إختيار المحررالعرض في الرئيسةفضاء حر

من نحن يا دنيا؟

يمنات

أحمد سيف حاشد

الإهداء إلى جنيف2

من حقي كإنسان وضحية أن أسأل: من صَلَب هذا الوطن الدائخ وبعثرنا أشلاء؟؟ من كرع بكل هذا الدم في أرض لا تنبت إلا الحزن والإعياء والموت الغير رحيم..

نحن دوما من يدفع الثمن الفادح ولا نسأل يوما بعد العام؛ لماذا الحرب؟!!

نحن ضحايا الحرب، وضحايا الأطماع وضحايا من باع .. نحن ضحايا العدوان .. دفعنا من دمنا ولا زلنا ندفع ثمن باهض وفواتير الحرب .. وكَسَب الأوغاد ما ضاع منّا من عمرٍ وما نزف من دم..

من حقي أن أسأل من نحن يا دنيا؟!! فـ”التيه” أدركني واستحوذ أفكاري .. اريد أن أتحرر من هذا الاستحواذ .. أعينيني يا دنيا على هذا التيه الفارض نفسه حد الاستبداد..

أشعر يا دنيا أن التيه يبتلع العالم .. أشعر أن إبليساً متهوم مسكين إلى حد صارخ، وأن كل شرور العالم مصدرها أطماع الساسة وأرباب المال ورجال الدين .. أوغاد العالم..

قتل و دمار و خراب إلى هذا الحد لا يفعلها إبليس و كل شياطين الشر .. هول القبح القائم عظيم جدا يجعل من إبليس هو الأجمل، أو أقل الشرين ضرر.

أشعر يا دنيا أن كل رجل دين زف إلينا الحرب زفاً، ودفعنا إليها كالقطعان قد أقترف بحق هذا الشعب المتعب خطيئة لا تُنسى و لا يرضى عنها رب أو غفران..

أشعر أن كل رجل دين قد وضع الله في محفظته وأغلق .. أشعر إن الله قد صار عند البعض متاع شخصي أو بعض متاع.

يا دنيا .. كلٌ قائل إن كمال الحق معه، وأن الرب يحوطه بعنايته ويحفظ .. كل يرى أن الباطل لا يأتيه من منفذ .. كل يقسم إن الله يؤيد حربه .. كل يقسم بما غلظ وكَبَر أن ملائكة الرب تقاتل في صفه .. قولي لي يا دنيا من نحن وأين الحق؟!!!

فتجيب و دموع من دم تتحدّر و غيمة من حزن تسكب: الحقيقة مُرّة يا ابني .. الحقيقة أحيانا أمرُّ من الصبّار وأقذع من علقم .. الحقيقة أحيانا أقطع من سيفٍ وأسمُّ من السُم. . الحقيقة أحيانا يا ابني صدمة كبرى لا تمهلك حتى للحظة دهشة.

أنتم يا أبني ضحايا أطماع العالم وضحايا الحرب .. أنتم الدم النازف و الجرح الذي يمضغ نفسه .. أنتم الأشياء و الأشلاء وعذاب ليس له آخر .. أنتم غنيمة حرب تتقاسمكم السطوة و القوة وتتحاصصكم تروس الأطماع الكبرى.

أنتم أضاحي عيد يحتفل فيه كبار الساسة و رجال الدين و يعاد فيه تموضعهم بحسب القوة والقدرة .. أنتم شظف العيش و العيش المُر .. أنتم الجوع الذي يقتات نفسه و لا يشبع .. أنتم حاضر مثخن بجراحه و المستقبل الذي صادره دهاقين الموت و تجار الدم.

من دمكم صنعوا طغيانا لا يسمع وجع القطعان .. صنعوا من دمكم مجدا و عروشا و تاريخ يتحدث عنه العالم .. عالم لا يدري أن عبيدا كُثرا من شيّد معجزة الدنيا في مصرِ و ليس الفرعون، و أن شعب في مأرب و ليست بلقيس من شيّد معبدها و السد .. أنتم كالنحل الشغالة تصنع عسلا و لا تأكله، و تقاتل و تموت لتحيا الملكة.

أنتم المعصوبين بالجوع اللاسع و الفاقة .. من دمكم و الجوع الواسع صنعتم كل الثروة لتستعبدكم و تدور بكم حد الأعياء و المستحوذ رب المال و دهاقين السلطة .. و الأجر لكم بقايا فتات لتعيشوا و لتقوموا بدور الشغَّال مدرِّين الربح و الثروة و يبقى الاستعباد و جني المال .. فقر مدقع يتسع و يزداد و غناء فاحش يتضاعف بالمليار، معادلة تحكي حجم الظلم القائم و الاستغلال.

يا ابني .. جل رجال الدين أوغاد مثل الساسة .. عرفوا ماذا تعني الكتف، و من أين يكون الأكل.

قاطعت و قد بلغ القلب المفطور حنجرتي المذبوحة من هول الصدمة: لا أريد سماع الباقي .. يا دنيا قد ادركني الإعياء و دوران يلف حول الأرض .. قولي لي أين خلاصي من هذا الطحن؟!

أجابت و بروق الخير تلمع في العينين: تحتاج الفهم و فهم الفهم و تغيير الوعي المفخخ بالموت .. كونوا أحراراً، كونوا ثواراً في وجه الاستبداد و طغيان رجال الدين .. أنتم في مسيس الحاجة لتحرير الوعي من وهم الخرفان .. من تزيف الوعي و مكر الساسة .. لابد للناس أن تتحرر من كل ضروب الوهم و سراب الوهم الخادع في صحراء القيض .. لابد للجوعى أن يكون لهم حامل ثورة بدلا من أشتات و ضياع .. لابد من حامل ليكون الفعل مأمولا و أكثر جدوى .. لابد من صد مكر الساسة و رجال الدين .. لابد من ثورة تطيح بكل هذا الوهم البالغ و الجور الفادح والاستعباد.

زر الذهاب إلى الأعلى