العرض في الرئيسةتحليلات

القاعدة في اليمن تطبق نظام “طالبان” عقب سقوط إمارتها في أفغانستان

يمنات – العربي

عبد الرزاق أحمد

مع كلّ عملية انسحاب لتنظيم “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” الذي يتّخذ من اليمن مقرّاً له، تُثار تساؤلات حول وجهة التنظيم الجديدة. وتكمن وراء هذا التساؤل قناعة بعدم جدوى انتصار عسكري لا يحول دون انسحاب التنظيم، بكلّ عناصره وبكامل عتاده العسكري، إلى مناطق في محافظات يمنية أخرى. وتستند قناعة كهذه إلى تاريخ مكرّر من عمليّات السيطرة وحروب التحرير، بين تنظيم “القاعدة” وبين قوّات الجيش والأمن اليمنية.

غير أن التطوّرات التي شهدها جنوب اليمن، خلال العامين الماضيين، قد تضع عمليّات انسحاب تنظيم “القاعدة” الأخيرة، من مدن رئيسية في حضرموت وعدن ولحج وأبين وشبوة، خارج سياق حروب الإرهاب وعمليّات الإنسحاب السابقة.

الإنسحاب الأوّل

في تاريخ 14 يونيو 2012م، انسحب تنظيم “القاعدة” من مناطق سيطرته في محافظتي أبين وشبوة، جنوب شرقيّ اليمن، بعد 15 شهراً من المواجهات بينه وبين قوّات الجيش والأمن واللجان الشعبية.

إعتقد كثيرون، عقب هذا الإنسحاب، بأن مرحلة جديدة من الحرب على الإرهاب في اليمن دخلت حيّز التنفيذ، خصوصاً بعد رحيل الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، المتّهم دوماً من قبل خصومه باستغلال ملفّ “القاعدة”، للحصول على مكاسب مادّية وسياسية.

كما أكسب انسحاب تنظيم “القاعدة” من مناطق سيطرته في المحافظتين، الرئيس البديل، عبد ربه منصور هادي، حظوة لدى الأمريكان.

غير أن التنظيم أفرغ احتفاء نظام هادي بالإنتصار العسكري في أبين وشبوة من محتواه، حين تمكّن، بعد 4 أيّام من الإنسحاب، من اغتيال قائد المنطقة العسكرية الجنوبية الشرقية، اللواء الركن سالم قطن، في مدينة المنصورة بعدن.

ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ، فقد نفّذ التنظيم، خلال عامي 2013 و2014م من العمليّات ما لم ينفّذه منذ تأسيسه، كمًّا وكيفًا، حيث اقتحم كلّ المناطق العسكرية الموجودة في جنوب وشرق اليمن، ومقرّ وزارة الدفاع في العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى تنفيذه مئات العمليّات الصغيرة في مختلف المحافظات اليمنية.

يزداد قوّة

في أبريل 2014، احتفل تنظيم “القاعدة” بتحرير 30 من أعضائه من السجن المركزي في العاصمة صنعاء.

وقد تمّ الإحتفال، بحسب كثير من المصادر، في مديرية المحفد بمحافظة أبين، وهي المديرية التي انسحب إليها التنظيم من مناطق سيطرته في محافظتي أبين وشبوة، بتاريخ 14 يونيو 2012م.

وفي تعليقها على الإحتفال الذي تضمّنه تسجيل مرئي بعنوان “أوّل الغيث”، وصدر عن مؤسّسة “الملاحم” الإعلامية التابعة لتنظيم “القاعدة”، قالت ماري هيرف، المتحدّثة باسم وزيرة الخارجية الأمريكية، “نعلم أن التنظيم في اليمن يزداد قوّة”.

بعد هذا التسجيل، زار واشنطن عددٌ كبيرٌ من المسئولين العسكريّين اليمنيّين، على رأسهم وزير الدفاع، محمّد ناصر أحمد، ورئيس هيئة الأركان العامّة، محمّد علي الأشول، لتنتهي الزيارة بالإعلان عن عملية عسكرية جديدة، لتحرير المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في المحافظتين.

الإنسحاب الثاني

في أواخر شهر مايو 2014، بدأت حملة عسكرية يقودها وزير الدفاع السابق، اللواء الركن محمود الصبّيحي، عملية واسعة لتحرير مناطق يسيطر عليها تنظيم “القاعدة” في محافظتي أبين وشبوة.

وبعد مواجهات محدودة، انسحب التنظيم من مديرية ميفعة في محافظة شبوة، ومن مديرية المحفد في محافظة أبين، إلى جهات مجهولة.

ويشير استمرار العمليّات في المحافظتين وفي محافظات يمنية أخرى، عقب الإنسحاب، إلى أن خسارة التنظيم لمعاركه العسكرية لا تؤثّر على نشاطه الأمني العمليّاتي.

إستعداد دائم

وتشير سيطرة التنظيم على مناطق شاسعة في محافظات عدن وأبين وشبوة ولحج وحضرموت، خلال العام 2015م، إلى أن التنظيم على استعداد دائم لملء أيّ فراغ في السلطة في تلك المحافظات، وإلى أن الحملات العسكرية التي أخرجته من مناطق سيطرته، في وقت سابق، لم تحدّ من قدرته على معاودة السيطرة أو على استمرار عمليّاته بذات الوتيرة.

خيارات

حول تعامله مع الوضع الجديد في جنوب اليمن، يقول مصدر مقرّب من تنظيم “القاعدة”، إنّ التنظيم أفشل، بانسحابه السريع من المدن التي كانت خاضعة لسيطرته، مخطّطاً أمريكيّاً إماراتيّاً يهدف إلى خلق صدام سني سني، بينه وبين أبناء الجنوب.

ويضيف المصدر، في تصريح لـ”العربي”، أن تنظيم “القاعدة” سيذوب في القبائل بعد الإنسحاب، كما فعلت حركة “طالبان” في أفغانستان عقب سقوط إمارتها، لافتاً إلى أنّه سيكتفي، مبدئيّاً، بتنفيذ عمليّات خاطفة .

ويؤكّد المصدر أن التنظيم لا يعوّل على حواضنه الشعبية في المدن، وإنّما على حواضنه في مناطق القبائل “التي لن تتقبّل فكرة محاربته”، على حدّ تعبيره.

ويبدو أن أكثر ما يراهن عليه تنظيم “القاعدة” للخروج من مأزق الوضع الجديد في الجنوب هو سياسة “التحالف”، القائمة على توسيع دائرة المستهدفين بالحرب على الإرهاب، والتي شملت محسوبين على التيّار السلفي وحزب “الإصلاح” (إخوان اليمن)، على اعتبار أن مثل هذه الإجراءات حوَّلت من يُفترض أن يكونوا شركاء فاعلين في حرب الإرهاب، إلى مستهدفين كإرهابيّين.

زر الذهاب إلى الأعلى