إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات

هل الانفتاح السعودي المفاجئ على مصر له علاقة بالاجتماع الثلاثي المغلق لوزراء خارجية السعودية وتركيا وقطر في نيويورك..؟

يمنات – رأي اليوم

أن يعقد وزراء خارجية المثلث التركي السعودي القطري اجتماعا مغلقا في نيويورك عشية مباحثات المجموعة الدولية بشأن سورية الجمعة، بعيدا عن أعين الصحافيين، فإن هذا أمر متوقع، و غير مستغرب. لأن هذا التحالف الثلاثي يواجه العديد من التحديات الخطيرة، ليس على صعيد الملف السوري فقط، و إنما على أصعدة إقليمية و دولية عديدة، نظرا للمتغيرات المتسارعة في المنطقة.

و لا بد أن الحليفين التركي و القطري يشعران بحالة من القلق الشديد من جراء خطوات الشريك السعودي الانفتاحية على مصر التي تمثلت في زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، و إعلانه المفاجئ عن زيادة الاستثمارات السعودية في مصر إلى أكثر من ثمانية مليارات دولار، و سد حاجتها من النفط لخمس سنوات قادمة، و تعزيز الملاحة في قناة السويس لزيادة عوائدها بعد تراجعها في الأشهر الأخيرة.

و لعل الوزيرين التركي والقطري يريدان الاستفسار من نظيرهما السعودي عن أسباب هذه التحول تجاه مصر و أسبابه و حدوده، بحكم علاقات بلديهما المتوترة مع القاهرة، التي بدت في الأشهر الأخيرة أكثر انفتاحا على النظام السوري، و أكثر تطبيعا للعلاقات معه، علاوة على علاقاتها الوثيقة مع موسكو.

التحالف التركي السعودي القطري الذي ترسخ منذ وصول العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الحكم في كانون الثاني (يناير) الماضي، جاء موازيا لتحالف ثلاثي عربي آخر يضم مصر والإمارات و الأردن، فيما يتعلق بالشأن السوري وقضايا عربية أخرى، و كان عماد التحالف الجديد احتضان حركة “الإخوان المسلمين” في مصر و اليمن خصوصا، و عدم تصنيفها كحركة إرهابية، و تشديد الخناق على النظام السوري، و اشتراط رحيل الرئيس الأسد في أي حل سياسي، و من هنا فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، على لسان الحليفين القطري والتركي على الأقل، هو عما إذا كانت السعودية قد جرّت مصر و رئيسها عبد الفتاح السيسي إلى معسكرها، أم أن مصر التي لعبت أوراقها جيدا، و فضلت البعد عن التورط السعودي في اليمن هي التي جرّت السعودية إليها؟

نجد من الصعب علينا استبعاد مسألة التنسيق المسبق بين الحلفاء الثلاثة، التركي و السعودي و القطري، قبل اجتماع نيويورك الموسع، خاصة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال صراحة في مؤتمر صحافي عقده أمس بأن بلاده لن تسمح مطلقا بأن يفرض احد عليها من سيحكم سورية أو أي بلد آخر، و جاء هذا الموقف كرد على مواقف دول التحالف الثلاث الذي لا يرى أي دور للرئيس السوري في مستقبل سورية، و ان عليه الرحيل قبل بدء المرحلة الانتقالية المقترحة.

و خطورة تصريحات الرئيس الروسي هذه تأتي وسط أنباء عن صفقة أو اتفاق أمريكي روسي على صيغة الحل النهائي التي سيتم فرضها على المؤتمرين لإقرارها و رفعها بعد ذلك إلى مجلس الأمن الدولي لاعتمادها بصورة نهائية.

و هناك نقطة أخرى لا يمكن تغافلها أثناء الحديث عن الاجتماع الثلاثي المغلق، تتعلق بالأزمة التركية الروسية المتفاقمة على أرضيه إسقاط مقاتلات تركية لقاذفة روسية قرب الحدود السورية، فالرئيس بوتين أكد بأنه لن يغفر لتركيا هذا العدوان، و توعد بالمزيد من العقوبات الاقتصادية الأمر الذي دفع الرئيس أردوغان إلى البحث عن مصادر جديدة كبدائل للغاز الروسي و أسواق أخرى للبضائع التركية التي كانت تذهب إلى موسكو، و تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، و توقفت بسبب هذه العقوبات.

لا نعرف ما إذا كان الاجتماع الثلاثي المغلق قد حقق أغراضه في تبديد قلق أطرافه، جزئيا أو كليا، لكن ما نعرفه أن الأزمة من التعقيد لدرجة يصعب حلحلتها، ناهيك عن حلها في اجتماع واحد على مستوى وزراء الخارجية، وهي أزمة مرشحة للتفاقم في العالم الجديد، بسبب انقلاب الكثير من المعادلات و التحالفات و المواقف، بما في ذلك الموقف الروسي والأمريكي، و حدوث بعض التقارب بينهما على أرضية الملف السوري، وخاصة بقاء الرئيس الأسد.

افتتاحية رأي اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى