العرض في الرئيسةفضاء حر

شراء ذمم العالم لسنة ثالثة حرب في اليمن

يمنات

لطف الصراري

ليست المرة الأولى التي يركز فيها معهد واشنطن على الصراع الدائر بين أجنحة الحكم في السعودية. فمنذ عدة سنوات، كان التركيز على مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية في ظل شيخوخة الجيل الذي قضى عمره في انتظار جلوسه على سدة العرش الملكي أو ولاية العهد. كما كان السؤال الذي يشغل بال خبراء رسم السياسات الأمريكية تجاه السعودية، يتمحور حول إمكانية سماح الأسرة الحاكمة بصعود دماء جديدة من جيل الأمراء الشباب إلى القيادة العليا للمملكة.

في مقال مواكب لزيارة الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن منتصف مارس الجاري، يتناول سايمون هندرسون، مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، جانباً من المنافسة المحمومة بين محمد بن نايف وقد صار ولي العهد، وبين محمد بن سلمان وقد صار ولي ولي العهد. كلا الأميرين من جيل الأحفاد، وفي سعيهما إلى كسب تأييد أفراد العائلة الحاكمة من أجل الوصول إلى منصب “الملك” التالي، يقول أندرسون، يسعيان أيضاً، بذات الدأب، لكسب تأييد الولايات المتحدة الأمريكية لنفس الغرض.

الشواهد على هذا التنافس بين الأميرين كثيرة، ويبدو بن نايف أكثر هدوءاً من الأمير الشاب، الذي من الواضح أنه يجتهد في محاكاة شخصية جده الملك عبد العزيز. هدوء بن نايف قد يكون نابعاً من يده المملوءة بالملفات الأمنية المهمة في سياق الصراع الدائر في المنطقة، إضافة لخلفيته الأمنية وخبرته التي تحتاجها واشنطن في هذا الشأن، بينما يقدم بن سلمان نفسه للأمريكيين متكئاً على صورة تاريخية لجده الذي أعلن نفسه ملكاً وهو في الثانية والعشرين من عمره، وتمكن من توسيع مملكته ورعاية مصالح البريطانيين وازدرائهم في نفس الوقت. رغم ذلك، لا ينصح هندرسون وغيره، الإدارة الأمريكية بالتعبير عن دعمها حالياً لأي من الأميرين المتنافسين. ويبدو أن أمريكا تعرف جيداً أنه ما من عبد العزيز آخر في صفوف أسرة الحكم السعودية.

في اجتماعاته المصورة مع ترامب، لاحظ كثيرون “الفتور” الذي تعامل به الأخير مع بن سلمان، ويورد هندرسون في المقال نفسه سبباً محتملاً لذلك، وهو أن ترامب “كان منزعجاً ربما من كون الأمير الشاب السعودي لم يبد له احتراماً واضحاً”. قد تدعم هذه الملاحظة احتمال محاكاة بن سلمان لصورة جده الملك الذي لم يكن متحفظاً إزاء التعبير عن عدائيته تجاه الإنجليز، حتى بعد أن تعاملوا معه كوريث للخلافة العثمانية. وفي سعي الحفيد لتقفي سيرة جده، ذهب إلى واشنطن في مهمة “إعادة هيكلة” علاقات مملكته المستقبلية مع إدارة ترامب، ترامب الذي لم يتأثر، وربما وجد الأمر مثيراً للسخرية، عندما قال له بن سلمان إن “الإستخبارات السعودية تؤكد… وجود مخطط تم الإعداد له ضد الولايات المتحدة في الدول الست التي حظر على سكانها دخول أمريكا”.

في الزيارة ذاتها، حاول بن سلمان القيام بمهام متعددة، من كسب تأييد الأمريكيين له كملك مستقبلي، إلى محاولة إلغاء قانون “جاستا”، إلى تمديد التأييد والدعم الأمريكيين للحرب السعودية على اليمن… وليس انتهاءً بإغراءات المال، والتي من بينها استثمار السعودية تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال العقد القادم، علاوة على استثمارات بمئات المليارات خلال الأربع سنوات القادمة. رغم ذلك، قطع الملك المستقبلي زيارته لأمريكا وعاد إلى الرياض لمهمة طارئة، ويبدو أنها ستؤثر سلباً على طموحه الملكي. عاد لاستقبال أبيه الملك سلمان، الذي قطع إجازته في جزر المالديف، وعاد إلى الرياض. يلمح هندرسون إلى أن قطع زيارة بن سلمان لواشنطن قد يكون من تدبير منافسه محمد بن نايف. كما يشير إلى ما سماها “مفارقة في الأحداث الدولية” وهو يتحدث عن زيارة الملك سلمان إلى الصين الأسبوع الماضي مصطحباً وفداً من رجال الأعمال، وإبرام صفقات بقيمة 65 مليار دولار، وبعدها بأيام وصل إلى بكين بنيامين نتنياهو “لإجراء مناقشات مماثلة”.

تسعى السعودية إلى شراء استمرار تأييد العالم لحربها على اليمن، بينما يأخذ العالم أموالها ويخبرها لاحقاً بأن جيشها ليس سوى “نمر على ورق”، وبأن طياريها يفتقرون للكفاءة في إصابة الأهداف العسكرية، غير أنها مصرة على دخول سنة ثالثة من الحرب الخطأ في المكان الخطأ.

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى