العرض في الرئيسةتحليلات

حلم دبي القديم بالانفصال عن الإمارات هل سيتحقق؟

يمنات

عبدالعزيز ظافر معياد

مع الهزة العالمية، التي أحدثها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مناطق العالم المختلفة، بما فيها منطقتنا العربية، وتسببه في إنعاش الآمال الانفصالية في بعض المناطق، نتساءل هنا: هل يحق لإمارة دبي الانفصال عن الإمارات خاصة مع الحقائق التالية:

– حرص دبي الواضح في تقديم نفسها كمدينة شبه مستقلة ذات طابع عالمي مع رغبة جامحة في إبراز تفوقها وتميزها بمراحل عن شركائها في الاتحاد.

– سياسة محمد بن زايد القمعية القائمة على القبضة الحديدية والحكم بالحديد والنار، لدرجة أن مجرد منشور في الفيسبوك ينتقد سياسة النظام أو أية أخطاء لحكومته، كفيل بالزج بصاحبه ثماني سنوات في السجن، وربما سحب الجنسية الإماراتية منه، ومليونا درهم إماراتي عقوبة إنشاء حساب وهمي على الإنترنت، مع العلم أن صحيفة “هافينغتون بوست” شبهت، مطلع العام الجاري، جرائم جهاز أمن الدولة في الإمارات بنفس ديكتاتورية وأساليب المخابرات في ألمانيا الشرقية، ومثل هذا المناخ القمعي للحريات والحركة يشكل بيئة ضارة لسياسة دبي وانفتاحها على العالم.

– يضاف إلى ذلك جنوح بن زايد نحو سياسة التدخل في شئون الدول الأخرى، وما يسببه ذلك من توتير علاقات بلاده بكثير من دول العالم، ويؤثر سلباً على الاستثمار والسياحة في دبي، التي ستكون المتضرر الأكبر في المستقبل من سياسة محمد بن زايد في حال استمرارها على هذا المنوال، إضافة إلى الارتدادات الأمنية المتوقعة لهذه السياسة على الداخل الإماراتي، ولعل تهديد تنظيم داعش بتنفيذ عمليات في الإمارات رداً على عمليات قوات بن زايد في حضرموت، مثال واضح للضرر الذي قد يصيب دبي في مقتل، وينسف كل ما حققته من نجاح طيلة العقود الماضية.

رغم الجهود التي تبذل من قادة أبوظبي ودبي لمنع خروج خلافاتهم إلى العلن جراء الاستياء غير المعلن لدى مشايخ دبي من سياسة محمد بن زايد البوليسية، لكن هناك حالات كثيرة تكشف عن تلك العلاقة المحتقنة، كما حصل في قضية ضاحي خلفان، الذي كان يتولى منصب رئيس جهاز شرطة دبي، وتم تلميعه بطريقة مخابراتية ذكية قبل عدة سنوات في قضية اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح،  وبدلاً من أن يتم ترقيته لتولي منصب أعلى، قام حاكم دبي بتنزيله إلى منصب نائب رئيس شرطة دبي، وهو منصب شكلي لا صلاحيات له، ويرجع سبب هذا العقاب إلى تقريب محمد بن زايد لضاحي خلفان منه، واستخدامه لإرسال رسائله الضمنية إلى منافسيه وخصومه، وجس النبض وردود الفعل على بعض القرارات التي يعتزم اتخاذها عبر الإيعاز لخرفان بنشر تغريدات على حسابه في تويتر بشأنها بطريقة حادة ومبتذلة أبعد ما تكون عن الدبلوماسية وبصورة تسيء إلى دبي أساساً كون خلفان محسوباً عليها في ظاهر الأمر.

– حلم دبي القديم بالانفصال عن الإمارات، حيث ظلت في السنوات الأولى من إعلان اتحاد الإمارات ترفض تنفيذ القرارات الصادرة من أبوظبي، وقد برزت الخلافات بقوة في تلك الفترة في مجالي البنوك الاستثمارية والتسلح.

– انقلاب مشايخ أبوظبي على الأسس التي قامت عليها الوحدة الإماراتية، كما حصل في موضوع عاصمة الاتحاد، فقد قضت اتفاقية الاتحاد على إقامة عاصمة دائمة للإمارات تسمى الكرامة، وحدد موقعها في المنطقة الحدودية بين أبوظبي ودبي كحل وسط لتنازع الإماراتيين على العاصمة، لكن الأمر ظل مجرد حبر على ورق، وظلت أبوظبي إلى ما قبل عقد من الزمان العاصمة المؤقتة للاتحاد قبل أن يتم اعتمادها عاصمة دائمة من قبل المجلس الاتحادي، مع العلم أن التنازع على العاصمة كان السبب الذى أدى إلى انسحاب قطر والبحرين من الدولة الوليدة قبيل الإعلان عن قيامها رسمياً.

– كان اكتشاف النفط ووجود الجزء الأكبر من حقول الإنتاج في إمارة أبوظبي، سبب رئيس في تراجع الطموح الانفصالي لإمارة دبي والتوقف عن صراعها السياسي مع أبوظبي وتحول طاقاتها نحو المجال الاقتصادي، ولعل قرض العشرة مليارات دولار الذي قدمته أبوظبي لدبي لإنقاذها من أزمتها المالية العام 2008م، والتي اضطرت معها دبي لتغيير اسم برج دبي إلى برج خليفة، يظهر دور النفط والمال في تواري الرغبة الاستقلالية لدبي.

لكن مع التراجع المستمر لأسعار المشتقات النفطية، وتوجه دول الخليج للاستغناء عن النفط كمصدر رئيس لاقتصاداتها وإيراداتها من العملة الصعبة، فإن دبي ستتحرر من الحاجة المالية لأبوظبي، بل قد تتحول الإمارات الأخرى إلى عبء على دبي وسبب في إبطاء نموها، وبالتالي سيكون من حق دبي أن تطالب بحق تقرير المصير أسوة بغيرها خاصة إذا ما تم منح أكراد العراق وسوريا وانفصاليي اليمن حق تقرير المصير.

المصدر: وكالة خبر

زر الذهاب إلى الأعلى