إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات

روسيا تفضح خطة التحالف وأمريكا في اليمن باعلان موقفها من مهاجمة الحديدة

يمنات

عبد الوهاب الشرفي

قال نائب وزير الخارجية الروسي جينادي جاتيلوف أمام مؤتمر المانحين في جنيف، إن روسيا لا يمكنها القبول بالحصار على اليمن.

و أشار إلى أن هناك توجهات مقلقة ينويها التحالف بمهاجمة الحديدة، و من ثم التحرك نحو صنعاء،  و أكد أن هذا أمر لا يمكن السماح بوقوعه.

لا يمكن الفصل بين الملفين السوري و اليمني بالنسبة للمنافسات الأقليمية و العالمية. فالملفين متداخلين و متأثرين ببعضهما، و بالتالي فتعامل المتنافسين تجاههما كملفين بينهما حالة يمكن وصفها بـ”قواعد إشتباك سوريا اليمن” و كلا طرفي التنافس لا يتخذان قراراتهما في أي من الملفات دون أخذ ملابسات الملف الاخر.

اللاعبون في سوريا واليمن

اللاعبون في سوريا هم ذاتهم اللاعبين في اليمن و المسألة متعلقة بحجم الدور الذي يمارسه كل منهم في الملفين، الولايات المتحدة و حلفائها و روسيا و حلفائها كلا الفريقين متواجدين في الملفين، و الفرق بينهما هو أن حجم الدور للولايات المتحدة و حلفائها هو محوري في كلا الملفين بينما حجم دور روسيا و حلفائها محوري في الملف السوري و غير فاعل كـ”خصم” في الملف اليمني.

الموقف الروسي في اليمن هو محدد وفق أهداف طرف الولايات المتحدة و حلفائها في اليمن، و لم تكن ترى أن الحدث في اليمن يمس حضورها العالمي لإعتبار أن الغطاء الأممي للحرب العدوانية على اليمن هو لحل سياسي توافقي في اليمن، و ليس لفرض حالة سياسية تبعا لأجندة الولايات المتحدة و حلفائها، و بالتالي لم يكن لديها دافع للإنزلاق لخصومة مباشرة مع الولايات المتحدة و حلفائها في الملف اليمني بعد تثبيت نقاطها في القرار الاممي 2216 الذي يجعل من التوافق على الحكم و عودة حكومة الوفاق لإدارة شئون البلاد و إستكمال الخطوات السياسية الإنتقالية في اليمن.

تمارس الولايات المتحدة و التحالف السعودي خطابا مراوغ لا يصرح بأن الهدف تحقيق نصر عسكري في اليمن يترتب عليه إقصاء أطراف صنعاء و أن حربهما العدوانية هي لفرض تنفيذ متطلبات القرار الأممي و في نفس الوقت يقومان بالتلاعب بالمسار السياسي لمنعه من أن ينتج حلا توافقيا و لإتاحة الفرصة للعمل العسكري لفرق الواقع الذي يسعيان إليه دون إعلانه، و بعبارة أخرى يتعاملان مع العملية السياسية لتغطية إستمرار العمل العسكري و ليس للتأثير عليه.

ترقب روسي

روسيا تراقب المشهد في اليمن بعين مفتوحة و لم تبدي أي إعتراض طوال الفترة الماضية لإعتبار أن معادلة القوى في اليمن لا زالت تضمن لكل الأطراف الحضور في أي حل عندما تتوفر الإرادة للحل السياسي، و هذا الأمر بالنسبة لروسيا يعني أنه ما من مساس بحضورها العالمي يدعوها لرفع حجم دورها في الملف اليمني.

معركة الحديدة هي معركة ذات خصوصية فهي المعركة التي يمكن أن يترتب عليها تغييرا حقيقيا في معادلة القوى في اليمن و التي تعتمد روسيا عليها لحضورها في الملف اليمني، و هي – معركة الحديدة – النقطة التي يمكن أن يترتب عليها اقصاء أحد طرفي الصراع في اليمن و الإحتفاظ بالطرف الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة و حلفائها لتشريع تدخلهما في الملف اليمني. و هذا الأمر يعني تفرد الولايات المتحدة و حلفائها بتشكيل الحالة السياسية في اليمن بعد الإطاحة بمعادلة “التوافق” الحاصلة على الأرض، و بالتالي تغييب روسيا من مستقبل الملف اليمني.

تابع الجميع نقلة الموقف الروسي في الملف اليمني تبعا لتوجه الولايات المتحدة و التحالف السعودي مهاجمة الحديدة و مينائها، فقد أطلق تحذيراته بصورة مباشرة و رسمية و أوصلها إلى مجلس الأمن لمناقشة الملف اليمني في ضوء ما يعتزمه التحالف السعودي و الولايات المتحدة تجاه الحديدة.

ضربة وتصاعد حدة التنافس

جاءت الضربة الأمريكية لروسيا لترفع من حدة التنافس على الحضور العالمي بمستوى ما قبلها و بالتبعية أنعكس ذلك على مختلف الملفات في المنطقة، و في مقدمتها الملف اليمني، و أصبحت تهديدات أي إخلال بمعادلة القوى في الملف اليمني أكثر حساسية بالنسبة لروسيا منها كما كانت في ضوء تقديراتها لمعركة الحديدة.

حاولت الولايات المتحدة و حلفائها في ظل فشل مساعيهم للحصول على تخويل دولي بالتدخل العسكري في سوريا أن يؤثروا على معادلة القوى في سوريا لصالحهم من تحت الطاولة و كان ذهابهم إلى خط الإرهاب و سهلوا دخول مئات الالاف منهم إلى سوريا للقتال إلى جانب المعارضة السورية المسلحة. و كاد هذا التدخل من تحت الطاولة أن يغير بالفعل و أن يقصي الحضور الروسي و يفرض النتيجة المرادة للولايات المتحدة و حلفائها.

كما دأبت روسيا على قطع خط التدخل لإخلال معادلة القوى في سوريا بقرار من مجلس الأمن فعلت ذلك أيضا تجاه خط الارهاب و تدخلت عسكريا للحفاظ على معادلة القوى لتضمن حضورها العالمي و تحمي أمنها القومي كذلك.

جينادي جاتيلوف نائب وزير الخارجية تحدث في مؤتمر دعت له الأمم المتحدة لمواجهة الحالة الإنسانية في اليمن، و حديثه يمثل شرحا للخطوات التي يرتبها التحالف للتغيير في معادلة القوى في اليمن و الجنوح بالنتيجة لصالح الولايات المتحدة و حلفائها على حساب روسيا، و حديثه كان أن خطة التحالف لتغيير المعادلة  هي (مهاجمة ميناء الحديدة و فرض حصار خانق على اليمن و من ثم الوصول الى صنعاء).

عوامل اقتصادية وراء معركة الحديدة

كلام جينادي يعني أن الولايات المتحدة و التحالف السعودي بعد فشل تحقيق أي تقدم عسكري محوري قرروا الدخول لمعركة الحديدة ليس لعوامل عسكرية و إنما لعوامل اقتصادية بحيث يحقق فتح هذه الجبهة حصارا على اليمن يتأثر به المدنيون و يؤدي إلى إرباك الداخل و إضطرابه، و بالتالي إرتفاع حمل متطلبات الداخل لمستوى يمنع الجيش و اللجان الشعبية من الإستمرار في المواجهة في مختلف الجبهات، بما يتيح للتحالف السعودي تحقيق إنتصار و تقدم لن ينتهي إلا بإخلال كامل بمعادلة القوى يوصل الولايات المتحدة و التحالف السعودي الى صنعاء العاصمة ليفرضا حينها رؤيتهما للحالة السياسية على حساب المصالح و الحضور العالمي لروسيا.

ما يمنع من مهاجمة ميناء الحديدة هو أنه المنفذ الرئيسي للحاجات الانسانية للمدنيين في اليمن و سيكون تحويله إلى جبهة إستهداف مباشر للمدنيين و قيام عوامل كارثة إنسانية تفوق ما هو حاصل حاليا، و بالتالي فالتوجه لذلك هو أمر متعلق بحالة الأمن و السلم الدوليين و في ظل المنافسة العالمية لابد لخطوة كهذه أن يكون محل قرارها هو مجلس الأمن و كانت دعوة مجلس الأمن للإجتماع بعد تحذيراتها من تبعات مهاجمة الحديدة هو أول السجال حول هذه المعركة، و تعرف الولايات المتحدة و حلفائها أنه لا يمكن التحصل على تأييد دولي لمثل هذا التوجه و إن روسيا ستعيق أي محاولة للحصول على تخويل دولي بمباشرة هذه المعركة.

معركة قلب الطاولة

تعمل الولايات المتحدة الامريكية و التحالف السعودي على تمرير المعركة بقلب الطاولة والطاولة هي “الدواعي الانسانية”، فبما أن العائق الأهم لمهاجمة ميناء الحديدة هو المترتبات الانسانية فهما يستخدمان ذات الحجة بعد قلبها بإيهام الرأي العام أن “سلطة الانقلاب” في الميناء تمنع وصول المساعدات الانسانية لمستحقيها و تصادرها لنفسها، و بالتالي فمهاجمة الميناء و إعادته لـ”الشرعية” هو عمل دافعه الرئيسي إنساني..!!.

حديث نائب وزير الخارجية الروسي كان يحمل الموقف الروسي للمرحلة القادمة و الذي خلاصته لن نسمح بالحصار على اليمن و التوجه لمهاجمة ميناء الحديدة سيوصل لصنعاء وهو إخلال بمعادلة القوى يترتب عليه إقصاء الحضور الروسي في مسألة الحالة السياسية القادمة في اليمن و أن روسيا لن تسمح بحدوث ذلك و ستدافع عن حضورها العالمي.

معركة الحديدة من وجهة نظر روسية

في اليمن يمكن تشبيه معركة الحديدة بخط الارهاب في سوريا أي أنه خط تم اللجوء اليه للتغيير في معادلة القوة في الملف اليمني كما أستخدم الارهاب للتغيير في الملف اليمني، و حديث نائب وزير الخارجية الروسي كان في مؤتمر الإستجابة للحاجات الانسانية في اليمن، و هو يحمل دلالة أن دخول الولايات المتحدة و التحالف السعودي من بوابة الحاجات الانسانية سيدفع روسيا للدخول في اليمن من ذات الباب تماما، كما كان دخول الولايات الامريكية من باب الارهاب في سوريا و هو ما دخلت منه روسيا كذلك.

في ضوء حديث نائب وزير الخارجية الروسي لم يعد السؤال هل سترفع روسيا حجم دورها في الملف اليمني..؟ و إنما أصبح السؤال هو فقط حول صور رفع الدخول الروسي الأوسع في الملف اليمني في حال هوجم ميناء الحديدة.

المصدر: الغاية نيوز

 للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى