تحليلات

السعودية تراهن على عزل العاصمة عن محيطها الإقليمي وحصارها اقتصاديا .. فما هي جدوى هذه المحاولة واحتمالات نجاحها..؟

يمنات – صنعاء

أنس القباطي

يرى متابعون أن إقدام الطيران السعودي، على استهداف الجسور في الطرقات التي تربط العاصمة صنعاء بالمحافظات المجاورة، مقدمة لعزل العاصمة و محيطها الإقليمي.

و اعتبروا أن عزل العاصمة عن محيطها، هو نوع من الحصار الذي لجأت إليه السعودية، خاصة في ظل عدم قدرتها على السيطرة على المحافظات المجاورة للعاصمة، و توالي الضغوط و التحذيرات الغربية الرافضة لإسقاط العاصمة.

و أكدوا أن هذا النوع من الحصار يهدف إلى خنق العاصمة و محاصرتها اقتصاديا، كنوع من المراهنة على تثوير الناس في العاصمة على أنصار و حليفهم “صالح”، و هي الخطوة التي باتت السعودية تراهن عليها.

و اعتبروا أن من ضمن أهداف السعودية من هذه الخطوة، إعاقة أي تحركات عسكرية من العاصمة إلى المحافظات المجاورة و العكس.

و بداء الطيران السعودي بهذا المخطط، بقصف جسر فرضة نهم، الذي يربط العاصمة بمحافظة مأرب، 173 كم شرقا، و جسر خيوان الذي يربط العاصمة بمحافظتي عمران و صعدة، و جسر شرس، الذي يربط العامة صنعاء بمحافظة حجة، و الجسور التي تربط الطرقات المؤدية إلى العاصمة من محافظة المحويت.

هذه الخطوة، تعد مؤشر على قناعة سعودية بفشل أي معركة برية لإسقاط العاصمة صنعاء عسكريا، و هو ما يكشف حقيقة ما يجري في محافظة مأرب، من أعمال عسكرية، شاركت فيها قوات سعودية و إماراتية و خليجية أخرى، بمشاركة حلفائها المحليين، و التي لم تتمكن من تجاوز تبة المصارية، الواقعة على مشارف مدينة مأرب، منذ “5” أيام، على الرغم من الغطاء الجوي الكثيف من الطيران الحربي الخليجي.

و يبدو أن السعودية، بدأت تراهن على حصار العاصمة و تقطيع شرايينها بمحيطها الإقليمي، بهدف إنهاك المناوئين لها اقتصاديا بالمراهنة على عامل الزمن، و من ثم الوصول لهدفها الذي يضمن فرض شروطها، إما بالاستسلام أو الحسم العسكري بمعركة برية مدعومة بغطاء جوي كثيف، يسبقه إقناع القبائل المحيطة بالعاصمة بالقبول على المشاركة في العملية العسكرية البرية أو فتح مناطقها لعبور القوات العسكرية باتجاه العاصمة، كون القبائل الواقعة شرق العاصمة باتجاه محافظة مأرب، لا تزال ترفض العروض السعودية حتى لمجرد استخدام أراضيها للعبور، و لا تزال تجيش لصالح “أنصار الله” حيث باتت تشعر بأن المعركة صارت معركتها بعد تعرض أراضيها لغارات الطيران السعودي و سقوط المئات من مقاتليها و أبنائها بقذائف الطيران السعودي.

العاصمة ترتبط بمحيطها الإقليمي، بشرايين إسفلتية من الطرق، و التي تقطعها ممرات مائية كبيرة (أودية)، تم التغلب عليها بإقامة الجسور، التي تعرضت لتدمير الطيران السعودي. غير أنه يمكن الاستعاضة عن العبور على الجسور بطرق التي تمر عبر الأودية، و هو ما يفي الغرض في حال تعبيد الطرق عبر هذه الأودية، لتسهيل حركة الناقلات الثقيلة، كما حصل عند قصف جسر سمارة، الذي يربط الطريق الممتدة من العاصمة صنعاء و محفظة تعز. فضلا عن أن موسم الأمطار التي تؤدي إلى جريان السيول عبر الأودية، قد مر منذ شهر، و أن انتظار السيول إلى الموسم القادم، لشل الحركة، يبدو طويلا، في حال تم المراهنة عليها لشل العاصمة، و إلى جانب ذلك، يعد موسم التساقط في اليمن غير منتظم، على اعتبار أن موقع اليمن فلكيا يدخل ضمن المناطق شبه المدارية، غير منتظمة التساقط. و في أحسن الأحوال و في حال انتظام تساقط الأمطار، فإن موسم التساقط لا يتجاوز بضعة أيام من العام.

كما أن العاصمة ترتبط بمحيطها الإقليمي بطرقات فرعية ترابية، ستكون البديل المناسب في حال تعثر الوصول عبر الطرق الإسفلتية.

و عوضا عن ذلك، فإن محاصرة العاصمة اقتصاديا، ستثير الرأي العام العالمي، و المنظمات الدولية، و سيتحول الحصار إلى رأي عام دولي، عبر الصحافة العالمية، التي بدأت تكشف الجرائم السعودية في اليمن. ما يشير إلى أن الصحافة العالمية، و بالذات الغربية بدأت تسلط ضوئها على ما ترتكبه السعودية في اليمن، و أن استمرار هذا الوضع، سيدفع بالصحافة الغربية و المنظمات الدولية للضغط على الحكومات الغربية لوقف ما تقدم عليه السعودية في اليمن. حيث ستصبح المنظمات الدولية التي تعمل في مجال الإغاثة غير قادرة على تنفيذ أعمالها الإغاثة في اليمن جراء تخريب الطرقات، ما سيدفعها لتشكيل قوة ضاغطة على الحكومات الغربية و الأمم المتحدة للتدخل لوقف التصرفات السعودية اللإنسانية، التي تهدف لتجويع الشعب اليمني.

هذه الخطوة السعودية، تكشف مدى التخبط السعودي في اليمن، و فشل سياستها الحربية المتبعة، و ابتعادها عن الهدف الذي أعلنته لعاصفة الحزم في اليمن، و الذي تحول من إعادة شرعية حكومة هادي، إلى مجرد أعمال انتقامية تهدف الإضرار بكل الشعب اليمني و تجويعه.

زر الذهاب إلى الأعلى