فضاء حر

قمع “ثوري”

يمنات
قمع الحوثيين للمتظاهرين بالرصاص الحي واختطافهم في صنعاء، الحديدة، وإب، وتعذيبهم وإخفائهم في سجون سرية ومحاصرة المناوئين للجماعة كلها اعمال وأفعال مجربة لم تجد نفعاً لإسكات الشارع ولم تقدر على كبح مطالبه بالحرية والتغيير لنظم كانت تقدم نفسها بأنها جماعة وطنية تمثل كل البلاد قاطبة، فكيف بجماعة فشلت أصلاً في تقديم نفسها كجماعة وطنية وتراهن على إسكات الشارع وقمعه؟
واقع الحال في اليمن، لاسيما خلال الأربع السنوات الماضية أكد أن أي طرف سياسي لم يستطع، لا منفرداً، ولا حتى بالشراكة مع الأطراف السياسية التي تشاطره مواقفه أن يسير، أو يسيرون الشأن العام منفردين أو مجتمعين دون مشاركة وتعاون بقية الأطراف والمكونات السياسية الأخرى خلال الفترة الانتقالية التي تجتازها البلاد وصولاً إلى صياغة عقد اجتماعي يتوافق عليه الجميع كممر آمن لتطبيع الحياة السياسية، لأن الفترة الانتقالية هي ظرفية استثنائية ذات طبيعة وقتية خاصة لا تحتمل اللعب والمناورة التي اعتادت عليها المكونات والأحزاب السياسية اليمنية في الظروف العادية، ولا الانفراد الأحادي في احتكار اللعبة وتحديد قواعدها بمعزل عن بقية الأطراف الأخرى وتراضيهم وتوافقهم على صياغة العقد الاجتماعي بدون إكراه.
الواضح أن جماعة الحوثي برهانها على قمع المحتجين وخطفهم وإخفائهم قسراً وسيطرتها على جميع نواحي البلاد وفرض الإقامة الجبرية على خصومهم، لا تدرك حساسية المرحلة الانتقالية وما سيترتب عليها من قواعد تؤسس لحقبة طويلة الأمد وستحدد مصير الحقوق والحريات السياسية وستعمل على صياغة المشهد السياسي، وكلها من القضايا التي حفزت جميع أطراف العمل السياسي والنشطاء لحقوقيين المدنيين التصدي لانتهاكاتها من قبل انظمة سياسية كانت على الأقل تحظى “بشرعية” نسبية مقارنة بأزمة الشرعية التي تواجه هذه الجماعة على المستويين الداخلي والخارجي وضعت “الشرعية الثورية” التي تحتج بها هذه الجماعة أمام مأزق إدارة الدولة وتسييرها في عالم تحكمه اليوم مصالح متشابكة ومترابطة ومتداخلة لم يعد يجدي معها التشنج “الثوري”، ولا بث الحماسات التعبوئة التي تراهن عليها الجماعة، والأولى التأمل الهادي بتجارب الحماسات الثورية القريبة لمن سبقوهم في اليمن وفي غيرها من بلدان الربيع العربية الأخرى.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى