطررت إلى سؤال المتهم: هل أنت معترف أنك نفذت أربعة كمائن ضد الجيش واللجان الشعبية؟ أجاب بالإيجاب. وعندما سألته عن عدد القتلى والجرحى لهذه الكمائن؛ أجاب لا أحد ولا وجدت أي خسائر، وعندما أستفصلته فيما نُسب إليه عرفت أنه “غبي” ولا يعرف حتى معنى الكمين.

(29)

عبد الله أحمد حسن الداعري أسندت إليه تهمة التخابر والتجسس لصالح العدو.. تهمة لا تشبهها إلا أهوال القيامة.. ودليلهم أنه أعترف أنه تم ضبطه في خط التماس مع العدو بالمسراخ جوار دبابة..

رفض القائمين على السجن اطلاعنا على ملفه قضيته.. سألته عمّا إذا كان لديه تلفون أو آداه تواصل أو ورقة أو قلم أو حبر سري أو أي شيء مشبوه أو حتى غير مشبوه حال القبض عليه؛ فأجاب: لا شيء..

إذاً بأي وسيلة يتخابر؟ لا أدري.. تهمة التخابر لديهم أسهل من تناول حبة الأسبرين..

بالإمكان أن أفترض ألف فرضية إلا تهمة التخابر الذي لا تنسجم مع شخصه وهيته وكلامه وعدم وجود أي مضبوطات معه لتدل على هذا التخابر الذي يجزمون به دون جازم.

عدم اطلاعنا على تحقيقاتهم لا يعني بالنسبة لي إلا هشاشة تلك التحقيقات ووهن القضية بمجملها وعدم واقعية التهمة المسندة إليه بل وخواءها حد الفراغ والوحشة.

(30)

موضوع العفو العام يتعلق بمساندة العدوان، والاستثناءات من العفو العام لا تنطبق على أي من الذين نحن بصددهم، بل جميعهم ينطبق عليهم قرار العفو العام، ولم يعترض أو يتحفظ أحد من أعضاء لجنة العفو على أي متهم بما فيهم مشرف أنصار الله في اللجنة..

وحتى على فرض صحة كل تلك التهم المسنودة إليهم ولأنه لم يترتب على أفعالهم ما اشترطته الفقرة المخصصة بالإحداثيات والمقترنة بنتائج قتل اليمنيين والاضرار بالبنية التحتية فأن قرار العفو يشملهم و ينطبق عليهم دون استثناء طالما لم تتحقق تلك النتائج.

وقد اتخذت لجنة العفو المعنية قرارها، ولكن الجهات القائمة على سجون الصالح ومن عليهم يبدو أنها لم تقرأ ولم تطلع على نص وبنود قرار العفو العام أو أنها تعرفه ومطلعة عليه ولكنها لا تريد انفاذ القرار لأسباب لا أود ذكرها هنا.

(31)

ـ ست خزنات تم تكسيرها تعود لأسرة بيت هايل في تعز، وتم نهب محتوياتها التي تقدر بـ 200 مليون ريال؟ هل تم إعادة شيء منها ؟ وهل تم معاقبة من قاموا بذلك؟

ـ هل يتم استخدام التعذيب في نزع الاعترافات؟!

ـ هل توفى أشخاص في السجن وما سبب الوفاة؟!

مجرد اسئلة جلها ربما خارج المهمة.

(32)

عندما كنت في بعض النقاط العسكرية أعرض بطاقتي مضطرا للتعريف بنفسي واسمي فيها أحمد سيف حاشد هاشم كنت ألاحظ أحيانا حيرة من يطلبها ثم يعلِّق بعضهم بسؤال: كيف حاشد وهاشم ؟! ثم يعقب على سؤاله: ما تركب!! ثم يسأل: هاشم من أين؟!

ذكرني هذا حال نقلنا بعد الوحدة من عدن إلى صنعاء.. أصرت الدائرة المالية في كشوفات الراتب أن تسميني أحمد سيف قائد هاشم، وقد بذلت جهد قرابة العام لتصحيح اسمي إداريا.. كنت أشعر أن القائمين على تلك الكشوفات غير مستوعبين أن يأتي اسم من الجنوب اسمه حاشد، غير أني اكتشفت بعد حين من زلة لسان المدير في الدائرة التي أعمل بها إن اسم حاشد كبير ولا أستحقه. لست وحدي من عانا من هذا، بل وأيضا قريبا لي في وزارة الخارجية استبدلوا اسم حاشد باسم حامد.

وفي عام 2011 أحد المساعدين لي فتح لي حسابين على الفيس على أساس أحدهما احتياط وباسم أحمد حاشد هاشم وأخبرني أن الفيس رفض اسم سيف ربما لاستنفاذ التعديلات على الحساب، وحاولت بعدها أنا وأولادي تصحيح الاسم ولكن دون فائدة وظل إسمي على الفيس إلى اليوم.. ولم أكن أعلم أن هاشم سيكون اسما مزعجا لحزب الاصلاح الذي شن ناشطيه حملة شعواء على هذا الاسم وتحديدا بعد مؤتمر “اليمن إلى أين” عام 2012 والذي أنعقد في بيروت.. وخصت صحيفة الناس والأهالي مقالات عدة ومتجنية علي شخصي وعلى اسم هاشم.

واليوم لازلت أدفع ثمن اسم لم أختاره أنا، ولكن ببساطة أجددنا لم يكن يعلمون أنه سيأتي يوما ندفع نحن ثمن اسمائهم.

(33)

عندما لا يتم محاسبة اللصوص والنهابة تستمر السرقة والنهب.. آخر منهوب قبل يومين لأحد منازل بيت هائل في تعز .. حاميها حراميها.. المسافة بين الأنصار وغيرهم تضيق.

(34)

إلى زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي
فلل “آل هائل سعيد” في تبة خاضعة لسيطرة “أنصار الله” شرق مدينة تعز تعرضت للاقتحام و النهب بعد طرد حراساتها

(35)

قضية فساد على طاولة أنصار الله..

تقولوا إننا نرمي التهم جزاف.. تقولوا تشتوا أدلة على الفساد.. والصماد يقول في مقابلة الأمس على قناة الميادين يريد أدلة.. لا بأس.. بإمكانكم ترتيب لقاء لي لأعرض عليه موضوع نهب سبع بيوت لأبناء وأسرة بيت هايل سعيد أنعم وكسر ست خزنات ونهب محتوياتها من الدولارات والريال غير التحف والجنابي والساعات وكل نفيس.. نهبها أفراد ومشرفين من أنصار الله، ويجب أن يعرف الرأي العام النتيجة والعقاب.. سنقابله مع الأدلة.
ثم سنأتي بغيرها وغيرها.. اثبتوا مصداقيتكم.

(36)

تحدّي..
شكلوا أي لجنة حقوقية من طرفكم لزيارة أي سجن من سجونكم في مدينة الصالح أو غيرها ودعوني أن أكون عضوا فيها إن كنتم تعتقدون أن ما تمارسوه صحيحا بحق المعتقلين.. دعونا نطلع على ملفاتهم وعلى ما يجري في سجونكم.. إن كان جيداً فهو محسوب لكم وسنشيد به حتى يبلغ صوتنا السماء، أو كان سيئا فهو محسوب عليكم فصححوه وعاقبوا من كان سببا فيه..

أطلب أن تختاروني في هذه اللجنة كما اخترتموني دون أن أعلم يوم ما كنتم مستضعفين في صعدة لأكون ممثلا لكم في لجنة التحقيق في الانتهاكات التي كانت تطال أنصاركم..

ماذا تغير اليوم حتى لا تتيحون لي مثل هذا الشرف في سجونكم وأنا من كنت أكشف الانتهاكات ضد أنصاركم دون أن تطلبون مني أن أفعل .. كنت أترجم وأعمم للعالم الانتهاكات التي تطالكم وأكشف ممارسات خصمكم الذي صار اليوم حليفاً وصرت أنا المخرز في العين..

فضلا عن ذلك كنت أنشرها في صحيفتي “المستقلة” المغلقة اليوم في عهدكم الباذخ بالصحف التابعة لكم التي لا تبتاع ولا تشترى.

لا أمنّ عليكم بواجبي ولكن هو الطلب والبلاغ إن كنتم تريدون أن تعرفون ماذا يحدث في سجونكم وتقصدون العدالة والحق والصواب.

(37)

ألتقينا اليوم مع رئيس المجلس السياسي صالح الصماد..

رتب اللقاء وحضره الشيخ سلطان السامعي.

تم عرض ما حدث لمنازل آل هايل سعيد أنعم من نهب من قبل بعض مشرفي أنصار الله مدعوما بالأدلة.

وعد رئيس المجلس السياسي بمتابعة الموضوع شخصيا..

في هذا الجانب كان اللقاء ممتازا وعلينا الانتظار لتنفيذ الوعد والنتائج في الواقع.

فيما يخص الإفراج عن المعتقلين المنتمين لمحافظة لحج والذي اتخذت لجنة العفو العام قرارا بالإفراج عنهم تطبيقا لقرار العفو العام وعد رئيس المجلس صالح الصماد بتنفيذ قرار اللجنة على أن يتم متابعة الموضوع معه من قبل جلال الصبيحي مشرف محافظة لحج.

في هذا الجانب كان اللقاء جيداً وننتظر التنفيذ الذي وعدنا به.

فيما يخص تشكيل لجنة للنزول للسجون والرفع عن أوضاعها وأوضاع السجناء لم يتم الرد..
هذا خلاصة لقاءنا اليوم برئيس المجلس السياسي الأخ صالح الصماد

وبدورنا سنتابع التنفيذ الذي وُعدنا به واطلاع الرأي العام بالنتائج كما هي في الواقع..

(38)

لماذا ندافع عن بيت هائل سعيد أنعم ؟

عندما ندافع عن بيت هائل التجاري إنما ندافع عن أحد مقومات الاقتصاد الوطني..

ندافع عن آلاف إن لم يكن عشرات آلاف العاملين والموظفين اليمنيين الذين سيفقدون أعمالهم ووظائفهم حال هدمها أو الاضرار البالغ بها..

ندافع عن آلاف أو عشرات آلاف الأسر اليمنية المستفيدة من رواتب العمال والموظفين الذي يعملون في المصانع والمرافق التجارية التابعة لبيت هايل.

ندافع عن عشرات آلاف الأسر التي كانت تستفيد من المساعدات الشهرية والسنوية التي تأتيها من بيت هائل.

ندافع عن استمرار المساعدات التي كان يحصل عليها المرضى والمحتاجين من مؤسسة السعيد الخيرية التابعة لبيت هائل سعيد أنعم.

ندافع عن الرأسمال الوطني الذي يتعرض اليوم للتصفية ليحل محله رأس المال الطفيلي الوسيط الذي يحول بلادنا إلى مجرد سوق مفتوحة للرأسمال الأجنبي.

ندافع عن الرأسمال الوطني بدلا عن الرأسمال الغير شرعي الذي أنتجته الحرب والفساد واستغلال الظروف للإثراء الغير مشروع.

ندافع عن استقلال الاقتصاد الوطني بدلا من أن يتحول إلى اقتصاد تابع للاقتصاد السعودي والخليجي، وتتحول بلادنا إلى مجرد سوق للبضائع القادمة من بلدان الاحتلال الذي دمر مصانعنا واقتصادنا وبنانا التحتية..

ندافع عن مؤسسة السعيد الثقافية التابعة لبيت هائل والتي تدعم الفكر والثقافة على مستوى اليمن وتوثق تأريخ وفكر وصحافة وثقافة اليمن.

ندافع عن الدستور والقانون، وعن اليمن كلها، وندافع عن وحدة المجتمع وتعايشه، فضلا عن مقاومة الحقد والكراهية الذي تصنعها ممارسة السلطة والساسة المبتزون واللصوص والفاسدون والمستبدون.

(39)

المدخلات السيئة لا تنتج إلى مخرجات أكثر سوءا ..

يقبيلون الوطن، وينتقصون من حق المواطنة، ويستولون على وظائف الدولة، ويمارسون الجهوية والمناطقية، وينهبون البيوت التجارية، وينشئون محلها بيوت تجارية جديدة من اقتصاد الحرب والفساد والاستيلاء على الدولة أو بقاياها؛ ثم يتساءلون بعجب: من أين تأتي كل هذه الكراهية..؟!
أحسنوا المدخلات لتتحسن المخرجات..

ما حدث ويحدث هو نتاج المدخلات السيئة التي لازالت مستمرة إلى اليوم.

الاعتراف بالمشكلة والتشخيص السليم مهم جدا على طريق العلاج..

الكراهية تنتجها الممارسات الغير سوية..

نريد دولة ومواطنة ونظام وقانون للجميع..

(40)

يجب أن نكون أكثر جرأة على النقد ومن دون “خينه”

ألتقيت بشكل عارض بأبو علي الحاكم.. وأبلغته عن العشرة المعتقلين من أبناء محافظة لحج في محافظة تعز والذين اتخذت لجنة العفو العام قرارا بإطلاقهم؛ فوعدنا بإطلاقهم..

صارا لدينا وعدين بالإفراج.. وعد من رئيس المجلس السياسي، ووعد من أبو علي الحاكم وسنعض على الوعدين بالنواجذ.

غير أن السؤال الذي يخنقني: لماذا في غير مكان يتم اطلاق المعتقلين الذين اتخذت لجان العفو العام قرار بإطلاقهم، فيما يتعذر انفاذ قرارات لجان في مناطق أخرى؟!!..

هل قرار العفو جاء ليجد تطبيقه في مناطق وقبائل معينة فيما تحرم منه قبائل ومناطق أخرى رغم أن جميع المناطق التي نقصدها خاضعة لسيطرة أنصار الله.. ؟!!

لماذا يمارسون المناطقية والجهوية والتمييز في إنفاذ قراراتهم.؟!

ماذا بقي لتختلفون عمن يقف مناطقيا على موقف الضد في الضفة الأخرى مناطقيا؟ّ!

عمل كهذا وممارسة كتلك تولد كراهية واحتقان مناطقي وجهوي مقابل..

يجب الكف عن ممارسة الجهوية والمناطقية، ويجب عدم التعامل بازدواجية مع أبناء ومناطق وقبائل اليمن..

ممارسة المناطقية هي من تصنع مناطقية مقابلة، ونحن هنا لا نبرر رد الفعل المناطقية، بل ندين ممارسة المناطقية وردود الفعل المناطقية، وإن كانت ألأولى أولى بالإدانة..

لجتنا لم تستطع الإفراج إلا على خمسة أشخاص، ولم تستطع حتى اليوم إنفاذ قراراتها بالأفراج عن البقية…

يجب أن نكون أكثر جرأة على النقد وتشخيص أمراض المجتمع ومن دون “خينه شقولوا”

(41)

لا زلنا ننتظر الوفاء بالوعود..

(42)

عندما تتواطأ مع النهب والفساد وانتهاك الحقوق والحريات العامة، توقَّع أن الهزيمة تقتفي أثرك وتمحي ذكرك، وأنها لا محالة ستدركك اليوم أو بعد حين، وستصيبك في مكان مكين..
إن الهزيمة دون شرف تصيبك في مقتل؛ لأنك تعاليت وأغتريت وتجاهلت وغرقت كما غرق من قبلك.

(43)

عندما تتستر على الناهب، أو تحابيه، أو تقلل من وقع جريمته وأنت سلطة عليه؛ فأنك ناهب لا تختلف عنه، بل أكثر منه؛ لأنك تشرّع النهب والفساد والجريمة بحكم سُلطتك.

 (44)

في عهد النهب وازدهاره

هل يعيد الناهب ما وقعت عليه يده من ألماس وذهب وكل غال ونفيس؟!

(45)

عندما لا تطال العقوبة الناهب، فإن في ذلك تشجيع على مزيد من النهب.

(46)

عندما تنهب في زمن الحرب يكون اللازم تشديد العقوبة إلى أقصاها، إلا عند أصحابنا يكون استعادة عُشر المنهوب كافي أن يطلق سراحك لتستمتع أنت والنّهابة بالتسعة أعشار..
إننا نعيش عهد منحط.

(47)

سبع من بيوت عوائل هايل سعيد أنعم تنهب بطريقة فجة، وعلى نحو يشبه ذلك النهب الذي كان يحدث في العصور الوسطى..

على رأس قائمة منهوبات بيوت عوائل هايل الماس والذهب وغيره من المجوهرات والنفائس غير النقود من عملات الدولار والريال، والجنيه ولا يُعاقب النهابة ، ثم يحدثونك عن إخلاق المسيرة..

إن كانت بيت هائل سعيد أنعم بنفوذها لا تستطيع أن تفعل شيء حيال النهابين فكيف بغيرهم من المواطنين وهذا الشعب المغلوب على أمره!!!

(48)

لا يكفي أن تُعيد عُشر المنهوبات وتستمتع بتسعة أعشارها لتنجو من العقاب، بل يجب أن تعيد كل المنهويات غير منقوصة، والأهم أن يطال الناهب العقاب حماية للمجتمع من اللصوص والنهابين والفاسدين والمجرمين..

(49)

ألتقيت أنا ووكيل محافظ لحج محمد هزاع ومشرف لحج جلال الصبيحي أعضاء لجنة العفو العام م/لحج برئيس المجلس السياسي صالح الصماد وتم تسليمه كشف يشمل 54 معتقل ينطبق عليهم قرار العفو العام وسبق للجنة أن اتخذت قرارا بالإجماع بإطلاق سراحهم.. وكلف رئيس المجلس صالح الصماد مكتبه بالتواصل بالجهات المعنية ومتابعة تنفيذ قرار اللجنة ..

وفيما يخص منهوبات منازل آل هائل سعيد في تعز طلبنا تشكيل لجنة تحقيق عليا، ووافق رئيس المجلس على المقترح وسيتم تشكيل اللجنة خلال الأيام القليلة القادمة..

إجمالا أحسست هذه المرة بمصداقية وجدية رئيس المجلس السياسي صالح الصماد أكثر من المرة السابقة، والذي خصص لقاء رسميا في مكتبه وخصص وقتا لنا في يوم يفترض أن يكون يوم إجازته الرسمية..

سنستمر بمتابعة الموضوعين وبرفقتنا الظن الحسن.

(50)

إلى القيادة العليا في أنصار الله..
في كل المظالم التي ترفع إليكم لا تصدقوا فيها أغلب مشرفيكم، ولا سيما عندما تكون للمشرف مصلحة كالنهب، أو دفع ضرر عنه مثل قضايا الانتهاكات للحقوق والحريات..

شكلوا لجان تحقيق في المظالم المرفوعة إليكم بعيدة عن تأثير المشرفين الذين يتسلطون على الناس، ويستخدمون الحرب وظروفها للنهب أو لقمع الآخرين، أو حتى لإلحاق مزيد من الإساءة لحركة أنصار الله بدوافع سياسية.

أقول هذا ليس جزافا، ولكن من قضايا أتابعها كل يوم..

هذا إذا افترضنا مصداقية القيادة العليا في أنصار الله على الأقل فيما يخص المظالم والانتهاكات ومنع الإساءات التي صارت تتسارع كإيقاع رقصة “البرع”..

(51)

لأنصار الله

“إن قلتها مت وإن لم تقلها مت فقلها ومت”

يوم “الدولة” بسنة ولكن الأسف الأكثر إنه ليس لدينا دولة..

كنت أريد أن أجيب على سؤال هل متابعة القضايا بدون “شولحة” وإعلام أجدى وأنفع؛ فوجدت الأمر سيان.. ولكن إذا شولحت على الأقل سيعلم الناس حجتك ويعذرونك لأنك بذلت المستطاع ولم تقصر ، وإن لم “تشولح” تموت كمدا أو ناقص عمر..

بخصوص المعتقلين التي أقرت لجنة العفو العام م/لحج الإفراج عنهم لم يتم الإفراج عن أي منهم باستثناء شخص واحد تم الإفراج عنه بطريقة تستفز الحفيظة، فيما لا زال 53 شخصا رهن الاعتقال في سجون ومعتقلات تعز وصنعاء وذمار وإب.

بخصوص منهوبات منازل أسرة آل هايل والتي تقدر بمئات الملايين والواقعة في تبة السلال التي يسيطر عليها أنصار الله لم يتم غير سماع جعجعة دون أن نرى طحين، بل هناك منهوبات أخرى لمنازل أخرى في المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله.

ناس تحارب العدوان وتفتدي الوطن وناس تنهب المواطن والوطن.

(52)

تم منعي من دخول بوابة الرئاسة رغم محاولة التعريف باسمي وإبراز بطاقتي والتوضيح بهويتي ووظيفتي والتأكيد على أنني عضوا في مجلس النواب وأنني لا أتابع قضايا شخصية، بل أتابع قضايا عامة..

شاهدت كثيرين يدخلون ويخرجون دون اعتراض وبعضهم لم يبلغ سن الرشد بعد، فيما البوابة واستعلاماتها رفضوا أن يسمحوا لي بالدخول لأنني أمارس وجودي ولأنه لم يتقبلني مزاجه..

كثيرين هم الذي يدخلون باحثين عن مصاريف ورتب توزع كغنائم وبالشوالة لرعاياهم فيما أنا أُمنع من الدخول لأنني أحمل غصة ووجع.

كنت أرى بعضهم يدخلون الرئاسة بيسر وسلاسة فيما أنا انتظرت ساعة في غرفة الاستعلامات ولم يسمح لي بالدخول ثم عدت أحمل خيبتي وانكساراتي وغصة تذبحني ولسان تملؤا فمي كأعجم.

في البوابة ينفع أن تكون شيخا أو تتبع الشيخ فلان أو أبو فلتان بل ينفع حتى وإن كنت مهرجاً أو مهرضبا ليسمح لك بالدخول، ولكن أن تحمل مدنيتك وحياءك معك وتريد أن تدخل وتحاول افهماهم باسمك وهويتك وحصانتك يمنعوك ولا يسمحون لك بالدخول..

أن تدخل تتابع مذكرة أو استخرج أمر بمنحك رتبة ومنح جماعتك رزمة من الرتب أمر مسموح لك رغم أنها استحقاقات غير قانونية، ولكن أن تأتي تتابع قضايا معتقلين أو نهب وفساد فالأمر ربما يكون مُشكل، حتى وإن كنت برلماني ولديك حق الرقابة على السلطات التنفيذية على اختلاف اختصاصاتها بموجب الدستور والقانون.

تمكنت من الدخول مرتين بواسطة من هم دوني ولكن أنا وبطاقتي وهويتي وعضويتي البرلمانية لم تشفع لي ولم يسمح لي بالدخول تلك المرة.

(53)

حتى اليوم لم يتم اطلاق المعتقلين التي أقرت لجنة العفو العام الإفراج عنهم رغم مرور قرابة شهرين من أول وعد وعدنا بالفصل في الأمر من قبل رئيس المجلس السياسي..

 وأما التحقيق في منهوبات بيت هايل فقد تشكلت لجان وقد أختلط الحابل بالنابل ولم تباشر أي منها حتى اليوم أي تحقيق فيها أو توقيف الناهبين والمشرفين المتورطين بل علمنا بمنهوبات جديدة ونهب منازل أخرى لمواطنين آخرين..

تم إبلاغنا أولا أنها تشكلت لجنة من مكتب زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي وسررنا بذلك لعل وعسى أن نرى شيئا يبعث أمل في استرجاع حق، ثم تفاجأنا بتشكيل لجنة من المكتب السياسي شملت مهام اللجنة الأولى، وكلا اللجنتين لم تباشران حتى اليوم أي نزول أو تحقيق، بل شكلت لجنة ثالثة من مسؤولين في تعز لتستبق اللجنتين، ونحن لا نثق بها ونرتاب في مصداقيتها، ونرى أن القصد منها الالتفاف على اللجنتين..

نريد مصداقية..

(54)

أمقت المناطقية، ولكن يجب أن نعرف من أين أتت هي وكثير من الكراهية التي تعصف بالمجتمع اليمني؟

علينا أن نفهم آثار ونتائج احتقان شرعنة وممارسة القوة والنهب والقمع والتعالي والغطرسة..
تعز نموذج ومثلها تعيش محافظات ومدن يمنية كثيرة في الشمال والجنوب..

تعز وغيرها يشرعن فيها الأقوياء سطوتهم وسلطتهم وقمعهم ونهبهم ومن كل الاتجاهات..
النهابون يسمّون تعز بـ”دبي” وهم قادمين إليها لينهبوها..

حاميها حراميها.

لذلك يجب أن تفهموا من أين تأتي المناطقية القبيحة ومن يصنعها ابتداء.

المناطقية تمارس اليوم في تعز والوطن، بل ويتم إعادة صناعة أسبابها مرة أخرى وعلى نحو أكثر غلظة، وبفجاجة غير مسبوقة.

ثم بتعالي وغطرسة وازدراء يسألون: من أين جاءت كل هذه المناطقية والكراهية التي تعصف بتعز وغيرها ؟! ومن أين جاءت كل هذه الجهوية في الجنوب؟!

نتهم طرفا ضالعا في المناطقية والجهوية بلا شك، ولكن علينا أن لا ننسي أو نبرئ الطرف الذي يمارسها ويصنعها ابتداء..

ثم نجد من يستغل أسباب المناطقية ويجيد استغلالها سياسيا وعسكريا محليا وخارجيا..

على الصعيد المحلي وظفت أحزاب وجماعات محلية أو قيادتها، المناطقية والكراهية بما يخدم أجندتها الضيقة على حساب الوطن والمستقبل وولغت إلى حد الاصطفاف مع دول العدوان الخارجي والقتال معه..

وعلى الصعيد الخارجي أستغل العدوان الكراهية والمناطقية في المجتمع ومكوناته، وعمل على توظيفها لخدمته وخدمة أجندته وأطماعه الاستعمارية والتوسعية..

العدوان أتى ونفذ إلى المجتمع من مثل هذا.. وسيستمر طالما لا يوجد من يسد منافذه.. بل يوجد من يجذره وعيا وممارسة..

كفوا عن نهب تعز..

كفوا عن ممارسة المناطقية التي تزرعون بذورها اليوم لعقود قادمة..
كفوا عن اعتبار تعز والوطن مجرد غنيمة.. أملاك وأموال آل هايل سعيد أنعم نموذج..

كفوا عن اعتبار أبناء تعز والوطن شمالا وجنوبا مجرد رعايا أو موارد تنهبونها وتعبثون بها.

اسمعوا وجع الوطن لتستطيعوا أن تسوسوه وتنصفوا أهله بصرف النظر عمن يكونوا ومن أي منطقة.. أرفعوا الظلم عنهم وعن كاهل الوطن.
بدون ذلك “لا منهزم يفنا ولا منتصر ضامن بقاه”.

بدون ذلك يجد التاريخ لهؤلاء في مزابله مكانا ومتسع.

(55)

كانوا يريدون أدلة لنتحدث عن النهب والفساد..
وعندما أحضرنا الأدلة وطلبنا منهم التحقيق للتأكد توالت الأسابيع والشهور دون جدوى أو فعل..
لم تباشر اللجنة التحقيق..
ولم يتم توقيف ناهب..
ولم تعاد المنهوبات..

بل بعد أن طلبنا لجنة تحقيق من مكتب زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي وتمت الموافقة كما علمنا لم يتم النزول.. بل تم نهب فلتين أضافة إلى الست الفلل السابقة..
أتحدث عن فلل بيت هايل المنهوبة.

إن كان هذا يحدث لبيت تجاري معروف في تعز فكيف بالعامة من أهل تعز.
ماذا نفعل؟!

السؤال لأصدقائي من أنصار الله الذين أحترمهم جدا وأردت أن أقيم الحجة عليهم.

(56)

هل تصدقوا أن بعض من عرضتهم قناة المسيرة أنهم خرجوا تطبيقا لقرار العفو العام وتم عرضهم في القناة كمفرج عنهم وتحدث عنهم رئيس المجلس السياسي الصماد في مقابلته مع الميادين لازالوا في الحقيقة إلى اليوم في السجون..
إنهم لا يستحون.
وضع غير قابل للتصحيح لأن القائمين على الأمر ملوثين بالظلم وأشياء أخرى.

(57)

خرج بعض من طالبنا بإخراجهم من السجون الـ (54) والذين أقرتهم لجنتنا، ولكن خرجوا ليس تنفيذا لقرار العفو العام وقرار لجنة العفو..
هل فهمتم؟
أسألوا مشرفيكم إن كنتم تهتمون أو تكترثون بالأمر..

(58)

أهم ما خلصت له خلال رحلتي الحقوقية إلى تعز والعودة والمتابعة في صنعاء أن مراكز القوى والفساد في جماعة أنصار الله صارت أقوى من “السيد” وأقوى من المجلس السياسي ورئيسه.
من لم يعرف هذا اليوم، سيعرفه غدا على نحو واضح وجلي، ومرير مرارة هذا الواقع.
باختصار “أتسع الرقع على الراقع”.

(59)

بهذه المقولة فكّرت عندما قبلت أن أكون عضو لجنة فرعية للجنة قرار العفو العام.
“يعتبر سور الصين العظيم أحدى عجائب الدنيا السبع، ومن الصعوبات بمكان ان تسمع شيئاً وانت داخل السور، ولكن يستحيل عليك ان تسمع شيئاً وانت خارج السور.. الانعزال لا يحقق شيئاً على الاطلاق.”
ريتشارد نيكسون ـ الفرصة السانحة.

(60)

الخلاصة إلى اليوم وبعد مرور أكثر من العام على إصدار قرار العفو العام لم يتم تنفيذ قرار العفو العام، ولم ننجح كلجنة فرعية من الإفراج عن بضعة أشخاص من قوام 54 شخص، ولم يحال أحد من هذا القوام إلى النيابة العامة ولازالوا في قبضة أنصار الله إلى اليوم..

ومن جانب آخر فشل مجلس النواب من إلزام أنصار الله بتنفيذ قرار العفو العام على مئات المعتقلين أو إحالتهم للقضاء أو النيابة العامة ولا زالوا في قبضة أنصار الله ومعتقلاته.

وأما بشأن نهب بيوت آل هايل في تعز فلم يتم عقاب أحد ، ولازال جميع الناهبون طلقاء وأحرار..

ـــــــــــــــــــــــــ

• تم كتابة هذه المنشورات منذ ستة أشهر تقريبا من الآن.

زر الذهاب إلى الأعلى