العرض في الرئيسةفضاء حر

دول الخليج والاستسلام لابتزاز ترامب الفاضح

يمنات

عبد الخالق النقيب

ترامب وحده من يقول: “الأموال الخليجية مقابل البقاء .. لا تملكون غير المال ولا وجود لكم بدوننا..!” الأمر الأسوأ من التهديدات الإيرانية المزعومة هو الاستسلام لابتزاز ترامب الفاضح واستخدامه المهين لدول الخليج ولوجودها المرهون بعدد الشيكات التي تدفعها للبنوك الأمريكية..! يتمادى ترامب في تكرار حديثه الرخيص عن دول الخليج بلكنة دونية، بينما لازالت الدول الخليجية تستهلك قواها الداخلية في تفاصيل تافهة وتعلن على لسان “الجبير” إرسالها لقوات خاصة إلى سورية.

دول الخليج لا تتوقف عن استمرارها في المخاطرة بكل الأوراق السياسية والعسكرية والاقتصادية بحثاً عن تعويض للهزيمة العسكرية لعاصفة الحزم،  وفشل التحالف السعودي الخليجي بتحقيق أي من أهدافها في اليمن، هذا يصيبها بحالة من الهيستيريا طيلة الوقت ويأخذها الاعتقاد بأن الهرب خلف ترامب والاحتماء به سيجعلها تتغلب على المأزق الذي غرقت فيه وهي لا تتخيل أنها تقف على أعتاب السنة الثالثة لإعلان تدخلها العسكري السريع بحثاً عن إيران في اليمن..!

و لو أنها عملت وفق الخيارات التي تتيحها ساحة المعارك لأدركت أن الناس هي من تدافع عن وطنها وأرضها وأن التحالف “الحوثي الصالحي” ليس إلا جزءاً منها..

موجة التهور التي تجتاح الدول الخليجية واندفاعها نحو الاستجابة السريعة لأي تحالف مشبوه وغير شرعي مع ترامب، سيقودها إلى الاحتمالات الأكثر تدميراً للمنطقة وتحويلها إلى بؤرة نزاعات معقدة تجعل ممالك وإمارات الخليج تحت طائلة الخطر الحقيقي،  وغير أنها تتورط بمخاطر ومجازفات ليست محسوبة فإنها ستتسبب بإنهاكها واستزاف ثرواتها وطاقاتها إضافة إلى اتساع دائرة التهديدات التي تحيط بأمنها القومي وتتعدد هويات الخصوم والذرائع التي تجرفها في النهاية إلى أنماط مختلفة من المواجهة، الأمر الذي سيترتب عليه الكثير من الويلات والعواقب الوخيمة على مجمل الدول في الشرق الأوسط.

تهليل السعودية والإمارات بعنصرية ترامب الرئيس المكروه أمريكياً،  وانقلاب أردوغان على الرئيس بوتين وأمبراطورية الكرملين بكل هذه السرعة دون الالتفات للأبعاد الاستراتيجية، سيوفر لترامب فرصة حقيقية لتفجير الحروب الوشيكة وتلك الحروب التي لم تبدأ بعد في المنطقة..! وفق مخطط مدروس يتيح لأمريكا التدخل العسكري المباشر بحجة إقامة مناطق آمنة في سورية واليمن وإخضاعها لسيطرة قواتها تمهيداً لتقسيمها إلى كانتونات طائفية لن تبقى دول الخليج بمنأى عنه،  بعد أن يتحول شبح التقسيم إلى ما يشبه الحالة المتفشية بينما تصبح السيطرة عليها واحتواء تمددها ضرباً من المستحيل.

آخر صفقات التسلح ما أعلنته الإمارات يوم أمس الخميس عن إبرامها عقود بقيمة تتجاوز 5.25 مليار دولار خلال معرض “إيديكس” وسباق التسلح مع المملكة السعودية لن يقلب موازين المعادلة، هو فقط يعكس المزاج المعتل والمبتهج بسياسة ترامب النارية من خلال شيطنة إيران والتعاطي معها بمفهوم الاجتثاث والإلغاء العنصري، الذي يزيد من هلعها على مواصلة التسلح وبما يسهل مهمة ترامب في الانتقال بها سريعاً إلى دائرة الحرب المذهبية وتكريس محاور الصراع السني الشيعي، ومن ثم الزج بمعسكراتها المتحالفة إلى أتون صراع مستدام تتوالد منه حروب ونزاعات طائفية ومناطقية متفرعة..!

كيف للدول الخليجية تصويب تعاطيها مع النوايا الشريرة لترامب في المنطقة،  وأنه إن كان على ترامب مواجهة القوة الصاعدة لإيران وإيقاف تهديداتها لأمن المنطقة، وحماسته في القيام بدور عسكري مباشر يحد من تدخلاتها وزعزعتها للملاحة الدولية كما يزعم..! فمضيق هرمز معروف والطريق إليه قريبة، ولا وجود لاعتبارات منطقية من أي نوع تجعل ترامب يتأخر عن خوض حرب مباشرة وفورية مع إيران بدلاً من التعامل مع وكلائها المختلفين والمنتشرين في العراق وسورية ولبنان وأخيراً في اليمن..؟!

للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى