العرض في الرئيسةفضاء حر

توسيع رقعة التدخل الأمريكي في اليمن بذريعة الإرهاب يحمل آثارا عكسية لاستقرار اليمن ودول المنطقة..!!

يمنات

عبد الخالق النقيب

من الصعب تجاهل الأبعاد الحقيقية التي تقف وراء قرار ترامب بشأن تكثيف الهجمات الجوية الأمريكية في (البيضاء ـ أبين ـ شبوة ) وسط وجنوب اليمن، كما لا يمكن تفسير التصعيد المفاجئ لعدد الضربات الجوية التي بلغت 30 غارة في غضون خمسة أيام بحسب وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية .. دون التفكير في طريقة ترامب المسعورة..!!

 القرارات التي تتخذها واشنطن حالياً تعبر عن موجة الابتزاز البشع وإرضاخ دول الخليج سعياً وراء تحقيق المزيد من المكاسب والأرباح كاستراتيجية تعتمدها إدارة ترامب في المنطقة، كما أنها تتوافق مع تعزيز نفوذ الولايات المتحدة وفق اعتقاد ترامب، ما يعني أن فزاعة الإرهاب سيتم استخدامها الآن على نحو غير مسبوق،  ولدواعي تتجاوز عمليات مكافحة الإرهاب المزعومة، بينما تنظيم القاعدة سيبقى في وضعية أفضل في حال استمرار الحرب الدائرة.

العمليات العسكرية الأخيرة التي تتولاها القوات الأمريكية في اليمن ضد ما عرف بـ”تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” تعد جزءاً من حملة أوسع بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” وأنها تسعى لسحب ما حققه التنظيم من مكاسب ميدانية خلال العامين الماضية في إتهام ضمني محرج لـ”عاصفة الحزم” التي غرقت في حرب بات من المستحيل الفوز فيها.

 تعثر دول التحالف في حربها ضد اليمن يمنح ترامب فرصة إضافية لتحفيز واشنطن على استنزاف ثروات الدول المشاركة يساعده في ذلك إخفاق عملياتها العسكرية التي تدخل عامها الثالث دون أن تحرز أي نتائج عسكرية ملموسة وحاسمة رغم تفوقها العسكري .. وبالتالي ستسعى إدارة ترامب لاستثمار اخفاقات التحالف وتعميق تدخل الجيش الأمريكي في اليمن، إما باستخدام تنظيم القاعدة تحت ذريعة الحرب على الإرهاب، و إما باستدعاء القوات البحرية الأمريكية وتوليها الدور القيادي في تأمين باب المندب وخليج عدن تحت تبريرات الجهود الرامية لحماية الملاحة الدولية في المياة الإقليمية من التهديدات والمخاطر المحتملة..!

ستبقى شهية  ترامب مفتوحة وسيعمل على إبراز خطورة تنامي تنظيم القاعدة وتصويره كـ “تحدي إرهابي” هو الأكثر إرباكاً للبيت الأبيض،  خصوصاً بعد أن ثبت تواطؤ أطراف في التحالف العربي وتورطها بدعم وتقديم جملة من التسهيلات للتنظيم الذي بات يبسط نفوذه وسيطرته على مساحات شاسعة في جنوب اليمن،  أو من خلال استغلاله لفشل التحالف وعجزه في الاعتماد على قدراته البحرية العالية لصد عمليات الهجوم والاستهداف التي طالت قواته من قبل تحالف “الحوثي ـ صالح” في إطار الحرب المشتعلة منذ مارس 2015.

ما يزيد من تعقيدات المشهد هو إصرار ترامب المجنون وتكراره لعمليات إنزال بري لجنود إمريكان على جبال موجان في أبين ثم عملية إنزال أخرى في صعيد شبوة،  بعد أن وجد ترامب نفسه مضطراً للدفاع عن قراره الأول بتنفيذ عملية إنزال فاشلة في البيضاء يناير الفائت والدعوات للتحقيق في خلفياتها ومجرياتها، وبالتالي فإن المخاطرة بتكرار عملية إنزال الجنود دون الاكتفاء بالطائرات الموجهة لا يمكن النظر إليها باعتبارها تدابير طارئة تلجأ إليها القوات الأمريكية في شن عملياتها المعتادة التي تأتي في سياق الحرب على الإرهاب.

تنظيم القاعدة الذي خرج السبت الماضي صرح بمشاركته في “عاصفة الحزم” ومثل لها الدرع المتين في المواجهات والمعارك الدائرة في اليمن ضدها .. خرج مجدداً مساء أمس الأول وأكد على لسان احد قيادات التنظيم بأن الأمريكان قد وقعوا في الفخ بفتحهم الحرب مع التنظيم على أرض اليمن،  إذ أن قتال الأمريكان وجهاً لوجه هو حلم “القاعدة” الذي تتمناه وتسعى له منذ عقود وهي الآن تستعد لخوض النزال مع جنود المارينز في (أبين ـ شبوة ـ البيضاء).

لن تتمكن عمليات ترامب من القضاء على التنظيم في اليمن بطريقته وفي ظل الفراغ  القائم واتساع دائرة الاقتتال، و وفق صحيفة “نيويورك تايمز” فإنه منذ طرد تنظيم القاعدة من المكلا قامت كل من الحكومة الإماراتية والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بدفع مقاتلي التنظيم باتجاهات أكثر عمقاً نحو المناطق الداخلية والخارجة عن سيطرة الحكومة وسط وجنوب البلاد حيث يحظى أفراد التنظيم بمساندة وتأييد قبلي ، ويمثل حاضنة اجتماعية جيدة يساعد مقاتلي التنظيم في الانخراط فيها .. ما يجعل من تسريع العمليات الهجومية التصعيدة التي تحمل جانباً من المفاجأة ضد القاعدة مهمة صعبة للغاية،  وتحمل آثاراً عكسية وخطيرة على بلد من اليسير تحويله إلى ساحة بديلة للمواجهات ستتسع شراراته وتتسبب في زعزعة المنطقة برمتها، إذ أن توسيع رقعة التدخل الأمريكي في اليمن سيتداعى إليه من يتوقون في مواجهة الأمريكان من أصقاع المعمورة تحت مبرر شرعي للجهاد والقتال على غرار الفتوى الدينية بالجهاد ضد التدخل  الأمريكي عام 2009.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى