إختيار المحررالعرض في الرئيسةحوارات

كبير مفتشي وكالة الطاقة الذرية يكشف عن دور محمد البرادعي في تعطيل مشروع نووي مصري وتقاريره ضد بلاده ودوره في حروب مصر وسوريا وعلاقته بالموساد

يمنات

يُلقَّب بـ«صاحب الصندوق الأسود» فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مدار 25 سنة، منذ أن انضمّ إلى فريق العمل بها لأول مرة عام 1984 إلى أن غادرها عام 2009 إثر خصومة كبيرة مع الدكتور محمد البرادعى، وما كتبه من تقارير ضد مصر وسوريا، وما بها من كواليس ستُعلن لأول مرة.

إنه الدكتور يسرى أبوشادى، ابن شبرا، تلميذ عالم الذرة المصرى الكبير يحيى المشد، الذى اغتيل فى ظروف غامضة، و الذى تولى مسئولية التفتيش على أكثر من 500 مفاعل نووى حول العالم فيما يزيد على 50 دولة.

«أبوشادى» فى حواره مع «الوطن» يكشف عن أسباب تعطُّل المشروع النووى المصرى على مدار 30 عاماً ماضية، و يشرح لنا أهمية توقيع مصر اتفاقية محطة الضبعة النووية فى هذا التوقيت.

كما يفنّد كل المزاعم والمخاوف التى يروّج لها البعض إزاء المشروع ومخاطره على مصر، التى وصفها بـ«الساذجة».

كما يكشف «أبوشادى»، لأول مرة، عن كواليس عمله فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية و دور الدكتور محمد البرادعى إبان توليه منصب مدير الوكالة فى الزج بالعديد من الدول إلى أتون الحرب، والشبهات الكثيرة التى أحاطت بالتقارير التى كان يكتبها ضد عديد من الدول العربية، وعلى رأسها مصر، وكيف وُضعت بسببه على رأس القائمة السوداء، وضُمَّت إلى دول محور الشر «إيران، وسوريا، وكوريا الشمالية»، فى مجال السعى لإنتاج القنابل النووية.

و يشير «أبوشادى» فى حواره إلى أن «البرادعى كان يخضع لعميل للمخابرات المركزية الأمريكية CIA»، وغيرها من التفاصيل البالغة الأهمية التى يعلن عنها لأول مرة، إلى نص الحوار

■ كيف استقبلت توقيع مصر اتفاقية إنشاء مفاعل الضبعة النووى؟

– لفتت نظرى أمور عدة فيما يتعلق بتوقيع مصر تلك الاتفاقية، لعل فى مقدمتها توقيت الاتفاقية، لأن الأجواء السياسية العامة لم تكن توحى أبداً بهذا التطور الهائل وتحديداً بعد سقوط الطائرة الروسية فى شمال سيناء وما تبعه من قرارات روسية بوقف الرحلات الروسية إلى مصر، وأنا أحسب للقيادة السياسية اختيار التوقيت الرائع، خاصة أن قوى خارجية كثيرة تسعى للوقيعة بين مصر وروسيا، والبعض كان يراهن على تصعيد تلك الأزمة بشكل كبير، وهنا يجب الأخذ فى الاعتبار أن روسيا أصبحت قوة لا يستهان بها.

■ تحدّث بعض التقارير الإعلامية وبعض الكُتاب الصحفيين عن مخاوف عدة تجاه الاتفاقية، بل وأعطوا نُذراً غير مبشرة تجاه المفاعل.

– كل ما قرأته من انتقادات تجاه المفاعل سواء من التقارير الإعلامية أو ما كتبه بعض الأقلام، أرى بكل أسف أنه «الجهل بعينه»، واستخفاف بالعقول، ولا أساس علمياً له.

■ من بين بيانات الاتفاق المُعلنة أن يكون للروس 80% وللمصريين 20%، فماذا يعنى ذلك؟

– تشمل الاتفاقية توفير روسيا نحو 80% من المكون الأجنبى، فيما توفر مصر 20%، لكن خبرتنا كمصريين فى نسبة 20% ماذا تعنى؟ العمالة، المقاولين، عمليات حفر الأرض، المهن المدنية المساعدة، وهذا ما لا أود أن تكتفى به مصر، بل نريد أن تشارك مصر فى صناعة المحطات النووية نفسها.

■ هل تمتلك مصر الكوادر المهنية المُدرَّبة القادرة على المشاركة التى تتحدث عنها؟

– نعم، مصر تملك، لكن الفكرة تكمن فى الاختيار الصحيح.

■ هاجم البعض مشروع إنشاء مفاعل الضبعة بناء على تخوفات معينة تتعلق فى المقام الأول بعوامل الأمان، خاصة أن مصر ما زالت مستمرة فى حربها على الإرهاب.

 

– هذه تخوفات ساذجة، فأولاً «إحنا مش هنقعد طول عمرنا خايفين من الإرهاب»، ثانياً المفاعل سيكون به دوائر أمنية معينة غير قابلة للتفجير، وفى حال حدوث أى شىء مهما كان، فأقصى ما سيحدث أن المفاعل سيُغلَق بشكل أوتوماتيكى، حتى لو استطاع أى عنصر تخريبى، وهذا مستبعد تماماً، أن يدخل إلى داخل المفاعل نفسه لن يتمكن أبداً من تحويله إلى قنبلة نووية، لأن تصميم المفاعل يقوم على أنه فى حال حدوث أى طارئ يُطفأ أوتوماتيكياً ولا يستطيع أى كائن التحكم به «ولا الجن نفسه».

■ قد نكون أكثر تشاؤماً ونتحدث مثلاً عن إمكانية إطلاق صاروخ على المفاعل أو اقتحام سيارة مفخخة مقرّه فما الذى يمكن أن يحدث؟

– إجابة هذا السؤال فى سؤال طرح نفسه بشكل مباشر لدى الرأى العام الفترة الماضية: لماذا استغرقت مصر كل ذلك الوقت قبل توقيع اتفاقية إنشاء المفاعل؟ وحسب التصريحات الحكومية الأخيرة سيتم العمل بالمفاعل فى حدود عام 2022 أو 2023، ماذا يعنى كل هذا الوقت الإضافى؟ يعنى أن مصر طلبت عوامل أمان وحماية مضاعفة عن التقليدى المُتبع فى أى مفاعل فى أى مكان آخر، ومن بين هذه العوامل «درجة تحمُّل الغلاف الخارجى للمفاعل لأى عوارض»، وبناء عليه ووفقاً لخبرتى أستطيع أن أقول إنه إذا ضُرب صاروخ قوى جداً على أسوأ الظروف وبسرعة عالية جداً فلن يحدث شىء للمفاعل، والناس غير المُصدقة لما أقول أعطى لهم مثالاً بسيطاً للغاية، هو أن العراق ظل لمدة 8 سنوات يضرب مفاعل «بوشهر» الإيرانى ولم يحدث به خدش واحد. إذاً فلنعقل الأمور.

■ هل تكلفة الوقود النووى عالية؟

– الوقود النووى الذى ستستخدمه مصر من أرخص أنواع الوقود النووى على مستوى العالم.

■ لماذا الأرخص؟

– ثمن الوقود النووى الذى سنستخدمه للمحطة النووية بقدرة 1000 ميجاوات يساوى 25 مليون دولار، فى حين أن محطة كهرباء تعمل بالغاز الطبيعى مثلاً تحتاج إلى 1000 مليون دولار وقوداً فى السنة، ولو استخدمت السولار فستكون التكلفة أعلى بالطبع، وبعقد مقارنة فهذا يعنى أن سعر الوقود النووى أرخص بنحو 40%، وعندما يكون السعر رخيصاً سينعكس ذلك على سعر الكهرباء «كيلوات/الساعة»، نعم العلاقة ليست خطية تماماً، لكنها أحد العوامل الهامة لتقليل سعر الكهرباء وإنتاجها.

■ لا يمكن إغفال أن مشروع مصر فى مجال إنتاج الطاقة النووية يعود إلى عهد عبدالناصر، وتحديداً منذ إنشاء مفاعل إنشاص الذى لم يحقق ما كان مرجواً منه، فلماذا مضت كل تلك العقود بلا طائل؟

– السادات ومبارك كانا يريان أن 99% من أى حاجة ممكن تحصل فى العالم بيد أمريكا، وكانت القوى المعارضة لدخول مصر العصر النووى تستند إلى أن عديداً من دول العالم دخلت المجال النووى على أساس سلمى ثم تحولت إلى إنتاج القنابل النووية مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية.

■ لكن هذا التخوف ليس فى محله لأن مصر موقّعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والرئيس السادات فعّل هذه الاتفاقية بعد ذلك.

– صحيح، لكن التخوف الغربى لديه معطيات سابقة تتعلق مثلاً بانسحاب كوريا الشمالية من المعاهدة بعد التوقيع عليها، وفى اليوم التالى للانسحاب كانت تصنّع القنابل النووية، ومصر دولة ذات حيثية كبيرة وبالتالى يجب من الأصل أن لا يكون لديها مادة «البلوتونيوم – الوقود المستهلك» وإن كانت تعمل فى المجال السلمى وموقّعة على الاتفاقية، لهذا أطالب الرئيس بأن يؤجّر الوقود النووى حتى يغلق الباب تماماً أمام أى محاولات غربية للتلاعب مع مصر بقولها «يمكن لمصر أن تستخلص البلوتونيوم من الوقود المستهلك» وتستخدمه استخدامات غير سلمية فى حالة الضرورة، وللعلم كان الرئيس السادات لديه النية أيضاً للدخول إلى العصر النووى، لكن القدر لم يمهله، حيث كان تصديقه على الاتفاقية التى وقّعها جمال عبدالناصر قُبيل وفاته بنحو 4 أشهر، والأمريكان قالوا له وقتها إنه حتى تستطيع أن تبنى مفاعلات نووية للطاقة السلمية يجب أن تُصدِّق على الاتفاقية مُقدَّماً.

■ لكن الرئيس الأسبق حسنى مبارك أعلن فى عام 2007 عن دخول مصر العصر النووى ولم يحدث.

– مبارك كان مهزوزاً، ولقد التقيته بحضور وزير الكهرباء وقتها فى بداية الثمانينات بعد أن تولى الرئاسة بفترة قصيرة أكثر من مرة فى محاولة لإقناعه بأهمية مشروع إنشاء مفاعل نووى للطاقة السلمية لمصر، لكن فى النهاية لم يُنفِّذ ذلك، فشخصيته لم تكن بالقوة التى يمكن معها أن تتخذ قراراً كهذا، وكان «خايف الأمريكان يزعلوا منه»، وبعد حادثة تشيرنوبيل كان له المبرر القوى لوضع الملف بكامله فى الدرج إلى الأبد، لكن «السيسى» تحدى ضعف الرؤساء السابقين فى اتخاذ قرار إنشاء المفاعل النووى.

■ عاد البرنامج النووى المصرى للظهور مرة أخرى مع تصريحات جمال مبارك عام 2006، فما الذى اختلف؟

– كلنا استغربنا تصريحات جمال مبارك، لأنه لا صفة له وقتها للحديث عن مشروع قومى بهذا الحجم، وأعتقد أن تلك التصريحات وقتها لم يكن المراد منها إحياء الملف النووى المصرى بقدر ما كانت «قرصة ودن» لإيران التى كانت فى صعود مستمر فيما يتعلق ببرنامجها النووى، بالإضافة إلى أنه كان يطمح إلى شعبية فى الشارع فى ذلك الوقت فى ظل تطلع عديد من الدول العربية إلى تطبيق البرنامج النووى فى بلدانها.

■ هل تتوقع تداعيات جديدة فى الأفق بعد إعلان مصر عن مشروعها النووى بالفعل بعد ما يزيد على 30 عاماً من تجميد المشروع؟

– لا شك أن أمريكا وإسرائيل «مش راضيين ومش عاجبهم»، ومع ذلك أقول لهم «ورّونا هتعملوا إيه». أمريكا فى الأساس شبه وقفت المعونات المدنية التى كانت تقدمها لمصر، وما تبقى منها توزعه على المنظمات الحقوقية و«العملاء بتوعها»، ولم يتبقَّ لهم إلا المعونة العسكرية، حتى تعريف المعونة العسكرية، هل هى معونة «بحق وحقيقى»؟ بالطبع لا، إنها مجرد قطع غيار، صيانة، شركات أمريكية تُجرى دراسات، وإجمالى ما تقدمه أمريكا لمصر لا يُذكر إذا ما قورن بحجم المساعدات التى قدمتها الدول العربية لمصر، وهى بلا مبالغة تماثل مساعدات أمريكا 20 مرة! وأتوقع أن دخول روسيا بثقلها فى التعاون مع مصر أعطى بُعداً استراتيجياً أقوى لمصر، إذاً ما الذى فى يد أمريكا أن تفعله بعد توقيعنا الاتفاقية؟ ليس فى يدها سوى تشجيع الإرهاب والتخطيط لمزيد منه!

■ هل خضعت مصر للتفتيش من الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مدار الأربعين سنة الماضية؟

– مصر من أكثر الدول شفافية مع الوكالة، ومنذ تصديق الرئيس السادات على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية كان أول تفتيش على مصر، وكان على ما أعتقد سنة 1982 فى إطار اتفاقية «التفتيش أو الضمانات» الملحقة بالاتفاقية، وكان ذلك على كل المنشآت التى بها مواد نووية، بمعنى «مفاعل إنشاص – 2 ميجاوات» فقط، وكان التفتيش روتينياً مرتين فى السنة بعد ذلك.

■ مصر رفضت التوقيع على البروتوكول الإضافى الملحق باتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية وهو الخاص بأن من حق الوكالة فى أى وقت وفى أى مكان أن تفتش دون سابق إنذار، ما السبب؟

– لسبب رئيسى، أن إسرائيل لم توقع الاتفاقية الأصلية الخاصة بحظر انتشار السلاح النووى، فكيف تطلب منى أن تكون الدولة مستباحة بهذه الطريقة، فى حين أنك لا تفتش على إسرائيل من الأساس؟

■ هل أثّر هذا الرفض على مصر «كعقوبات» على سبيل المثال وإن كانت غير معلنة؟

– طبعاً أثّر على مصر، وبكل أسف كتب محمد البرادعى فى أثناء رئاسته للوكالة تقريراً ضد مصر بعد رفض هذا البروتوكول! وكان ذلك فى عام 2004/2005، وكان به كمّ رهيب من الأكاذيب والتضليل ضد الدولة المصرية، وقد أثّر هذا التقرير على وضع الدولة المصرية بشكل كبير بعد أن وجّه إليها اتهامات باطلة، وهو ما عرّضها لخطر كبير أيضاً.

■ ما الذى كان يهدف إليه البرادعى من ذلك التقرير، وقد كنت كبير مفتشى الوكالة وقتها؟

– تهديد مصر، إما أن تقبل مصر بالتقرير كما هو ولا تعترض عليه مع إعطاء إشارة وهمية بأنه سيخلّص مصر من هذا التقرير على طريقته، وإما سأحول الملف إلى مجلس المحافظين فى الوكالة تمهيداً لتحويله إلى مجلس الأمن وفرض عقوبات دولية على مصر.

■ ما الذى حدث بعد ذلك؟

– مع الأسف حسنى مبارك خاف وصمت، ولم تعلّق مصر على التقرير. المثير فى الأمر أنه فى ذلك الوقت كنت أنا والدكتور أحمد أبو زهرة رحمه الله، وكان له علاقة مباشرة بمفاعل إنشاص، كنا فى غاية الاستنكار مما ورد فى التقرير لأنه أورد تفاصيل أشرفنا عليها بأنفسنا، ولم يكن بها أى مخالفات، والفكرة أنها كانت فى السبعينات فى القرن الماضى.

■ إذاً النية كانت مُبيّتة للزج بمصر فى نفق مظلم أقرب إلى تقاريره ضد العراق.

– نعم، وقد أكد ذلك التقرير الذى أصدره البرادعى ضد مصر مرة أخرى عام 2009، وكان فى قمة الخطورة حينما صنّف مصر فى ذلك التقرير مع دول محور الشر، ووجّه فيه اتهاماً جديداً إلى مصر بأنه وجد «يورنيوم عالى التخصيب»، وأن مصر تسعى لإنتاج قنابل نووية.

■ من كان وراء تلك التقارير المضللة والكاذبة؟

– سأعلنها لأول مرة، نائب رئيس الوكالة عميل للمخابرات الأمريكية CIA، وهذا النائب كان المتحكم فى كل تقارير الوكالة وفى البرادعى، وهو الذى أحدث المشكلات مع العديد من الدول، بما فيها مصر، وقد اختلفت معه اختلافات جوهرية كثيرة فى فترة عملى وصلت إلى حد الصدام المباشر معه ومع البرادعى.

■ هل يوجد دليل من كواليس عملك فى الوكالة على ما تقوله؟

– يوجد كثير من الأسرار، لكنها غير صالحة للنشر، لكن على سبيل المثال البرادعى أرسل رسالة فى سبتمبر 1996 إلى عمرو موسى وكان وقتها يشغل منصب وزير الخارجية، وأيضاً ذات الرسالة إلى رئاسة الجمهورية، وقال فيها إنه التقى الأمريكان والأمريكان قالوا له إن منصب سكرتير عام الأمم المتحدة الذى كان يشغله وقتها بطرس غالى «هيفضى»، وبالتالى مصرى ممكن يترشح، والأمريكان أعلنوا تأييدهم لى، وبالتالى أرجو من مصر أن ترشحنى، لأن الترشيحات لا بد أن تأتى من خلال دول، وهذه واقعة خطيرة لأن هذا الأمر لم يكن معلناً أبداً. ولم يكن أحد يعرف أن مرشحنا لن يكمل فترة 5 سنوات أخرى، وأمريكا وقتها صوّتت ضد غالى 5 مرات بـ«فيتو»، ولم يحدث فى تاريخ الأمم المتحدة أن لا يُمد للسكرتير الفترة الثانية، وبعد ذلك اعتذر غالى عن المنصب، ولو كان غالى استمر لما كان ممكناً أبداً أن يأتى مصرى آخر فى منصب مدير الوكالة.

■ ما سر تحول علاقة البرادعى بالإخوان المسلمين إذا كان رافضاً لهم بشدة فى بداياته؟

– البرادعى آخر شخص له علاقة بالأديان، والسر يكمن فى أمريكا، وأذكر يوم حصل على جائزة نوبل عملنا اجتماعاً صغيراً مع البرادعى فى مكتبه، ويومها كنا نتكلم عن أحوال مصر، ففوجئت منه بهجوم حاد ضد الإخوان المسلمين، لكن هذا الموقف تغير بالكامل فى 2009 وبدأ يتحدث عن لماذا لا يتولى الإخوان المسلمون الحكم، وإن احنا «عندنا الحزب الديمقراطى المسيحى فى ألمانيا»، وهذا تهريج لأنه مجرد اسم قديم لكنه فى الحقيقة يمثل حزب المحافظين ولا علاقة له بالمسيحيين تحديداً، وأصبح يروّج للإخوان بشدة.

■ ما الأسباب الحقيقية وراء استقالتك من الوكالة؟

– تقارير البرادعى ضد مصر كانت البداية، ثم بعد ذلك تقاريره ضد سوريا بشكل كبير، فالبرادعى ادّعى أن سوريا تمتلك مفاعلاً نووياً بغرض إنتاج القنابل الذرية، وأنه مشابه لمفاعل كوريا الشمالية، ولقد ثبت لاحقاً أنها أكاذيب بعد أن احتلّت قوات الجيش الحر ذلك الموقع، بجانب منطقة دير الزور، وقد أصدر الجيش الحر السورى لاحقاً بياناً كاملاً قال فيه إنهم اكتشفوا أن ذلك الموقع ليس موقعاً نووياً بل موقع لمصنع صواريخ للجيش السورى. هذا أمر كنت أعرفه بحكم عملى قبل أن يحتلّ الجيش الحر ذلك الموقع، أما المثير للسخرية فهو أن داعش احتلت ذلك الموقع أيضاً بعد أن طردت قوات الجيش الحر، وحفرت فى ذات الموقع لكى تجد أى سلاح نووى كى تهدد به العالم، ولم تجد شيئاً!

إنشاء مركز لـ«النووى»

اقترحت منذ مدة إنشاء مركز سيكون الوحيد فى العالم الذى يقدم نموذجاً حقيقياً للمفاعل النووى بكل تفاصيله دون استخدام الوقود النووى أبداً، وفى الوقت ذاته هو ليس فقط «سيميوليتر simulator» أى ليس مجرد جهاز محاكاة أقرب لألعاب الفيديو جيم، فلقد كنت أريد إنشاء مفاعل حقيقى 100%، بحيث يستطيع المتدربون فى هذا المركز لاحقاً أن يعملوا فى المفاعل الحقيقى فى الضبعة بكفاءة كاملة، لأنهم تدربوا على ذات النموذج بكل تفاصيله، ويكونوا نواة حقيقية لعمل المشروع ومَن بعدهم من دفعات جديدة لأن الضبعة مشروع مستقبل مصر الحقيقى. وفى آخر زيارة لى لمصر حدثت مشاورات مع جامعة المنصورة لتبنِّى إنشاء هذا المركز، ووجدت أنهم راغبون فى إنشاء مركز للتكنولوجيا النووية، ومن المفترض خلال الأيام القليلة المقبلة البت فى إنشاء هذا المركز بشكل فاعل.

تأجير الوقود

إذا اتبعت مصر النصيحة التى أنادى بها وهى تأجير الوقود النووى، فإن 90% من مشكلة النفايات النووية انتهت، أما الـ10% فستكون «low or medium level»، أى إن نسبة الإشعاع بها ضئيلة أو متوسطة، ويمكن التخلص منها بسهولة عن طريق وضعها فى براميل معينة وتجرى لها عملية «كبس وضغط»، ثم يتم تخزينها فى أماكن معينة، وهى ليست مثار أى قلق.

المصدر: الوطن

الحوار نشر في 15 ديسمبر/كانون أول 2015

 للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى