العرض في الرئيسةفضاء حر

زمن انعدام الذمة الاخلاقية..!!

يمنات

د. سامي عطا

منذُ أن حلت علينا مبادرة الأشقاء ” الخليجية” ضيفاً ثقيلاً على هذا البلد, صار البلد يعاني من تعدد مصادر القرار , وهي حالة طبيعية جاءت نتاج مبادرة تسوية لم تراعي مصالح أبناءه ولم تهدف إلى حل مشاكل البلد المزمنة, إنها مبادرة هدفت الحفاظ على نظام قديم وإعادة ترميمه وترقيعه, وحرصت من خلالها الشقيقة على إنقاذ أعوانها وكلابها ورأب الصدع بينهم, لقد وصف المؤرخ الالماني كونراد هايدن زمن تولي هتلر بزمن انعدام الذمة الاخلاقية, وما أكثر ما تتكرر هذه الأزمان في غير مكان من هذا العالم, ولعل هذا الحال ينطبق على زمن صعود هذه النخبة الذي دشنته باغتيال حلم وأمل الناس في هذا البلد وجاء عنوانه الأبرز عبر الاغتيال “اغتيال حلم الناس الذي بدأ 11 أكتوبر77م” ( لا الحمدي العسكري, بل الحمدي صاحب المشروع) ولم تكتف جماعة السوء بالاغتيال السياسي, لا بل ذهبت إلى اغتياله اخلاقياً, وجاءت هذه الحادثة النكراء عنواناً لصعود جماعة جمعتهم العمالة ابتداء وفرقتهم المصالح الداخلية في نهاية المطاف.

ومنذُ صعود هذه الجماعة سدت الحكم درجت على تلطيخ السياسة وتعكير أجواءها , وهذه الحالة ليست يمنية حصراً , بل هي عربية عامة, لأن الصراع السياسي عند العرب يقوم على قاعدة قانون مورفي ( هذه القاعدة تقول أن نظافة شيء يتعلق باتساخ شيء أخر), ومن هنا أخذ السياسيين العرب يتمثلون هذه القاعدة في سلوكهم السياسي, ودرجوا على تبادل توسيخ بعضهم بعض , وذهب كلٍ منهم على إظهار مساوئ خصمه, وفي حال غيابها, فلا ضير من ابتداعها وخلقها إذا دعت الضرورة وما أكثر مكوث سياسيينا في عالم الضرورات.

ولأن الصراع في هذا البلد ، كما في غيره من بلاد العرب ـ تقوده نخب غير شريفة , وصلت إلى السلطة بوسائل قبيحة, وعبر أقبح أنواعها على الأطلاق الانقلابات العسكرية, ولأنها نخب افتقرت شرف المقاصد والغايات , لذا ذهبت إلى الصراع والانتصار الاخلاقي على خصومها, لكن من بوابة الانتصار بالمساوئ, أي أن كل طرف يحاول أن يفشل الطرف الأخر عبر اجتراح الأفعال السيئة.

وكما هو معروف السياسة حقل يتم فيها الانتصار لقضايا الناس المفترقين والمختلفين عبر المنافسة الاخلاقية بالمعنى الحسنْ لكلمة اخلاق, أي أن كل طرف يحاول أن يقدم أفضل ما لديه, وقد يلجأ الخصوم إلى إظهار مساوئ بعضهم بعضاً, لكنها حين تتحول إلى حقل للانتصار عبر اختلاق القبائح وتلفيقها, وضع كهذا يفصح عن سلوك نخب بالغة السوء, كما يكشف عن انعدام ضمير وفساد في القيم, وحالة مستعصية كهذه لم يك بالإمكان مداواتها بنصف ثورة, فما بالكم عندما صارت اللا ثورة ” المبادرة” عنوانها الأبرز, إنها أشبه بعلاج مريض السرطان بحقن مهدئة, إن هذه المبادرة والقبول بها أحد أسباب ما نحن فيه, إنها المبضع الصدأ الذي أصاب البلد بالتقيحات والدمامل.. وبعد هذا الانفلات المريع في أمن الناس وتهديد حياتهم, لا يستطع أحداً الدفاع عن وضع كهذا, إنه وضع قبيح بكل ما تعنيه كلمة القبح من معنى.. فإلى متى يستمر هذا الاستهتار والتغابي ..!؟

صحيفة الشارع

زر الذهاب إلى الأعلى