إختيار المحررالعرض في الرئيسةقضية اسمها اليمن

مؤامرة “ملشنة” تعز .. مقاومة حبلى بالخلافات وشرعية تسعى لبقاء المليشيات

يمنات

مفيد الغيلاني

خسائر لا تعد ولا تحصى قدمتها تعز، منذ بداية الحرب، من خيرة أبنائها وشبابها، ودمار هائل تعرّضت له المدينة وطرقها ومدارسها وجامعاتها ومستشفياتها ومساكنها، حد وصفها من قبل البعض بـ”ستالينغراد اليمن”.

ما يقارب العامين من المعارك والحصار الذي يرزح بين كماشتيه أكبر تكتل سكاني؛ تعز مدينة مدنية بطبعها، محافظة مسالمة في ثقافتها، لكن ما يحدث لها في هذه المرحلة، يعصى على الفهم ويناقض هويتها كما يقول مراقبون، يعدون ما تتعرض له جزءاً من “مؤامرة لملشنة المدينة”.

المحلل السياسي، نجيب الشرعبي، شرح لنا في تصريحه إلى “العربي”، سيناريو “المؤامرة”، قائلاً: “هادي يكذب كما يتنفس، ويكذب فوق ما يتصوره العقل حينما يتحدث عن معركة تحرير تعز، فعلى مدى عامين ظل التحالف وهادي يستخدمون تعز ورقة ضغط إنسانية، في حين كانت المقاومة الشعبية تعمل كل ما بوسعها من أجل تحرير تعز، وبكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، حتى أصبحت تجمع أكثر من عشر فصائل، كل فصيل له مآرب ومشاريع يستخدم المقاومة وسيلة لتحقيقها”.

امراء حرب

ويتابع: “أصبحت المقاومة عبارة عن مليشيات، كل فصيل له قائد وقاض وسجن، واتسعت الفجوة وزادت الهوة بينها وبين شرعية هادي والتحالف، فحاولوا تفادي الكارثة بقرار الدمج، ولكن الصيف ضيعت اللبن (مثل عربي)، فعملية الدمج تمت بدون معايير صحيحة، بل كان معيار الوساطة والمحاصصة غير المنصفة القشة التي قصمت ظهر الدمج”.

معايير هزيلة

معايير الدمج الهزيلة طفت مظاهرها اليوم على السطح، حيث خرجت مجاميع من “المقاومة الشعبية”، واللواء 170، أمس الثلاثاء، إلى شارع جمال وسط المدينة، وقطعت الشوارع الفرعية المؤدية إليه، من أمام مكتب التربية وصولاً إلى شركة النفط اليمنية، ونشرت معدات وآليات عسكرية على طول الشارع، ورفعت لافتات تطالب قيادة المحور بترقيمهم، وبتغيير قائد محور تعز اللواء الركن خالد فاضل.

و قال القيادي في “المقاومة الشعبية”، أبو الصدوق، الذي تصدر مقدمة المحتجين: “لا نريد حزبية في التعامل مع شباب المقاومة، نحن نريد جيشاً وطنياً يحمي البلاد وأبناء الوطن، لا نريد جيشاً تابعاً لجماعة أو حزب”. وأضاف: “لقد تم تجنيد أناس جالسين في بيوتهم، وتجنيد بائع الدجاج وصاحب العربية… ولم يتم الالتفات للمرابطين في الجبهات والذين يواجهون المتمردين في خط النار”.

الشرعية تريد أن نكون مليشيات

أحد الشباب المحتجين أكد لنا في تصريحه إلى “العربي” أن “مطلبنا هو دمجنا بالجيش، ولكن الشرعية تريد لنا أن نكون مليشيات، نطالب برحيل قائد المحور فوراً، نحن قدمنا أرواحنا فداء للوطن ولتعز ومنا الشهداء ومنا الجرحى الذين لا يجدون قيمة العلاج، وقد تعفنت جراحهم ولم يهز ذلك شيء عند قياداتنا، نحن نموت، وغيرنا يجني المكاسب على حسابنا”. ويتابع: “خرجنا لمواجهة الجيش العائلي والطائفي ليس من أجل إحلال جيش حزبي وسياسي بدلاً عنه”.

أخطاء

عادل العقيبي، العضو المستقيل من مجلس تنسيق “المقاومة الشعبية”، قال في حديثه إلى “العربي” عن معايير الدمج، إن “هناك أخطاء تمارس يجب الاعتراف بها، أما محاولة إخفائها أو التستر عليها باتهام كل ناقد بتهم تبدأ بتهمة شق الصف وتنتهي بتهمة العمالة للإمارات، فلم تعد مجدية أمام استمرار الأخطاء وتراكمها”، مطالباً الجميع بتحمل “مسؤوليتهم بوعي وإدراك، فتعز واليمن لم تعودا قادرتين على تحمل المزيد من الحماقات، على محافظ تعز وقيادة المحور أن يعلنوا بشفافية عن المعايير والاجراءات التي نفذت بها عملية دمج المقاومة في الجيش، وأن يراجعوا إجراءاتهم إن كانت خاطئة، فهم وحدهم من سيتحمل وزر تلك الأخطاء التي ستئد حلمنا ببناء جيش وطني، فإن وئد هذا الحلم فأنتم تغامرون بحياتنا وأمننا واستقرارنا و بمستقبل أجيالنا القادمة”.

في حين يرى البعض أن عملية قطع شارع جمال عبد الناصر، أمس الثلاثاء، من قبل مجاميع مسلحة من “المقاومة الشعبية”، يعبر بما لا يدع مجالاً للشك، أن ثمة “أخطاء كبيرة” تحدث داخل إطار “المقاومة”.

انعدام ثقة

الصحفي حسان الياسري، يرى في تصريحه إلى “العربي” أن “غياب الشفافية في التعامل وانعدام الثقة فيما بين فصائل المقاومة والحرص على المصلحة الخاصة قبل العامة، بل يسعى بعضهم من هنا أو هناك إلى تحقيق مصالحه الشخصية أو الحزبية الضيقة، غير آبهين بمعاناة الناس وأوجاعهم وضنكهم”. ويتابع: “هناك فجوة ينبغي على جميع القيادات ردمها سريعاً، ليس من أجل الظروف الحالية ولكن لضمان مستقبل أكثر هدوءاً وأمناً لهذه المدينة المتعبة من أبنائها قبل أعدائها”.

حق يراد به باطل

في المقابل، يذهب آخرون إلى القول إن مثل هذه التصرفات تأخر “عملية التحرير” وإن كانت المطالب مشروعة فيجب أن تكون سلمية. عاصم عقلان، مدير قسم شرطة الحصب، في حديثه إلى “العربي” يقول: “المطلب مشروع 100% ولا غبار عليه، لكن الطريقة التي حصلت أمس الثلاثاء في شارع جمال غير صحيحة، سلاح ثقيل وعتاد عسكري وشعارات تشق الصف وتقتل الحاضنة الشعبية للمقاومة والجيش الوطني، وتعيق عملية التحرير، وكأن هناك مقاضات أغراض، نأمل من الجميع التعامل بمسؤولية”. ويتابع: “هذه قضايا ليست سهلة كما قد يتصورها البعض، فالحقيقة أنها تستحق تسليط الضوء عليها بشكل مكثف، خاصة وأن إحدى الدبابات كانت مشاركة في الواقعة واتخذت لها موقعاً أمام شركة النفط، وبالتالي لا بد على المسؤليين والسياسيين أن يتجردوا من الحزبية ويعملوا على حل كل القضايا بكل أمانة ومهنية وبروح المسؤولية، بعيداً عن أي حسابات أخرى لا تخدم توجه المقاومة، بل تفت من عضد شباب المقاومة في مواجة التمرد، لا نريد تخديراً مؤقتاً، فذلك قد يحمل لنا حوادث مأساوية لا تُحمد عقباها في قادم الأيام”.

هادي يوجه

الرئيس هادي بدا مستاء من هذه الظاهرة، فوجه بسحب الأسلحة الثقيلة من يد المجاميع المسلحة بتعز.

و نقلت مصادر عسكرية في تعز أن الرئيس هادي “وجه قيادات الجيش الوطني والسلطة المحلية بالمحافظة بسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة مع أي عناصر أو جماعة مسلحة تحاول إحداث الفوضى في طريق بناء المؤسسة العسكرية والأمنية”.

و بحسب المصادر، فإن الرئيس هادي أمر باتخاذ الاجراءات اللازمة بحق “كل من يحاول زعزعة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية”.

ويرى مراقبون أن فصائل تعز تقف اليوم على مفترق طرق، قد تفضي بها إلى “تحرير المدينة”، أو “مليشيات متقاتلة ومتصارعة”، ومصدر “إرهاب” للمنطقة والعالم.

مقاومة حبلى بالخلافات

الكاتب والصحفي، صديق الحميري، يفسر لغز “مقاومة تعز” في حديثه إلى “العربي” بالقول: “المقاومة حبلى بالخلافات، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، يتسابقون ويتباهون في كيل التهم والشتائم لبعضهم البعض”.

و يتابع: “مقاومة تعز حالة مستعصية، فهي مصابة بداء الأنانية، ومصابة بحمى التطرف، يحرض عليها الجميع، ويتشفى لتشرذمها الجميع، وهي تائهة، لا تميز بين صديق وعدو، ولا بين محب وكاره، تدير خدها الأيسر لمن صفعها على خدها الأيمن، وتارة تهيج وتضطرب وتفجر بركان غضبها لشيء لا يستحق”.

و يشدد في الوقت عينه على أن “مقاومة تعز ليست مقاومة البوسنة، ولا قندهار، ولا صربيا، ولا الشيشان، إنها مقاومة تعز، بعض أبنائها متشيعين لصالح، والبعض الآخر لحميد الأحمر وعلي محسن”.

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى