إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات

الدور الاماراتي في العدوان على اليمن .. هل سيتوقف بعد كارثة “سويفت”..؟

يمنات

لقمان عبد الله

لم يكن من قبيل المصادفة أن تدمر القوة الصاروخية في الجيش اليمني السفينة الحربية الإماراتية «سويفت» بعد ساعات من تصريح المتحدث باسم حركة «أنصار الله» محمد عبد السلام، الذي وصف فيه المشروع الاماراتي في اليمن بـ«القذر».

وقال عبد السلام إنه إلى جانب مشاركتها في العدوان، تدير الإمارات عملية الانفصال بشكل سافر وواضح وتشرف عليه عسكرياً في الجنوب وتحتل عدداً من الجزر اليمنية. وكان زعيم الحركة اليمنية السيد عبد الملك الحوثي، قد ركز في خطابه الأخير على «الدور المشبوه» التي تؤديه الإمارات في الجنوب، متهماً إياها بالتحكم في مصير الجنوب وثرواته ومقدراته.

وعلمت «الأخبار» بأنه سبق التركيز السياسي والعسكري اليمني الأخير على الدور الإماراتي، قيام وسطاء بتحذير الإمارات من مغبة الاستمرار بهذا الدور الاستفزازي تجاه اليمن وشعبه وحضارته.

الوسطاء نقلوا إلى قادة إماراتيين «نصيحة صادقة» بالكف عن الاستمرار في الذهاب بعيداً في معاداة الشعب اليمني، وما مفاده أن «هذا الشعب لن يغفر لكم عدوانكم وتماديكم بالقتل والتدمير وتقسيم البلاد وفرض أمر واقع عليه، وأولى بكم أن تحافظوا على مكانتكم الاقتصادية التي نجحت عبر إحداث تجربة رائدة، وأن تعملوا على عدم الاضرار بها، وتحييدها عن صرعات الاقليم وإخراجها من الارتهان للسياسة الخارجية الاميركية والسعودية».

ومعلومٌ أن الإمارات تؤدي دوراً سياسياً وأمنياً وعسكرياً في اليمن لا يتناسب مع حجمها وكذلك مع حجم عدد سكانها الصغير جداً. وهو تكرار للتجارب الفاشلة التي قامت بها بعض دول الخليج الصغيرة، مثل تصدّر قطر المشهد في ليبيا ومصر، وفي وقت لاحق في سوريا قبل أن تجد نفسها في المقعد الخلفي، بحسب تعبير رئيس وزرائها السابق حمد بن جاسم.

ومن الصعب، إن لم نقل من المستحيل، أن يمتلك هؤلاء القادة قدرة على الخروج من الفلك الأميركي والتطلع إلى المصالح القومية والوطنية، لأنهم ليسوا سوى أدوات في المشروع الغربي، وكذلك بسبب افتقادهم الرؤية الاستراتيجية الناضجة والإرث السياسي والحضاري والتاريخي.

اسطورة

لقد حاولت الإمارات السنة الماضية إعداد أكثر من حملة عسكرية كبيرة للتقدم باتجاه الشمال اليمني انطلاقاً من جنوبه في جبهات تعز، وباب المندب، وقبلهما جبهة مأرب. ولكن كل تلك «الغزوات» انكسرت على مشارف الشمال وتحطم معها ما يحاول ساسة الإمارات وإعلامها تقديمه عن «أسطورة الجيش الإماراتي» الذي بقي مغموراً حتى الأمس القريب. وفي كل مرة كانوا يعمدون إلى التبرير وإلقاء التهم بدلا من الاتعاظ وأخذ العبر ودراسة الموقف.

في عملية «توشكا» في صافر الواقعة في مأرب، حين قتل فيها ما يزيد عن 60 جندياً إماراتياً غير السعوديين وعشرات الجرحى، قال المتحدث باسم الجيش الإماراتي إن قواته تعرضت لاعتداء يمني، وكأن قواتهم الغازية جاءت لتحمل حمامة سلام للشعب اليمني. أما انكسار ما سمّوه «تحرير تعز»، فعزاه الإماراتيون إلى تخاذل حزب «الإصلاح».

مع الوقت اكتشف أمراء هذه الدولة أن المضي بالعدوان على الشمال يزيدهم بعداً عن الأهداف، بما لا يتناسب مع القدرة على تحمل الخسائر البشرية التي يتكبدونها، بالتزامن مع إخفاق «الرفاق» في «التحالف» ولا سيما السعودية في هجماتهم على بقية الجبهات أمام قوة ومنعة الدفاعات اليمنية. في المقابل، حقق الجيش و«اللجان الشعبية» اليمنية إنجازات عسكرية مهمة على الحدود بين اليمن والسعودية، مع العلم بأن العمليات الإيذائية المتدحرجة، يمثل مفعولها التراكمي ورقة استراتيجية بيد صاحب القرار اليمني.

العمل على التقسيم

أدرك القادة الإماراتيون أن العمليات العسكرية وصلت إلى طريق مسدود، وتأكدوا من عقم الخيارات العسكرية وفشل الرهان عليها ومن أن الحرب على الشمال هي تماماً كمن يصارع طواحين الهواء، ما اضطر القيادة السياسية في هذه الدولة سابقاً إلى الإعلان من طرف واحد ومن دون التشاور مع الشقيقة الكبرى، السعودية، بلسان وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات أنور قرقاش، عن «انتهاء العمليات العسكرية بالنسبة للقوات الإماراتية في اليمن»، مؤكداً في حينه أن بلاده «ترصد الترتيبات السياسية، وأن دورها الأساسي حالياً تمكين اليمنيين في المناطق المحررة».

الموقف الإماراتي وبرغم الحرج الذي سببه للسعودية ومحاولة تخريجه لاحقاً بطريقة ملطفة، استمر على ما هو عليه، ولكن بالتوافق مع السعودية هذه المرة من خلال بناء خطة جديدة قوامها الانسحاب من الجبهات الشمالية وتركيز الجهد على العمل في الجنوب اليمني، وذلك على النحو الآتي:

أولاً: إجراء تسويات مع المجموعات المسلحة ومنها بعض أجنحة «القاعدة» واستيعاب بعضهم في الجيش وقوات الأمن.

ثانياً: تضخيم دور الهلال الأحمر الإماراتي أثناء قيامه بعدد من الأنشطة.

ثالثاً: الإيحاء بأن دولة الامارات تعالج القضايا الخدماتية، على الرغم من أن عدن وبقية مدن الجنوب تعيش في ظل انقطاع شبه كامل للكهرباء، وكل ما فعلته أبو ظبي هو شراء نحو 40 مولد كهرباء تبين أن معظهم معطل. أما الخطوة الثانية، فهي شراء الإمارات بعض المعدات الكهربائية للجنوب ليتبين لاحقاً أن ثمن هذه المعدات دين على الدولة اليمنية.

قوتان اماراتيين في الجنوب

غير أن البارز في النشاط الإماراتي في الجنوب اليمني هو إنشاء قوتين عسكريتين متوازيتين ومنفصلتين قيادياً، واحدة في المحافظات الشرقية (حضرموت، شبوة، المهرة وسقطرى) تحت مسمى «جيش النخبة الحضرمي»، تأتمر بأوامر ضابط استخبارات إماراتي من أصول حضرمية يتخذ من مطار الريان القريب من مدينة المكلا مقراً له. والقوة الثانية هي قوة «الحزام الأمني» في محافظات عدن، أبين، لحج والضالع، وكذلك تأتمر بأوامر ضابط استخبارات إماراتي، ومقره مديرية البريقة في عدن. مع الإشارة إلى أن هاتين القوتين الامنيتين لا تتبعان «جيش الشرعية» التابع للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي.

اماراتيون يرجون للانفصال

إلى ذلك، ينشط  بعض السياسيين والكتاب الإماراتيين في الترويج الإعلامي وعبر مواقع التواصل الاجتماعي لانفصال جنوب اليمن عن شماله. يقود هذه الحملة وزير شؤون الخارجية لأنور قرقاش، وتظهر الإدارة العسكرية والسياسية والأمنية الاماراتية التوجه نحو تقسيم المحافظات الجنوبية إلى كيانين على أساس جغرافي، بحيث سيضم الأول، المحافظات الشرقية المنضوية في «إقليم حضرموت»، والثاني يضم المحافظات المنضوية في «إقليم عدن» أو ما يعرف من قبل الحراك الانفصالي بـ«الجنوب العربي» أي عدن، أبين، لحج والضالع. وإن كان الغموض حول النية النهائية للقادة الإماراتيين بالنسبة لعدد الاقاليم الجنوبية لا يزال مهيمناً، فقد جرى التقاط بعض الاشارات، بأن الإمارات تهيّئ الأرضية لإقامة إقليمين جنوبيين.

في هذا الوقت، تنبهت بعض النخب الثقافية والفكرية والسياسية في الجنوب اليمني إلى الدور المشبوه التي تقوم به الإمارات، فبدأوا نشاطاً لتحميلها مسؤولية قانونية ومعنوية للشعب الجنوبي بوصفها دولة احتلال وإجبارها على تأمين المستلزمات الخدماتية والحياتية بحسب القانون الدولي للدول التي تحتل شعوب غيرها.

وضع اليد على الموانئ

تستمر الإمارات في السعي إلى احتواء اليمن على الصعيد الاقتصادي وكذلك بالنسبة للبلاد القريبة. فبعد استئجارها ميناء عدن وإيقاف العمل به، لكونه يمثل بديلاً عن ميناء جبل علي الإماراتي في دبي، استأجرت عدداً من موانىء المنطقة وفقاً لما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» في أيار الماضي، وحصلت أبو ظبي عن طريق شركة «دي بي وورلد» التابعة لإمارة دبي، على حق إدارة ميناء بربرة، أهم موانئ الصومال، بعقد يمتد إلى 30 عاماً. وأعلنت الإمارات في وقت مبكر من شهر كانون الثاني هذا العام، إعادة فتح سفارتها في جيبوتي، وإعادة العلاقات الدبلوماسية التي تضررت منذ نيسان عام 2015، إثر خلافات حول حق الإمارات في إدارة ميناء جيبوتي وفق عقد جرى توقيعه بين الجانبين في عام 2005.

وأخيراً، حصلت الإمارات على عقد إيجار لمدة 30 عاماً للاستخدام العسكري لميناء عصب في أريتريا إضافة إلى مطار مع مدرج بطول 3500 متر، يمكن لطائرات النقل الكبيرة الهبوط عليه. وقد تحولت أريتريا إلى مقر لحشد القوات اليمنية المدعومة من الإمارات وتدريبها. ولا تزال الإمارات تتشبث بعدن كأبرز مركز لقواتها في اليمن. وتشير هذه التحركات إلى أن الإمارات تركز أنشطتها في الآونة الأخيرة حول مضيق باب المندب بشكل واضح، كما يقول مراقبون.

المصدر: الاخبار اللبنانية

زر الذهاب إلى الأعلى